الثّمرة تُؤخذ به من مَغْرِز العنق إلى عَجْب الذًنب ‏"‏ فتُعلَى به ‏"‏ فتَكْثُر له وقال حبيب الطائي‏:‏ فما لك بالغريب يدٌ ولكن تَعاطيكَ الغَرِيبَ من الغَرِيبِ أمَا لو أن جهلك عاد عِلْما إذاً لرسختَ في عِلْم الغُيوب ومن قولنا نَمدح رجلا باستسهال اللفظ وحُسن الكلام‏:‏ قَولٌ كأن فَرِيدَه لسِحْر على ذهن الَّلبيب لا يَشمئز على اللّسا نِ ولا يَشِذّ عن القُلوب لم يَغْلُ في شَنِع الًّلغا تِ ولا توَحّش بالغريب سَيف تَقَلّد مثْلَهُ عَطْفَ القَضيب على القَضيب هذا تُجَذّ بهِ الرِّقَا بُ وَذا تُجَذّ به الخُطُوب
باب في تكليف الرجل ما ليس من طبعه

قالوا‏:‏ ليس الفِقْه بالتفقُه ولا الفَصاحة بالتفصُّح لأنه لا يَزيد مُتَزيّد في كلامه إلا لنَقْص يَجده في نَفْسه‏.‏ ومما اتفقت عليه العربُ والعجمُ قولهم‏:‏ الطَّبع أمْلك‏.‏ وقال حَفْص بنُ النُّعمان‏:‏ المَرْء يَصْنع نَفْسه فمتى ما تَبْلًهُ يَنْزع إلى العِرْق‏.‏ يأيها المُتحلَي غيرَ شيمته ومِن شَمَائله التَّبديلُ والمَلَقُ ارْجع إلى خِيمك المَعروف دَيْدَنُة إنَّ التخلّق يأتي دُونه الخُلُق وقال آخر‏:‏ وَمَن يَبتدع ما ليس مِن خِيم نَفْسه يَدَعْه ويَغْلِبه على النَّفس خِيمُها وقال آخر‏:‏ كلُّ امرىءٍ راجِعٌ يوماً لِشِيمَته وإنْ تَخَلًقَ أخلاقاً إلى حِين وقال الخرَيمي‏:‏ يُلاَم أبو الفَضل في جُوده وهَلْ يَمْلِك البَحرُ أَلاّ يَفِيضَا وقال أبو الأسود الدُّؤلي‏:‏ ولائمةٍ لامَتكَ يا فَيْضُ في النَّدَى فقُلْتُ لها هل يَقْدَح اللَّوْمُ في البَحْرِ أَرَادَتْ لتَثْني الفَيْضَ عن عادة النَّدَى ومَن ذا الذي يَثْنى السحابَ عن القَطْرِ وقالَ حَبيب‏:‏ تَعَوَّد بَسْط الكفِّ حتى لَوَ انه ثَناها لِقَبْضٍ لم تُجبْه أَنامِلُه وقال آخر‏:‏ وقالوا‏:‏ إن مَلِكاً من ملوك فارس كان له وزير حازم مُجرِّب فكان يُصْدِر عن رأيه ويَتعرف اليُمْن في مَشُورته ثم إنّه هَلَكَ ذلك الملكُ وقام بعده ولدٌ له مُعجَب بنفسه مًستبدٌّ برأيه ‏"‏ فلم يُنزل ذلك الوزيرَ منزلته ولا آهْتَبل رأيَه ‏"‏ ومَشورته فَقيل له‏:‏ إن أباك كان لا يَقِطع أمراً دونه فقال‏:‏ كان يَغْلَط فيه وسأمتحنه بنَفْسي‏.‏ فأرسل إليه فقال له‏:‏ أيّهما أغْلبُ على الرجل‏:‏ الأدبُ أو الطبيعة فقال له الوزير‏:‏ الطبيعةً أغلبُ لأنها أصلٌ والأدب فَرْعٌ وكلّ فَرْع يَرْجع إلى أصله‏.‏ فدعا ‏"‏ الملكُ ‏"‏ بسُفرته فلما وُضعت أقبلت سَنانيرُ بأَيديها الشَّمعُ فوقفت حول السُّفرة فقال للوزير‏:‏ اعتبر خَطَأَكَ وضَعْفَ مَذْهبك متى كان أبو هذه السنانير شَمَّاعاً‏.‏ فسكت عنه الوزير وقال‏:‏ أَمْهلني في الجواب إلى الليلة المُقبلة فقال‏:‏ ذلك لك‏.‏ فخَرج الوزيرُ فدعا بغُلام له فقال‏:‏ التمسْ لي فأْراً واربطه في خَيط وجئْني به فأتاه به الغلامُ فعقده في سَبَنِيَّة وطرحه في كُمّه ثم راح من الغد إلى الملك فلما حضرت سُفرته أقبلت السنانير بالشَّمع حتى حَفّت بها فحلّ الوزيرُ الفأرَ من سَبنيَّته ثم ألقاه إليها فاستبقت السنانيرُ إليه ورَمت الشمعَ حتى كاد البيتُ يضطرم عليهم ناراً‏.‏ فقال الوزيرُ‏:‏ كيف رأيتَ غَلَبة الطَّبيعة على الأدب ورُجوعَ الفَرْع إلى أصله قال‏:‏ صدقت ورجع إلى ما كان أبوه عليه معه فإنما مَدار كل شيء على طبعه والتكلُّف مَذْموم من كل وجه‏.‏ قال الله ‏"‏ تبارك وتعالى ‏"‏ لنبيّه ‏:‏ قل يا محمد‏:‏ ‏"‏ ومَا أَنَا مِنَ المُتَكلِّفين ‏"‏‏.‏ وقالوا‏:‏ من تَطبّعِ بغير طبعه نَزَعَتْه العادةُ حتى تردَّه إلى طَبْعه كما أنّ الماءَ إذا أَسْخَنته ثم تركته ‏"‏ ساعة ‏"‏ عاد إلى طَبعه من البرودة والشجرةَ المُرّة لو طليتها بالعسل لا تُثمر إلا مُرًّا‏.‏
باب في ترك المشاراة والمماراة

