أنبأنا جماعة قالوا أنبأنا ابن طبرزد أنبأنا ابن الحصين أنبأنا ابن غيلان أنبأنا أبو بكر الشافعي أنبأنا عبد الله بن أحمد حدثنا محمد بن أبان الواسطي حدثني جرير بن حازم حدثني بشار بن أبي سيف حدثني الوليد ابن عبد الرحمن عن عياض بن غطيف قال مرض أبو عبيدة فدخلنا عليه نعوده فقال سمعت رسول الله يقول ( الصيام جنة ما لم يخرقها )
وقد استعمل النبي أبا عبيدة غير مرة منها المرة التي جاع فيها عسكره وكانوا ثلاث مئة فألقى لهم البحر الحوت الذي يقال له العنبر فقال أبو عبيدة ميتة ثم قال لا نحن رسل رسول الله وفي سبيل الله فكلوا وذكر الحديث وهو في الصحيحين
ولما تفرغ الصديق من حرب أهل الردة وحرب مسيلمة الكذاب جهز أمراء الأجناد لفتح الشام فبعث أبا عبيدة ويزيد بن أبي سفيان وعمرو بن العاص وشرحبيل بن حسنة فتمت وقعة أجنادين بقرب الرملة ونصر الله المؤمنين فجاءت البشرى والصديق في مرض الموت ثم كانت وقعة فحل ووقعة مرج الصفر وكان قد سير أبو بكر خالدا لغزو العراق ثم بعث إليه لينجد من بالشام فقطع المفاوز على برية السماوة فأمره الصديق على الأمراء كلهم وحاصروا دمشق وتوفي أبو بكر فبادر عمر بعزل خالد واستعمل على الكل أبا عبيدة فجاءه التقليد فكتمه مدة وكل هذا من دينه ولينه وحلمه فكان فتح دمشق على يده فعند ذلك أظهر التقليد ليعقد الصلح للروم ففتحوا له باب الجابية صلحا وإذا بخالد قد افتتح البلد عنوة من الباب الشرقي فأمضى لهم أبو عبيدة الصلح فعن المغيرة أن أبا عبيدة صالحهم على أنصاف كنائسهم ومنازلهم ثم كان أبو عبيدة رأس الإسلام يوم وقعة اليرموك التي استأصل الله فيها جيوش الروم وقتل منهم خلق عظيم
روى ابن المبارك في الزهد له قال أنبأنا عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب قال حدثني عبد الرحمن بن غنم عن حديث الحارث بن عميرة قال أخذ بيدي معاذ بن جبل فأرسله إلى أبي عبيدة فسأله كيف هو وقد طعنا فأراه أبو عبيدة طعنة خرجت في كفه فتكاثر شأنها في نفس الحارث وفرق منها حين رآها فأقسم أبو عبيدة بالله ما يحب أن له مكانها حمر النعم وعن الأسود عن عروة أن وجع عمواس كان معافى منه أبو عبيدة وأهله فقال اللهم نصيبك في آل أبي عبيدة قال فخرجت بأبي عبيدة في خنصره بثرة فجعل ينظر إليها فقيل له إنها ليست بشيء فقال أرجو أن يبارك الله فيها فإنه إذا بارك في القليل كان كثيرا
الوليد بن مسلم حدثني أبو بكر بن ابي مريم عن صالح بن ابي المخارق قال انطلق أبو عبيدة من الجابية إلى بيت المقدس للصلاة فاستخلف على الناس معاذ بن جبل قال الوليد فحدثني من سمع عروة بن رويم قال فأدركه أجله بفحل فتوفي بها بقرب بيسان طاعون عمواس منسوب إلى قرية عمواس وهي بين الرملة وبين بيت المقدس وأما الأصمعي فقال هو من قولهم زمن الطاعون عم وآسى قال أبو حفص الفلاس توفي أبو عبيدة في سنة ثمان عشرة وله ثمان وخمسون سنة وكان يخضب بالحناء والكتم وكان له عقيصتان وقال كذلك في وفاته جماعة وانفرد ابن عائذ عن أبي مسهر أنه قرأ في كتاب يزيد ابن عبيدة أن أبا عبيدة توفي سنة سبع عشرة