الإرسال و الاستقبال اللاسلكي

حتى نتمكن من فهم عمليتي الإرسال و الاستقبال اللاسلكي لا بد من تناول بعض الظواهر الطبيعية الأولية.
المغناطيس:

علاقة الكهرباء بالمغنطيس:

عندما نقوم بتمرير تيار كهربائي بجسم ناقل ( سلك نحاسي) فإن هذا الجسم سيشع من حوله حقلا مغناطيسيا يسمى حقل كهر ومغناطيسي له نفس خصائص الحقل المغنطيسي لكنه يختلف عنه في المصدر حيث أنه كهربائي.
و يمكننا أن نثبت وجوده عن طريق وضع بوصلة أو إبرة ممغنطة قرب هدا الجسم فسنلاحظ تأثرها بهذا الحقل وبالتالي فهي ستغير اتجاهها.

كما يمكن أن تتم هذه الظاهرة بطريقة عكسية و هي أنه لو قمنا بحث سلك ناقل بواسطة مغنطيس ( حقل مغنطيسي ) فسيتولد تيار كهربائي داخله يمكن إثبات وجوده عن طريق جهاز قيس أمبرميتر( Ampérmètre ).

وعلى هذا الأساس فإنه يمكننا أن نلاحظ الارتباط الوثيق لظاهرتي الكهرباء و المغنطيس في الطبيعة, مما مكن الإنسان من استغلال ظاهرة الكهرومغنطيس الاستغلال الأمثل في عديد المجالات في حياته كرفع الأثقال والاتصالات و الطب....

خصائص الحقل الكهرومغنطيسي:
و يكون الحقل المغناطيسي الذي نحصل عليه قويا على مقربة من الجسم الناقل و يتناقص أكثر فأكثر كلما زاد البعد عنه. كما أن هذا الحقل يتأثر بنوعية التيار الذي يولده حيث يمكننا الحصول على ظواهر مختلفة إذا ضاعفنا تواتر التغيرات آلاف المرات.
إن الطاقة التي يشعها التيار في الجسم الموصل تنتشر إلى مسافات كبيرة و يمكن أن تلتقطها أجهزة خاصة, تشع هذه الطاقة تحت تأثير الحركة فائقة السرعة لتنقل الإلكترونات على طول الجسم الموصل. وتأخذ اسم الموجات الكهرومغناطيسية (Les ondes électromagnétiques) . و الاسم الأكثر شيوعا لهذه الموجات هو الموجات اللاسلكية "موجات الراديو" ( Les ondes radios ) أو الموجات الهرتزية ( Les ondes hertziennes ).
تنتشر هذه الموجات في الفضاء بسرعة الضوء, و تتألف مثله من فوتونات لكن لها تواترا مختلفا. قد يصل تواتر الموجات اللاسلكية إلى 30 مليار دورة في الثانية و هناك إشعاعات كهر ومغناطيسية أخرى ذات تواتر أعلى كالأشعة السينية ( Rayons X ) و الإشعاعات الحرارية و ما فوق البنفسجية. و قد تصل الأشعة الكونية إلى عشرات المليارات من الدورات في الثانية.

سنرى الآن كيف يمكن استعمال الموجات الكهرومغناطيسية لنقل الإشارات إلى مسافات بعيدة. بعبارة أخرى, سنقوم بوصف الإرسال والاستقبال اللاسلكيين.

الإرسال اللاسلكي:

