صفحة 20 من 20 الأولىالأولى ... 10181920
النتائج 77 إلى 80 من 80

الموضوع: تجارب أمم المجلد الثالث

العرض المتطور


  1. #1
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    خطب يزيد بن الوليد الناس بعد قتل الوليد فقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه:
    « أيّها الناس إني والله ما خرجت أشرا ولا بطرا ولا حرصا على الدنيا ولا رغبة في الملك وما بي إطراء لنفسي. إني لظلوم لنفسي إن لم يرحمني ربّى ولكني خرجت غضبا لله ورسوله ودينه، وداعيا إلى الله وكتابه وسنّة نبيه لمّا هدمت معالم الهدى وأطفئ نور أهل التقوى وظهر الجبّار العنيد المستحلّ لكلّ حرمة والراكب كلّ بدعة مع أنّه والله ما كان يصدّق بالكتاب، ولا يؤمن بيوم الحساب وأنّه لابن عمّى في النسب وكفئى في الحسب.
    فلمّا رأيت ذلك استخرت الله في أمره وسألته ألّا يكلني إلى نفسي ودعوت إلى ذلك من أجابنى من أهل ولايتي وسعيت فيه حتى أراح الله منه العباد والبلاد بحول الله وقوّته لا بحولي وقوّتى.
    « أيّها الناس إنّ لكم عليّ ألّا أضع حجرا على حجر ولا لبنة على لبنة، ولا أكرى نهرا، ولا أكنز مالا ولا أعطيه زوجة ولا ولدا، ولا أنقل مالا من بلد حتى أسدّ ثغر ذلك البلد، وخصاصة أهله بما يغنيهم فإن فضل فضل نقلته إلى البلد الذي يليه ممّن هو أحوج إليه ولا أجمركم على ثغوركم فأفتنكم وأفتن عليكم أهليكم ولا أغلق بابى دونكم، فيأكل قوّيكم ضعيفكم، ولا أحمل على أهل جزيتكم ما يجليهم عن بلادهم ويقطع نسلهم، وإنّ لكم أعطياتكم عندي في كل سنة وأرزاقكم في كل شهر، حتى تستدرّ المعيشة بين المسلمين فيكون أقصاهم كأدناهم. فإن أنا وفيت لكم بما قلت فعليكم السمع والطاعة وحسن المؤازرة وإن أنا لم أف لكم أن تخلعونى إلّا أن تستتيبونى فإن تبت قبلتم مني وإن علمتم أحدا ممّن يعرف بالصلاح يعطيكم من نفسه مثل ما أعطيكم فأردتم أن تبايعوه فأنا أوّل من يبايعه ويدخل في طاعته » « أيّها الناس، إنّه لا طاعة للمخلوق في معصية الخالق ولا وفاء له بنقض عهد. إنّما الطاعة طاعة الله فمن أطاع فأطيعوه بطاعة الله ما أطاع، فإذا عصى الله ودعا إلى معصيته، فهو أهل أن يعصى ويقتل. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم. » ثم دعا إلى تجديد البيعة له فكان أوّل من بايعه الأفقم يزيد بن هشام وبايعه قيس بن هانئ فقال:
    « يا أمير المؤمنين، اتّق الله ودم على ما أنت عليه فما قام مقامك أحد من أهل بيتك، وإن قالوا: عمر بن عبد العزيز، فأنت أخذتها بحبل صالح وإنّ عمر أخذها بحبل سوء. » فلمّا بلغ قوله مروان بن محمّد قال:
    « ما له قاتله الله ذمّنا جميعا وذمّ عمر وحقدها. »
    فلمّا ولى بعث رجلا وقال له:
    « إذا دخلت مسجد دمشق فانظر قيس بن هانئ فإنّه طالما صلّى فيه فاقتله. » « فانطلق الرجل، فدخل المسجد، فرأى قيسا يصلّى، فقتله.
    عزل يزيد يوسف بن عمر عن العراق وتولية منصور بن جمهور

