صفحة 20 من 21 الأولىالأولى ... 1018192021 الأخيرةالأخيرة
النتائج 77 إلى 80 من 84

الموضوع: تاريخ الرسل والملوك(للطبري)1-

العرض المتطور


  1. #1
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    فأصبحت الأصنام التي كانت تعبد من دون الله حين ولدت بكل أرض مقلوبة منكوسة على رؤسها، ففزعت الشياطين وراعها، فلم يدروا ما سبب ذلك، فساروا عند ذلك مسرعين، حتى جاءوا إبليس، وهو على عرش له، في لجة خضراء، يتمثل بالعرش يوم كان على الماء ويحتجب، يتمثل بحجب النور التي من دون الرحمن، فأتوه وقد خلا ست ساعات من النهار، فلما رأى إبليس جماعتهم، فزع من ذلك، ولم يرهم جميعًا منذ فرّقهم قبل تلك الساعة؛ إنما كان يراهم أشتاتًا، فسألهم فأخبروه أنه قد حدث في الأرض حدث أصبحتْ الأصنام منكوسة على رؤوسها، ولم يكن شيء أعونُ على هلاك بني آدم منها؛ كنا ندخلُ فنكلّمهم، وندبّر أمرهم فيظنون أنها التي تكلّمهم، فلما أصابها هذا الحدث صغّرها في أعين بني آدم، وأذلّها وأدناها، ذلك وقد خشينا ألا يعبدوها بعد هذا أبدًا. واعلم أنا لن تأتِك حتى أحصينا الأرضَ، وقلبنا البحار وكل شيء قوبنا عليه، فلم نزدد بما أردنا إلا جهلًا. قال لهم إبليس: إن هذا لأمر عظيم، لقد علمت بأني كُتِمتُه، وكونوا على مكانكم هذا. فطار إبليس عند ذلك، فلبث عنهم ثلاث ساعات، فمرّ فيهن بالمكان الذي وُلد فيه عيسى؛ فلما رأى الملائكة محدِقين بذلك المكان، علم أن ذلك الحدَث فيه، فأراد إبليس أن يأتيه من فوقه؛ فإذا فوقه رؤوس الملائكة ومناكبهم عند السماء. ثم أراد أن يأتيَه من تحت الأرض؛ فإذا أقدام الملائكة راسية أسفل مما أراد إبليس. ثم أراد أن يدخل من بينهم فنحّوه عن ذلك.
    ثم رجع إبليس إلى أصحابه فقال لهم: ما جئتكم حتى أحصيت الأرض كلها مشرقها ومغربها، وبرها وبحرها، والخافقين، والجوّ الأعلى؛ وكل هذا بلغتُ في ثلاث ساعات؛ وأخبرهم بمولد المسيح، وقال لهم: لقد كتِمتُ شأنه، وما اشتملت قبله رحم أنثى على ولد إلا بعلمي، ولا وضعته قط، إلا وأنا حاضرها؛ وإني لأرجو أن أضلّ به أكثر مما يهتدِي به، وما كان نبي قبله أشدّ علي وعليكم منه.
    وخرج في تلك الليلة قوم يؤمونه من أجل نجم طلع أنكروه، وكان قبل ذلك يتحدثون أن مطلع ذلك النجم من علامات مولود في كتاب دانيال. فخرجوا يريدونه، ومعهم الذهب والمُرّ واللّبان، فمروا بملك من ملوك الشأم، فسألهم: أين يريدون؟ فأخبروه بذلك، قال: فما بال الذهب والمرّ واللبان أهديتموه له من بين الأشياء كلها؟ قالوا: تلك أمثاله: لأن الذهب هو سيد المتاع كله، وكذلك هذا النبي هو سيد أهل زمانه، ولأن المر يُجبِر به الجرح والكسر، وكذلك هذا النبي يشفي به كل سقيم ومريض؛ ولأن اللبان ينال دخوله السماء ولا ينالها دخان غيره، كذلك هذا النبي يرفعه الله إلى السماء لا يرفع في زمانه أحد غيره.
    فلما قالوا ذلك لذلك الملك حدث نفسه بقتله، فقال: اذهبوا، فإذا علمتم مكانه فأعلموني ذلك، فإني أرغب في مثل ما رغبتم فيه من أمره. فانطلقوا حتى دفعوا ما كان معهم من تلك الهدية إلى مريم، وأرادوا أن يرجعوا إلى هذا الملك ليعلموه مكان عيسى، فلقيهم ملك فقال لهم: لا ترجعوا إليه، ولا تعلموه بمكانه، فإنه إنما أراد بذلك ليقتله، فانصرفوا في طريق آخر، واحتملته مريم على ذلك الحمار ومعها يوسف، حتى وردا أرض مصر، فهي الربوة التي قال الله: " وأويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعينٍ ".
    فمكثت مريم اثنتي عشرة سنة تكتمه من الناس، لا يطلع عليه أحد، وكانت مريم لا تأمن عليه ولا على معيشته أحدًا، كانت تلتقط السنبل من حيث ما سمعت بالحصاد، والمهد في منكبها والوعاء الذي تجعل فيه السنبل في منكبها الآخر، حتى تم لعيسى عليه السلام اثنتا عشرة سنة، فكان أول آية رآها الناس منه أن أمه كانت نازلةً في دار دهقان من أهل مصر، فكان ذلك الدهقان قد سرقت له خزانة، وكان لا يسكن في داره إلا المساكين، فلم يتهمهم، فحزنت مريم لمصيبة ذلك الدهقان، فلما أن رأى عيسى حزن أمه بمصيبة صاحب ضيافتها، قال لها: يا أمه، أتحبين أن أدله على ماله؟ قالت: نعم يا بني، قال: قولي له يجمع لي مساكين داره، فقالت مريم للدهقان ذلك، فجمع له مساكين دراه، فلما اجتمعوا عمد إلى رجلين منهم: أحدهما أعمى والآخر مقعد، فحمل المعقد على عاتق الأعمى، ثم قال له: قم به، قال الأعمى: أنا أضعف من ذلك، قال عيسى عليه السلام: فكيف قويت على ذلك البارحة؟ فلما سمعوه يقول ذلك، بعثوا الأعمى، حتى قام به، فلما استقل قائمًا حاملًا هوى المقعد إلى كوة الخزانة. قال عيسى: هكذا احتالا لمالك البارحة، لأنه استعان الأعمى بقوته، والمقعد بعينيه، فقال المقعد والأعمى: صدق، فردا على الدهقان ماله ذلك، فوضعه الدهقان في خزانته، وقال: يا مريم خذي نصفه، قالت: إني لم أخلق لذلك، قال الدهقان: فأعطيه ابنك، قالت هو أعظم مني شأنًا، ثم لم يلبث الدهقان أن أعرس ابن له فصنع له عيدًا فجمع عليه أهل مصر كلهم، فلما انقضى ذلك زاره قوم من أهل الشآم لم يحزرهم الدهقان، حتى نزلوا به، وليس عنده يومئذ شراب، فلما رأى عيسى اهتمامه بذلك دخل بيتًا من بتوت الدهقان، فيه صفان من جرار، فأمرّ عيسى يده على أفواههم، وهو يمشي، فكلما أمرّ يده على جرة امتلأت شرابًا، حتى أتى عيسى على آخرها، وهو يومئذ ابن اثنتى عشرة سنة، فلما فعل ذلك عيسى فزع الناس لشأنه وما أعطاه الله من ذلك فأوحى الله عز وجل إلى أمه مريم، أن أطلعي به إلى الشأم، ففعلت الذي أمرت به، فلم تزل بالشأم حتى كان ابن ثلاثين سنة، فجاءه الوحي على ثلاثين سنة، وكانت نبوته ثلاث سنين. ثم رفعه الله إليه، فلما رآه إبليس يوم لقيه على العقبة لم يطق منه شيئًا، فتمثل له برجل ذي سن وهيئة، وخرج معه شيطانان ماردان متمثلين كما تمثل إبليس، حتى خالطوا جماعة الناس.
