صفحة 19 من 21 الأولىالأولى ... 91718192021 الأخيرةالأخيرة
النتائج 73 إلى 76 من 84

الموضوع: تاريخ الرسل والملوك(للطبري)1-

العرض المتطور


  1. #1
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    وقال آخرون: كان ملك بشتاسب مائة وعشرين سنة.
    ذكر الخبر عن ملوك اليمن في أيام قابوس وبعده إلى عهد بهمن بن إسفنديار

    قال أبو جعفر: قد مضى ذكرنا الخبر عمن زعم أن قابوس كان في عهد سليمان بن داود عليهما السلام، ومضى ذكرنا من كان في عهد سليمان من ملوك اليمن والخبر عن بلقيس بنت إيليشرح.
    فحدثت عن هشام بن محمد الكلبي أن الملك باليمن صار بعد بلقيس إلى ياسر بن عمرو بن يعفر الذي كان يقال له ياسر أنعم. قال: وإنما سموه ياسر أنعم لإنعامه عليهم بما قوى من ملكهم، وجمع من أمرهم.
    قال: فزعم أهل اليمن أنه سار غازيًا نحو المغرب حتى بلغ واديًا يقال له وادي الرمل، ولم يبلغه أحد قبله، فلما انتهى إليه لم يجد وراءه مجازًا لكثرة الرمل، فبينما هو مقيم عليه إذ انكشف الرمل، فأمر رجلًا من أهل بيته - يقال له عمرو - أن يعبر هو وأصحابه، فعبروا فلم يرجعوا. فلما رأى ذلك أمر بصنم نحاس فصنع، ثم نصب على صخرة على شفير الوادي، وكتب في صدره بالمسند: " هذا الصنم لياسر أنعم الحميري، وليس وراءه مذهب، قلا يتكلفن ذلك أحدٌ فيعطب ".
    قال: ثم ملك من بعده تبع، وهو تبان أسعد، وهو أبو كرب بن ملكي كرب تبع بن زيد بن عمرو بن تبع، وهو ذو الأذعار بن أبرهة تبع ذي المنار ابن الرائش بن قيس بن صيفي بن سبأ. قال: وكان يقال له الرائد.
    قال: فكان تبع هذا في أيام بشتاسب وأردشير بهمن بن إسفنديار بن بشتاسب، وأنه شخص متوجهًا من اليمن في الطريق الذي سلكه الرائش، حتى خرج على جبلي طيء، ثم سار يريد الأنبار فلما انتهى إلى الحيرة وذلك ليلًا بخير فأقام مكانه وسمى ذلك الموضع الحيرة ثم سار وخلف به قومًا من الأزد ولخم وجذام وعاملة وقضاعة، فبنوا وأقاموا به، ثم انتقل إليهم بعد ذلك ناس من طيئ وكلب والسكون وبلحارث بن كعب وإياد. ثم توجه إلى الأنبار ثم إلى الموصل، ثم إلى أذربيجان، فلقى الترك بها فهزمهم، فقتل المقاتلة، وسبى الذرية، ثم أنكفأ راجعًا إلى اليمن. فأقام بها دهرًا، وهابته الملكوك وعظمته وأهدت إليه. فقدم عليه رسول ملك الهند بالهدايا والتحف، من الحرير والمسك والعود وسائر طرف بلاد الهند، فرأى ما لم ير مثله، فقال ويحك! أكل ما أرى في بلادكم! فقال: أبيت اللعن! أقل ما ترى في بلادنا، وأكثره في بلاد الصين، ووصف له بلاد الصين وسعتها وخصبها وكثرة طرفها فآلى بيمين ليغزونها. فسار بحمير مساحلا، حتى أتى الزكائك وأصحاب القلانس السود، ووجه رجلًا من أصحابه، يقال له ثابت نحو الصين، في جمع عظيم فأصيب، فسار تبع حتى دخل الصين، فقتل مقاتلها، واكتسح ما وجد فيها. قال: ويزعمون أن مسيره كان إليها ومقامه بها ورجعته منها في سبع سنين، وأنه خلّف بالتبت اثنى عشر ألف فارس من حمير، فهم أهل التبت، وهم اليوم يزعمون أنهم عرب، وخلقهم وألوانهم خلق العرب وألوانها.
    حدثني عبد الله بن أحمد المروزي، قال: حدثني أبي، قال: حدثني سليمان، قال: قرأت على عبد الله، عن إسحاق بن يحيى، عن موسى بن طلحة: أن تبعًا خرج في العرب يسير، حتى تحيروا بظاهر الكوفة، وكان منزلًا من منازله، فبقى فيها من ضعفة الناس فسميت الحيرة لتحيرهم وخرج تبع سائرًا فرجع إليهم وقد بنوا وأقاموا، وأقبل تبع إلى اليمن وأقاموا هم، ففيهم من قبائل العرب كلها من بني لحيان، وهذيل وتميم، وجعفى وطيء، وكلب.
    ذكر خبر أردشير بهمن وابنته خماني

    ثم ملك بعد بشتاسب ابن ابنه أردشير بهمن، فذكر أنه قال يوم ملك وعقد التاج على رأسه: نحن محافظون على الوفاء، ودائنون رعيتنا بالخير، فكان يدعى أردشير الطويل الباع، وإنما لقب بذلك - فيما قيل - لتناوله كل ما مدّ إليه يده من الممالك التي حوله، حتى ملك الأقاليم كلها، وقيل إنه ابتنى بالسواد مدينة، وسماها آباد أردشير هي القرية المعروفة بهمينا في الزاب الأعلى، وابتنى بكور دجلة مدينة وسماهن بهمن أردشير، وهي الأبلة، وسار إلى سجستان طلبًا بثأر أبيه، فقتل رستم وأباه دستان وأخاه إزواره وابنه فرمرز، واجتبى الناس لأرزاق الجند ونفقات الهرابذة وبيوت النيران وغير ذلك أموالًا عظيمة، وهو أبو دارا الأكبر، وأبو ساسان أبي ملوك الفرس الأخر أردشير بن بابك وولده، وأم دارا خماني بنت بهمن.
    فحدثت عن هشام بن محمد قال: ملك بعد بشتاسب أردشير بهمن بن إسفنديار بن بشتاسب، وكان - فيما ذكروا - متواضعًا مرضيًا فيهم، وكانت كتبه تخرج من أردشير: عبد الله وخادم الله، السائس لأمركم. قال: ويقال أنه غزا الرومية الداخلة في ألف ألف مقاتل.
    وقال غير هشام: هلك بهمن ودارا في بطن أمه، فملكوا خماني شكرا لأبيها بهمن، ولم تزل ملوك الأرض تحمل إلى بهمن الإتاوة والصلح، وكان من أعظم ملوك الفرس - فيما قالوا - شأنًا، وأفضلهم تدبيرًا، وله كتب ورسائل تفوق كتب أردشير وعهده، وكانت أم بهمن أستوريا، وهي أستار بنت يائير بن شمعى بن قيس بن ميشا بن طالوت الملك بن قيس ابن أبل بن صارور بن بحرث بن أفيح بن إيشي بن بنيامين بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام. وكانت أمّ ولده راحب بنت فنحس من ولد رحبعم بن سليمان بن داود عليه السلام. وكان بهمن ملك أخاها زر بابل بن شلتايل على بني إسرائيل، وصير له رياسة الجالوت، ورده إلى الشام بمسألة راحب أخته إياه ذلك، فتوفي بهمن يوم توفي وله من الولد: ابناه دارا الأكبر وساسان، وبناته: خمانى التي ملكت بعده، وفرنك وبهمن دخت، وتفسير بهمن بالعربية الحسن النية، وكان ملكه مائة واثنتى عشرة سنة.
    فأما ابن الكلبي هشام فإنه قال: كان ملكه ثمانين سنة.
    ثم ملكت خماني بنت بهمن، وكانوا ملكوها حبًا لأبيها بهمن، وشكرًا لإحسانه ولكمال عقلها وبهائها وفروسيتها ونجدتها - فيما ذكره بعض أهل الأخبار - فكانت تلقب بشهرازاد. وقال بعضهم: إنما ملكت خمانى بعد أبيها بهمن أنها حين حملت منه دارا الأكبر سألته أن يعقد التاج له في بطنها ويؤثره بالملك، ففعل ذلك بهمن بدارا، وعقد عليه التاج حملًا في بطنها، وساسان ابن بهمن في ذلك الوقت رجل يتصنع للملك لا يشك فيه. فلما رأى ساسان ما فعل أبوه في ذلك لحق بإصطخر، فتزهد وخرج من الحلية الأولى وتعبد فلحق برؤوس الجبال يتعبد فيها، واتخذ عنيمة، فكان يتولى ما شيته بنفسه، واستشنعت العامة ذلك من فعله، وفظعت به، وقالوا: صار ساسان راعيًا، فكان ذلك سبب نسبة الناس إياه إلى الرعي، وأم ساسان انبة شالتيال ابن يوحنّا بن أوشيا بن أمون بن منشى بن حازقيا بن أحاذ بن يوثام بن عوزيا ابن يورام بن يوشافط بن أبيا بن رحبعم بن سليمان بن داود.
