إطلالة ... ماالذي يدفعنا للكتابة ..؟؟


نجرّد أقلامنا , نغامرُ بأفكارنا , نضعها على الورق ,يقرؤها الجميع .. وتصبح ملكاً لهم..!

ثم نتحمّل وزر ما كتبنا.. أهي غواية القلم ..؟‏

أم لذّة الكتابة نفسها ..؟‏

نحمل مخطوطاتنا كمواليد حديثة .. برقة ووداعة نحتفل بها بعد الطباعة, نمهرها بتواقيعنا وإهداءاتنا لأصدقائنا , نشغف لمعرفة آرائهم فيها ..كتلميذٍ في حضرة معلميه .. ونحلّق في السماء إن نلنا بعض الثناء و المدح , مهما تقدمت بنا الكتابة , أو بلغنا من الوجع فيها عتياً ..‏

أعود للتساؤل مرة أخرى : لماذا نكتب ..؟‏

هل نكتب من أجل أنفسنا؟ قد يكون .. لكنه ليس فعلاً ذاتياً محضاً رغم أنّا نمتّع أنفسنا أولاً , و نستأذنها في إطلاق جنوننا .., نخادعها , نتحايل عليها , نستغفلها ..‏

لكن الرغبة الحقيقية في الكتابة تنتصر أمام سطوة الذات التي تذوب تحت وطأة فعل الكتابة ذاته , وهي تسمو فوق كل الرغبات , فهي قفز إلى المجهول , و تجاوز للمحسوب , و خلط للأوراق , و مزجٌ بين العقل و الجنون .‏

وهي مسكونة برغبة في التعرية و التجاوز و غير المألوف ,‏

إذاً نحن نكتب لنطرح شيئاً جديداً , لنجدّد أنفسنا , ونجدّد العوالم التي ننتمي إليها .‏

و في العادة نكتب مالا نستطيعه في عالمنا المعيش ..نتخيل عوالم و أحداث , نرسم استراتيجيات , و نطرح أساليباً , و نفضح أكثر الجوانب إظلاماً في حياتنا..!!‏

وعلى رأي أحلام مستغانمي ( الورق مطفأة للذاكرة ) و حين نكتب نعري ذاكرتنا أو نفرغها .. من باب التنفيس أي قلمي متنفَّسي .. و لعل هذا الأمر مرتبط بتقدم العمر و تغير الرغبات , حين لا يبقى هناك حسابات لأشياء قد نخسرها , فأن تكتب يعني أن تفكر ضد نفسك , أن تجادل , أن تعارض , أن تنتحر , أن تتمرّد , أن تتحدّى , أن تقتنع أن لاإبداع خارج الممنوع ,فهي إذاً إعادة نظر و مساءلة للذات ,.‏

وهي الكتابة مغادرة لعمر القناعات , ودخول في سن الشك , وعدم التوازن , فالكتابة لاتتم أبداً على أرض ثابتة , لذلك قد تجد بعضنا ينتقل من صنف أدبي إلى آخر , دون سابق قرار..‏

وهي المغامرة التي تستحق المجازفة لأنها السكون إلى الذات و(الرحلة التي لايقوم بها المسافر إلا وحده لسبب وحده معنيٌّ به )