وإنّ يَساراً من غدٍ لخلِيقُ وما كنْتُ إلا كالزَّمان إذا صحا صحوتُ وإنْ ماقَ الزَّمان أَموق وقال آخر‏:‏ تحامِق مَع الحَمْقىِ إذا ما لَقيتَهمِ ولاقِهمُ بالجهل فِعل ذوي الجَهْل وَخَلِّط إذا لاقيْت يوماً مخَلَطاَ يُخَلِّط في قول صحيح وفي هَزْل فإنّي رأيتُ المَرْءَ يَشْفي بعَقله كما كان قبلَ اليوم يَسْعد بالعقل وقال آخر‏:‏ إن المَقَادِيرَ إذا ساعَدَتْ ألحقت العاجِزَ بالحازِم وقال الآخر‏:‏ ومن أمثالهم في ذلك ‏"‏ قولُهم ‏"‏‏:‏ تطامن لها تَخْطُك‏.‏
ومن قولنا في هذا المعنى‏:‏ وتطَامنْ للزَّمان يَجْزُكَ عَفْواً وإن قالوا ذَليلٌ قُلْ ذليلُ وقال حَبيب‏:‏ وكانت لَوْعَةً ثم اطمأنتْ كذاك لكلِّ سائلة قَرَارُ وقال آخر‏:‏ ماذا يُريك الدَهْرُ من هَوانِهِ ازْفِن لِقرْد السَّوْء في زَمانِهِ ولآخر‏:‏ الدهر لا يبقى على حالةٍ لا بُدَّ أن يُقبِلَ أو يدبرْ فإنْ تَلقاك بِمْرُوهه فاصبِر فإنَّ الدَّهرَ لا يَصْبر ولآخر‏:‏ اصبرْ لِدَهْرٍ نال من ك فهكذا مضتْ الدُّهورُ فَرَحاً وحُزْناً مرّةً لا الحُزن دام ولا السُّرورُ ولآخر‏:‏ تَرُوح لنا الدُّنيا بغير الذي غَدَت وتَحْدُث مِن بعد الأمور أمورُ وتجْرِي الليالي باجتماع وفُرْقة وتَطْلُع فيها أنجمٌ وتَغور وتَطْمع أن يَبقى السّرُور لأهله وهذا مُحال أن يَدُوم سُرُور ولآخر‏:‏ سأنتظرُ الأيّامَ فيك لعلّها تَعود إلى الوَصل الذي هو أَجْمَلً باب التحفظ من المقالة القبيحة وإن كانت باطلاً قالت الحكماء‏:‏ إياك وما يُعتذر منه‏.‏
وقالوا‏:‏ مَن عَّرَض نَفْسه للتُّهم فلا يأمَن مِن إساءة الظنّ‏.‏
وقالوا‏:‏ حَسْبك من شرِّ سماعه‏.‏
وقالوا‏:‏ كفي بالقَوْل عاراً وإن كان باطلاَ‏.‏
وقال الشاعر‏:‏ ومَن دعا الناسَ إلى ذَمِّه ذمُوه بالحقّ وبالباطل وقال آخر‏:‏ قد قِيل ذلك إن حقَّاً وإن كَذِباً فما اعتذارُك من قَوْلٍ إذا قِيلاَ وقال أَرِسْططاليس للإسكندر‏:‏ إنّ الناس إذا قَدروا أن يقولُوا قدروا أن يفعلوا فاحترس من أن يقولوا تَسْلم من أن يفعلوا‏.‏
وقال آمرؤُ القيس‏:‏ وجُرْع اللّسان كجُرح اْلْيَد وقال الأخطل‏:‏ والقول يَنْفذ ما لا تَنفذ الإبرُ وقال يَعقوب الحَمْدونيّ‏:‏ وقد يُرْجَى لجُرح السًيف بُرءٌ ولا بُرْءٌ لما جرح اللّسانُ ولآخر‏:‏ قالوا ولَوْ صحَّ ما قالُوا لفُزْت به مَن لي بتَصْدِيق ما قالوا وتَكْذِيبي
باب الأدب في تشميت العاطس

ومن حديث أبي بكر بن أبي شيبة قال‏:‏ قال النبي ‏:‏ لا تًشَمِّت العاطس حتى يَحمد الله فإن لم يَحمده فلا تُشَمَتوه‏.‏
وقال عليٌّ رضي اللهّ عنه‏:‏ يُشَمَّت العاطس إلى ثلاث فإن زاد فهو داء يَخْرج من رأسه‏.‏
عَطَس ابن عمر فقالوا له‏:‏ يرْحمك اللهّ فقال‏:‏ يَهديكم الله ويُصلح بالكم‏.‏
وعَطَس عليُّ بن أبي طالب فحمِد الله فقيل له‏:‏ يَرْحمك الله فقال‏:‏ يَغفر الله لنا و لكم‏.‏
وقال عمرُ بن الخطّاب رضي الله عنه‏:‏ إذا عَطَس أحدُكم فشَمِّتوه ثلاثاً فإن زاد فقولوا‏:‏ إنك مَضنوك‏.‏
وقال بعضُهم‏:‏ التَّشْميت مرة واحدة‏.‏
باب الإذن في القبلة

عبدُ الرحمن بن أبي لَيلى عن عبد الله بن عُمر قال‏:‏ كنَّا نُقَبِّل يدَ النبي ‏.‏
وكيع عن سُفيان قال‏:‏ قَبَّل أبو عُبيدة يدَ عمر بن الخطّاب‏.‏
ومن حديث الشعبيّ قال‏:‏ لَقِيَ النبي جعفرَ بن أبي طالب فالتزمه وقبل بين عينيه‏.‏
وقال إياسُ بن دَغْفل‏:‏ رأيتُ أبا نَضْرة يُقَبِّل خدَّ الحسن‏.‏
الشَّيباني عن أبي الحسن عن مُصعب قال‏:‏ رأيتُ رجلاً دخل عَلَى عليّ بن الحسين رضي الله العُتبي قال‏:‏ دخل رجلٌ على هِشام بن عبد الملك فقبّل يدَه فقال‏:‏ أُفٍّ‏!‏ إنّ العرَب ما قبّلت الأيدي إلا هُلوعاً ولا قبّلتها العجم إلاّ خُضوعاً‏.‏
واستأذن رجلٌ المأمون في تَقْبيل يده فقال‏:‏ إنّ القُبلة من المؤمن ذِلّة ومن الذِّمي خديعة ولا حاجةَ بك أن تَذِلّ ولا حاجةَ بنا أن نُخْدَع‏.‏
واستأذن أبو دُلامة المهديَّ في تَقْبيل يده فمنَعَه فقال‏:‏ ما مَنَعْتَني شيئاً أيسر على عِيالي فَقْداً مِنْهُ‏.‏
الأصمعيُّ قال‏:‏ دخل أبو بكر الهَجريّ على المنصور فقال‏:‏ يا أميرَ المؤمنين نَغَض فمي وأنتم أهل بيت بركة فلو أَذِنت لي فقبلت رأْسَك لعلَّ اللهّ كان يُمسك عليَّ ما بقي من أسناني قال‏:‏ اختَر بينها وبين الجائزة فقال‏:‏ يا أمير المؤمنين إنّ أهوَن من ذهاب درهم من الجائزة أن لا يبقى في فمي حاكَّة‏.‏
فضحك المنصور وأمر له بجائزة‏.‏
وقالوا‏:‏ قُبلة الإمام في اليَد وقُبلة الأب في الرأس وقُبلة الأخ في الخدِّ وقبلة الأخت في الصدر وقبلة الزَّوجة في الفَم‏.‏