يمكن. وأيضاً إن كانت فيه آحاد فهو مركب من آحاد، فهو مركب من ذاته، وهو واحد، وهو آحاد، والواحد واحد فقط لا آحاد، فهو آحاد لا آحاد، وهذا خلف لا يمكن أيضاً. وإن لم يكن زوجاً فهو فرد. والفرد هو الذي كل قسمين ينقسم إليهما غير متماثلي الوحدانيات. فالواحد إذن منقسم لا منقسم، وآحاد لا آحاد، وهذا خلف لا يمكن. فإذن ليس الواحد عدداً. ولكن هذا الحد الذي حد به العدد الفرد يظن أنه لا يجب إلا بعد أن نبين لأن الواحد ليس بعدد. وإلا فما يمنع من قال إن الواحد عدد من أن يحد العدد الفرد بأنه هو العدد الذي انقسم بقسمين. فإن قسميه غير متماثلي الوحدانيات، فيدخل فيه الواحد إذ ليس يوجب أنه منقسم اضطراراً. فإذ لم يظهر أنه واجب من هذا البحث أن الواحد ليس بعدد فنقول إذن: إن ركن الشيء الذي يبنى منه الشيء أعني الذي ركب منه الشيء ليس هو الشيء كالحروف الصوتية التي ركب منها لكلامهن فغنها ليست هي الكلام، لأن الكلام صوت مؤلف موضوع دال على شيء مع زمان، والحرف صوت طباعي لا مؤلف. فإن كان العدد المقر به عند الكل مؤلفاً من آحاد، فالواحد ركن العدد، فليس بعدد، وليس للواحد ركن ركب منه فيكون ركناً لما ركب من الواحد أيضاً، فيكون الواحد عدداً ركنه ركن كل التي نقر بأنها أعداد، فيمكن أن يكون الواحد عدداً. وقد يظن أن الواحد ركن الاثنين، والاثنين ركن الثلاثة، إذ في الثلاثة اثنان موجودان، فنظن كذلك لإذ كان الاثنان - وهما عدد - ركن الثلاثة، أن الواحد عدد، وهو ركن الاثنين. وهذا الظن غير صادق، لأن الاثنين، وإن ظن أنه ركن الثلاثة، فله ركن هو الواحد. والواحد وإن كان ركن الاثنين فليس له ركن، فهو لا مركب، فقد فارق الاثنين بأنه بسيط. والثنان مركب من الواحد البسيط، فليس يمكن أن يكون العدد بعضه بسيط هو ركنه - أعني ببسيط لا مركباً من شيء - وبعضه مركب من ذلك البسيط. ولكن قد يظن أنه ممكن أن يكون كذلك بالجوهر المركب، أعني الجسم الذي هو مركب من جوهرين بسيطين، أعني العنصر والصورة، كما قد قيل أن الجواهر ثلاثة: بسيطان: هما العنصر والصورة ومركب منهما هو العنصر المصور أعني الجسم. فنظن أنه يمكن أن يكون العدد أيضاً منه بسيط هو الواحد الذي ركب منه المقر به ومنه العدد المقر به المركب من واحد بسيط. وهذا ظن غير صادق، لأن التمثيل عكس. وذلك أن الجواهر الأولى البسيطة التي يركب الجسم منها هي العنصر والصورة. فعرض للجسم - إذ هو مركب - جواهر العنصر والصورة أن تكون جواهر، إذ هو جواهر فقط، وهو بطباعه جسم أعني مركباً من عنصر وأبعاد التي هي صورته، ولم يعرض للعنصر وحده، وللبعد - الذي هو صورة - وحده أن يكون كل واحد منهما جسماً، إذ كان المكركب منهما جسماً. وكذلك لا يجب أن يكون الواحد، لأنه ركن العدد المقر به عدداً، لأن العدد مركب من آحاد فهو آحاد. كما أن الجسم - إذ هو مركب من جواهر - فهو جواهر - ويحق إذن للأشياء التي تركب منها أشياء فتكون تلك الأركان أجزاء للمركبة منها، لا شيء يمنع من أن يعطيها أساسها وحدودها، كالحي في الأحياء، والجوهر في الجواهر، أعني أسماءها الجوهرية لا العرضية. فإذن الواحد ركن العدد لا عدد بتة. فإذ قد تبين أن الواحد ليس بعدد، فالحد المقول على العدد إذن هو محيط العدد أعني أنه عظيم الوحدانيات، وجميع الوحدانيات، وتأليف الوحدانيات. فإذن الاثنان أول العدد، والاثنان إذا أفرد بطباعه، ولم يتوهم غيره، لم يكن بطباعه قليلاً. فإذن إنما تلحقه العلة إذا أضيف إلى ما هو أكثر منه، فإذن إنما هو قليل إذ جميع الأعداد أكثر منه. فإذن إنما هو قليل إذا أضيف إلى الأعداد. فأما إذا توهم طبعه، فهو تضعيف الواحد، فهو جمع من واحدين، فهو مركب من واحدين، والمركب ذو أجزاء، فهو كل لأجزائه، والكل أكثر من الجزء، فليس الاثنان قليلاً بطباعه. فإذا كان العظيم والصغير، والطويل والقصير، والكثير والقليل، لا يقال واحد منهما مرسلاً بالإضافة، وإنما يضاف كل واحد منهما إلى آخر من جنسه لا من غير جنسه، كالعظم فإنه إن كان جسماً فإنه يضاف إلى جسم آخر لا إلى سطح، ولا إلى خط، ولا إلى مكان، ولا إلى زمان، ولا إلى عدد، ولا إلى قول. فإنه لا يقال جسم أعظم أو أصغر من سطح، أو خط، أو مكان، أو زمان، أو عدد، أو قول، بل من جسم. فكذلك كل واحد من باقي الأعظام لا يقال أعظم ولا أصغر مما ليس في جنسه قولاً صادقاً. ولا يقال سطح أعظم أو أصغر، من خط أو مكان أو زمان أو عدد أو قول، بل من سطح. ولا خط أعظم أو أصغر من مكان أو زمان أو عدد أو قول، بل من خط. ولا مكان أعظم أو أصغر من زمان أو عدد أو قول، بل من مكان. ولا زمان أعظم أو أصغر من عدد أو قول، بل من زمان. ولا عدد أعظم أو أصغر من قول، بل من عدد. ولا قول أعظم أو أصغر من واحد من باقي الأعظام بل من قول. وكذلك لا يقال قولاً صادقاً: جسم أطول أو أقصر من سطح أو خط أو مكان أو زمان أو عدد أو قول، وإن ظن أن جزءاً ما أطول أو أقصر من سطح أو خط أو مكان، فإن ذلك ظن كاذب، لأنه إن ظن أن طول جرم أطول أو أقصر من طول سطح أو خط أو مكان فإن طول كل واحد منها هو بعد واحد من أبعاد ما نسبت إليه، والبعد الواحد خط، فإذن إنما نذهب من أن جرماً أطول أو أقصر من سطح أو سطح أو خط أو مكان إلى أن خط هذا أطل من خط هذا. فإن هذه جماعات من الكمية المتصلة. والزمان أيضاً من الكمية المتصلة، فلأنه لا خط للزمان يظهر ظهوراً تاماً، فإنه