    وقيل: إن بهمن هلك وابنه دارا في بطن خمانى، وأنها ولدته بعد أشهر من ملكها وأنفت من إظهار ذلك، فجعلته في تابوت، وصيرت معه جوهرًا نفيسًا وأجرته في نهر الكبر من إصطخر. وقال بعضهم: بل نهر بلخ، وإن التابوت صار إلى رجل طحان من أهل إصطخر، كان له ولد صغير فهلك، فلما وجده الرجل أتى به امرأته، فسرت به لجماله ونفاسة ما وجد معه، فحضنوه، ثم أظهر أمره حين شب، وأقرت خمانى بإساءتها إليه وتعريضها إياه للتلف، فلما تكامل امتحن فوجد على غاية ما يكون عليه أبناء الملوك، فحولت التاج عن رأسها إليه، وتقلد أمر المملكة، وتنقلت خمانى وصارت إلى فارس وبنت مدينة إصطخر، وأغزت الروم جيشًا بعد جيش، وكانت قد أوتيت ظفرًا، فقمعت الأعداء، وشغلتهم عن تطرف شيء من بلادها، ونال رعيتُها في ملكها رفاهة وخفضًا. وكانت خماني حين أغزت أرض الروم سبى لها منها بشرٌ كثير، وحملوا إلى بلادها، فأمرت من فيهم من بنائي الروم، فبنوا لها في كلّ موضع من حيز مدينة إصطخر بنيانًا على بناء الروم منيفًا معجبًا، أحد ذلك البنيان في مدينة إصطخر. والثاني على المدرجة التي تسلك فيها إلى دارا بجرد، على فرسخ من هذه المدينة. والثالث على أربعة فراسخ منها في المدرجة التي تسلك فيها إلى خراسان. وإنها أجهدت نفسها في طلب مرضاة الله عز وجل، فأوتيت الظفر والنصر، وخففت عن رعيتها في الخراج.
    وكان ملكها ثلاثين سنة.
    ثم نرجع الآن إلى:
    ذكر خبر بني إسرائيل ومقابلة تأريخ مدة أيامهم إلى حين تصرمها بتأريخ مدة من كان في أيامهم من ملوك الفرس

    قد ذكرنا فيما مضى قبلُ سبب انصراف من انصرف إلى بيت المقدس من سبايا بني إسرائيل الذين كان بختنصر سباهم وحملهم معه إلى أرض بابل، وأنّ ذلك كان في أيام كيرش بن أخشويرش وملكه ببابل من قبل بهمن بن إسفنديار في حياته وأربع سنين بعد وفاته في ملك ابنته خمانى، وأن خمانى عاشت بعد هلاك كيرش بن أخشويرش ستًا وعشرين سنة في ملكها، تمام ثلاثين سنة. وكانت مدة خراب بيت المقدس من لدن خربه بختنصر إلى إن عمر - فيما ذكره أهل الكتب القديمة والعلماء بالإخبار - سبعين سنة، كل ذلك في أيام بهمن بن إسفنديار بن لهراسب بعضه وبعضه في أيام خمانى، على ما قد بين في هذا الكتاب.
    وقد زعم بعضهم أن كيرش هو بشتاسب، وأنكر ذلك من قبله بعضهم وقال: كي أرش إنما هو عم لجد بشتاسب، وقال: هو كي إرش أخو كيقاوس ابن كيبيه بن كيقباذ الأكبر، وبشتاسب الملك هو ابن كيلهراسب بن كيوجي ابن كيمنوش بن كيقاوس بن كيبيه بن كيفباذ الأكبر. قال: ولم يملك كي أرش قط، وإنما كان مملكًا على خوزستان وما يتصل بها من أرض بابل من قبل كيقاوس، ومن قبل كيخسرو بن سياوخش بن كيقاوس، ومن قبل لهراسف من بعده. وكان طويل العمر، عظيم الشأن، ولما عمر بيت المقدس ورجع إليه أهله من بني إسرائيل كان فيهم عزير - وقد وصفت ما كان من أمره وأمر بني إسرائيل - وكان الملك عليهم بعد ذلك من قبل الفرس، إما رجل منهم وإما رجل من بني إسرائيل، إلى أن صار الملك بناحيتهم لليونانية والروم بسبب غلبة الإسكندر على تلك الناحية حين قتل دارا بن دارا. وكانت جملة مدة ذلك - فيما قيل - ثمانيًا وثمانين سنة.
    ونذكر الآن:
    خبر دارا الأكبر وابنه دارا الأصغر ابن دارا الأكبر وكيف كان هلاكه مع خبر ذي القرنين

    وملك دارا بن بهمن بن إسفنديار بن بشتاسب، وكان ينبه بجهرازاد - يعني به كريم الطبع - فذكروا أنه نزل بابل، وكان ضابطًا لملكه، قاهرًا لمن حوله من الملوك، يؤدون إليه الخراج، وأنه ابتنى بفارس مدينة سماها دارا بجرد، وحذف دواب البرد ورتبها، وكان معجبًا بانبه دارا، وأنه من حبه إياه سماه باسم نفسه، وصير له الملك من بعده، وأنه كان له وزير يسمى رستين محمودًا في عقله، وأنه شجر بينه وبين غلام تربى مع دارا الأصغر، يقال له برى شر وعداوة، فسعى رستين عليه عند الملك، فقيل: إن الملك سقى برى شربة مات منها، واضطغن دارا على رستين الوزير وجماعة من القواد، كانوا عاونوه على برى ما كان منهم، وكان ملك دارا اثنتى عشرة سنة.
    ثم ملك من بعده انبه دارا بن دارا بن بهمن، وكانت أمه ما هيا هند بنت هزار مرد بن بهرادمه، فلما عقد التاج على رأسه قال: لن ندفع أحدًا في مهوى الهلكة، ومن تردى فيها لم نكففه عنها. وقيل إنه بنى بأرض الجزيرة مدينة دارا، واستكتب أخا برى واستوزره لأنسه كان به وبأخيه، فأفسد قلبه على أصحابه، وحمله على قتل بعضهم، فاستوحشت لذلك منه الخاصة والعامة، ونفروا عنه، وكان شابًا غرًا حميًا حقودًا جبارًا.
    وحدثت عن هشام بن محمد قال: ملك من بعد دارا بن أردشير دارا ابن دارا أربع عشرة سنة، فأساء السيرة في رعيته، وقتل رؤساءهم، وغزاه الإسكندر على تئفة ذلك، وقد مله أهل مملكته وسئموه، وأحبوا الراحة منه، فلحق كثير من وجوههم وأعلامهم بالإسكندر، فأطلعوه على عورة دارا، وقروه عليه. فالتقيا ببلاد الجزيرة، فاقتتلا سنة، ثم إن رجالًا من أصحاب دارا وثبوا به فقتلوه، وتقربوا برأسه إلى الإسكندر، فأمر بقتلهم، وقال: هذا جزاء من اجترأ على ملكه. وتزوج ابنته روشنك بنت دارا، وغزا الهند ومشارق الأرض، ثم انصرف وهو يريد الإسكندرية، فهلك بناحية السواد، فحمل إلى الإسكندرية في تابوت من ذهب، وكان ملكه أربع عشرة سنة، واجتمع ملك الروم، وكان قبل الإسكندر متفرقًا، وتفرق ملك فارس وكان قبل الإسكندر مجتمعًا.
    قال: وذكر غير هشام أن دارا بن دارا لما ملك أمر فبنيت له بأرض الجزيرة مدينة واسعة وسماها دارنوا، وهي التي تسمى اليوم دارا، وأنه عمرها وشحنها من كل ما يحتاج إليه فيها، وأن فيلفوس أبا الإسكندر اليوناني من أهل بلدة من بلاد اليونانيين تدعى مقدونية، كان ملكًا عليها وعلى بلاد أخرى احتازها إليها، كان صالح دارا على خراج يحمله إليه في كل سنة، وأن فيلفوس هلك، فملك بعده ابنه الإسكندر، فلم يحمل إلى دارا ما كان يحمله إليه أبوه من الخراج، فأسخط ذلك عليه دارا، وكتب إليه يؤنبه بسوء صنيعه في تركه حمل ما كان أبوه يحمل إليه من الخراج وغيره، وأنه دعاه إلى حبس ما كان أبوه يحمل إليه من الخراج الصبا والجهل، وبعث إليه بصولجان وكرة وقفيز من سمسم، وأعلمه فيما كتب إليه أنه صبى، وأنه إنما ينبغي له أن يلعب بالصولجان والكرة اللذين بعث بهما إليه، ولا يتقلد الملك، ولا يتلبس به، وأنه إن لم يقتصر على ما أمره به من ذلك، وتعاطى الملك واستعصى عليه، بعث إليه من يأتيه به في وثاق، وأن عدة جنوده كعدة حب السمسم الذي بعث به إليه.
