وكان العريان يقول: والله ما اعتمدتهم ولا أردتهم حتى قالوا: أبعد بنا، أخرجنا، فما تركت حين أخرجتهم أن أعلمت المأمور بقتلهم، فما يقبل حجتهم، وأمر بقتلهم، والله على ذلك ما أحب أن قتل من قومي مكانهم رجل. ولئن لاموني ما أنا بالذي أحفل لا ئمتهم، ولا تكبر عليه.
وأقبل مسلمة حتى نزل الحيرة، فأتى بنحو من خمسين أسيرًا، ولم يكونوا فيمن بعث به إلى الكوفة، كان أقبل بهم معه، فلما رأى الناس أنه يريد أن يضرب رقابهم، قام إليه الحصين بن حماد الكلبي فاستوهبه ثلاثة: زياد بن عبد الرحمن القشيري، وعتبة بن مسلم، وإسماعيل مولى آل بني عقيل بن مسعود، فوهبهم له، ثم استوهب بقيتهم أصحابه، فوهبهم لهم، فلما جاءت هزيمة يزيد إلى واسط، أخرج معاوية بن يزيد بن المهلب اثنين وثلاثين أسيرًا كانوا في يده، فضرب أعناقهم: منهم عدي بن أرطاة، ومحمد بن عدي بن أرطاة ومالك وعبد الملك ابنا مسمع وعبد الله بن عذرة البصري، وعبد الله بن وائل وابن أبي حاضر التميمي من بني أسيد بن عمرو بن تميم، وقد قال له القوم: ويحك! إنا لا نراك إلا تقتلنا؛ إلا أن أباك قد قتل، وإن قتلنا ليس بنافع لك في الدنيا، وهو ضارك في الآخرة؛ فقتل الأسارى كلهم غير ربيع بن زياد بن الربيع ابن أنس بن الريان، تركه، فقال له ناس: نسيته؟ فقال: مانسيته؛ ولكن لم أكن لأقتله؛ وهو شيخ من قومي له شرف ومعروف وبيت عظيم، ولست أتهمه في ود، ولا أخاف بغيه. فقال ثابت قطنة في قتل عدي بن أرطاة:
ماسرني قتل الفزاري وابنه ** عديً ولا أحببت قتل ابن مسمع
ولكنها معاوي زلة ** وضعت بها أمري على غير موضع
ثم أقبل حتى أتى البصرة ومعه المال والخزائن، وجاء المفضل بن المهلب، واجتمع جميع آل المهلب بالبصرة، وقد كانوا يتخوفون الذي كان من يزيد، وقد أعدوا السفن البحرية، وتجهزوا بكل الجهاز، وقد كان يزيد بن المهلب بعث وداع بن حميد الأسدي على قندابيل أميرًا، وقال له: إني سائر إلى هذا العدو، ولوقد لقيتهم لم أبرح العرصة حتى تكون إلي أولهم، فإن ظفرت أكرمتك، وإن كانت الأخرى كنت بقندابيلحتى يقدم عليك أهل بيتي، فيتحصنوا بها حتى يأخذوا لأنفسهم أمانًا، أما إني قد اخترتك لأهل بيتي من بين قومي؛ فكن عند حسن ظني، وأخذ عليه أيمانًا غلاظًا ليناصحن أهل بيته، إن هم احتاجوا ولجئوا إليه، فلما اجتمع آل المهلب بالبصرة بعد الهزيمة حملوا عيالاتهم وأموالهم في السفن البحرية، ثم لججوا في البحر حتى مروا بهرم ابن القرار العبدي - وكان يزيد استعمله على البحرين - فقال لهم: أشير عليكم ألا تفارقوا سفنكم، فإن ذلك هو بقاؤكم، وإني أتخوف عليكم إن خرجتم من هذه السفن أن يتخطفكم الناس، وأن يتقربوا بكم إلى بني مروان. فمضوا حتى إذا كانوا بحيال كرمان خرجوا من سفنهم، وحملوا عيالاتهم وأموالهم على الدواب. وكان معاوية بن يزيد بن المهلب حين قدم البصرة قدمها ومعه الخزائن وبيت المال؛ فكأنه أراد أن يتأمر عليهم، فاجتمع أهل المهلب وقالوا للمفضل: أنت أكبرنا وسيدنا، وأنما أنت غلام حديث السن كبعض فتيلن أهلك، فلم يزل المفضل عليهم حتى خرجوا إلى كرمان، وبكرمان فلول كثيرة، فاجتمعوا إلى المفضل، وبعث مسلمو بن عبد الملك مدرك بن ضب الكلبي في طلب آل المهلب وفي أثر الفل. فأدرك مدرك