    وزعم وهب أنه ربما اجتمع على عيسى من المرضى في الجماعة الواحدة خمسون ألفًا فمن أطاق منهم أن يبلغه بلغه، ومن لم يطق ذلك منهم أتاه عيسى عليه السلام يمشي إليه، وإنما كان يداويهم بالدعاء إلى الله عز وجل، فجاءه إبليس في هيئة يبهر الناس حسنها وجمالها، فلما رآه الناس فرغوا له، ومالوا نحوه، فجعل يخبرهم بالأعاجيب، فكان في قوله: إن شأن هذا الرجل لعجب، تكلم في المهد، وأحيا الموتى، وأنبأ عن الغيب، وشفى المريض، فهذا الله. قال أحد صاحبيه: جهلت أيها الشيخ، وبئس ما قلت لا ينبغي لله أن يتجلى للعباد. ولا يسكن الأرحام، ولا تسعه أجواف النساء، ولكنه ابن الله. وقال الثالث: بئس ما قلتما، كلاكما قد أخطأ وجهل، ليس ينبغي لله أن يتخذ ولدًا، ولكنه إله معه، وغابوا حين فرغوا من قولهم، فكان ذلك آخر العهد منهم.
    حدثنا موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي في خبر ذكره، عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس - وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود - وعن ناس من أصحاب النبي ، قال: خرجت مريم إلى جانب المحراب لحيض أصابها فاتخذت من دونهم حجابًا من الجدران، وهو قوله: " فانتبذت من أهلها مكانًا شرقيًا، فاتخذت من دونهم حجابًا " في شرق المحراب، فلما طهرت إذا هي برجل معها، وهو قوله: " فأرسلنا إليها روحنا " فهو جبرئيل " فتمثل لها بشرًا سويًا ". فلما رأته فزعت منه وقالت: " إني أعوذُ بالرحمن منك إن كنت تقيًا، قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلامًا زكيًا، قالت أني يكون لي غلامٌ ولم يمسني بشرٌ ولم أكُ بغيًا " - تقول زانية - " قال كذلك قال ربك وهو على هين ولنجعله آية للناس ورحمةً منا وكان أمرًا مقضيًا ". فخرجت، عليها جلبابها، فأخذ بكميها، فنفخ في جيب درعها - وكان مشقوقًا من قدامها - فدخلت النفخة في صدرها، فحملت، فأتتها أختها امرأة زكرياء ليلة تزورها، فلما فتحت لها الباب التزمتها، فقالت امرأة زكرياء: يا مريم أشعرت أني حبلى. قالت مريم: أشعرت أني أيضًا حبلى. قالت امرأة زكرياء: فإني وجدتُ ما في بطني يسجد لما في بطنك، فذلك قوله: " مصدقًا بكلمة من الله. فولدت امرأة زكرياء يحيى، ولما بلغ أن تضع مريم، خرجت إلى جانب المحراب الشرقي منه، فأتت أقصاه: " فأجاءها المخاضُ إلى جذع النخلة " يقول: ألجأها المخاض إلى جذع النخلة، " قالت: وهي تطلق من الحبل استحياء من الناس: " ياليتني مت قبل هذا وكنت نسيًا منسيًا ". تقول: نسيًا: نُسيَ ذكري، ومنسيًا، تقول: نسى أثري، فلا يرى لي أثر ولا عين. " فناداها "، جبرئيل: " من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا "، والسرى هو النهر. " وهزي إليك بجذع النخلة "، وكان جذعًا منها مقطوعًا فهزته، فإذا هو نخلة، وأجرى لها من المحراب نهرًا فتساقطت النخلة رطبًا جنيًا، فقال لها: كلي واشربي وقري عينًا، " فإنا ترين من البشر أحد فقولي إني نذرت للرحمن صومًا فلن أكلم اليوم إنسيا "، فكان من صام في ذلك الزمان لم يتكلم حتى يمسي، فقيل له: لا تزيدي على هذا، فلما ولدته ذهب الشيطان فأخبر بني إسرائيل أن مريم قد ولدت، فأقبلوا يشتدون، فدعوها " فأتت به قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئت شيئًا فريًا - يقول عظيمًا - " يا أخت هارون ما كان أبوك أمرأ سوء وما كنت أمكِ بغيًا "، فما بالك أنت يا أخت هارون؟ وكانت من بني هارون أخي موسى، وهي كما تقول: يا أخا بني فلان، إنما تعني قرابته. فقالت لهم ما أمرها الله، فلما أرادوها بعد ذلك على الكلام أشارت إليه - إلى عيسى - فغضبوا وقالوا: لسخريتها بنا حين تأمرنا أن تكلم هذا الصبي أشد علينا من زناها؟ " قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيًا " فتكلم عيسى فقال: " إني عبد الله أتاني الكتاب وجعلني نبيًا، وجعلني مباركًا أينما كنت " فقالت بنو إسرائيل: ما أحبلها أحد غير زكرياء، هو كان يدخل إليها، فطلبوه ففر منهم فتشبه له الشيطان في صورة راع، فقال: يا زكرياء، قد أدركوك، فادعُ الله حتى تنفتح لك هذه الشجرة فتدخل فيها، فدعا الله فانتفتحت الشجرة، فدخل فيها وبقي من ردائه هدبُ، فمرت بنو إسرائيل بالشيطان، فقالوا: يا راعي، هل رأيت رجلًا من ها هنا قال: نعم سحر هذه الشجرة، فانفتحت له، فدخل فيها، وهذا هدب ردائه، فعمدوا فقطعوا الشجرة، وهو فيها بالمناشير، وليس تجد يهوديًا إلا تلك الهدبة في ردائه، فلما ولد عيسى لم يبقَ في الأرض صنم يعبد من دون الله إلا أصبح ساقطًا لوجهه.