    فكتب إليه الإسكندر في جواب كتابه ذلك، أن قد فهم ما كتب، وأن قد نظر إلى ما ذكر في كتابه إليه من إرساله الصولجان والكرة، وتيمن به لإلقاء الملقى الكرة إلى الصولجان، واحترازه إياه، وشبه الأرض بالكرة، وأنه محتاز ملك دارا إلى ملكه، وبلاده إلى حيزه من الأرض، وأن نظره إلى السمسم الذي بعث به إليه كنظرة إلى الصولجان والكرة لدسمه وبعده من المرارة والحرافة. وبعث إلى دارا مع كتابه بصرة من خردل، وأعلمه في ذلك الجواب أن ما بعث به إليه قليل، غير أن ذلك مثل الذي بعث به في الحرافة والمرارة والقوة، وأن جنوده في كل ما وصف به منه.
    فلما وصل إلى دارا جواب كتاب الإسكندر، جمع إليه جنده، وتأهب لمحاربة الإسكندر، وتأهب الإسكندر وسار نحو بلاد دارا.
رد مع اقتباس رد مع اقتباس  


  • #2
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    وبلغ ذلك دارا، فزحف إليه فالتقى الفئتان، واقتتلا أشد القتال، وصارت الدبرة على جند دارا، فلما رأى ذلك رجلان من حرس دارا، يقال إنهما كانا من أهل همذان، طعنا دارا من خلفه فأردياه من مركبه، وأرادا بطعنهما إياه الحظوة عند الإسكندر، والوسيلة إليه، ونادى الإسكندر أن يؤسر دارا أسرًا ولا يقتل، فأخبر بشأن دارا، فسار الإسكندر حتى وقف عنده، فرآه يجود بنفسه، فنزل الإسكندر عن دابته حتى جلس عند رأسه، وأخبره أنه لم يهم قط بقتله، وأن الذي أصابه لم يكن عن رأيه، وقال له: سلني ما بدا لك فأسعفك فيه، فقال له دارا: لي إليك حاجتان: إحداهما أن تنتقم لي من الرجلين اللذين فتكا بي - وسماهما وبلادهما - والأخرى أن تتزوج ابنتي روشنك. فأجابه إلى الحاجتين، وأمر بصلب الرجلين اللذين أنتهكا من دارا ما انتهكا، وتزوج روشنك وتوسط بلاد دارا، وكان ملكه له.
    وزعم بعض أهل العلم بأخبار الأولين أن الإسكندر هذا الذي حارب دارا الأصغر، هو أخو دارا الأصغر الذي حاربه، وأن أباه دارا الأكبر كان تزوج أم الإسكندر، وأنها ابنة ملك الروم واسمها هلاي، وأنها حُملت إلى زوجها دارا الأكبر، فلما وجد نتن ريحا وعرقها وسهكها، أمر أن يحتال لذلك منها، فاجتمع رأي أهل المعرفة في مداواتها على شجرة يقال لها بالفارسية سندر فطبخت لها فغسلت بها وبمائها، فأذهب ذلك كثيرًا من ذلك النتن، ولم يذهب كله، وانتها نفسه عنها لبقية ما بها، وعافها وردها إلى أهلها، وقد علقت منه فولدت غلامًا في أهلها، فسمته باسمها واسم الشجرة التي غسلت بها، حتى أذهبت عنها نتنها: هلاى سندروس، فهذا أصل الإسكندروس.
    قال: وهلك دارا الأكبر، وصار الملك إلى ابنه دارا الأصغر، وكانت ملوك الروم تؤدى الخراج إلى دارا الأكبر في كل سنة، فهلك أبو هلاي ملك الروم جد الإسكندر لأمه، فلما صار الملك لابن ابنته بعث دارا الأصغر إليه للعادة: إنك أبطأت علينا بالخراج الذي كنت تؤديه ويؤديه من كان قبلك، فابعث إلينا بخراج بلادك وإلا نابذناك المحاربة. فرجع إليه جوابه: أني قد ذحبت الدجاجة، وأكلت لحمها، ولم يبقى لها بقية، وقد بقيت الأطراف، فإن أحببت وادعناك، وإن أحببت ناجزناك. فعند ذلك نافره دارا وناجزه القتال، وجعل الإسكندروس لحاجبي دارا حكمها على الفتك به، فاحتكما شيئًا، ولم يشترطا أنفسهما، فلما التقوا للحرب، طعن حاجبا دارا دارا في الوقعة، فلحقه الإسكندر صريعًا، فنزل إليه وهو بآخر رمق، فمسح التراب عن وجهه ووضع رأسه في حجره، ثم قال له: إنما قتلك حاجباك، ولقد كنتُ أرغب بك يا شريفَ الأشراف وحر الأحرار وملك الملوك، عن هذا المصرع، فأوصني بما أحببت. فأوصاه دارا أن يتزوح ابنته روشنك، ويتخذها لنفسه ويستبقي أحرار فارس، ولا يولى عليهم غيرهم. فقبل وصيته وعمل بأمره، وجاء اللذان قتلا دارا إلى الإسكندر فدفع إليهما حكمهما، ووفى لهما ثم قال لهما: قد وفيت لكما كما اشترطتما ولم تكونا اشترطتما أنفسكما، فأنا قاتلكما، فإنه ليس ينبغي لقتله الملوك أن يستبقوا إلا بذمة لا تخفر. فقتلهما.
    وذكر بعضهم أن ملك الروم في أيام دارا الأكبر كان يؤدي إلى دارا الإتاوة فهلك، وملك الروم الإسكندر، وكان رجلًا ذا حزم وقوة ومكر، فيقال إنه غزا بعض ملوك المغرب فظفر به، وآنس لذلك من نفسه القوة فنشز على دارا الأصغر، وامتنع من حمل ما كان أبوه يحمله من الخراج، فحمى دارا لذلك، وكتب إليه كتبًا عنيفة، ففسد ما بينهما وسار كل واحد منهما إلى صاحبه وقد احتشدا والتقيا في الحدّ. واختلفت بينهما الكبتُ والرسائل، ووجل الإسكندر من محاربة دارا، ودعاه إلى الموادعة فاستشار دارا أصحابه في أمره، فزينوا له الحرب لفساد قلوبهم عليه. وقد اختلفوا في الحدّ وموضع التقائهما، فذكر بعضهم أن التقاءهما كان بناحية خُراسان مما يلي الخزر، فاقتتلوا قتالا شديدا حتى خلص إليهما السلاح، وكان تحت الإسكندر يومئذ فرس له عجيب يقال له بو كفراسب، ويقال إن رجلًا من أهل فارس حمل ذلك اليوم حتى تخرق الصفوف، وضرب الإسكندر ضربة بالسيف خيف عليه منها، وأنه تعجب من فعله وقال: هذا من فرسان فارس الذين كانت توصف شدتهم، وتحركت على دارا ضغائن أصحابه، وكان في حرسه رجلان من أهل همذان، فراسلا الإسكندر والتمسا الحيلة لدارا حتى طعناه، فكانت منيته من طعنهما إياه، ثم هربا.
    فقيل إنه لما وقعت الصيحة، وانتهى الخبر إلى الإسكندر ركب في أصحابه، فلما انتهى إلى دارا وجده يجود بنفسه، فكلّمه ووضع رأسه في حجره، وبكى عليه، وقال له: أتيت من مأمنك، وغد ربك ثقاتك، وصرت بين أعدائك وحيدًا، فسلني حوائجك فإني على المحافظة على القرابة بيننا - يعني القرابة بين سلم وهيرج ابني أفريذون - فيما زعم هذا القائل - وأظهر الجزع لما أصابه، وحمد ربه حين لم يبتله بأمره، فسأله دارا أن يتزوج ابنته روشنك ويرعى لها حقها، ويعظم قدرها، وأن يطلب بثأره، فأجابه الإسكندر إلى ذلك.
    ثم أتاه الرجلان اللذان وثبا على دارا يطلبان الجزاء، فأمر يضرب رقابهما وصلبهما، وأن ينادى عليهما: هذا جزاء من اجترأ على ملكه، وغش أهل بلده.
    ويقال: إن الإسكندر حمل كتبًا وعلومًا كانت لأهل فارس من علوم ونجوم وحكمة، بعد أن نقل ذلك إلى السريانية ثم إلى الرومية.