المفضل بن المهلب، وقد اجتمعت إليه الفلول بفارس فتبعهم، فأدركهم في عقبة، فعطفوا عليه، فقاتلوه واشتد قتالهم إياه، فقتل مع المفضل بن المهلب النعمان بن إبراهيم بن الأشتر النخعي ومحمد بن إسحاق ابن محمد بن الأشعث، وأخذ ابن صول ملك قهستان أسيرًا، وأخذت سرية المفضل العلية، وجرح عثمان بن إسحاق بن محمد بن الاشعث جراحة شديدة وهرب حتى انتهى إلى حلوان، فدل عليه، فقتل وحمل رأسه إلى مسلمة بالحيرة، ورجع ناس من أصحاب يزيد بن المهلب، فطلبوا الأمان، فأومنوا؛ منهم مالك بن إبراهيم بن الاشتر، والورد بن عبد الله بن حبيب السعدي من تميم، وكان قد شهد مع عبد الرحمن بن محمد مواطنه وأيامه كلها، فطلب له الامان محمد بن عبد الله بن عبد الملك بن مروان إلى مسلمة بن عبد الملك عمه وابنة مسلمة تحته - فأمنه، فلما آتاه الورد وقفه مسلمة فشتمه قائمًا، فقال: صاحب خلاف شقاق ونفاق ونفار في كل فتنة، مرة مع حائك كندة، ومرة مع ملاح الأزد؛ ما كنت بأهل أن تؤمن؛ قال: ثم انطلق. وطلب الأمان لمالك بن إبراهيم بن الأشتر الحسن بن عبد الرحمن بن شراحيل - وشراحيل يلقب رستم الحضرمي - فلما جاء ونظر إليه، قال له الحسن بن عبد الرحمن الحضرمي هذا مالك بن إبراهيم بن الأشتر، قال له: انطلق، قال له الحسن: أصلحك الله! لم لم تشتمه كما شتمت صاحبه! قال: أجللتكم عن ذلك، وكنتم أكرم علي من أصحاب الآخر وأحسن طوعا. قال: فإنه أحب إلينا أن تشتمه، فهو والله أشف أبًا وجدًا، وأسوأ أثرًا من أهل الشام من الورد بن عبد الله؛ فكان الحسن يقول بعد أشهر: ما تركه إلا حسدًا من أن يعرف صاحبنا، فأراد أن يرينا أنه قد حقره. ومضى آل المهلب ومن سقط منهم من الفلول حتى انتهوا إلى قندابيل، وبعث مسلمة إلى مدرك بن ضب الكلبي فرده، وسرح في أثرهم هلال بن أحوز التميمي، من بني مازن بن عمرو بن تميم فلحقهم بقندابيل، فأراد آل المهلب دخول قندابيل، فمنعهم وداع بن حميد وكاتبه هلال بن أحوز، ولم يباين آل المهلب فيفارقهم، فتبين لهم فراقه لما التقوا وصفوا، كان وداع بن حميد على الميمنة، وعبد الملك بن هلال على الميسرة وكلاهما أزدى، فرفع لهم راية الأمان، فمال إليهم وداع بن حميد وعبد الملك ابن هلال، وارفض عنهم الناس فخلوهم. فلما رأى ذلك مروان بن المهلب ذهب يريد أن ينصرف إلى النساء فقال له المفضل: أين تريد؟ قال: أدخل إلى نسائنا فأقتلهن، لئلا يصل إليهم هؤلاء الفساق، فقال: ويحك! أتقتل أخواتك ونساء أهل بيتك! إنا والله ما نخاف عليهم منهم. قال: فرده عن ذلك ثم مشوا بأسيافهم، فقاتلوا حتى قتلوا من عند آخرهم، إلا أبا عيين ابن المهلب، وعثمان بن المفضل فإنهما نجوا، فلحقا بخاقان ورتبيل وبعث بنسائهم وأولادهم إلى مسلمة بالحيرة، وبعث برءوسهم إلى مسلمة، فبعث بهم مسلمة إلى يزيد بن عبد الملك، وهو على حلب، فلما نصبوا خرج لينظر إليهم، فقال لأصحابه: هذا رأس عبد الملك، هذا رأس المفضل، والله لكأنه جالس معي يحدثني. وقال مسلمة: لأبيعن ذريتهم وهو في دار الرزق، فقال الجراح بن عبد الله: فأنا أشتريهم منك لأبر يمينك، فاشتراهم منه بمائة ألف، قال: هاتها، قال: إذا شئت فخذها، فلم يأخذ منه شيئًا وخلا سبيلهم، إلا تسعة فتية منهم أحداث بعث بهم إلى يزيد بن عبد الملك، فقدم بهم عليه، فضرب رقابهم، فقال ثابت قطنة حين بلغه قتل يزيد بن المهلب يرثيه:
ألا يا هند طال على ليلي ** وعاد قصيره ليلى تماما
كأني حين حلقت الثريا ** سقيت لعاب أسود أو سماما
أمر على حلو العيش يوم ** من الأيام شيبني غلامًا
مصاب بني أبيك وغبت عنهم ** فلم أشهدهم ومضوا كراما
فلا والله لا أنسى يزيدًا ** ولا القتلى التي قتلت حراما
فعلي أبو بأخيك يومًا ** يزيدًا أو أبوء به هشاما
وعلي أن أقود الخيل شعثًا ** جوازب ضمرًا تقص الإكاما
قأصبحهن حمير من قريب ** وعكا أو أرع بهما جذاما
ونسقي مذحجًا والحي كلبًا ** من الذيفان أنفاسًا قواما
عشائرنا التي تبغي علينا ** تجربنا زكا عامًا فعاما
ولولاهم وما جلبوا علينا ** لأصبح وسطنا ملكا هماما
وقال أيضًا يرثي يزيد بن المهلب:
أبى طول هذا الليل أن يتصرما ** وهاج لك الهم الفؤاد المتيما
أرقت ولم تأرق معي أم خالد ** وقد أرقت عيناي حولًا مجرما
على هالك هد العشيرة فقده ** دعته المنايا فاستجاب وسلما
على ملك يا صاح بالعقر جبنت ** كتائبه واستورد الموت معلما
أصيب ولم أشهد ولو كنت شاهدًا ** تسليت إن لم يجمع الحي مأتما
وفي غير الأيام يا هند فاعلمي ** لطالب وتر نظرة إن تلوما
فعلي إن مالت بي الريح ميلة ** على ابن أبي ذبان أن يتندما
أمسلم إن يقدر عليك رماحنا ** نذقك بها قئ الأساود مسلما
وإن نلق للعباس في الدهر عثرة ** نكافئه باليوم الذي كان قدما
قصاصًا ولا نعدو الذي كان قد أتى ** إلينا وإن كان ابن مروان أظلما
ستعلم إن زلت بك النعل زلة ** وأظهر أقوام حياء مجمجا
من الظالم الجاني على أهل بيته ** إذا أحصرت أسباب أمر وأبهما
وإن لعطافون بالحلم بعد ما ** نرى الجهل من فرط اللئيم تكرما
وإنا لحلالون بالثغر لا نرى ** به ساكنًا إلا الخميس العرمرما
نرى أن للجيران حاجًا وحرمة ** إذا الناس لم يرعوا لذى الجار محرما
وإنا لنقري الضيف من قمع الذرى ** إذا كان رفد الرافدين تجثما
وراحت بصراد ملث جليده ** على الطلح أرماكًا من الشهب صيما
أبونا أبو الأنصار عمرو بن عامر ** وهم ولدوا عوفًا وكعبًا وأسلما
وقد كان في غسان مجد يعده ** وعادية كانت من المجد معظما
ولاية مسلمة بن عبد الملك على العراق وخراسان

فلما فرغ مسلمة بن عبد الملك من حرب يزيد بن المهلب، جمع له يزيد بن عبد الملك ولاية الكوفة والبصرة وخراسان في هذه السنة، فلما ولاه يزيد ذلك، ولى مسلمة الكوفة ذا الشامة محمد بم عمرو بن الوليد بن عقبة بن أبي معيط، وقام بأمر البصرة بعد أن خرج منها آل المهلب - فيما قيل - شبيب بن الحارث التميمي، فضبطها، فلما ضمت إلى مسلمة بعث عاملاه عليها عبد الرحمن بن سليم الكلبي، وعلى شرطتها وأحداثها عمر بن يزيد التميمي، فأراد عبد الرحمن بن سليم أن يستعرض أهل البصرة، وأفشى ذلك إلى عمر بن يزيد، فقال له عمر: أتريد أن تستعرض أهل البصرة ولم تمن حصنًا بكويفة، وتدخل من تحتاج إليه! فوالله لو رماك أهل البصرة وأصحابك بالحجارة لتخوفت أن يقتلونا؛ ولكن أنظرنا عشرة أيام حتى نأخذ أهبة ذلك. ووجه رسولا إلى مسلمة يخبره بما هم به عبد الرجمن، فوجه مسلمة عبد الملك ابن بشر بن مروان على البصرة، وأقر عمر بن يزيد على الشرطة والأحداث.
