لن ينضم الاخطبوط بول إلى لوائح العاطلين عن العمل لمجرد انتهاء مونديال جنوب أفريقيا ، فالطلب على خدماته سيتكثّف اعتباراً من الساعات الأولى لصبيحة اليوم التالي للمونديال ، وستتنوع نطاقات تنبؤاته من الرياضة إلى السياسة وسيدخل في سباقات حادة مع "التمساح هاري" و"الببغاء الأندونيسي" لكسب المعركة على قلوب الملايين وعقولهم.

العراقيون أول من تقدم بطلب إلى "بول" لمعرفة هوية رئيس حكومتهم القادم ، والاخطبوط كما علمنا سيعتكف في جلسات "يوغا روحانية" متواصلة تحت الماء ، لتحقيق رغبة ملايين العراقيين المتعطشين للاستئناس بالطلة البهية لرئيس حكومتهم العتيدة المقبلة ، وفي الأنباء أن "بول" على وشك تفكيك طلاسم و"حلحلة" ألغاز الطلب العراقي.
السودانيون يتجهون لطلب المشورة من "الاخطبوط العجيب" حول مستقبل الجنوب ، وما إذا كان سيبقى جزءًا من الوطن الأم بعد استفتاء يناير المقبل ، وهم مستعدون لدفع "الكشفية" مهما بلغت في عيادة الأخطبوط الخرافي ، برغم التسهيلات التي عرضها عليهم "التمساح هاري" الذي يرغب على ما يبدو في حجز مستنقع له ولأفراد عائلته للنقاهة والاستجمام في مستنقعات الجنوب وأحواضه المائية الفسيحة ، المعلومات تقول أن "هاري" قدم عرضا للسودانيين مفاده: اشتري نبوءة بخصوص الجنوب واحصل على نبوءة مجانية بخصوص دارفور ، لكننا لم نعرف بعد رد فعل الجانب السوداني.

وهناك العشرات من الطلبات المكتومة التي يبدو أن المتقدمين بها اشترطوا على "بول" إحاطتها بكثير من السرية والخصوصية (Confidential) لا سيما أنها تتعلق بمصائر كثير من الحكام العرب وهوية خلفائهم والمواقيت المحتملة لتدخل "العناية الإلهية" ، إلى غير ما هنالك من "وسائل طبيعية" للتغيير السياسي و"ادوات غيبية" لتسهيل التداول على السلطة.

مصادر "بول العجيب" تبدو مطمئنة إلى سلامة توقعاتها في الملفين العراقي والسوداني وغيرهما ، وهي تشير إلى أن خطوط الاتصال الروحاني بين "بول" ومصادره حول هذه الملفات ، مفتوحة وسالكة في الاتجاهين ، وستكون درجة الثقة في صحة توقعاته أعلى من تلك التي رافقت مباريات الفريق الألماني ، وبنسبة خطأ أقل بكثير من تلك التي سجلتها تجربة مونديال جنوب أفريقيا.

لكن المصادر ذاتها ، عبّرت عن خشيتها من أن يصاب "بول وصحبه والمحيطون به والقائمون عليه" بالخيبة وفقدان الأمل والاكتئاب ، إن هو تلقى طلبا مماثلا من الفلسطينيين حول فرص المصالحة الفلسطينية الداخلية واحتمالاتها ، المصادر ذاتها قالت أن "بول" الذي أجرى تمرينا ذهنياً حول هذه المسألة ، بدا متأكداً من أن المصالحة لن تتم في عصره ، القصير على أية حال ، لذا فقد أوصى بإيكال هذه المهمة لزملائه العرّافين المعمرين كالتمساح هاري والببغاء الإندونيسي ، الأول لأنه قد يعيش لثلاثين أو أربعين سنة قادمة ، فيما قد يناهز عمر اثنين وثمانين عاماً ، خصوصاً إن صح نسبه إلى فصيلة الببغاوات الزنجبارية المشهورة.

نقترح على فريق الوساطة المستقلة من الشخصيات الوطنية الفلسطينية أن يقوم بزيارة إلى مقر عمل الإخطبوط بول ، وأن يعرج في طريق الذهاب أو العودة على "هاري والببغاء" ، بدل الجولات المكوكية على القاهرة ودمشق وغزة ورام الله ، فربما تساعد "نبوءاتهم" في إضاءة الطريق لهم ولنا وللشعب والأمة ، ومن يعش رجباً لا بد أن يستشير بول وهاري.

*نقلا عن "الدستور" الاردنية