رد مع اقتباس رد مع اقتباس  


  • #2
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    حدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق بن الحجاج، قال: حدثنا إسماعيل ابن عبد الكريم، قال: حدثني عبد الصمد بن معقل، أنه سمع وهبًا يقول: إن عيسى بن مريم عليه السلام لما أعلمه الله أنه خارج من الدنيا جزع من الموت، وشق عليه، فدعا الحواريين، فصنع لهم طعامًا، فقال احضروني الليلة، فإن لي إليكم حاجة، فلما اجتمعوا إليه في الليل، عشاهم وقام يخدمهم، فلما فرغوا من الطعام أخذ يغسل أيديهم ويوضئهم بيده، ويمسح أيديهم بثيابه، فتعاظموا ذلك وتكارهوه، فقال: ألا من رد على شيئًا الليلة مما أصنع فليس مني ولا أنا منه فأقروه حتى إذا فرغ من ذلك قال: أما ما صنعت بكم الليلة مما خدمتكم على الطعام، وغسلت أيديكم بيدي، فليكن لكم بي أسوة، فإنكم ترون أني خيركم، ولا يتعظم بعضكم على بعض، وليبذل بعضكم نفسه لبعض، كما بذلك نفسي لكم. وأما حاجتي التي أستعينكم عليها، فتدعون الله لي، وتجتهدون في الدعاء أن يؤخر أجلي، فلما نصبوا أنفسهم للدعاء، وأرادوا أن يجتهدوا، أخذهم النوم، حتى لم يستطيعوا دعاء، فجعل يوقظهم، ويقول: سبحان الله ما تصبرون لي ليلة واحدة حتى تعينوني فيها؟ قالوا: والله ما ندري ما لنا؟ لقد كنا نسمر فنكثر السمر، ومانطيق الليلة سمرًا، ومانريد دعاءً إلا حيل بيننا وبينه فقال: يذهب بالراعي وتتفرق الغنم. وجعل يأتي بكلام نحو هذا، ينهى به نفسه، ثم قال: الحق ليكفرن بي أحدكم، قبل أن يصيح الديك ثلاث مرات، وليبيعنني أحدكم بدراهم يسيرة، وليأكلن ثمني. فخرجوا فتفرقوا، وكان اليهود تطلبه، فأخذوا شمعون، أحد الحواريين، فقالوا: هذا من أصحابه، فجحد وقال: ما أنا بصاحبه، فتركوه، ثم أخذه آخر فجحد كذلك، ثم سمع صوت ديك، فبكى، فلما أصبح أتى أحد الحواريين إلى اليهود، فقال: ما تجعلون لي إن دللتكم على المسيح؟ فجعلوا له ثلاثين درهمًا، فأخذها ودلهم عليه - وكان شبه عليهم قبل ذلك - فأخذوه، فاستوثقوا منه، وربطوه بالحبل، فجعلوا يقودونه، ويقولون: أنت كنت تحيي الموتى، وتنتهر الشيطان، وتبرئ المجنون، أفلا تفتح نفسك من هذا الحبل ويبصقون عليه، ويلقون عليه الشوك، حتى أتوا به الخشبة التي أرادوا أن يصلبوه عليها، فرفعه الله إليه، وصلبوا ما شبه لهم، فكمث سبعًا. ثم إن أمه والمرأة - التي كان عيسى يداويها فأبرأها الله من الجنون - جاءتا تبكيان عند المصلوب، فجاءهما عيسى عليه السلام، فقال: على من تبكيان؟ فقالتا: عليك، فقال: إني قد رفعني الله إليه، ولم يصبني إلا خير، وإنّ هذا شيء شبه لهم، فأمرا الحواريين أن يلقوني إلى مكان كذا وكذا، فلقوه إلى ذلك المكان أحد عشر، وفقد الذي كان باعه، ودل عليه اليهود، فسأل عنه أصحابه، فقالوا: إنه ندم على ما صنع، فاختنق وقتل نفسه، فقال: لو تاب تاب الله عليه ثم سألهم عن غلام يتبعهم يقال له يحيى، فقال: هو معكم، فانطلقوا فإنه سيصبح كل إنسان منكم يحدث بلغة قوم فلينذرهم وليدعهم.
    حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عمن لا يتهم، عن وهب بن منبه اليماني، قال: توفي الله عيسى بن مريم ثلاث ساعات من النهار، حتى رفعه الله إليه.
    حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: والنصارى يزعمون أنه توفاه الله سبع ساعات من النهار، ثم أحياه الله، فقال له: اهبط، فأنزل على مريم المجدلانية في جبلها، فإنه لم يبك عليك أحد بكاءها، ولم يحز عليك أحد حزنها، ثم لتجمع لك الحواريين، فبثهم في الأرض دعاةً إلى الله، فإنك لم تكن فعلت ذلك، فأهبطه الله عليها، فاشتعل الجبل حين هبط نورًا، فجمعت له الحواريين، فبثهم وأمرهم، أن يبلغوا الناس عنه ما أمره الله به، ثم رفعه الله إليه، فكساه الريش، وألبسه النور، وقطع عنه لذة المطعم والمشرب، فطار في الملائكة وهو معهم حول العرش، فكان إنسيًا ملكيًا سمائيًا أرضيًا، وتفرق الحواريون حيث أمرهم، فتلك الليلة التي أهبط فيها الليلة التي تدخن فيها النصارى.