ذكر استعمال مسلمة سعيد خذينة على خراسان

قال أبو حعفر: وفي هذه السنة وجه مسلمة بن عبد الملك سعيد بن عبد العزيز بن الحارث بن الحكم بن أبي العاص وهو الذي يقال له خُذَينة - وإنما لقب بذلك - فيما ذكر - أنه كان رجلًا لينًا يهلًا متنعمًا، قدم خراسان على بختيه معلقًا سكينًا في منطقته، فدخل عليه ملك أبغل، وسعيد متفضل في ثياب مصبغة، حوله مرافق مصبغة فلما خر من عنده قالوا له: كيف رأيت الأمير؟ قال: خذينية، لمته سكينية؛ فلقب خذينة وخذينة هي الدهقانة ربة البيت، وإنما استعمل مسلمة سعيد خذينة على خراسان لأنه كان ختنه على ابنته، كان سعيد متزوجًا بابنة مسلمة. ولما ولى مسلمة سعيد خذينة خراسان، قدم إليها قبل شخوصه سورة ابن الحر من بني دار، فقدمها قبل سعيد - فيما ذكر - بشهر، فاستعمل شعبة بن ظهير النهشلي على سمرقند، فخرج إليها في وخمسة وعشرين رجلًا من أهل بيته، فأخذ على آمل، فأتى بخارى، فصحبه منها مائتا رجل، فقدم السغد، وقد كان أهلها كفروا في ولاية عبد الرحمن بن نعيم الغامدي، ووليها ثمانية عشر شهرًا، ثم عادوا إلى الصلح، فخطب شعبة أهل السغد، ووبخ سكانها من العرب وعيرهم بالجبن، فقال: ما أرى فيكم جريحًا، ولا أسمع فيكم أنة. فاعتذروا إليه بأن جبنوا عاملهم علباء بن حبيب العبدي، وكانت على الحرب. ثم قدم سعيد، فأخذ عمال عبد الرحمن بن عبد الله القشيري الذين ولوا أيام عمر بن عبد العزيز فحبسهم، فكلمه فيهم عبد الرحمن بن عبد الله القشيري، فقال له سعيد: قد رفع علهم أن عندهم أموالًا من الخوارج. قال: فأنا أضمنه، فضمن عنهم سبعمائة ألف، ثم لم يأخذه بها. ثم إن سعيدًا رفع إليه - فيما ذكر علي بن محمد - أن جهم بن زحر الجعفي وعبد العزيز بن عمرو بن الحجاج الزبيدي والمنتجع بن عبد الرحمن الأزدي والقعقاع الأزدي ولوا ليزيد بن المهلب وهم ثمانية، وعندهم أموال قد أختانوها من فئ المسلمين. فأرسل إليهم، فحبسهم في قهندز مرو، فقيل له: إن هؤلاء لا يؤدون إلا أن تبسط عليهم. فأرسل إلى جهم بن زحر، فحمل على حمار من قهندز مرو، فمرو به على الفيض بن عمران، فقام إليه فوجأ أنفه، فقال له جهم: يا فاسق، هلا فعلت هذا حين أتوني بك سكران قد شربت الخمر، فضربتك حدًا! فغضب سعيد على جهم فضربه مائتى سوط، فكبر أهل السوق حين ضرب جهم بن زحر، وأمر سعيد بجهم والثمانية الذين كانواط في السجن فدفعوا إلى ورقاء بن نصر الباهلي، فاستعفاه فأعفاه. وقال عبد الحميد بن دثار - أو عبد الملك بن دثار - والزبير بن نشيط مولى باهلة، وهو زوج أم سعيد خذينة: ولنا محاسبتهم، فولاهم فقتلوا من العذاب جهمًا، وعبد العزيز بن عمر والمنتجع، وعذبوا القعقاع وقومًا حتى أشرفوا على الموت قال: فلم يزالوا في السجن حتى غزتهم الترك وأهل السغد، فأمر سعيد بإخراج من بقي منهم، فكان سعيد يقول: قبح الله الزبير، فإنه قتل جهما! وفي هذه السنة غزا المسلمون السغد والترك، فكان فيها الوقعة بينهم بقصر الباهلي. وفيها عزل سعيد خذينة شعبة بن ظهير عن سمرقند.