    وزعم بعضهم أن دارا قتل وله من الولد الذكور: أشك بن دارا وبنو دارا وأردشير. وله من البنات روشنك، وكان ملك دارا أربع عشرة سنة.
    وذكر بعضهم أن الأتاوة التي كان أبو الإسكندر يؤديها إلى ملوك الفرس كانت بيضًا من ذهب، فلما ملك الإسكندر بعث إليه دارا يطلب ذلك الخراج، فبعث إليه: إني قد ذبحت تلك الدجاجة التي كانت تبيض ذلك البيض، وأكلت لحمها فأذن بالحرب. ثم ملك الإسكندر بعد دارا بن دارا. وقد ذكرت قول من يقول: هو أخو دارا بن دارا من أبيه دارا الأكبر.
    وأما الروم وكثير من أهل الأنساب فإنهم يقولون: هو الإسكندر بن فيلفوس، وبعضهم يقول: هو ابن بيلبوس بن مطريوس، ويقال: ابن مصريم ابن هرمس بن هردس بن ميطون بن رومى بن ليطى بن يونان بن يافث بن ثوبة بن سرحون بن رومية بن زنط بن توقيل بن رومي بن الأصفر بن اليفز ابن العيص بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام. فجمع بعد مهلك دارا ملك دارا إلى ملكه، فملك العراق والروم والشأم ومصر، وعرض جنده بعد هلاك دارا فوجدهم - فيما قيل - ألف ألف وأربعمائة رجل، منهم من جنده ثمانمائة ألف ومن جند دارا ستمائة ألف.
    وذكر أنه قال يوم جلس على سريره: قد أدالنا الله من دارا، ورزقنا خلاف ما كان يتوعدنا به، وأنه هدم ما كان في بلاد الفرس من المدن والحصون وبيوت النيران، وقتل الهرابذة، وأحرق كتبهم ودواوين دارا، واستعمل على مملكة دارا رجالًا من أصحابه، وسار قدمًا إلى أرض الهند، فقتل ملكها وفتح مدينتهم، ثم سار منها إلى الصين، فصنع بها كصنيعه بأرض الهند، ودانت له عامة الأرضين، وملك التبت والصين، ودخل الظلمات مما يلي القطب الشمالي والشمس جنوبية في أربعمائة رجل يطلب عين الخلد، فسار فيها ثمانية عشر يومًا، ثم خرج ورجع إلى العراق، وملك ملوك الطوائف، ومات في طريقه بشهر زور.
    وكان عمره ستًا وثلاثين سنة في قول بعضهم، وحمل إلى أمه بالإسكندرية.
    وأما الفرس فإنها تزعم أن ملك الإسكندر كان أربع عشرة سنة، والنصارى تزعم أن ذلك كان ثلاث عشرة سنة وأشهرًا، ويزعمون أن قتل دارا كان في أول السنة الثالثة من ملكه.
    وقيل إنه أمر ببناء مدن فبنيت اثنتا عشرة مدينة، وسماها كلها إسكندرية، منها مدينة بأصبهان، يقال جى، بنيت على مثال الحية، وثلاث مدائن بخراسان، منهن مدينة هراة ومدينة مرو ومدينة سمرقند، وبأرض بابل مدينة أروشنك بنت دارا، وبأرض اليونانية في بلاد هيلاقوس مدينة للفرس، ومدنًا أخر غيرها.
    ولما مات الإسكندر عرض الملك من بعده على ابنه الإسكندروس، فأبى واختار النسك والعبادة، فملكت اليونانية عليهم - فيما قيل - بطلميوس بن لوغوس، وكان ملكه ثمانيًا وثلاثين سنة، فكانت المملكة أيام اليونانية بعد الإسكندر وحياة الإسكندر إلى أن تحول الملك إلى الروم المصاص لليونانية، ولبني إسرائيل ببيت المقدس ونواحيها الديانة والرياسة على غير وجه الملك إلى أن خربت بلادهم الفرس والروم، وطردوهم عنها بعد قتل يحيى بن زكرياء عليه السلام.
    ثم كان الملك ببلاد الشأم ومصر ونواحي المغرب بعد بطلميوس بن لوغوس لبطلميوس دينايوس أربعين سنة.
    ثم من بعده لبطليموس أورغاطس أربعًا وعشرين سنة.
    ثم من بعده لبطلميوس فيلافطر إحدى وعشرين سنة.
    ثم من بعده لبطلميوس أفيفانس أثنتين وعشرين سنة.
    ثم من بعده لبطلميوس أورغاطس تسعًا وعشرين سنة.
    ثم من بعده لبطلميوس ساطر سبع عشرة سنة.
    ثم من بعده لبطلميوس الأحسندر إحدى عشرة سنة.
    ثم من بعده لبطلميوس الذي احتفى عن ملكه ثماني سنين.
    ثم من بعده لبطلميوس دونسيوس ست عشرة سنة.
    ثم من بعده لبطلميوس قالو بطري سبع عشرة سنة.
    فكل هؤلاء كانوا يونانيين، فكل ملك منهم بعد الإسكندر كان يدعى بطلميوس، كما كانت ملوك الفرس يدعون أكاسرة، وهو الذين يقال لهم المفقانيون.
    ثم ملك الشام بعد قالوبطرى - فيما ذكر الروم - المصاص، فكان أول من ملك منهم جايوس يوليوس خمس سنين.
    ثم ملك الشام بعده أغوسطوس ستًا وخمسين سنة. فلما مضى من ملكه اثنتان وأربعون سنة ولد عيسى بن مريم عليه السلام، وبين مولده وقيام الإسكندر ثلثمائة سنة وثلاث سنين.
    ذكر أخبار ملوك الفرس بعد الإسكندر وهم ملوك الطوائف

    ونرجع الآن إلى ذكر خبر الفرس بعد مهلك الإسكندر لسياق التأريخ على ملكهم.
    فاختلف أهلُ العلم بأخبار الماضين في الملك الذي كان بسواد العراق بعد الإسكندر، وفي عدد ملوك الطوائف الذين كانوا ملكوا إقليم بابل بعد ه إلى أن قام بالملك أردشير بابكان.
    فأما هشام بن محمد فإنه قال - فيما حدثت عنه: ملك بعد الإسكندر يلاقس سلقيس، ثم أنطيحس. قال: وهو الذي بنى مدينة أنطاكية. قال: وكان في أيدي هؤلاء الملوك سواد الكوفة، قال: وكانوا يتطرقون الجبال وناحية الأهواز وفارس، حتى خرج رجل يقال له أشك، وهو ابن دارا الأكبر، وكان مولده ومنشؤه بالري، فجمع جمعًا كثيرًا وسار يريد أطيحس فزحف إليه أنطيحس فالتقيا ببلاد الموصل فقتل أنطيحس، وغلب أشك على السواد فصار في يده من الموصل إلى الري وأصبهان وعظمه سائرُ ملوك الطوائف لنسبه، وشرفه فيهم ما كان من فعله، وعرفوا له فضله، وبدءوا به في كتبهم، وكتب إليهم فبدأ بنفسه، وسموه ملكًا، وأهدوا إليه من غير أن يعزل أحدًا منهم أو يستعمله.
    ثم ملك بعده جوذرز بن أشكان. قال: وهو الذي غزا بني إسرائيل المرة الثانية، وكان سبب تسليط الله إياه عليهم - فيما ذكر أهل العلم - قتلهم يحيى بن زكرياء، فأكثر القتل فيهم، فلم تعد لهم جماعة كجماعتهم الأولى، ورفع الله عنهم النبوة وأنزل بهم الذل. قال: وقد كانت الروم غزت بلاد فارس، يقودها ملكها الأعظم يلتمس أن يدرك بثأرها في فارس لقتل أشك ملك بابل أنطيحس، وملك بابل يومئذ بلاش أبو أردوان، الذي قتله أردشير ابن بابك، فكتب بلاش إلى ملوك الطوائف يعلمهم ما اجتمعت عليه الروم من غزو بلادهم، وأنه قد بلغه من حشدهم وجمعهم مالا كفاء له عنده، وأنه إن ضعف عنه ظفروا بهم جميعًا، فوجه كل ملك من ملوك الطوائف إلى بلاش من الرجال والسلاح والمال بقدر قوته، حتى اجتمع عنده أربعمائة ألف رجل، فولى عليهم صاحب الحضر - وكان ملكًا من ملوك الطوائف يلى ما بين انقطاع السواد إلى الجزيرة - فسار بهم حتى لقى ملك الروم فقتله واستباح عسكره، وذلك هيج الروم على بناء القسطنطينية ونقل الملك من رومية إليها. فكان الذي ولى إنشاءها الملك قسطنطين، وهو أول ملوك الروم تنصر، وهوأجلى من بقى من بني إسرائيل عن فلسطين والأردن لقتلهم - بزعمه - عيسى بن مريم، فأخذ الخشبة التي وجدهم يزعمون أنهم صلبوا المسيح عليها، فعظمها الروم، فأدخلوها خزائنهم، فهي عندهم، إلى اليوم.