تبدأ عملية البث اللاسلكي بالتقاط الموجات الصوتية الناتجة عن الآلات الموسيقية أو الأصوات البشرية حيث يتلقاها المصدح ويحولها إلى إشارة كهربائية ذات تردد منخفض( Signal **** Fréquence BF) قابلة للتغيير, و يعادل تواترها تواتر الأصوات التي ولدتها.
تتجه هذه التيارات نحو طبقة تضخيم (Etage Amplificateur BF) قائمة على ترانزيستورات. بعد هذه المرحلة, تنتقل نحو المرسل الذي يقوم بتحويلها إلى موجات كهر ومغناطيسية باستطاعتها الانتشار في الفضاء.
يضم المرسل ثلاثة أجزاء رئيسية, أولها النواس ( Oscillateur ) الذي يولد موجة كهر ومغناطيسية مرتفعة التواتر ( Hautes Fréquences HF ). يمكن لها أن تنتشر في الفضاء و تسمى الموجة الناقلة ( Onde porteuse ) . تقوم بنقل التيارات الآتية من المضخم الذي يكون قد ضخم التيارات الآتية من المصدح.
و الموجة الناقلة تعدلها التيارات المضخمة الآتية من المصدح في جهاز يسمى المعدل( Modulateur ).
ويمكن تشبيه كل ما سبق بأن التيار الصادر عن المصدح هو بمثابة نص رسالة وأن الموجة الناقلة بمثابة ظرف وأن المعدل قام بوضع الرسالة داخل الظرف, ليتم إرسالها للمتقبل.
عند خروج الموجة الناقلة المعدلة من المعدل, تخترق طبقة تضخيم أخرى ( Amplificateur HF)التي تعطي قوة البث النهائية لجهاز الإرسال. ثم يجري إرسالها إلى الهوائي فتشع بشكل موجات كهر ومغنطيسية ( ما ذكرناه في علاقة الكهرباء بالمغنطيس), حيث أن الهوائي جهاز مؤلف من سلك ناقل ضخم موضوع في أعلى مكان ممكن في الهواء. وهو يتصل بطبقة التضخيم الأخيرة في المرسل و يشع في الفضاء الموجات الكهرومغنطيسية ناقلة الإشارة التي يكون قد تلقاها من هذه الطبقة.

الاستقبال اللاسلكي:
يتم الاستقبال بصورة معاكسة للإرسال, بعبارة أخرى تلتقط الموجات الاسلكية و تحول إلى أصوات مسموعة.
يبدأ الاستقبال اللاسلكي بالهوائي الذي تخترقه الموجات الكهرومغنطسيسة الآتية من المرسل. عندها تولد هذه الموجات في السلك الناقل للهوائي تيارا كهربائيا ضعيفا يعادل في تردده تردد الموجة الناقلة( تذكر علاقة الكهرباء بالمغنطيس).
لكن يبقى هناك مشكل بسيط وجب التغلب عليه, و هو أن الهوائي معرض لكل الموجات التي تنتشر في الفضاء, فلا بد من انتقاء الموجات التي نرغب في استقبالها.
هناك في المستقبل اللاسلكي, جهاز يتألف من مكثف و ملف لولبي, و يسمى بالدارة المتذبذبة ( Circuit oscillateur ). في هذه الدارة تقفز الإلكترونات المكدسة في الصفيحة السالبة للمكثف نحو الصفيحة الموجبة فيحصل تفريغ للمكثف و يعاد شحنه بالتيار الذي يولده الملف لأن هذا الملف متصل بالهوائي. يخضع تيار الملف اللولبي للموجات الكهرومغنطيسية التي يتلقاها من الهوائي.
من هذه الموجات و من هذا الحقل الكهرومغنطيسي, يتولد التيار الكهربائي الضعيف في لوالب الملف و هذا الملف بدوره يشحن المكثف بعد تفريغه.
تحصل هذه الدورات من الشحن والتفريغ وفقا لتواتر يحدده عدد لوالب الملف اللولبي وقدرة المكثف.
يمكن بناء الدارة المتذبذبة بحيث يكون تواتر دورات الشحن والتفريغ مساويا لتواتر الموجات الكهرومغناطيسية التي يراد ألتقاطها. و تجري مطابقة هذه الدورة مع هوائي الاستقبالبحيث لا يسمح إلا بمرور الموجات ذات التواتر نفسه و بهذا نكون قد أحدثنا ما يسمى بدارة التطابق ( Circuit d’accord ) و مهمتها مطابقة جهاز الإستقبال الاسلكي مع تواتر الارسال المراد استقباله.
تتوجه الإشارة التي نجحت في اختراق دارة التطابق نحو مضخم. بعد التضخيم يجب أن تخترق الكاشف(Démodulateur ) الذي يستخرج من الموجة الناقلة الإشارة ذات التواتر المنخفض. و كانت قد استعملت في المرسل لتعديل الموجة الناقلة ذات التواتر المرتفع.
هذه العملية معاكسة تماما للتعديل ( Modulation ) و تسمى إلغاء التعديل او الكشف او ابطال التعديل (Démodulation ).
يجري الكشف بواسطة ثنائي ( Diode) يسمح بمرور الموجة المعدِلة فحسب, و يوقف الموجة الناقلة ذات التواتر المرتفع. تكون الموجة مماثلة للموجة التي كان قد التقطها مصدح جهاز الإرسال.
بعد تضخيم هذه الموجة من جديد تنتقل إلى سماعة أو مكبر صوت فتصدر منه الأصوات التي جرى نقلها.