فلا زلتما في ظل عيش يمده ** أمان من التفريق والحدثان قال الشريف أبو البركات فعملت أنا في الحال:
بشينى بها ناعورتان كلاهما ** تسح بدمع دائم الهملان
مخافة دهر أن يصيب بعينه ** لإحداهما يوما فيفترقان باب الباء والصاد وما يليهما
بصاق: بالضم. موضع قريب من مكة. يقال بساق بالسين أيضا وقد ذكر في تفسير شعر كثير عزة حيث. قال:
فياطول ما شوقي إذا حال بيننا ** بصاق ومن أعلام صندد منكب
كأن لم يؤلف حج عزة حجنا ** ولم يلق ركبا بالمحصب أركب إن بصاق جبل قرب أيلة فيه نقب.
البصر: بوزن الجرذ. قال السكري. هي جرعات من أسفل واد بأعلى الشيحة من بلاد الحزن في قول جرير حيث. قاله:
إن الفؤاد مع الظعن التي بكرت ** من ذي طلوح وحالت دونها البصر
البصرة: وهما بصرتان العظمى. بالعراق وأخرى بالمغرب وأنا أبدأ أولا بالعظمى التي بالعراق وأما البصرتان فالكوفة والبصرة. قال المنجمون البصرة طولها أربع وسبعون درجة وعرضها إحدى وثلاثون درجة وهي في الاقليم الثالث. قال ابن الأنباري البصرة في كلام العرب الأرض الغليظة، وقال قطرب البصرة الأرض الغليظة التي فيها حجارة تقلع وتقطع حوافر الدواب. قال ويقال بصرة للأرض الغليظة. وقال غيره البصرة حجارة رخوة فيها بياض، وقال ابن الأعرابي البصرة حجارة صلاب. قال وإنما سميت بصرة لغلظها وشدتها كما تقول ثوب ذو بصر وسقاء ذو بصر إذا كان شديدا جيدا. قال ورأيت في تلك الحجارة في أعلا المزبد بيضا صلابا وذكر الشرقي بن القطامي أن المسلمين حين وافوا مكان البصرة للنزول بها نظروا إليها من بعيد وأبصروا الحصا عليها فقالوا: إن هذه أرض بصرة يعنون حصبة فسميت بذلك، وذكر بعض المغاربة أن البصرة الطين العلك وقيل: الأرض الطيبة الحمراء، وذكر أحمد بن محمد الهمداني حكاية عن محمد بن شرحبيل بن حسنة أنه قال: إنما سميت البصرة لأن فيها حجارة سوداء صلبة وهي البصرة. وأنشد لخفاف بن ندبة.
إن كنت جلمود بصر لا أؤيسه ** أوقد عليه وأحميه فينصدع وقال الطرماح بن حكيم:
مؤلفة تهوي جميعا كما هوى ** من النيق فوق البصرة المتطحطح
وهذان البيتان يدلان على الصلابة لا الرخاوة، وقال حمزة بن الحسن الأصبهاني سمعت موبذ بن اسوهشت يقول البصرة تعريب بس راه لأنها كانت ذات طرق كثيرة انشعبت منها إلى أماكن مختلفة. وقال قوم البصر والبصر الكذان وهي الحجارة التي ليست بصلبة سميت بها البصرة كانت ببقعتها عند اختطاطها واحده بصرة وبصرة، وقال الأزهري البصر الحجارة إلى البياض بالكسر فإذا جاؤا بالهاء قالوا بصرة وأنشد بيت خفاف. إن كنت جلمود بصر، وأما النسب إليها فقال: بعض أهل اللغة إنما قيل: في النسب إليها بصري بكسر الباء لاسقاط الهاء فوجب كسر الباء في البصرى مما غير في النسب كما قيل: في النسب إلى اليمن يمان وإلى تهامة تهام وإلى الري رازي وما أشبه ذلك من المغير، وأما فتحها وتمصيرها فقد روى أهل الأثر عن نافع بن الحارث بن كلدة الثقفي وغيره أن عمر بن الخطاب أراد أن يتخذ للمسلمين مصرا وكان المسلمون قد غزوا من قبل البحرين توج ونوبندجان وطاسان فلما فتحوها كتبوا إليه إنا وجدنا بطاسان مكانا لا بأس به فكتب إليهم إن بيني وبينكم دجلة لا حاجة في شيء بيني وبينه دجلة أن تتخذوه مصرا ثم قدم عليه رجل من بني سدوس يقال له ثابت، فقال: يا أمير المؤمنين إني مررت بمكان دون دجلة فيه قصر وفيه مسالح للعجم يقال له الخريبة ويسمى أيضا البصيرة بينه وبين دجلة أربعة فراسخ له خليج بحري فيه الماء الى أجمة قصب. فأعجب ذلك عمر وكانت قد جاءته أخبار الفتوح من ناحية الحيرة وكان سويد بن قطبة الذهلي وبعضهم يقول قطبة بن قتادة يغير في ناحية الخريبة من البصرة على العجم كما كان المثنى بن حارثة يغير بناحية الحيرة فلما قدم خالد بن الوليد البصرة من اليمامة والبحرين مجتازا إلى الكوفة بالحيرة سنة اثنتي عشرة أعانه على حرب من هنالك وخلف سويدا ويقال: إن خالدا لم يرحل من البصرة حتى فتح الخريبة وكانت مسلحة للأعاجم وقتل وسبى وخلف بها رجلا من بني سعد بن بكر بن هوازن يقال له شريح بن عامر ويقال إنه أتى نهر المرأة ففتح القصر