    وكان ممن وجه من الحواريين والأتباع الذين كانوا في الأرض بعدهم، فطرس الحواري ومعه بولس - وكان من الأتباع، ولم يكن من الحواريين - إلى رومية، وأندراييس ومثى إلى الأرض التي يأكل أهلها الناس - وهي فيما نرى للأساود - وتوماس إلى أرض بابل من أرض المشرق، وفيلبس إلى القيروان وقرطاجنة، وهي إفريقية، ويحنس إلى دفسوس، قرية الفتية أصحاب الكهف، ويعقوبس إلى أوريشليم، وهي إيليا بيت المقدس، وابن تلما إلى العرابية، وهي أرض الحجاز، وسيمن إلى أرض البربر دون أفريقية، ويهوذا - ولم يكن من الحواريين - إلى أريوبس، جعل مكان يوذس زكريا يوطا، حين أحدث ما أحدث.
    حدثنا ابنُ حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن عمر ابن عبد الله بن عروة بن الزبير، عن ابن سليم الأنصاري، ثم الزرقي، قال: كان على امرأة منا نذرٌ، لتظهرن على رأس الجماء - جبل بالعقيق من ناحية المدينة - قال: فظهرتُ معها، حتى إذا استوينا على رأس الجبل، إذا قبرٌ عظيم، عليه حجران عظيمان، حجر عند رأسه وحجر عند رجليه فيهما كتاب بالمسند، لا أدري ما هو؟ فاحتملتُ الحجرين معي، حتى إذا كنت ببعض الجبل منهبطًا ثقلا علي، فألقيت أحدهما وهبطت بالآخر، فعرضته على أهل السريانية: هل يعرفون كتابه؟ فلم يعرفوه، وعرضته على من يكتب بالزبور من أهل اليمن، ومن يكتب بالمسند فلم يعرفوه. قال: فلما لم أجد أحداُ ممن يعرفه ألقيته تحت تابوت لنا، فمكث سنين، ثم دخل علينا ناس من أهل ماه من الفرس يبتغون الخرز، فقلت لهم: هل لكم من كتاب؟ فقالوا: نعم، فأخرجتُ إليهم الحجر، فإذا هم يقرؤونه، فإذا هو بكتابهم: هذا قبر رسول الله عيسى بن مريم عليه السلام إلى أهل هذه البلاد، فإذا هم كانوا أهلها في ذلك الزمان، مات عندهم فدفنوه على رأس الجبل.
    حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ثم عدوا على بقية الحواريين يشمسونهم ويعذبونهم، وطافوا بهم، فسمع بذلك ملك الروم - وكانوا تحت يديه، وكان صاحب وثن - فقيل له: إن رجلًا كان في هؤلاء الناس الذين تحت يديك من بني إسرائيل عدوا عليه فقتلوه، وكان يخبرهم أنه رسول الله، قد أراهم العجائب، وأحيا لهم الموتى، وأبرأ لهم الأسقام، وخلق لهم من الطين كهئية الطير، ونفخ فيه فكان طائرًا بإذن الله، وأخبرهم بالغيوب. قال: ويحكم فما منعكم أن تذكروا هذا لي من أمره وأمرهم فوالله لو علمت ما خليتُ بينهم وبينه. ثم بعث إلى الحواريين، فانتزعهم من أيديهم، وسألهم عن دين عيسى وأمره، فأخبروه خبره، فتابعهم على دينهم، واستنزل سرجس فغيبه، وأخذ خشبته التي صلب عليها، فأكرمها وصانها لما مسها منه، وعدا على بني إسرائيل، فقتل منهم قتلى كثيرة، فمن هنالك كان أصل النصرانية في الروم.
    وذكر بعض أهل الأخبار أن مولد عيسى عليه السلام كان لمضي اثنتين وأربعين سنة من ملك أغوسطوس، وأن أغوسطوس عاش بعد ذلك بقية ملكه، وكان جميع ملكه ستًا وخمسين سنة - قال بعضهم: وأيامًا.
    قال: ووثبت اليهود بالمسيح، والرياسة ببيت المقدس في ذلك الوقت ليقصر، والملك على بيت المقدس من قبل قيصر هيردوس الكبير الذي دخلت عليه رسل ملك فارس الذين وجههم الملك إلى المسيح، فصار إلى هيردوس غلطا، وأخبروه أن ملك فارس بعث بهم ليقربوا إلى المسيح ألطافًا معهم من ذهب ومر ولبان، وأنهم نظروا إلى نجمه قد طلع، فعرفوا ذلك بالحساب وقربوا الألطاف إليه ببيت لحم من فلسطين. فلما عرف هيردوس خبرهم كاد المسيح، فطلبه ليقتله، فأمر الله الملك أن يقول ليوسف الذي كان مع مريم في الكنيسة ما أراد هيردوس من قتله، وأمره أن يهرب بالغلام وأمه إلى مصر، فلما مات هيردوس قال الملك ليوسف وهو بمصر: إن هيردوس قد مات، وملك مكانه أركلاوس ابنه، وذهب من كان يطلب نفس الغلام، فانصرف به إلى ناصرة من فلسطين ليتم قول شعيا النبي: من مصر دعوتك. ومات أركلاوس، وملك مكانه هيردوس الصغير، الذي صلب شبه المسيح في ولايته، وكانت الرياسة في ذلك الوقت لملوك اليونانية والروم، وكان هيردوس وولده من قبلهم، إلا أنهم كانوا يلقبون باسم الملك، وكان الملوك الكبار يلقبون بقيصر، وكان ملك بيت المقدس في وقت الصلب لهيردوس الصغير من قبل طيباريوس بن أغوسطوس دون القضاء، وكان القضاء لرجل رومي يقال له: فيلاطوس من قبل قيصر، وكانت رياسة الجالوت ليونن بن بهبوثن.
    قال: وذكروا أن الذي شبه بعيسى وصلب مكانه رجل إسرائيلي، يقال له: أيشوع بن فنديرا وكان ملك طيبا ريوس ثلاثًا وعشرين سنة وأيامًا منها إلى وقت ارتفاع المسيح ثماني عشرة سنة وأيام، ومنها بعد ذلك خمس سنين.
    ذكر من ملك من الروم أرض الشام بعد رفع المسيح عليه السلام إلى عهد النبي في قول النصارى

    قال أبو جعفر: زعموا أن ملك الشام من فلسطين وغيرها صار بعد طيباريوس إلى جايوس بن طيباريوس، وأن ملكه كان أربع سنين.
    ثم ملك بعده ابن له آخر، يقال له: قلوديوس أربع عشرة سنة.
    ثم ملك بعده نيرون، الذي قتل فطرس وبولس، وصلبه منكسًا، أربع عشرة سنة.
    ثم ملك بعده بوطلايوس، أربع أشهر.