    قال: ولم يزل ملك فارس متفرقًا حتى ملك أردشير. فذكر هشام ما ذكرت عنه، ولم يبين مدة ملك القوم.
    وقال غيره من أهل العلم بأخبار فارس: ملك بعد الإسكندر ملك دارا أناس من غير ملوك الفرس، غير أنهم كانوا يخضعون لكل من يملك بلاد الجبل ويمنحونه الطاعة.
    قال: وهم الملوك الأشغانون الذين يدعون ملوك الطوائف. قال: فكان ملكهم مائتي سنة وستًا وستين سنة.
    فملك من هذه السنين أشك بن أشجان عشر سنين.
    ثم ملك بعده سابور بن أشغان ستين سنة، وفي سنة إحدى وأربعين من ملكه ظهر عيسى بن مريم بأرض فلسطين. وإن ططوس بن أسفسيانوس ملك رومية غزا بيت المقدس بعد ارتفاع عيسى بن مريم بنحو من أربعين سنة، فقتل من في مدينة بيت المقدس، وسبى ذراريهم، وأمرهم فنسفت مدينة بيت المقدس، حتى لم يترك بها حجرًا على حجر.
    ثم ملك جوذرز بن أشغانان الأكبر، عشر سنين.
    ثم ملك بيزن الأشغاني، إحدى وعشرين سنة.
    ثم ملك جوذرز الأشغاني، تسع عشر سنة. ثم ملك نرسى الأشغاني، أربعين سنة.
    ثم ملك هرمز الأشغاني، سبع عشرة سنة.
    ثم ملك أردوان الأشغاني، اثنتى عشرة سنة.
    ثم ملك كسرى الأشغاني، أربعين سنة.
    ثم ملك بلاش الأشغاني، أربعًا وعشرين سنة.
    ثم ملك أردوان الأصغر الأشغاني، ثلاث عشرة سنة.
    ثم ملك أردشير بن بابك.


  • #3
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    وقال بعضهم: ملك بلاد الفرس بعد الإسكندر ملوك الطوائف الذين فرق الإسكندر المملكة بينهم، وتفرد بكل ناحية من ملك عليها من حين ملكه، ما خلا السواد، فإنها كانت أربعًا وخمسين سنة بعد هلاك الإسكندر في يد الروم. وكان في ملوك الطوائف رجل من نسل الملوك مملكًا على الجبال وأصبهان، ثم غلب ولده بعد ذلك على السواد، فكانوا ملوكًا عليها وعلى الماهات والجبال وأصبهان، كالرئيس على سائر ملوك الطوائف، لأن السنة جرت بتقديمه وتقديم ولده، ولذلك قصد لذكرهم في كتب سير الملوك، فاقتصر على تسميتهم دون غيرهم.
    قال: ويقال إن عيسى بن مريم عليه السلام ولد بأوريشلم بعد إحدى وخمسين سنة من ملوك الطوائف، فكانت سنو ملكهم من لدن الإسكندر إلى وثوب أردشير بن بابك وقتله أردوان واستواء الأمر له، مائتين وستًا وستين سنة.
    قال: فمن الملوك الذين ملكوا الجبال ثم تهيأت لأولادهم بعد ذلك الغلبة على السواد أشك بن حره بن رسبيان بن أرتشاخ بن هرمز بن ساهم بن رزان بن أسفنديار بن بشتاسب. قال: والفرس تزعم أنه أشك بن دارا. وقال بعضهم: أشك بن أشكان الكبير، وكان من ولد كيبيه بن كيقباذ، وكان ملكه عشر سنين.
    ثم ملك من بعده أشك بن أشك بن أشكان، إحدى وعشرين سنة.
    ثم ملك سابور بن أشك بن أشكان، إحدى وعشرين سنة.
    ثم ملك سابور بن أشك بن أشكان، ثلاثين سنة.
    ثم ملك جوذرز الأكبر بن سابور بن أشكان، عشر سنين.
    ثم ملك بيرن بن جوذرز، إحدى وعشرين سنة.
    ثم جوذرز الأصغر بن بيزن، تسع عشرة سنة.
    ثم نرسه بن جوذرز الأصغر، أربعين سنة.
    ثم هرمز بن بلاش بن أشكان، سبع عشرة سنة.
    ثم أردوان الأكبر وهو أردوان بن أشكان، اثنتى عشرة سنة.
    ثم كسرى بن أشكان، أربعين سنة.
    ثم بهافريد الأشكاني، تسع سنين.
    ثم بلاش الأشكاني، أربعًا وعشرين سنة.
    ثم أردوان الأصغر وهو أردوان بن بلاش بن فيروز بن هرمز بن بلاشر بن سابور بن أشك بن أشكان الأكبر، وكان جده كيبيه بن كيقباذ. ويقال: إنه كان أعظم الأشكانية ملكًا، وأظهرهم عزًا، وأسناهم ذكرًا، وأشدهم قهرًا لملوك الطوائف، وأنه كان قد غلب على كورة إصطخر لاتصالها بأصبهان، ثم تخطى إلى جور وغيرها من فارس، حتى غلب عليه، ودانت له ملوكها لهيبة ملوك الطوائف كانت له، وكان ملكه ثلاث عشرة سنة.
    ثم ملك أردشير.
    وقال بعضهم: ملك العراق وما بين الشأم ومصر بعد الإسكندر تسعون ملكًا على تسعين طائفة كلهم يعظم من يملك المدائن، وهم الأشكانيون. قال: فملك من الأشكانيين أفقور شاه بن بلاش بن سابور بن أشكان بن أرش الجبار بن سياوش بن كيقاوس الملك اثنتين وستين سنة.
    ثم سابور بن أفقور - وعلى عهده كان المسيح ويحيى عليهما السلام - ثلاثًا وخمسين سنة.
    ثم جوذرز بن سابور بن أفقور الذي غزا بني إسرائيل طالبًا بثأر يحيى ابن زكرياء، ملك تسعًا وخمسين سنة.
    ثم ابن أخيه أبزان بن بلاش بن سابور، سبعًا وأربعين سنة.
    ثم جوذرز بن أبزان بن بلاش، إحدى وثلاثين سنة.
    ثم أخوه نرسى بن أبزان، أربعًا وثلاثين سنة.
    ثم عمه الهرمزان بن بلاش، ثمانيًا وأربعين سنة.
    ثم ابنه الفيروزان بن الهرمزان بن بلاش تسعًا وثلاثين سنة.
    ثم ابنه كسرى بن الفيروزان سبعًا وأربعين سنة.
    ثم ابنه أردوان بن بلاش، وهو آخرهم، قتله أردشير بن بابك، خمسًا وخمسين سنة.
    قال: وكان ملك الإسكندر وملك سائر ملوك الطوائف في النواحي خمسمائة وثلاثًا وعشرين سنة.
    ذكر الأحداث التي كانت في أيام الطوائف (وفيها قصة عيسى ومريم عليهما السلام)

    فكان من ذلك - فيما زعمته الفرس - لمضي خمس وستين سنة من غلبة الإسكندر على أرض بابل، ولإحدى وخمسين سنة من ملك الأشكانيين - ولادة مريم بنت عمران عيسى بن مريم عليه السلام.
    فأما النصارى فإنها تزعم أن ولادتها إياه كانت لمضي ثلثمائة سنة وثلاثة سنين من وقت غلبه الإسكندر على أرض بابل. وزعموا أن مولد يحيى بن زكرياء كان قبل مولد عيسى عليه السلام بستة أشهر. وذكروا أن مريم حملت بعيسى ولها ثلاث عشرة سنة، وأن عيسى عاش إلى أن رفع اثنتين وثلاثين سنة وأياما، وأنّ مريم بقيت بعد رفعه ست سنين، وكان جميع عمرها نيفًا وخمسين سنة.
    قال: وزعموا أن يحيى اجتمع هو وعيسى بنهر الأردن وله ثلاثون سنة، وأن يحيى قتل قبل أن يرفع عيسى. وكان زكرياء بن برخيا أبو يحيى بن زكرياء وعمران بن ماثان أبو مريم متزوجين بأختين، إحدهما عند زكرياء وهي أم يحيى، والأخرى منهما عند عمران بن ماثان، وهي أم مريم، فمات عمران بن ماثان وأم مريم حامل بمريم، فلما ولدت مريم كفلها زكرياء بعد موت أمها، لأن خالتها أخت أمها كانت عنده. واسم أم مريم حنة بنت فاقود ابن قبيل، واسم أختها أم يحيى الأشباع ابنة فاقود وكفلها زكرياء وكانت مسماة بيوسف بن يعقوب بن ماثان بن اليعازار بن اليوذ بن أحين بن صادوق بن عازور بن الياقيم بن أبيوذ بن زر بابل بن شلتيل بن يوحنيا بن يوشيا بن أمون بن منشا بن حزقيا بن أحاز بن يوثام بن عوزيا بن يورام بن يهوشافاظ بن أسا بن أبيا بن رحبعم بن سليمان بن داود، ابن عم مريم.
