صفحة 1 من 4 123 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 4 من 15

الموضوع: برق سحابة لم تمطر الجزء الثاني

العرض المتطور


  1. #1
    مغترب ذهبي
    الحالة : ابوشادي غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Jul 2010
    رقم العضوية: 2236
    المشاركات: 406
    الحالة الإجتماعية: متزوج
    معدل تقييم المستوى : 48
    Array

    برق سحابة لم تمطر الجزء الثاني

    طلب من فياض دعوة الأقارب للمشاركة في مراسم التشييع فيما يعد هو للجنازة
    بدأت حلقات الحصار الأسود تضيق حولي حتى استحكمت ففي كل ركن ٍ لي ذكرى مع حبيبة رأيت الدنيا من خلالها يوم كنت أضع أول لبنات شخصيتي وفي كل زاويةٍ وكل شارع أذكر لحظة ود ووفاء حزنٌ وفرح
    أحلامٌ ضيعنا سني شبابنا الأجمل نحلم بها رحيل مجد أحدث شرخاً عميقاً في ذاتي أدركت مداه يوم أفل وليد عائداً من حيث آتى بعد أن همس في أذني أن لا أحاول السباحة في بحر الذكريات ضد تيار الأيام التي ستعدو ربما من فوقي إن استطع الصمود
    كان عرض السفر الذي رفضته قبل أيام لا يزال قائماً فانتهزتها فرصة للابتعاد عن الأجواء المشحونة بالحزن لعلي وهناك في بلاد الاغتراب أستطيع استعادة ثقتي بنفسي وتفاؤلي بالحياة
    واجهت معارضة ً شديدة من والدتي خصوصاً بادئ الأمر ولكنها وبفضل مساندة أخي هادي رضخت ووافقت على سفري
    خرجت من الشام ولم أخرج من أحزاني لم أخرج من غربتي بفقد حبيبتي وأصدقائي بل حملتها معي تاركاً حنان الوطن الدافئ لأسوح على أرصفة البرد في أسبانيا
    صمت الضعف في رجلٍ هدته الأيام مبكراً صمتت القوة صمت كل شيء وسيطرت الوحدة على ذاتي فرحت أنغمس في العمل ما استطعت متجنباً أن أكون وحدي مع ذكرياتي بت أخاف من وسادتي والضوء الأزرق الخافت في غرفة نومي
    وجدت مقهى دمشقي في قرطبة العرب فرحت أتردد عليه استنشق رائحة الشام من بين حبات الفول المدمس إن شئتِ
    كنت أقضي الكثير من الساعات هناك أسمع فيروز الشرق مبحراً في ذكريات سويعات العشق التي أبتلعها القدر زمناً ولم يمسها حقيقة
    وحيداً لم أجرب حتى التعرف على أحد رواد المقهى من العرب أو السوريين
    كنت أسمع تعليقاتهم التي تصفني بالغرور والتعالي لكني لم أكو أحاول الدخول في أي جدل مع أحدهم
    يومٌ ربيعيّ ٌ هادئ هدني فيه التعب بعد خمس ساعات قضيتها في شوارع غرناطة أمشط أروقت الطرقات جلست لمقعد خشبي في أحد القصور العربية الأندلسية العتيقة
    فإذ بهر هرم يتمسح بي يدخل في معطفي طالباً الدفء ويخرج ـ يبدو أن له جدوداً عربية يشتم رائحتها في جسدي ـ
    استفزني شابٌ يستند على حائط ارتفعت عليه لافتة تعرف عن القصر بأنه كان مسكن السلطان المنصور مؤسس دولة الموحدين في القرن الثالث عشر فبدأت أفتش بين الجدران بعيني عن ابن رشد لعلي أجده يخرج بتهافت الفلاسفة من شقوقها
    كان الشاب يقف مستنداً على العود تقدمت نحوه وطلبت منه أن يقرضني عوده لدقائق
    نحن قومٌ أعزنا الله عز وجل بالإسلام
رد مع اقتباس رد مع اقتباس  