    ثم ملك بعده أسفسيانوس أبو ططوس الذي وجهه إلى بيت المقدس عشر سنين. ولمضي ثلاث سنين من ملكه وتمام أربعين سنة من وقت رفع عيسى عليه السلام وجه أسفسيانوس ابنه ططوس إلى بيت المقدس، حتى هدمه وقتل من قتل من بني إسرائيل غضبًا للمسيح.
    ثم ملك بعده ططوس بن أسفسيانوس، سنتين.
    ثم من بعده دو مطيانوس، ست عشرة سنة.
    ثم من بعده نارواس، ست سنين.
    ثم من بعده طرايانوس، تسع عشرة سنة.
    ثم من بعده هدر يانوس، إحدى وعشرين سنة.
    ثم ملك من بعده ططورس بن بطيانوس، اثنتين وعشرين سنة.
    ثم من بعده مرقوس وأولاده، تسع عشرة سنة.
    ثم من بعده قوذوموس، ثلاث عشرة سنة.
    ثم من بعده فرطناجوس، ستة أشهر.


  • #3
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    ثم من بعده سبروس. أربع عشرة سنة.
    ثم من بعده أنطنياوس، سبع سنين.
    ثم من بعده مرقيانوس، ست سنين.
    ثم بعده أنطنيانوس، أربع سنين.
    ثم الحسندروس، ثلاث عشرة سنة.
    ثم غسميانوس، ثلاث سنين.
    ثم جورديانوس، ست سنين.
    ثم بعده فليفوس، سبع سنين.
    ثم داقيوس، ست سنين.
    ثم قالوس، ست سنين.
    ثم بعده والرييانوس وقاليونس، خمس عشرة سنة.
    ثم قلوديس، سنة.
    ثم من بعده قريطاليوس، شهرين.
    ثم أورليانوس، خمس سنين.
    ثم طيقطوس، ستة أشهر.
    ثم فولوريوس، خمسة وعشرين يومًا.
    ثم فرابوس، ست سنين.
    ثم قوروس وابناه، سنتين.
    ثم دوقلطيانوس، ست سنين.
    ثم محسميانوس، عشرين سنة.
    ثم قسطنطينوس، ثلاثين سنة.
    ثم قسطنطين، ثلاثين سنة.
    ثم قسطنطين عشرين سنة.
    ثم اليانوس المنافق، سنتين.
    ثم يويانوس، سنة.
    ثم والمطيانوس وغرطيانوس، عشر سنين.
    ثم خرطانوس ووالنطيانوس الصغير، سنة.
    ثم تياداسيس الأكبر، سبع عشرة سنة.
    ثم أرقديوس وأنوريوس، عشرين سنة.
    ثم تياداسيس الأصغر ووالنطيانوس ست عشرة سنة.
    ثم مرقيانوس، سبع سنين.
    ثم لاون، ست عشرة سنة.
    ثم زانون، ثماني عشرة سنة، ثم أنسطاس، سبعًا وعشرين سنة.
    ثم يوسطنيانوس، سبع سنين.
    ثم يوسطنيانوس الشيخ، عشرين سنة.
    ثم بوسطينس اثنتي عشرة سنة.
    ثم طيباريوس، ست سنين.
    ثم مريقيس وتاذاسيس ابنه، عشرين سنة.
    ثم فوقا الذي قُتل، سبع سنين وستة أشهر.
    ثم هرقل الذي كتب إليه رسول الله ، ثلاثين سنة.
    فمن لدن عُمِر بيت المقدس بعد تخريبه بختنصّر إلى الهجرة - على قولهم - ألف سنة ونيّف، ومن مُلك الإسكندر إليها تسعمائة سنة ونيّف وعشرون سنة، من ذلك من وقت ظهوره إلى مولد عيسى ثلاثمائة سنة وثلاث سنين. ومن مولده إلى ارتفاعه اثنتان وثلاثون سنة، ومن وقت ارتفاعه إلى الهجرة خمسمائة وخمس وثمانون سنة وأشهر.
    وزعم بعض أصحاب الأخبار أن قتل بني إسرائيل يحيى بن زكرياء كان في عهد أردشير بن بابك لثماني سنين خلتْ من ملكه، وأن بختنصّر إنما صار إلى الشأم لقتال اليهود من قِبَل سابور الجنود ابن أردشير بن بابك.
    نزول قبائل العرب الحيرة والأنبار أيام ملوك الطوائف

    وكان من الأحداث أيام ملوك الطوائف إلى قيام أردشير بن بابك بالملْك - فيما ذكر هشام بن محمد - دنوّ مَنْ دنا من قبائل العرب من رِيفِ العراق ونزول مَنْ نزل منهم الحيرة والأنبار وما حوالي ذلك.
    فحُدّثت عن هشام بن محمد، قال: لما مات بختنصّر انضمّ الذين كان أسكنَهم الحيرة من العرب حين أمر بقتالهم إلى أهل الأنبار وبقيَ الحيرُ خرابًا، فغَبرُوا بذلك زمانًا طويلًا، لا تطلع عليهم طالعة من بلاد العرب، ولا يقدَم عليهم قادم، وبالأنبار أهلها ومن انضم إليهم من أهل الحيرة من قبائل العرب من بني إسماعيل وبني معدّ بن عدنان؛ فلما كثر أولاد معدّ بن عدنان ومَنْ كان معهم من قبائل العرب، وملئوا بلادهم من تِهامة وما يليهم، فرّقتهم حروب وقعت بينهم، وأحداث حدثت فيهم، فخرجوا يطلبون المتّسع والريف فيما يليهم من بلاد اليمن ومشارف الشأم، وأقبلت منهم قبائل حتى نزلوا البحرين، وبها جماعة من الأزّد كانوا نزلوها في دهر عمران بن عمرو، من بقايا بني عامر، وهو ماء السماء بن حارثة، وهو الغِطْريف بن ثعلبة بن امرئ القيس بن مازن بن الأزد.
    وكان الذين أقبلوا من تِهامة من العرب مالك وعمرو ابنا فَهْم بن تيم الله بن أسد بن وبَرة بن تَغْلِب بن حُلوان بن عمران بن الحافِ بن قضاعة، ومالك بن زهير بن عمرو بن فَهْم بن تيم الله بن أسد بن وبَرة، في جماعة من قومهم، والحَيْقار بن الحيق بن عُمير بن قَنص بن معدّ بن عدنان، في قَنَص كلّها. ولحق بهم غطفان بن عمرو بن الطَّمَثان بن عوذ مناة بن يَقْدُم بن أفصى بن دُعْمِي بن إياد بن نزار بن معدّ بن عدنان، وزُهيْر بن الحارث بن الشلل بن زهر بن إياد وصبُح، بن صبيح بن الحارث بن أفْصى بن دُعْمِي بن إياد.