    وأما ابن حميد، فإنه حدثنا عن سلمة، عن ابن إسحاق، أنه قال: مريم - فيما بلغني عن نسبها - ابنة عمران بن ياشهم بن أمون بن منشا بن حزقيا ابن أحزيق بن يوثام بن عزريا بن أمصيا بن ياوش بن أحزيهو بن يارم بن يهشافاظ بن أسا بن أبيا بن رحبعم بن سليمان. فولد لزكرياء يحيى ابن خالة عيسى بن مريم، فنبئ صغيرًا، فساح، ثم دخل الشأم يدعو الناس، ثم اجتمع يحيى وعيسى، ثم افترقا بعد ان عمد يحيى عيسى.
    وقيل: إن عيسى بعث يحيى بن زكرياء في اثني عشر من الحواريين يعلمون الناس: قال: وكان فيما نهوهم عنه نكاح بنات الأخ، فحدثني أبو السائب، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن المنهال، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: بعث عيسى بن مريم يحيى بن زكرياء، في اثني عشر من الحواريين يعلمون الناس، قال: فكان فيما نهوهم عنه نكاح ابنة الأخ. قال: وكان لملكهم ابنة أخ تعجبه، يريد أن يتزوجها، وكانت لها كل يوم حاجة يقضيها، فلما بلغ ذلك أمها قالت لها: إذا دخلت على الملك، فسألك حاجتك فقولي: حاجتي أن تذبح لي يحيى بن زكرياء، فلما دخلت عليه سألها حاجتها قالت حاجتي أن تذبح لي يحيى بن زكرياء فقال سليني غير هذا، قالت: ما أسألك إلا هذا، قال: فلما أبت عليه دعا يحيى، ودعا بطست فذبحه، فندرت قطرة من دمه على الأرض، فلم تزل تغلي حتى بعث الله بختنصر عليهم، فجاءته عجوز من بني إسرائيل، فدلته على ذلك الدم، قال: فألقى الله في قلبه أن يقتل على ذلك الدم منهم حتى يسكن، فقتل سبعين ألفًا منهم من سنّ واحدة، فسكن.
    حدثنا موسى بن هارون الهمداني، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي، في خبر ذكره عن أبي مالك وعن أبي صالح، عن ابن عباس - وعن مرة الهمداني، عن ابن مسعود - وعن ناسٍ من أصحاب النبي ، أن رجلًا من بني إسرائيل، رأى في النوم أن خراب بيت المقدس وهلاك بني إسرائيل على يدى غلام يتيم، ابن أرملة من أهل بابل، يدعى بختنصر، وكانوا يصدقون فتصدق رؤياهم، فأقبل يسأل عنه، حتى نزل على أمه وهو يحتطب، فلما جاء وعلى رأسه حزمة حطب ألقاها، ثم قعد في جانب البيت، فكلّمه، ثم أعطاه ثلاثة دراهم فقال: اشتر بهذه طعامًا وشرابًا، فاشترى بدرهم لحمًا، وبدرهم خبزًا، وبدرهم خمرًا، فأكلوا وشربوا، حتى إذا كان اليوم الثاني فعل به ذلك، حتى إذا كان اليوم الثالث فعل ذلك، ثم قال: إني أحب أن تكتب لي أمانًا إن أنت ملكتَ يومًا من الدهر قال: تسخر بي! قال: إني لا أسخر بك: ولكن ما عليك أن تتخذ بها عندي يدًا! فكلمته أمه، فقالت: وما عليك إن كان، وإلا لم ينقصك شيئًا! فكتب له أمانًا، فقال: أرأيت إن جئت والناسُ حولك، قد حالوا بيني وبينك! فاجعل لي آية تعرفني بها، قال: ترفع صحيفتك على قصبة فأعرفك بها. فكساه وأعطاه.
    ثم إن ملك بني إسرائيل كان يكرم يحيى بن زكرياء، ويدنى مجلسه، ويستشيره في أمره، ولا يقطع أمرًا دونه، وإنه هوى أن يتزوج ابنة امرأة له، فسأل يحيى عن ذلك، فنهاه عن نكاحها، وقال: لست أرضاها لك، فبلغ ذلك أمها فحقدت على يحيى حين نهاه أن يتزوج انبتها، فعمدت إلى الجارية حين جلس الملك على شرابه، فألبستها ثيابًا رقاقًا حمرًا، وطيبتها، وألبستها من الحلي، وألبستها فوق ذلك كساء أسود، فأرسلتها إلى الملك، وأمرتها أن تسقيه، وأن تعرض له، فإن أرداها على نفسها أبت عليه، حتى يعطيها ما سألته، فإذا أعطاها ذلك سألته أن تؤتى برأس يحيى بن زكرياء في طست، ففعلت فجعلت تسقيه وتعرض له، فلما أخذ فيه الشراب أرادها على نفسها، فقالت: لا أفعل حتى تعطيني ما أسألك، قال: ما تسأليني؟ قالت: أسألك أن تبعث إلى يحيى بن زكرياء، فأوتى بأسه في هذا الطست، فقال: ويحك سليني غير هذا؟ قالت: ما أريد أن أسألك إلا هذا. قال: فلما أبت عليه، بعث إليه فأتى برأسه، والرأس يتكلم، حتى وضع بين يديه، وهو يقول: لا تحل لك، فلما أصبح إذا دمه يغلي، فأمر بتراب فألقى عليه فرقى الدم فوق التراب يغلي، فألقى عليه التراب أيضًا، فارتفع الدم فوقه، فلم يزل يلقى عليه التراب حتى بلغ سور المدينة، وهو في ذلك يغلي وبلغ صيحائين فنادي في الناس، وأراد أن يبعث إليهم جيشًا، ويؤمر عليهم رجلًا، فأتاه بختنصر، فكلمه، وقال: إن الذي كنت أرسلت تلك المرة ضعيف، فإني قد دخلتُ المدينة، وسمعت كلام أهلها، فابعثني، فبعثه فسار بختنصر، حتى إذا بلغوا ذلك المكان تحصنوا منه في مدائنهم، فلم يطقهم، فلما اشتد عليه المقام، وجاء أصحابه أراد الرجوع، فخرجت إليه عجوز من عجائز بني إسرائيل، فقالت: أين أمير الجند؟ فأتى به إليها، فقالت: إنه بلغني أنك تريد أن ترجع بجندك قبل أن تفتح هذه المدينة. قال: نعم، قد طال مقامي، وجاع أصحابي، فلستُ أستطيع المقام


  • #4
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    فوق الذي كان مني، فقالت: أرأيتك إن فتحتُ لك المدينة، أتعطيني ما أسألك، فتقتل من أمرتك بقتله، وتكف إذا أمرتك أن تكف. قال لها: نعم، قالت: إذا أصبحت فاقسم جندك أربعة أرباع، ثم أقم على كل زاوية ربعًا، ثم ارفعوا بأيديكم إلى السماء، فنادوا: إنا نستفتحك يا الله بدم يحيى بن زكرياء فإنها سوف تتساقط. ففعلوا، فتساقطت المدينة، ودخلوا من جوانبها، فقالت له: كفّ يدك، اقتل على هذا الدم حتى يسكن، فانطلقت به إلى دم يحيى وهو على تراب كثير، فقتل عليه حتى سكن، فقتل سبعين ألف رجل وامرأة، فلما سكن الدم، قالت له: كف يدك، فإنّ الله عز وجل إذا قتل نبي لم يرض حتى يقتل من قتله ومن رضى قتله. فأتاه صاحبُ الصحيفة بصحيفته، فكفّ عنه وعن أهل بيته، وخرب بيت المقدس، وأمر به أن تطرح فيه الجيف، وقال: من طرح فيه جيفة فله جزيته تلك السنة، وأعانه على خرابه الروم من أجل أن بني إسرائيل قتلوا يحيى بن زكرياء فلما خربه بختنصر ذهب معه بوجوه بني إسرائيل وسراتهم، وذهب بدانيال وعليا وعزريا وميشائيل، هؤلاء كلهم من أولاد الأنبياء، وذهب معه برأس الجالوت، فلما قدم أرض بابل وجد صيحائين قد مات، فملك مكانه، وكان أكرم للناس عليه دانيال وأصحابه، فحسدهم المجوس، فوشوا بهم إليه، فقالوا: إن دانيال وأصحابه لا يعبدون إلهك، ولا يأكلون من ذبيحتك، فدعاهم فسألهم فقالوا: أجل إن لنا ربًا نعبده، ولسنا نأكل من ذبيحتكم، وأمر بخد فخد، فألقوا فيه وهم ستة، وألقى معهم سبعٌ ضارٍ ليأكلهم، فقالوا: انطلقوا فلنأكل ولنشرب، فذهبوا، فأكلوا وشربوا، ثم راحوا فوجدوهم جلوسًا، والسبع مفترش ذراعيه بينهم لم يخدش منهم أحدًا، ولم ينكأه شيئًا، فوجدوا معهم رجلًا، فعدوهم فوجدوهم سبعة، فقال: ما بال هذا السابع؟ إنما كانوا ستة؟ فخرج إليه السابع - وكان ملكًا من الملائكة - فلطمه لطمة فصار في الوحش، فكان فيهم سبع سنين. قال أبو جعفر: وهذا القول - الذي روي عمن ذكرت في هذه الأخبار التي رويت وعمن لم يذكر في هذا الكتاب، من أن بختنصر، هو الذي غزا بني إسرائيل عند قتلهم يحيى بن زكرياء - عند أهل السير والأخبار والعلم بأمور الماضين في الجاهلية، وعند غيرهم من أهل الملل غلط، وذلك أنهم بأجمعهم مجمعون على أن بختنصر إنما غزا بني إسرائيل عند قتلهم نبيهم شعيا في عهد إرميا بن حلقيا، وبني عهد إرميا وتخريب بختنصر بيت المقدس إلى مولد يحيى بن زكرياء أربعمائة سنة وإحدى وستون سنة في قول اليهود والنصارى. ويذكرون أن ذلك عندهم في كبتهم وأسفارهم مبين، وذلك أنهم يعدون من لدن تخريب بختنصر بيت المقدس إلى حين عمرانها في عهد كيرش بن أخشويرش أصبهبذ بابل من قبل أردشير بهمن بن إسفنديار بن بشتاسب. ثم من قبل ابنته خمانى سبعين سنة، ثم من بعد عمرانها إلى ظهور الإسكندر عليها وحيازة مملكتها إلى مملكته ثمانيًا وثمانين سنة، ثم من بعد مملكة الإسكندر لها إلى مولد يحيى بن زكرياء ثلاثمائة سنة وثلاث سنين، فذلك على قولهم أربعمائة سنة وإحدى وستون سنة.