  • #2
    مغترب ذهبي
    الحالة : ابوشادي غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Jul 2010
    رقم العضوية: 2236
    المشاركات: 406
    الحالة الإجتماعية: متزوج
    معدل تقييم المستوى : 48
    Array

    كلمته بالعربية ورد عليّ بالفرنسية بلكنة تبدو مغربية المهم أنه لم يرد طلبي
    أخذت العود أغلقت عيني ورحت أعزف وأعزف..
    رغم أن صوتي لم يكو شجياً إلا أني وجدت نفسي أغني
    بين ريتا وعيوني بندقية
    والذي يعرف ريتا ينحني ويصلي لآله العيون العسلية
    وأنا قبلت ريتا عندما كانت صغيرة
    وأنا أذكر كيف التصقت بي وغطت ساعدي أحلى ضفيرة
    وأنا أذكر ريتا كما يذكر عصفورٌ غديره
    بيننا مليون عصفور وصوره
    ومواعيد كثيرة أطلقت ناراً عليها بندقية
    بين ريتا وعيوني بندقية
    والذي يعرف ريتا ينحني ويصلي لأله العيون العسلية
    أه ٍ ريتا أه ٍ يا إله العيون العسلية
    اسم ريتا كان عيداً في فمي
    جسم ريتا كان عرساً في دمي
    وأنا ضعت بريتا سنتين
    وهي نامت فوق زندي سنتين
    وتعاهدنا على أجمل كأس
    واحترقنا في نبيذ الشفتين
    وولدنا في نبيذ الشفتين
    والذي يعرف ريتا ينحني ويصلي لأله العيون العسلية
    أه ريتا ..أه ريتـــــــــا
    وضاع صوتي في بحة الحزن تخنقه العبرات بينما أعادني هدير التصفيق من بحر التأمل وأوقف عومي بين الذكريات
    فتحت عيني لأجد بعض عشرات من زوار هذا المعلم الأثري وقد تحلقوا حولي بينما كنت أعزف ـ معجبين بما سمعوا ربما ـ
    أعدت العود لصاحبه ومضيت أطلق سحبات الدخان خلفي لتمحي آثري
    لكني سمعت من ورائي منادٍ يقول :
    أرجوك توقف يا عربي ..اسمعني
    توقفت فلما أدركني عرف عن نفسه أنه أحمد طبيبٌ سوري دمشقي يكمل دراسته في الأندلس ـ كما سماها ـ
    دعاني لشرب فنجان قهوة وهناك أصر على اقتحام وحدتي , وفعل لأنني أنا ذاتي كنت قد مللت انغماسي في مستنقع اليأس البائس وبت بحاجةٍ لصديق يوسع أمامي فسحة الأمل ويهون عليّ مرارة الغربة
    قال لي أحمد أنه عارض الجميع في نظرتهم لي كمغرور متعالي موضحاً وجهة نظره بأنه يعتقد أني واجهت مشكلة ما دفعتني للهروب إلى الغربة وهذا ما أظهر مشكلة جديدة ألا وهي عدم التأقلم مع هذا الجو الجديد
    نحن قومٌ أعزنا الله عز وجل بالإسلام


  • #3
    مغترب ذهبي
    الحالة : ابوشادي غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Jul 2010
    رقم العضوية: 2236
    المشاركات: 406
    الحالة الإجتماعية: متزوج
    معدل تقييم المستوى : 48
    Array