    فاجتمع بالبحرين جماعة من قبائل العرب، فتحالفوا على التُّنُوخ - وهو المقام - وتعاقدوا على التوازر والتناصر، فصاروا يدًا على الناس، وضمّهم اسم تَنُوخ، فكانوا بذلك الاسم، كأنهم عُمارة من العمائر.
    قال: وَتَنَخ عليهم بطون من نُمارة بن لخم. قال: ودعا مالك بن زهير جَذِيمَة الأبرش بن مالك بن فهم بن غانم بن دَوْس الأزدي إلى التُّنوخ معه، وزوّجه أخنه لميس ابنة زهير، فتنخَ جَذيمة بن مالك وجماعة ممن كان بها من قومهم من الأزد، فصار مالك وعمرو ابنا فهم الأزد حُلفاء دون سائر تَنوخ، وكلمة تَنوخ كلها واحدة.
    وكان اجتماع من اجتمع من قبائل العرب بالبحرين وتحالفهم وتعاقدهم أزمان ملوك الطوائف الذين ملكهم الإسكندر، وفرّق البلدان بينهم عند قتله دارا بن دارا ملك فارس، إلى أن ظهر أردشير بن بابك ملك فارس على ملوك الطوائف، وقهرهم ودَان له الناس، وضبط له الملك.
    قال: وإنما سُمّوا ملوك الطوائف؛ لأن كل ملك منهم كان ملكه قليلًا من الأرض، إنما هي قصور وأبيات، وحولها خندق وعدوُّه قريب منه، له من الأرض مثل ذلك ونحوه، يُغِير أحدُهما على صاحبه ثم يرجع كالخطفة.
    قال: فتطلعت أنفسُ منْ كان بالبحرين من العرب إلى ريف العراق، وطمعوا في غلبة الأعاجم على ما يلي بلاد العرب منه أو مشاركتهم فيه، واهتبلوا ما وقع بين ملوك الطوائف من الاختلاف، فأجمع رؤساؤهم بالمسير إلى العراق، ووطّن جماعة ممن كان معهم على ذلك؛ فكان أول مَنْ طلع منهم الحيقار بن الحيق في جماعة قومه وأخلاط من الناس، فوجدوا الأرمانيين - وهم الذين بأرض بابل وما يليها إلى ناحية الموصل - يقاتلون الأردوانيين، وهم ملوك الطوائف؛ وهم فيما بين نِفّر - وهي قرية من سواد العراق إلى الأبلّة وأطراف البادية - فلم تَدِنْ لهم، فدفعوهم عن بلادهم.
    قال: وكان يقال لعاد إرم، فلما هلكت قيل لثمود إرم، ثم سموا الأرمانيين؛ وهم بقايا إرمَ، وهم نَبَط السواد. ويقال لدمشق: إرم.
    قال: فارتفعوا عن سواد العراق وصاروا أشلاء بعدُ في عرب الأنبار وعرب الحيرة، فهم أشلاء قَنَص بن معدّ، وإليهم ينسب عمرو بن عدي بن نصر بن ربيعة بن عمرو بن الحارث بن سعود بن مالك بن عَمَم بن نُمارة بن لخم.
    وهذا قول مضر وحمّاد الرواية؛ وهو باطل، ولم يأت في قَنَص بن معدّ شيء أثبتُ من قول جُبير بن مُطْعِم: إن النعمان كان من ولده.
    قال: وإنما سميت الأنبار أنبار لأنها كانت تكون فيها أنابير الطعام، وكانت تسمّى الأهراء، لأن كسرى يرزق أصحابه رزقهم منها.
    قال: ثم طلع مالك وعمرو، ابنا فَهْم بن تيم الله، ومالك بن زهير بن فَهْم بن تيم الله، وغَطَفان بن عمرو بن الطَّمَثان، وزهير بن الحارث وصُبح بن صُبيح؛ فيمن تَنَحَ عليهم من عشائرهم وحلفائهم على الأنبار، على ملك الأرْمانيين، فطلع نُمارة بن قيس بن نُمارة - والنجدة - وهم قبيلة من العماليق يدعون إلى كندة - وملكان بن كندة، ومالك وعمرو ابنا فَهْم ومَنْ حالفهم، وتَنَح معهم على نِفّر على ملك الآردوانيين، فأنزلهم الحيَر الذي كان بناه بختنصّر لتجار العرب الذين وُجدوا بحضرته حين أمر بغزو العرب في بلادهم، وإدخال الجيوش عليهم، فلم تزل طالعة الأنبار وطالعة نِفَّر على ذلك، لا يدينون للأعاجم، ولا تدين لهم الأعاجم؛ حتى قدمها تُبّع - وهو أسعد أبو كَرِب بن ملكيكرب - في جيوشه، فخلّف بها منْ لم تكن به قوة من الناس، ومن لم يَقْوَ على المضي معه، ولا الرجوع إلى بلاده، وانضمّوا إلى هذا الحِير، واختلطوا بهم؛ وفي ذلك يقول كعب بن جُعيَل بن عُجْرة بن قُمير بن ثعلبة بن عوف بن مالك بن بكر بن حُبيب بن عمرو بن غّنْم بن تغلب بن وائل:
    وغزا تُبّعُ في حِمْيَرَ حتّى ** نزلَ الحِيرةَ مِنْ أهل عَدَنْ


  • #4
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    وخرج تبّع سائرًا ثم رجع إليهم، وأقاموا فأقرّهم على حالهم، وانصرف راجعًا إلى اليمن، وفيهم من كل القبائل من بني لِحْيان؛ وهم بقايا جُرْهم؛ وفيهم جُعفي، وطئ، وكلب، وتميم؛ وليسوا إلا بالحيرة - يعني بقايا جرهم. قال ابن الكلبي: لِحيان بقايا جُرْهم.
    ونزل كثير من تَنّوخ الأنبار والحيرة وما بين الحيرة إلى طفّ الفرات وغربيّه، إلى ناحية الأنبار وما والاها في المظالّ والأخبية، لا يسكنون بيوت المدَر، ولا يجامعون أهلَها فيها، واتّصلت جماعتهم فيما بين الأنبار والحيرة، وكانوا يسمّون عرب الضاحية؛ فكان أول من ملك منهم في زمان ملوك الطوائف مالك بن فَهْم، وكان منزله مما يلي الأنبار. ثم مات مالك، فملك من بعده أخوه عمرو بن فَهْم. ثم هلك عمرو بن فهم، فملك من بعده جذّيمة الأبرش بن مالك بن فَهْم بن غنم بن دَوْس الأزدي.