    وأما المجوس فإنها توافق النصارى واليهود في مدة خراب بيت المقدس، وأمر بختنصر، وما كان من أمره وأمر بني إسرائيل إلى غلبة الإسكندر على بيت المقدس والشام وهلاك دارا، وتخالفهم في مدة ما بين ملك الإسكندر ومولد يحيى، فتزعم أن مدة ذلك إحدى وخمسون سنة. فبين المجوس والنصارى من الاختلاف في مدة ما بين ملك الإسكندر ومولد يحيى وعيسى وما ذكرت. والنصارى تزعم أن يحيى ولد قبل عيسى بستة أشهر، وأنّ الذي قتله ملك لبني إسرائيل يقال له هيردوس، بسبب امرأة يقال لها هيروذيا، كانت امرأة أخ له، يقال له فيلفوس، عشقها فوافقته على الفجور، وكان لها ابنة يقال لها دمنى فأراد هيردوس أن يطأ امرأة أخيه المسماة هيروذيا، فنهاه يحيى وأعلمه أن لا تحل له، فكان هيردوس معجبًا بالابنة، فألهته يومًا، ثم سألته حاجة فأجابها إليها، وأمر صاحبًا له بالنفوذ لما تأمره به، فأمرته أن يأتيها برأس يحيى، ففعل، فلما عرف هيردوس الخبر أسقط في يده وجزع جزعًا شديدًا.
    وأما ما قال في ذلك أهلُ العلم بالأخبار وأمور أهل الجاهلية فقد حكيتُ منه ما قاله هشام بن محمد الكلبي.
    وأما ما قال ابن إسحاق فيه، فهو ما حدثنا به ابنُ حميد، قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، قال: عمرت بنو إسرائيل بعد ذلك - يعنى بعد مرجعهم من أرض بابل إلى بيت املمدس - يحدثون الأحداث، يعود الله عليهم ويبعث فيهم الرسل، ففريقًا يكذبون وفريقًا يقتلون، حتى كان آخر من بعث فيهم من أنبيائهم زكرياء ويحيى بن زكرياء وعيسى بن مريم، وكانوا من بيت آل داود عليه السلام. وهو يحيى بن زكرياء بن أدى ابن مسلم بن صدوق بن نحشان بن داود بن سليمان بن مسلم بن صديقة بن برخية بن شفاطية بن فاحور بن شلوم بن يهفاشاط بن أسا بن أبيا بن رحبعم ابن سليمان بن داود.
    قال: فلما رفع الله عيسى عليه السلام من بين أظهرهم، وقتلوا يحيى بن زكرياء عليه السلام - وبعض الناس يقول: وقتلوا زكرياء - أبتعث الله عليهم ملكًا من ملوك بابل يقال له خردوس، فسار إليه بأهل بابل، حتى دخل عليهم الشام، فلما ظهر عليهم أمر رأسًا من رؤس جنوده يدعى نبوزراذان، صاحب القتل، فقال له: إني كنت حلفت بإلهي: لئن أنا ظهرت على أهل بيت المقدس لأقتلنهم حتى تسيل دماؤهم في وسط عسكري، إلى ألا أجد أحدًا أقتله، فأمره أن يقتلهم، حتى يبلغ ذلك منهم. وإنّ نبوزراذان دخل بيت المقدس، فقام في البقعة التي كانوا يقربون فيها قربانهم، فوجد فيها دمًا يغلي، وسألهم، فقال: يا بني إسرائيل، ما شأن هذا الدم يغلي؟ أخبروني خبره ولا تكتموني شيئًا من أمره، فقالوا: هذا دم قربان كان لنا كنا قربناه فلم يقبل منا، فلذلك هو يغلي كما تراه، ولقد قربنامنذ ثمانمائة سنة القربان، فقبل منا إلى هذا القربان. قال: ما صدقتوني الخبر، قالوا له: لو كان كأول زماننا لقبل منا، ولكنه قد انقطع منا الملك والنبوة والوحي، فلذلك لم يقبل منا، فذبح منهم نبوزراذان على ذلك الدم سبعمائة وسبعين روحًا من رؤسهم فلم يهدأ، فأمر فأتى بسبعمائة غلام من غلمانهم، فذبحوا على الدم فلم يهدأ، فأمر بسبعة ألاف من نيتهم وأزواجهم فذبحهم على الدم فلم يبرد، فلما رأى نبوزراذان الدم لا يهدأ قال لهم: يا بني إسرائيل، ويلكم أصدقوني واصبروا على أمر ربكم، فقد طالما ملكتم في الأرض تفعلون فيها ما شئتم، قبل ألا أترك منكم نافخ نار، أنثى ولا ذكرًا إلا قتلته فلما رأوا الجهد وشدة القتل صدقوه الخبر فقالوا: إن هذا دم نبي منا كان ينهانا عن أمور كثيرة من سخط الله، فلو أطعناه فيها لكان أرشد لنا، وكان يخبرنا بأمركم فلم نصدقه فقتلناه، فهذه دمه. فقال لهم نبوزراذان: ما كان اسمه؟ قالوا: يحيى بن زكرياء، قال: الآن صدقتموني، لمثل هذا ينتقم ربكم منكم. فلما رأى نبوزراذان أنهم قد صدقوه خر ساجدًا، وقال لمن حوله أغلقوا أبواب المدينة، وأخرجوا من كان ها هنا من جيش خردوس وخلا في بني إسرائيل. ثم قال: يا يحيى بن زكرياء، قد علم ربي وربك ما قد أصاب قومك من أجلك، وما قتل منهم من أجلك، فاهدأ بإذن الله قبل ألا أبقي من قومك أحدًا، فهدأ دم يحيى بإذن الله، ورفع نبوزراذان عنهم القتل، وقال: آمنتُ بما آمنت به بنو إسرائيل، وصدقتُ به وأيقنتُ أنه لا رب غيره، ولو كان معه آخر لم يصلح، لو كان معه شريك لم تستمسك السموات والأرض، ولو كان له ولد لم يصلح، فتبارك وتقدس وتسبح وتكبر وتعظم ملك الملوك الذي يملك السموات السبع بعلم وحكم وجبروت وعزة، الذي بسط الأرض وألقى فيها رواسي لا تزول، فكذلك ينبغي لربي أن يكون ويكون ملكه. فأوحى إلى رأس من رؤوس بقية الأنبياء أن بوزراذان جبور صدوق - والحبور بالعبرانية حديث الإيمان - وأن نبوزراذان قال لبني إسرائيل: إن عدو الله خردوس أمرني أن أقتل منكم حتى تسيل دماؤكم وسط عسكره. وإني فاعل، لستُ أستطيع أن أعصيه. قالوا له: أفعل ما أمرت به، فأمرهم فحفروا خندقًا، وأمر بأموالهم من الخيل والبغال والحمير والبقر والغنم والإبل فذبحها، حتى سال الدم في العسكر، وأمر بالقتلى الذين كانوا قتلوا قبل ذلك فطرحوا على ما قتل من مواشيهم، حتى كانوا فوقهم، فلم يظن خرودس إلا أن ما كان في الخندق من بني إسرائيل.