صلحا. وكان الواقدي ينكرأن خالدا مز بالبصرة ويقول إنه حين فرغ من أمر اليمامة والبحرين قدم المدينة ثمصسار منها إلى العراق على طريق فيد والثعلبية والله أعلم، ولما بلغ عمر بن الخطاب خبر سويد بن قطبة وما يصنع بالبصرة رأى أن يوليها رجلا من قبله فولاها عقبة بن غزوان بن جابر بن وهيب بن نسيب أحد بني مازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة حليف بني نوفل بن عبد مناف وكان من المهاجرين الأولين أقبل في أربعين رجلا منهم نافع بن الحارث بن كلدة الثقفي وأبو بكرة وزياد بن أبيه وأخت لهم، وقال له عمر: إن الحيرة قد فتحت فائت أنت ناحية البصرة واشغل من هناك من أهل فارس والأهواز وميسان عن إمداد إخوانهم فأتاها عتبة وانضم إليه سويد بن قطبة فيمن معه من بكر بن وائل وتميم. قال نافع بن الحارث فلما أبصرتنا الدبادبة خرجوا هرابا وجئنا القصرفنزلناه فقال عتبة ارتادوا لنا شيئا نأكله قال فدخلنا الأجمة فإذا زنبيلان في أحدهما تمر وفي الاخر أرز بقشره فجذبناهما حتى أدنيناهما من القصر وأخرجنا ما فيهما فقال عتبة هذا سم أعده لكم العدو يعني الأرز فلا تقربنه فأخرجنا التمر وجعلنا نأكل منه فإننا لكذلك فإذا بفرس قد قطع قيادة وأتى ذلك الأرز يأكل منه فلقد رأيتنا نسعى بشفارنا نريد ذبحه قبل أن يموت فقال صاحبه امسكوا عنه أحرسه الليلة فإن أحسست بموته ذبحته فلما أصبحنا إذا الفرس يروث لا بأس عليه فقالت أختي يا أخي إني سمعت أبي يقول: إن السم لا يضر إذا نضج فأخذت من الأرز توقد تحته ثم نادت إلا أنه يتفصى من حبيبة حمراء ثم قالت قد جعلت تكون بيضاء فما زالت تطبخه حتى أنماط قشره فألقيناه في الجفنة فقال عتبة اذكروا اسم الله عليه وكلوه فأكلوه منه فإذا هو طيب قال فجعلنا بعد نميط عنه قشره ونطبخه فلقد رأيتني بعد ذلك وأنا أعده لولدي ثم قال إنا التأمنا فبلغنا ستمائة رجل وست نسوة إحداهن أختي. وأمد عمر عتبة بهرثمة بن عرفجة وكان بالبحرين فشهد بعض هذه الحروب ثم سار إلى الموصل. قال وبنى المسلمون بالبصرة سبعة دساكر اثنتان بالخريبة واثنتان بالزابوقة وثلاث في موضع دار الأزد اليوم وفي غير هذه الرواية أنهم بنوها بلبن في الخريبة اثنتان وفي الأزد اثنتان وفي الزابوقة واحدة وفي بني تميم اثنتان ففرق أصحابه فيها ونزل هو الخريبة..قال نافع: ولما بلغنا ستمائة قلنا ألا نسير إلى الأبلة فإنها مدينة حصينة فسرنا إليها ومعنا العنز وهي جمع عنزة وهي أطول من العصا وأقصر من الرمح وفي رأسها زج وسيوفنا وجعلنا للنساء رايات على قصب وأمرناهن أن يثرن التراب وراءنا حين يرون أنا قد دنونا من المدينة فلما دنونا منها صففنا أصحابنا قال وفيها دبادبتهم رقد أعدوا السفن في دجلة فخرجوا إلينا في الحديد مسومين لا نرى منهم إلا الحدق قال فو الله ما خرج أحدهم حتى رجع بعضهم إلى بعض قتلا وكان الأكثر قد قتل بعضهم بعضا ونزلوا السفن وعبروا إلى الجانب الاخر وانتهى إلينا النساء وقد فتح الله علينا ودخلنا المدينة وحوينا متاعهم وأموالهم وسألناهم ما الذي هزمكم من غير قتال فقالوا عرفتنا الدبادبة إن كمينا لكم قد ظهر وعلا رهجه يريدون النساء في آثارهن التراب. وذكر البلاذري لما دخل المسلمون الأبلة وجدوا خبز الحوارى فقالوا هذا الذي كانوا يقولون: إنه يسمن فلما أكلوا منه جعلوا ينظرون إلى سواعدهم ويقولون: ما نرى سمنا، وقال عوانة بن الحكم: كانت مع عتبة بن غزوان لما قدم البصرة زوجته أزدة بنت الحارث بن كلدة ونافع وأبو بكرة وزياد فلما قاتل عتبة أهل مدينة الفرات جعلت امرأته أزدة تحرض المؤمنين على القتال وهي تقول: إن يهزموكم يولجوا فينا الغلف ففتح الله على المسلمين تلك المدينة وأصابوا غنائم كثيرة ولم يكن فيهم أحد يحسب ويكتب إلا زياد فولاه قسم ذلك الغنم وجعل له في كل يوم درهمين وهو غلام في رأسه ذؤابة. ثم إن عتبة كتب إلى عمر يستأذنه في تمصير البصرة وقال: إنه لا بد للمسلمين من منزل إذا أشتا شتوا فيه وإذا رجعوا من غزوهم لجأوا إليه فكتب إليه عمر أن ارتد لهم منزلا قريبا من المراعي والماء واكتب إلي بصفته فكتب إلى عمر