    قال ابن الكلبي: دَوْس بن عُدْثان بن عبد الله بن نصر بن زَهْران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد بن الغوث بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ.
    قال ابن الكلبي: ويقال إن جَذيمة الأبرش من العاربة الأولى، من بني وبار بن أميم بن لوذ بن سام بن نوح. قال: وكان جَذيمة من أفضل ملوك العرب رأيًا، وأبعدهم مُغارًا، وأشدّهم نِكاية، وأظهرهم حزمًا، وأول من استجمع له الملك بأرض العراق؛ وضمّ إليه العرب، وغزا بالجيوش، وكان به بَرَص، فكنَت العرب عنه، وهابت العرب أن تسميه به وتنسبه إليه إعظامًا له، فقيل: جَذيمة الوضّاح، وجَذيمة الأبرش؛ وكانت مناوله فيما بين الحيرة والأنبار وبقّة وهيت وناحيتها، وعين التَّمْر، وأطراف البرّ إلى الغُوَير والقُطقُطانة وخَفِيّة وما والاها، تُجْبى إليه الأموال، وتَفِد إليه الوفود، وكان غزا طسمًا وجَديسا في منازلهم من جَوّ وما حولهم؛ وكانت طسم وجديس يتكلّمون بالعربية، فأصاب حسانَ بن تبع أسعد أبي كرب، قد أغار على طسْم وجديس باليمامة، فانكفأ جذيمة راجعًا بمن معه، وتأتي خيول تَبّع على سرِية لجذيمة فاجتاحتها، وبلغ جذيمة خَبرُهم، فقال جذيمة:
    ربما أَوفيْتُ في عَلَمٍ ** ترفعَنْ بُردِي شمالاتُ
    في فُتُوّ أنا كالئُهُمْ ** في بلايا غَزْوةٍ باتوا
    ثم أُبْنا غانِمي نَعَمٍ ** وأناسٌ بعدَنا ماتوا
    نحن كنّا في ممرّهم ** إذ ممرّ القومِ خوّاتُ
    ليت شِعري ما أماتَهُمُ ** نحنُ أدلجْنا وهمْ باتوا
    وَلنا كانُوا ونحن إذا ** قال منّا قائلٌ صاتوا
    ولنا البيدُ البِعادُ التي ** أهلُها السودان أشتاتُ
    ثُبَةُ الأخيار شاهدة ** ذاكُمُ قومي وأهلاتي
    قد شربت الخمر وسطهُمُ ** ناعمًا في غيْر أصوات
    فعلى ما كان مِنْ كرَمٍ ** فستبكيني بُنيّاتي
    أنا ربُّ الناسِ كلِّهِمُ ** غيرَ رَبّي الكافِتِ الفاتِ
    يعني بالكافت الذي يكفت أرواحهم، والفات الذي يفيتهم أنفسهم؛ يعني الله عز وجل.
    قال ابن الكلبي: ثلاثة أبيات منها حق، والبقية باطل قال: وفي مغازيه وغاراته على الأمم الخالية من العاربة الأولى يقول الشاعر في الجاهلية:
    أضحى جذيمة في يَبْرِينَ مَنزلِهِ ** قد حازَ ما جمعتْ في دهرِها عادُ
    فكان جَذيمة قد تنبّأ وتكهّن، واتخذ صنمين؛ يقال لهما: الضيزنان - قال: ومكان الضيزنين بالحيرة معروف - وكان يستسقي بهما ويستنصر بهما على العدوّ، وكانت إياد بعين أباغ، وأباغ رجل من العماليق، نزل بتلك العين، فكان يغازيهم؛ فذُكر لجذيمة غلام من لَخم في أخواله من إياد يقال له عدي بن نصر بن ربيعة بن عمرو بن الحارث بن سعود بن مالك بن عمم بن نمارة بن لخم، له جمال وطرف، فغزاهم جذيمة، فبعث إياد قومًا فسقوا سَدَنة الصنمين الخمر، وسرقوا الصنمين، فأصبحا في إياد، فبعث إلى جذيمة: إن صنميك أصبحا فينا، زهدًا فيك ورغبة فينا؛ فإن أوثقت لنا ألا تغزونا رددناهما إليك.
    قال: وعدي بن نصر تدفعونه إلي. فدفعوه إليه مع الصنمين، فانصرف عنهم، وضم عديًّا إلى نفسه، وولّاه شرابه، فأبصرته رَقاشِ ابنة مالك أخت جذيمة، فعشقته وراسلته، وقالت: يا عدي، اخطبني إلى الملك، فإن لك حسبًا وموضعًا، فقال: لا أجترئ على كلامه في ذلك، ولا أطمع أن يزوّجنيك، قالت: إذا جلس على شرابه، وحضرَه ندماؤه، فاسقه صِرفًا، واسقِ القوم مِزاجًا، فإذا أخذت الخمرة فيه، فاخطبني إليه، فإنه لن يردّك، ولن يمتنع منك؛ فإذا زوّجك فأشهِد القوم؛ ففعل الفتى وما أمرتْه به، فلما أخذت الخمرة مأخذَها خطبها إليه، فأملكه إياها، فانصرف إليها، فأعرس بها من ليلته، وأصبح مضرّجًا بالخَلوق، فقال له جذيمة - وأنكر ما رأى به: ما هذه الآثار يا عدي؟ قال: آثار العُرس، قال أي عُرس! قال: عرس رَقاش! قال: من زوّجكها ويحك! قال: زوجَنيها الملك، فضرب جذيمة بيده على جبهته، وأكبّ على الأرض ندامة وتلهّفًا، وخرج عدي على وجهه هاربًا، فلم يُر أثر، ولم يُسمع له بذكر، وأرسل إليه جذيمة، فقال:
    حدثيني وأنتِ لا تَكْذِبيني ** أبِحُرٍّ زَنَيْتِ أم بهجين!
    أم بعبدٍ فأنتِ أهلٌ لعبدٍ ** أمْ بدونٍ فأنت أهلٌ لدونِ
    فقالت: لا بل أنت زوجتَني امرأ عربيًا، معروقًا حسيبًا، ولم تستأمرني في نفسي، ولم أكن مالكة لأمري؛ فكفّ عنها، وعرف عذرَها.