    فلما بلغ الدم عسكره أرسل إلى بنوزراذان: ارفع عنهم، فقد بلغني دماؤهم، وقد انتقمت منهم بما فعلوا. ثم انصرف عنهم إلى أرض بابل، وقد أفنى بني إسرائيل أو كاد، وهي الواقعة الأخيرة التي أنزل الله ببني إسرائيل، يقول الله تعالى لنبيه محمد : " وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب " إلى قوله: " وجعلنا جهنم للكافرين حصيرًا ".
    وعسى من الله حق، فكانت الوقعة الأولى بختنصر وجنوده، ثم ردّ الله لهم الكرة عليهم، ثم كانت الوقعة الأخيرة خردوس وجنوده، وهي كانت أعظم الوقعتين، فيها كان خراب بلادهم وقتل رجالهم وسبى ذراريهم ونسائهم، يقول الله عز وجل: " وليتبروا ما علوا تتبيرًا ".
    رجع الحديث إلى حديث عيسى بن مريم وأمه عليهما السلام. قال: وكانت مريم ويوسف بن يعقوب ابن عمها يليان خدمة الكنيسة، فكانت مريم إذا نفد ماؤها - فيما ذكر - وماء يوسف أخذ كل واحد منهما قلته، فانطلق إلى المغارة التي فيها الماء الذي يستعذبانه، فيملأ قلته، ثم يرجعان إلى الكنيسة. فلما كان اليوم الذي لقيها فيه جبرئيل - وكان أطول يوم في السنة وأشده حرًا - نفد ماؤها، فقالت: يا يوسف، ألا تذهب بنا نستقي قال: إن عندي لفضلًا من ماء أكتفي به يومي هذا إلى غد، قالت: لكني والله ما عندي ماء، فأخذت قلتها، ثم انطلقت وحدها، حتى دخلت المغارة فتجد عندها جبرئيل قد مثله الله لها بشرًا سويًا: فقال لها: يا مريم، إن الله قد بعثني إليك لأهب لك غلامًا زكيا، قالت: " إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا "، وهي تحسبه رجلًا من بني آدم فقال: إنما أنا رسول ربك، قالت: " إني يكون لي غلام ولم يمسني بشر ولم أكُ بغيًا قال كذلك قال ربك هو على هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمرًا مقضيًا "، أي أن الله قد قضى أن ذلك كائن. فلما قال ذلك استسلمت لقضاء الله، فنفخ في جيبها، ثم انصرف عنها، وملأت قلّتها.
    قال: فحدثني محمد بن سهل بن عسكر البخاري، قال حدثنا إسماعيل ابن عبد الكريم، قال: حدثني عبد الصمد بن معقل، ابن أخي وهب، قال: سمعت وهبًا قال: لما أرسل الله عز وجل جبرئيل إلى مريم، تمثل لها بشرًا سويًا. فقالت: " إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيًا "، ثم نفخ في جيب درعها حتى ومصلت النفخة إلى الرحم، واشتملت على عيسى.
    قال: وكان معها ذو قرابة لها يقال له يوسف النجار، وكانا منطلقين إلى المسجد الذي عند جبل صهيون، وكان ذلك المسجد يؤمئذ من أعظم مساجدهم، وكانت مريم ويوسف يخدمان في ذلك المسجد في ذلك الزمان، وكان لخدمته فضل عظيم، فرغبا في ذلك، فكانا يليان معالجته بأنفسهما وتجميره وكناسته وطهوره، وكلّ عمل يعمل فيه، فكان لا يعلم من أهل زمانهما أحد أشد اجتهادًا وعبادة منهما، وكان أول من أنكر حمل مريم صاحبها يوسف، فلما رأى الذي بها استعظمه، وعظم عليه، وفظع به، ولم يدر على ماذا يضع أمرها؟ فإذا أراد يوسف أن يتهمها ذكر صلاحها وبراءتها وأنها لم تغب عنه ساعة وإذا أراد أن يبرئها رأى الذي ظهر بها. فلما اشتد عليه ذلك كلمها، فكان أول كلامه إياها أن قال لها: إنه قد وقع في نفسي من أمرك أمر قد حرصت على أن أميته، وأكتمه في نفسي، فغلبني ذلك، فرأيتُ أن الكلام فيه أشفى لصدري، قالت: فقل قولًا جميلًا، قال: ما كنت لأقول إلا ذلك، فحدثيني: هل ينبت زرع بغير بذر؟ قالت: نعم، قال فهل تنبت شجرة من غير غيث يصيبها؟ قالت: نعم، قال: فهل يكون ولد من غير ذكر؟ قالت: نعم، ألم تعلم أن الله أنبت الزرع يوم خلقه من غير بذر، والبذر إنما كان من الزرع الذي أنبته الله من غير بذر؟ أو لم تعلم أن الله أنبت الشجر من غير غيث، وأنه جعل بتلك القدرة الغيث حياة للشجر بعد ما خلق كل واحد منهما وحده أو تقول لم يقد الله على أن ينبت الشجر، حتى استعان عليه بالماء، ولولا ذلك لم يقدر على إنباته قال لها يوسف: لا أقول ذلك، ولكني أعلم أن الله بقدرته على ما يشاء يقول لذلك: كن فيكون. قالت له مريم: أو لم تعلم أن الله عز وجل خلق آدم وامرأته من غير ذكر ولا أنثى؟ قال: بلى، فلما قالت له ذلك وقع في نفسه أن الذي بها شيء من الله عز وجل، وأنه لا يسعه أن يسألها عنه، وذلك لما رأى من كتمانها لذلك. ثم تولى يوسف خدمة المسجد، وكفاها كل عمل كانت تعمل فيه، وذلك لما رأى من رقة جسمها واصفرار لونها، وكلف وجهها، ونتوء بطنها، وضعف قوتها، ودأب نظرها، ولم تكن مريم قبل ذلك كذلك، فلما دنانفاسها أوحى الله إليها أن اخرجي من أرض قومك، فإنهم إن ظفروا بك عيروك ونقلوا ولدك. فأفضت عند ذلك إلى أختها - وأختها حينئذ حبلى، وقد بشرت بيحي - فلما التقيا وجدت أم يحيى ما في بطنها خر لوجهه ساجدًا معروفًا بعيسى، فاحتملها يوسف إلى أرض مصر على حمار له، ليس بينها حين ركبت الحمار وبين الأكاف شيء، فانطلق يوسف بها، حتى إذا كان متاخمًا لأرض مصر في منقطع بلاد قومها أدرك مريم النفاس، وألجأها إلى آرى حمار - يعني مزود الحمار - في أصل نخلة، وذلك في زمان الشتاء، فاشتد على مريم المخاض، فلما وجدت منه شدة التجأت إلى النخلة، فاحتضنتها واحتوشتها الملائكة، قاموا صفوفًا محدقين بها.
    فلما وضعت وهي محزونة، قيل لها: " ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريًا " إلى " إني نذرت للرحمن صومًا فلن أكلم اليوم إنسيًا "، فكان الرطب يتساقط عليها، وذلك في الشتاء.

  • صفحة 19 من 21 الأولىالأولى ... 91718192021 الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. الرزء الأليم
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الحـــوار العام للمغتربين السوريينDialogue Discussion Forum
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 07-06-2010, 06:39 PM
    2. فن الرسم في الماء
      بواسطة رامون في المنتدى مكتبــة صــــور المنتدى
      مشاركات: 6
      آخر مشاركة: 07-03-2010, 10:24 PM
    3. فن الرسم على البطاطس
      بواسطة رامون في المنتدى مكتبــة صــــور المنتدى
      مشاركات: 8
      آخر مشاركة: 06-07-2010, 09:56 PM
    4. فن الرسم بالقهوة
      بواسطة رامون في المنتدى مكتبــة صــــور المنتدى
      مشاركات: 5
      آخر مشاركة: 06-06-2010, 01:19 AM
    5. فن الرسم في الفحم
      بواسطة رامون في المنتدى مكتبــة صــــور المنتدى
      مشاركات: 5
      آخر مشاركة: 06-02-2010, 07:42 PM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1