من هو نابليون بونابرت؟


وأود هنا أيها الاعزاء أن استأذنكم بتقديم نبذة تاريخية عن نابليون بونابرت نشير أثناءها لدوره بالوطن العربي وموقفه من مصر وفلسطين واليهود، ومدى ارتباط هذا الدور بالصراع الدائر بيننا وبين الصهاينة واليهود المحتلين لفلسطين قلب الأمة الاسلامية والعربية ومهد الديانات والحضارات الانسانية.
والد نابليون (كارلو بونابارتي)
1746_Carlo-04.JPG
ولد نابليون بونابرت أو نابليون الأول في عام 1769 في جزيرة كورسيكا الأيطالية حيث كانت تتبع فرنسا بتلك الفترة وكان من المعروف عن نابليون التحدث باللغة الفرنسية بلكنة إيطالية بسبب جذوره بتلك المنطقة حيث كانت تنحدر عائلته من طبقة النبلاء الصغار في كورسيكا. وقد تمت تسمية والده كارلو بونابارتي (أو بونابارت حسب الفرنسية) ممثلا لكورسيكا لدى ملك فرنسا الأخير لويس السادس عشر عام 1777. وكان هذا المركز الرفيع عاملا مساعدا لنابليون لتلقي تعليم عالي المستوى فالتحق في أحد المدارس الدينية المرموقة في مدينة أوتون بفرنسا، ثم تم تسجيله في الأكاديمية العسكرية في مدينة بريين-لو-شاتو. ولم يتمكن نابليون من اجادة اللهجة الفرنسية بطلاقة حيث اللهجة الكورسيكية تغلب عليه فتعرض لكثير من التهكم والسخرية من قبل زملائه الفرنسيين مما أشعره بالضيق، فانكب على الدراسة والاجتهاد والقراءة. فلاحظ معلموه نبوغه في الرياضيات والتاريخ والجغرافيا فاعتقدوا "أنه سيصبح بحارا متميزا" لكنه التحق بدلا من ذلك بالكلية الحربية في باريس Ecole Militaire منهين أحلامه باقتحام البحر. فدرس هناك تقنية "المدافع" وأنهى دراسته بشكل سريع جدا حيث تخرج برتبة عسكرية ملازم ثاني مفوض عام 1785. ومن الأمور المثيرة للاهتمام أن نابليون وقت اندلاع الثورة الفرنسية عام 1789 كان وطنيا كورسيكيا، ولم تنل الثورة لديه بالبداية كثيرا من الاعجاب وبقي بكورسيكا خلال بداية الثورة مدة سنتين. والغريب كذلك أن نابليون ساند جماعة متطرفة تدعى نادي اليعاقبة خلال الثورة وقاتل الجيش الفرنسي بعد توليه لقيادة فرقة من المتطوعين ولكن رغم هذا فإنه نجح بشكل غامض باقناع القيادة العسكرية في باريس بترقيته إلى رتبة "نقيب". ولكن بعد أعلان باسكوال باولي -صديق نابليون والقائد الكورسيكي- انفصال كورسيكا عن فرنسا، اضطر نابليون وعائلته للهروب من كورسيكا واللجوء للأراضي الفرنسية. وهناك أعجب به الكثير من قادة الثورة ومنهم ماكسيميليان روبيسبيير فعينوه قائدا للمدفعية في حملة حصار طولون حيث ثارت المدينة ضد حكومة الجمهورية الناشئة وتم احتلالها من البريطانيين. فنجح نابليون بخطة عسكرية، رغم اصابته بجرح في فخذه، بطرد المعتدين واستعادة المدينة، فتمت ترقيته كذلك إلى رتبة لواء ركن. وبعد ذلك حدثت النزاعات والقلاقل التي جرت ما بعد الثورة ما بين الجمهوريين والملكيين حيث تمت الاستعانة به من قبل القيادة الحديثة لحماية أعضاء المجلس الوطني (البرلمان الجمهوري) الذين تحصنوا بقصر تويليري. فنجح نابليون عبر سلاح المدافع الرهيب بطرد الملكيين عنهم حيث قتل 1400 منهم بفترة وجيزة. وسرعان ما حاز هذا الرجل على أسمى آيات الشهرة والثراء والشرف بسبب أفعاله البطولية، وتم تعيينه قائدا للشؤون الداخلية بفرنسا.

3.jpg

باسكوال باولي القائد الكورسيكي


الحملة على إيطاليا.

يذكر المؤرخون لنابليون أنه عمل على توحيد إيطاليا المتفرقة والمتبعثرة لعدد من الممالك الكبيرة والصغيرة شمال وجنوب شبه الجزيرة الإيطالية، وتمكن من تحقيق الغزو وذلك بعد انتصاره على القوات النمساوية في معركة جسر أركولا عام 1796 ولكنه ترك الدويلات البابوية وروما خشية وجود حالة فراغ يسمح لملك نابولي باستغلاله. ومن ثم تمكن اللحاق بالجيش النمساوي بعقر داره وارغامه على توقيع اتفاقية سلام. فسيطر بذلك على إيطاليا تماما. وعاد إلى باريس في ديسمبر 1796 كبطل فاتح.



بونابرت قائدا في معركة جسر آركولا

الحملة على مصر


بونابرت أمام ابو الهول

لا شك أن هناك الكثير من الذي قيل عن حملة نابليون على مصر -وهي على أي حال درسنا تفاصيلها بكتب التاريخ مدرسيا- ولكن ما يسترعي الانتباه هو الاسلوب الذي اتبعه نابليون بتلك الحملة. هناك مقولات تاريخية تؤكد أن نابليون كان يحب مصر -ومن منا لا يشاركه هذا الشعور- وهناك من ناحية أخرى من يرى أنه حب الغزو والاستعمار ويأتي من ضمن الصراع الامبريالي ضد بريطانيا. على أي حال، وبعد انتخابه عضوا في الأكاديمية الفرنسية للعلوم، قرر نابليون أن يجلب معه في حملته على مصر ما يقرب من 167 عالما من علماء الكيمياء والطبيعة والرياضيات والرسامين وغيرهم، وفتح بهذا عصرا جديدا من التنوير . ومن اكتشافاتهم الطبيعية الشهيرة حجر رشيد Rosetta Stone ثم تمكن هؤلاء العلماء من نشر جميع الاكتشافات التي توصلوا لها بمجلدات ضخمة سميت بـ"وصف مصر" عام 1809. ولكن لأن الغزو لا يتغير لونه ولا يتجمل مهما كان جالبا للعلم وللتنوير و الثقافة، فإن نابليون واجه مقاومة ومعارك عديدة. منها معركة شبرا الخيمة الافتتاحية، ثم المعركة الكبيرة معركة الأهرامات ضد المماليك. ومن أوجه المقومة التي واجهها نابليون هي مقاومة حاكم الاسكندرية الشجاع محمد كريم الذي قاوم بضراوة إلى أن اعتصم بقلعة قايتباي وبعد أن نفذت ذخيرته وذخيرة كل من معه اضطر للاستسلام ولم يلبث أن قرر نابليون اعدامه لاحقا.

6.jpg
معركة الاهرامات
لقد اشتهر عن نابليون اجادته لسلاحي الجاسوسية والخديعة وهذا ما طبقه بالفعل حين نزوله على شواطئ العجمي غرب الاسكندرية عام 1798. حيث أرسل هذا النداء الغريب العجيب لشعب مصر:

يتبع