دخل السّائبِ بن صَيْفيّ على النبي فقال‏:‏ أَتعرفني يا رسول اللهّ قال‏:‏ وكيف لا أعرف شريكي في الجاهليَّة الذي كان لا يُشارى ولا يُمارى‏.‏ وقال ابن المُقفَّع‏:‏ المُشاراة والمُماراة يُفْسدان الصَّداقة القديمة ويَحُلان العقدة الوثيقة وأيسر ما فيها أنهما ذَرِيعة إلى المُنافسة والمُغالبة‏.‏ وقال عبدُ الرحمن بنُ أبي ليْلى‏:‏ لا تُمارِ أخاك فإمّا أن تُغْضِبه وإما أن تَكْذِبه‏.‏ وقال الشاعر‏:‏ فإيَّاك إيَّاك المِرَاءَ فإنه إلى السَّبّ دَعّاءٌ وللصَّرْم جالبُ وقال عبد الله بن عَبّاس‏:‏ لا تُمار فقيهاً ولا سَفيهاً فإنّ الفقيهَ يَغلبك والسفيه يُؤذيك‏.‏ وقال ‏:‏ سِبَاب المُؤمن فُسوق وقِتاله كُفْر‏.‏
باب في سوء الأدب

دخل عُرْوة بن مَسعود الثَقفيّ على النبي فجعل يُحدَثه ويُشير بيده إليه حتى تَمسّ لحيته والمُغيرة بن شُعبة واقفٌ على رأس رسول الله قبل أن لا ترجع إليك‏.‏ فَقبض عُروة يده‏.‏ وعُروة هذا ‏"‏ هو ‏"‏ عظيم القريتين الذي قالت ‏"‏ فيه ‏"‏ قريش‏:‏ لَولا نُزِّل هذا القرآنُ على رجُل من القَرْيتين عظيم‏.‏ ويقال إنه الوليد بن المغيرة المخزوميّ‏.‏ ولما قَدِم وفدُ تميم على النبي ناداه رجل ‏"‏ منهم ‏"‏ من وراء الجدار‏:‏ يا محمد اخرج إلينا‏.‏ فأنزل الله تعالى‏:‏ ‏"‏ إنّ الذينَ يُنَادُونَكَ مِن ورَاء الحُجُراتِ أكثرُهم لا يَعْقِلُون ‏"‏‏.‏ وفي قراءة ابن مسعود‏:‏ ‏"‏ بنو تميمٍ أكثرُهم لا يَعْقلون ‏"‏‏.‏ وأنزل الله في ذلك‏:‏ ‏"‏ لا تَجْعَلوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَينَكم كدُعاء بيده السيفُ فقال له‏:‏ اقبض يدك عن لِحْيَة رسول الله