    ورجع عدي بن نصر إلى إياد، فكان فيهم، فخرج ذات يوم مع فتية متصيدين، فرمى به فتىً منهم من لهْب فيما بين جبلين، فتنكّس فمات، واشتملت رَقاشِ على حبَل، فولدت غلامًا، فسمّته عمرًا ورشّحته؛ حتى إذا ترعرع عطّرته وألبسته وحلته، وأزارته خالَه جذيمة، فلما رآه أعجِبَ به، وألقِيتْ عليه منه مِقة ومحبة، فكان يختلف مع ولده، ويكون معهم. فخرج جذيمة متبديًا بأهله وولده في سنة خصبة مكلٍئة، فضرِبت له أبنية في روضة ذات زهرة وغُدُر، وخرج ولده وعمرو ومعهم يجتنون الكمْأة، فكانوا إذا أصابوا كمأة جيدة أكلوها، وإذا أصابها عمرو خبأها في حجزته فانصرفوا إلى جذيمة يتعادون، وعمر ويقول:
    هذا جناي وخياره فيه ** إذ كل جانٍ يدهُ إلىَ فيهِ
    فضمه إليه جذيمة والتزمه، وسر بقوله وفعله، وأمره فجعل له حلى من فضة وطرق، فكان أول عربي ألبس طوقًا، فكان يسمى عمرًا ذا الطوق، فبينما هو على أحسن حاله، إذا استطارته الجن فاستهوته، فضرب له جذيمة في البلدان والآفاق زمانًا لا يقدر عليه. قال: وأقبل رجلان أخوان من بلقين - يقال لهما: مالك وعقيل، ابنا فارج بن مالك بن كعب بن القين بن جسر ابن شيع الله بن أسد بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة - من الشام يريدان جذيمة، قد أهديا له طرفا ومتاعًا، فلما كان ببعض الطريق نزلا منزلًا، ومعهما فينة لهما يقال لها: أم عمرو، فقدمت إليهما طعامًا، فبينما هما يأكلان إذ أقبل فتى عريان شاحب، قد تلبد شعره، وطالت أظفاره، وساءت حاله، فجاء حتى جلس حجرة منهما، فمد يده يريد الطعام، فناولته القينة كراعًا، فأكلها ثم مد يده إليها، فقالت: " تعطى العبد كراعًا فيطمع في الذراع "، فذهبت مثلًا، ثم ناولت الرجلين من شراب كان معها، وأوكت زقها، فقال عمر بن عدي:
    صددت الكأس عنا أم عمر ** وكان الكأس مجراها اليمينا
    ما شر الثلاثة أم عمرو ** بصاحبك الذي لا تصحبينا!
    فقال مالك وعقيل: من أنت يا فتى؟ فقال: إن تنكراني أو تنكرا نسبي، فإني أنا عمرو بن عدي، ابن تنوخية، اللخمى، وغدًا ما ترياني في نمارة غير معصى.
    فنهضا إليه فضماه وعسلا رأسه، وقلما أظفاره، وأخذا من شعره وألبساه مما كان معهما من الثياب وقالا: ما كنا لنهدي لجذيمة هدية أنفس عنده، ولا أحب إليه من ابن أخته، قد رده الله عليه بنا. فخرجا به، حتى دفعا إلى باب جذيمة بالحيرة، فبشراه، فسر بذلك سرورًا شديدًا، وأنكره لحال ما كان فيه، فقالا: أبيت اللعن! إنّ من كان في مثل حاله يتغير.
    فأرسل به إلى أمه، فمكث عندها أيامًا ثم أعادته إليه، فقال: لقد رأيته يوم ذهب وعليه طوق، فما ذهب عن عيني ولا قلبي إلى الساعة، فأعادوا عليه الطوق، فلما نظر إليه قال: شب عمرو عن الطوق، فأرسلها مثلًا، وقال لمالك وعقيل: حكمكما، قالا: حكمنا منادمتك ما بقينا وبقيت! فهما ندمانا جذيمة اللذان ضربا مثلًا في أشعار العرب، وفي ذلك يقول أبو خراش الهذلي:
    لعمرك ما ملت كبيشة طلعتي ** وإن ثوائي عندها لقليل
    ألم تعلمي أن قد تفرق قبلنا ** نديمًا صفاء مالك وعقيل
    وقال متمم بن نويرة:
    وكنا كندماني جذيمة حقبة ** من الدهر حتى قيل لن يتصدعا
    فلما تفرقنا كأني ومالكًا ** لطولِ اجتماع لم نبت ليلة معا
    وكان ملك العرب بأرض الجزيرة ومشارف بلاد الشام عمرو بن ظرب ابن حسان بن أذينة بن السميدع بن هوبر العملق - ويقال العمليق، من عاملة العماليق، فجمع جذيمة جموعًا من العرب، فسار إليه يريد غزاته، وأقبل عمرو بن ظرب بجموعه من الشام، فالتقوا، فاقتتلوا قتالًا شديدًا، فقتل عمرو بن ظرب، وانفضت جموعه، وانصرف جذيمة بمن معه سالمين غانمين، فقال في ذلك الأعور بن عمرو بن هناءة بن مالك بن فهم الأزدي:
    كأن عمرو بن ثربى لم يعش ملكًا ** ولم تكن حوله الرايات تختفقُ
    لاقى جذيمة في جاواء مشعلةٍ ** فيها حراشف بالنيران ترتشق

  • صفحة 20 من 21 الأولىالأولى ... 1018192021 الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 5 (0 من الأعضاء و 5 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. الرزء الأليم
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الحـــوار العام للمغتربين السوريينDialogue Discussion Forum
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 07-06-2010, 06:39 PM
    2. فن الرسم في الماء
      بواسطة رامون في المنتدى مكتبــة صــــور المنتدى
      مشاركات: 6
      آخر مشاركة: 07-03-2010, 10:24 PM
    3. فن الرسم على البطاطس
      بواسطة رامون في المنتدى مكتبــة صــــور المنتدى
      مشاركات: 8
      آخر مشاركة: 06-07-2010, 09:56 PM
    4. فن الرسم بالقهوة
      بواسطة رامون في المنتدى مكتبــة صــــور المنتدى
      مشاركات: 5
      آخر مشاركة: 06-06-2010, 01:19 AM
    5. فن الرسم في الفحم
      بواسطة رامون في المنتدى مكتبــة صــــور المنتدى
      مشاركات: 5
      آخر مشاركة: 06-02-2010, 07:42 PM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1