    دفعني أحمد ـ ولن أطيل عليكِ ـ للدخول شيئاً فشيئاً في جوقة المغتربين الفنية
    وبدأنا نقيم الحفلات الموسيقا للجاليات العربية
    كنا خمسة شباب وثلاث فتيات سوريان ولبنانيتان وتونسية مصري وفلسطيني وعراقي أنشأنا فرقة الموحدين العرب الجديدة
    بدأنا نحصد بعض النجاح بل وصار لنا حضورٌ مهم في كثير ٍ من المناسبات الهامة
    لكني لم أدخل بمشروع صداقةٍ حقيقية إلا مع أحمد الذي سررت له ببعض ذكرياتي
    تدافعت الأيام اليوم إثر اليوم والشهر بعد الشهر وجاءني خطاب هادي يطلب من العودة للشام لحضور حفل زفافه على هاله
    طرت إلى دمشق مع أول فرصة يحملني الشوق لأهلي والحنين لوطني الحبيب وفيما كنت أطالع ذكرياتي وأستذكر بل أستحضر الأماكن والملامح التي ما غيبها النسيان عن عقلي أبداً قمت باتصالٍ هاتفي مع وليد أدعوه للحفل وأحسه على القدوم إلى دمشق لنرتب هناك لقاءً عزّ علينا من زمن ٍ
    استقبلت استقبالاٍ حاراً وحميميّ ً في المطار ولكني سرعان ما انغمست في متاهات الإعداد لليلة السعيدة
    حدثت في غيابي الكثير من التغيرات التي فاجأتني ـ وإن كانت متوقعة ـ ها هو شقيقي الأكبر وقد أصبح طبيباً وجراحاً معروفاً
    وها أنا أرى في بريق عينيه جمال الدنيا يلمع لما يعانق السعادة على بساط الفرح الطائر فيمضي بخطى واثقة نحو المستقبل الزاهر بالأمل يداً بيد مع من قاسمها ضربات القلب حباً
    ما إن زفّ العروسين حتى انسحبت هائماً على وجهي أقلب شوارع دمشق معبراً لها عن شوقي الحنين , ساعاتٍ وساعات لم أدرك عديدها إلا عندما وصلت إلى الجامع الأموي فخلعت نعلي ودخلت لأصلي ركعتين لله كي يلهم الشام أن تسامحني على هجرها
    وفي اليوم التالي أيقظني رنين الهاتف في الساعة الواحدة والنصف تقريباً لأفاجئ بوليد يحدثني من الشام لقد وصل ليلة أمس وحاول الاتصال بي لكنه لم يجدني ضرب لي موعداً مشتاقاً قرب تمثال صلاح الدين بعد ساعتين
    عناقٌ طويل وعتاب حب ثم قصدنا مقهى نشرب فيه النرجيلة ونحتسي القهوة كعادة أيام ٍ خلت بيننا ,حدثني وحدثته عن كل ما جرى معنا مذ افترقنا
    لكنه ودون سابق إنذار ضرب بيده على الطاولة بكل ما أوتي من قوة وصرخ
    ألست خجلاً من نبرة اليأس وكلمات الاستسلام التي تتفوه بها تبدو يا صاح كطفل ٍ أضاع ثمن خبز إخوته ويخشى أن يعود دون خبز كي لا يؤنبه والده
    قد يكون قلبك قد تحطم أو قد تقول لي أنه فطر لكنه لم يمت وأنت لم تموت
    فإن نبع التفاؤل فينا قد قرر أن يموت
    " أمسكني من لحيتي بعنف " تريد أن تموت ..حسناً..!
    أرمي نفسك في هذا الوادي فلن يضيره أن يبتلع شبه إنسان هد شموخه الضعف
    امضي لأنسى أنا أني عرفت ..أني عرفتك
    هزتني كلمات وليد من العمق فقد عزف على الوتر الأكثر ألماً الأكثر
    نحن قومٌ أعزنا الله عز وجل بالإسلام


  • #4
    مغترب ذهبي
    الحالة : ابوشادي غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Jul 2010
    رقم العضوية: 2236
    المشاركات: 406
    الحالة الإجتماعية: متزوج
    معدل تقييم المستوى : 48
    Array