ذكر الخبر عن سبب عزل سعيد شعبة وسبب هذه الوقعة وكيف كانت

ذكر علي بن محمد عن الذي تقدم ذكرى خبره عنهم، أن سعيد خذينة لما قدم خراسان، دعا قومًا من الدهاقين، فاستشارهم فيمن يوجه إلى الكور، فأشاروا إليه بقوم من العرب، فولاهم، فشكوا إليه، فقال للناس يومًا وقد دخلوا عليه: إني قدمت البلد، وليس لي علم بأهله، فاستشرت فأشاروا علي بقوم، فسألت عنهم فحمدوا، فوليتهم، فأحرج عليكم لما أخبرتموني عن عمالي. فأثنى عليهم القوم خيرًا، فقال عبد الرحمن بن عبد الله القشيري: لو لم تحرج علينا لكففت، فأما إذ حرجت علينا فإنك شاورت المشركين فأشاروا عليك بمن لا يخالفهم وبأشباههم، فهذا علمنا فيهم.
قال: فاتكأ سعيد ثم جلس، فقال: " خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين "، قوموا.
قال: وعزل سعيد شعبة بن ظهير عن السغد، وولى حربها عثمان بن عبد الله بن مطرف بن الشخير، وولى الخراج سليمان بن أبي السري مولى بني عوافة، واستعمل على هراة معقل بن عروة القشيري، فسار إليها. وضعف الناس سعيدًا وسموه خذينة، فطمع فيه الترك، فجمع له خاقان الترك، ووجههم إلى السغد، فكان على الترك كورصول، وأقبلوا حتى نزلوا قصر الباهلي. وقال بعضهم: أراد عظيم من عظماء الدهاقين أن يتزوج امرأة من باهلة، وكانت في ذلك القصر، فأرسل إليها يخطبها. فأبت، فاستجاش ورجا أن يسبوا من في القصر، فيأخذ المرأة، فأقبل كورصول حتى حصر أهل القصر، وفيه مائة أهل بيت بذراريهم، وعلى سمرقند عثمان بن عبد الله وخافوا أن يبطئ عنهم المدد، فصالحوا الترك على أربعين ألفًا، وأعطوهم سبعة عشر رجلًا رهينة، وندب عثمان بن عبد الله الناس، فانتدب المسيب بن بشر الرياحي وانتدب أربعة آلاف من جميع القبائل، فقال شعبة بن ظهير: لو كان ها هنا خيول خراسان ما وصلوا إلى غايتهم. قال: وكان فيمن انتدب من بني تميم شعبة بن ظهير النهشلي وبلعاء بن مجاهد العنزي، وعميرة بن ربيعة أحد بني العجيف - وهو عميرة الثريد - وغالب بن المهاجر الطائي - وهو أبي العباس الطوسي - وأبو سعيد معاوية بن الحجاج الطائي، وثابت قطنة وأبو المهاجر بن دارة من غطفان، وحليس الشيباني، والحجاج بن عمرو الطائي، وحسان بن معدان الطائي، والأشعث أبو حطامة وعمرو بن حسان الطائيان. فقال المسيب بن بشر لما عسكروا: