غير بعيد عن القرية التي شهدت سقوط طفل في بئر ووفاته العام الماضي شهدت قرية " الذئب " المعروفة محلياً بقورت ويران انهارت غرفة على أربعة أطفال كانوا يلهون فيها مما أدى إلى وفاة اثنين منهم وإصابة اثنين أحدهما لا يزال يتلقى العلاج في العناية المشددة بحالة خطرة .




أحمد يروي
يروي أحمد التلميذ في الصف الخامس بثقة تلك اللحظات المرعبة التي تلت عودتهم من المدرسة وذهابهم للهو في بستان قريب ، انهار السقف،كنت بالقرب من الغرفة، تطايرت الحجارة، وقفت مذهولاً ، سقط حجر على رأسي فوقعت أرضاً إلى الخلف ،وانهارت الحجارة قربي وعلى أقدامي.
أحمد طفل أتم عامه العاشر منذ أسابيع ،نهض ،ولكن كـ " رجل " والدماء تسيل على جبينه، لم يشعر بألم حينها ، شقيقه لؤي وابنا عمه شادي وفادي في الداخل،دار حول الغرفة التي أطبق سقفها على جدرانها التي تكسرت كالبسكويت ،سمع بكاء ابن عمه فادي ولم يتوانى عن الدخول تحت السقف مرة أخرى لإنقاذه من خلال كوة أحدثها الانهيار في الجدار الشرقي للغرفة .


يقول بلهجته الريفية "سحلته " بصعوبة أي سحبته،كان السقف الذي سقط على فادي الذي كان يقف مع ابن عمه لؤي في أكثر الزوايا متانة بسبب عمود إسمنتي لكن السقف انهار مسقطاً قبله العمود الذي سقط على رأس لؤي بينما علق فادي تحته بساقيه .


بعد مشقة تمكن أحمد من سحب ابن عمه فادي الذي تابع الزحف يدفعه حب الحياة والإصرار رغم كسور ساقيه مبتعداً عن الغرفة نحو ثلاثة أمتار كما ذكر شاب هرع إلى المكان فوراً.
سارع أحمد إلى الركض باتجاه أقرب بيت في القرية الذي يبعد نحو 500 متر وصل إلى المنزل و أخبر أمه والأهالي واتصل بعمه عبدو هاتفياً و أبلغه بسقوط سقف الغرفة المهجورة على شقيقه وابني عمه .




لؤي


فادي



صدمة
هرعت نسوة القرية إلى بستان الزيتون الذي يضم الغرفة المهجورة ولحق بهم نعيم على دراجة نارية " كنت عائداً من منبج رأيت النسوة يركضن فلحقت بهن على دراجتي النارية فقلن لي الغرفة المهجورة على طريق "يالنة" تهدمت على الأولاد فاتجهت بسرعة نحو بيوت القرية المجاورة بحثاً عن مكانها ".
و أضاف " درت حول البيوت ولم أجد شيئاً في البداية، وعندما وصلت رأيت الطفل فادي ممدداً على الأرض قرب الغرفة، وهو مضرج بدمه ،سألته ماذا حصل فقال كنا نلعب وفجأة سقط السقف علينا أنا وأخي وابنا عمي ".
وتابع " شاهدت لؤي كان ينزف بغزاة ورأسه محصور تحت السقف المنهار،وبدأت أدقق النظر في التشققات لأرى أين البقية،وعدت لتحريك الحجارة لإخراجه " .
وصل الأهالي الآخرون ولم يعر الشبان اهتماماً لولولة الأمهات وشرعوا بنبش التراب تحت جسمي الطفلين لسحبهما.
وقال أبو علوان الرجل الطاعن في السن "بدأنا نزيح الحجارة والتراب بأيدينا وطلبنا من أحد الشبان العودة إلى القرية وإحضار أدوات للمساعدة،استخدمنا الحجارة في تكسير الحجارة،ونبشنا التراب بأيدينا ".
و أضاف "تمكنا بعد فترة قصيرة من إخراج الطفلين كان أحدهما يتنفس وفيه بقية من روح،والثاني بلا حراك وهو مصاب بشدة في رأسه وصدره " .
وقال أحد الأهالي ويدعى عبد الحميد الخلف " اتصلنا بالمشفى فور صعودنا بالسيارات إلى منبج و كان طاقم الإسعاف جاهزاً ".


المصيبة مناصفة




شادي




في المشفى تبين أن الطفلين شادي و لؤي مفارقين الحياة أما فادي و احمد فتم إسعافهما .
و قال الدكتور عثمان دشو مدير المشفى لسيريانيوز " الطفل أحمد إصابته بسيطة في الرأٍس وتم علاجه وتخريجه أما فادي فقد تقرر نقله إلى حلب لإجراء عملية عصبية لا تتوفر في مشفى الباسل".
القدر قسم المصيبة على عائلتي الشقيقين هلال وحسن العبد الله فكل عائلة فقدت طفلاً و أصيب الثاني .
أم لؤي لم تكف عن البكاء فمشهد وجود ابنها البكر عالقاً بين الحجارة الإسمنتية ينزف لا يفارقها ، و أم شادي التي انهارت بالقرب من أرض الغرفة المنهارة تتضرع لكي يشفى طفلها الثاني ذو الإصابة البليغة ، وكلتاهما محاطتان بنساء القرية والقرى المجاورة اللواتي حضرن لتأدية واجب العزاء .

هلال والد أحمد و لؤي قال " الغرفة مبنية منذ ثلاثين سنة كنت في الصف الأول الابتدائي وعمري الآن 37 سنة كنا نذهب إلى المدرسة ونمر بها وهي على حالها حتى تداعت وأخيراً سقطت على أطفالنا " .
وقال جار له " كان يجب على صاحبها أن يهدمها قبل أن تقع وتتسبب بهذه الفاجعة " .
الأطفال منذ سنوات طويلة يلهون بقربها ويختبئون فيها ويتسلون برجمها بالحجارة أو بنقب حجارتها لتسلقها والوصول إلى السطح .
البلدية التي تتبع لها القرية لا تتدخل في حياة الأهالي كما ذكر بعضهم
عبدو العبد الله قال " البناء في قريتنا لا تتدخل البلدية فيه ولا يوجد مخطط تنظيمي أو إشراف ومنطقتنا تعتبر زراعية،لا نريد تدخلهم في البناء بل في تزفيت الطريق المعبد منذ ثلاث سنوات ".
حادثة مشابهة شهدتها ناحية الخفسة القريبة بانهيار سقف غرفة ترابية بنيت على عجل على عائلة حيث توفيت الأم وطفلان أحدهما رضيع ، في منطقة تمنع فيها البلدية البناء ولا تصدر مخططاً تنظيمياً وعد الحادث قضاء وقدراً ، أما في قرية الذئب فينتظر مخفر الشرطة قدوم والد أحد الضحايا ليعرف فيما إذا كان سيدعي على أحد بالتسبب تقصيرياً بوفاة طفله.