    عزف على وتر القوة التي كنت أتباها بها والثقة التي كانت تشبعني تميزاً وألقّ َ
    ثم قال لي وليد وهو يمضي : سأكون في نفس المكان والزمان غداً فكر جيداً فإن عدت إلي شادي الذي كنت أعرف فذاك خير وإن لم يكو فستضيف صديقاً آخر إلى قائمتك التي ستطول كثيراً وكثير
    لم يكو أمامي سوى خيارين أعيش كما يجب أن أعيش أو أجلس على رصيف الصبر وأنتظر ملاك الموت
    يومٌ طويل عنفت فيه نفسي أعنف ما عنفت وجلدت ذاتي بسياط الذنب والخطيئة إلى أن برأت
    أشهرت فيه كل أسلحتي بوجه ذاك الشبح ذاك المارد اليائس الذي صنعته بيده وأسكنته أصغر أجزائي وملكته حرية التحكم بكل شيء
    لم يكن الأمر بالسهولة التي تجعلني أنتهي من ذاك الوحش بين ليلةٍ وضحاها فالزلزال الذي أحدثه وليد حرك المياه الراكدة وشق قشرة الأرض اليابس المحيطة بقلبي
    كنت أحتاج لانفجارٌ آخر يخرج حمم التغير وكان ذاك في اليوم التالي , جاء الصديق ونظر نحوي بوقار ثم قال بتجهم :
    هل قررت ..
    ـ على رسلك الأمر ليس سهلاً كما تتصور يا صديقي
    ـ ربما لن أكون كذلك بعد لحظة
    ـ حسنٌ أعدك
    ـ وأنا أعطيك فرصة " وأشار بيده فتقدمت تدفع أمامها عربة أطفال " مجد الصغير
    قبلت الصغير ثم عانقت صديقي بحرارة شاكراً له وقوفه معي فربط على كتفي وهو يقول الآن عاد شادي حقاً أ لم أقل لكِ أنني سأنجح " وقهقهة ضاحكاً " ما رأيك أن نعيد اكتشاف الشام تعالى نعرف مجد الصغير على عشقنا الأول
    زرنا أول ما زرنا قبر مجد كدليل على صدق نواياي بالتغير
    استطعت انطلاقاً من تلك اللحظة أن أستعيد ثقتي بنفسي وأنا أخلص إلى قرار سأعيش على هواي ما دمت أقترض من الدنيا الهواء وأقرضها زفراتي سأبحث عن أرض ٍ جديدة أضع عليها لبنات مستقبلي الذي ستتضح صورته الكاملة هناك في أسبانية ستكون لدي الوقت الكافي لترتيب أوراقي
    قلبت الصفحة وبدأت من أول السطر وكما قال لي جدّ ذات مرة
    يا ولدي الضربة التي لا تقسم ظهرك تقويك
    عدت إلى أسبانية مفعماً بالحماس وبعد راحة ليوم واحد توجهت للمقهى المعتاد في تمام الساعة الثالثة ـ كعادتي ـ ودخلت بابتسامةٍ عريضة تكاد تأكل وجهي
    هناك ولما رأى أحمد ذاك التغير الواضح على تصرفاتي ولمس انطلاقي بل انطلاقاتي القوية نحو الدنيا مخلفاً ورائي كل رواسب الماضي الحزين
    وبينما كنا نحتسي القهوة قال لي :
    نحن قومٌ أعزنا الله عز وجل بالإسلام

  • صفحة 1 من 4 123 ... الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. برق سحابة لم تمطر
      بواسطة ابوشادي في المنتدى ملتقى أبداع المغتربين السوريين Syrian Creativity
      مشاركات: 65
      آخر مشاركة: 07-26-2010, 01:26 PM
    2. تاريخ الرسل والملوك(الجزء الثاني)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 130
      آخر مشاركة: 07-25-2010, 03:00 AM
    3. معجم البلدان الجزء الثاني
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى إستراحة المغترب Forum rest expatriate
      مشاركات: 110
      آخر مشاركة: 07-15-2010, 11:59 PM
    4. زخات من الشهب تمطر على الأرض‏
      بواسطة En.Khaled Alfaiomi في المنتدى ملتقى أخبار الانترنت والكمبيوتر والعلوم الحيوية Internet and Computer Forum
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 04-27-2010, 12:18 AM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1