    وفي هذه السنة عزل يزيد بن الوليد يوسف بن عمر عن العراق وولّاها منصور بن جمهور. ولمّا استوسق أهل الشام ليزيد بن الوليد على الطاعة عزل يوسف عن العراق وولّاها منصور بن جمهور، فسار وهو سابع سبعة. فبلغ خبره يوسف بن عمر، فهرب وقدم منصور بن جمهور الحيرة في رجب، وكان منصور أعرابيّا جافيا غيلانيّ الرأي وإنّما صار مع يزيد لرأيه في الغيلانيّة وحميه لقتل يوسف خالدا فلمّا ولّاه يزيد، وصّاه وقال:
    « اتق الله وسر وأنت تستشعر التقوى، وأعلم إني إنّما قتلت الوليد لفسقه ولما أظهر من الجور، فلا تركب مثل ما قتلناه عليه. » فلمّا صار بالحيرة، كتب إلى سليمان بن سليم بن كيسان:
    « أمّا بعد، فإن الله لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حتى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذا أَرادَ الله بِقَوْمٍ سُوْءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ. وإنّ الوليد بدّل نعمة الله كفرا، فسفك الله دمه وعجّله إلى النار وولّى خلافته من هو خير منه وأحسن هديا وقد بايعه الناس. وولّى على العراق الحارث بن العبّاس بن الوليد وجّهنى العبّاس لأخذ يوسف وعمّاله، وقد نزل الأبيض وهو ورائي. فخذ يوسف وعمّاله ولا يفوتنّك منهم أحد فاحبسهم قبلك، وإيّاك أن تخالف فيحلّ بك وبأهل بيتك ما لا قبل لك ولهم به. فاختر لنفسك أو دع. » فلمّا ورد الكتاب على سليمان بن سليم مع كتب كتبها إلى جماعة من قوّاد الشام، أوصلت الكتب كلّها سليمان بن سليم وسئل أن يفرّقها في الجند.
    فدخل سليمان على يوسف بن عمر، وأقرأه كتاب منصور إليه، فبعل به وقال:
    « ما الرأي؟ » فقال:
    « ليس لك إمام تقاتل معه ولا تقاتل أهل الشام، الحارث بن العبّاس معك، ولا آمن من منصور إن قدر عليك لما في نفسه من أجل خالد، وما الرأي إلّا أن تلحق بشامك. » قال:
    « هو رأيي. فكيف الحيلة؟ » قال:
    « تظهر الطاعة ليزيد، وتدعو له في خطبتك، فإذا قرب منصور بن جمهور وجّهت معك من أثق به. »
    ففعل. فلمّا نزل منصور بحيث يصبّح البلد، خرج يوسف إلى منزل سليمان فأقام أيّاما ثم وجّه معه من أخذ به طريق السماوة حتى صار إلى البلقاء. وكان يوسف وجّه رجلا من بنى كلاب في خمسمائة وقال لهم:
    « إن مرّ بكم يزيد بن الوليد نفسه فلا تدعنّه يجوز. » فأتاهم منصور بن جمهور في سبعة فلم يهيجّوه فانتزع سلاحهم منهم وأدخلهم الكوفة.
    ولمّا بلغ يوسف البلقاء رفع خبره إلى يزيد بن الوليد فوجّه قائدا في خمسين رجلا وقال له:
    « ائتني بيوسف. » فأتى البلقاء وطلبه في منزله فلم يجده ورأى ابنا فرهّبه. فقال:
    « أنا أدلّك عليه. » وذهب به إلى مزرعة فوجدوه في ثياب النساء جالسا مع نسوة، فألقين عليه قطيفة خزّ، وجلسن على حواشيها حاسرات، فجرّوا برجله وأقبلوا به إلى يزيد، فلقيه عامل ليزيد على نوبة من نوائب الحرس، فأخذ بلحيته وهزّها ونتف بعضها - وكان من أعظم الناس لحية وأصغرهم قامة - فلمّا دخل على يزيد قبض على لحيته وكانت حينئذ تجوز سرّته وجعل يقول:
    « نتف والله يا أمير المؤمنين لحيتي فما بقّى فيها شعرة. » فأمر يزيد بحبسه في الخضراء، فدخل عليه محمّد بن راشد فقال له:
    « أما تخاف أن يطلع عليك بعض من قد وترت فيلقى عليك حجرا فيقتلك؟ » قال:
    « لا والله ما فطنت لهذا فنشدتك الله إلّا كلّمت أمير المؤمنين في تحويلي إلى محبس غير هذا وإن كان أضيق منه. » « ما غاب عنك من حمقه أكثر، وما حبسته إلّا لأردّه إلى العراق فيقام للناس وتؤخذ منه المظالم من ماله ودمه. » فأخبرت يزيد. فقال وأمّا منصور بن جمهور فإنّه فتح الخزائن وفرّق في الناس استحقاتهم وأحسن إلى جميعهم.
    امتناع نصر بن سيار لعامل منصور بن جمهور

    وفي هذه السنة امتنع نصر بن سيّار بخراسان لعامل منصور بن جمهور وكان يزيد بن الوليد قد ولّاها منصورا مع العراق.
    ذكر الخبر عن ذلك

    كنّا ذكرنا ما أعدّه نصر من الهدايا وشخوصه متوجّها إلى يوسف بن عمر بالعراق وتباطئه في سفره حتى ورد عليه الخبر بقتل الوليد. فحكى بشير بن نافع وكان على سكك العراق قال: لمّا أقبل منصور بن جمهور أميرا على العراق هرب يوسف بن عمر، فوجّه منصور أخاه منظور بن جمهور على الريّ، فأقبلت مع منظور إلى الريّ وقلت: اقدم على نصر فأخبره. لمّا وردت على نصر وأخبرته كان الخبر عنده، فأمر حميدا مولاه أن يحملني إلى عنده، وأكرمنى وأمر لي بجارية. ثم دخل إلى نصر قوم فيهم يونس بن عبد الله وعبيد الله بن هشام وسلم بن أحوز، فأرسل إليّ وقال: أخبرهم.
    فلمّا أخبرتهم كذّبونى فقلت: أستوثق من هولاء. فلمّا مضت ثلاث وكّل بي ثمانين رجلا من الحرس، فأبطأ الخبر إلى الليلة التاسعة، ثم جاءهم الخبر ليلة النيروز على ما وصفت، فصرف عامّة تلك الهدايا إلى أربابها وأعتق الرقيق وقسّم روقة الجواري في ولده وخاصّته، وقسّم تلك الأوانى في الناس ووجّه العمّال وأمرهم بحسن السيرة.
    وأرجفت الأزد بخراسان أن منظور بن جمهور قادم خراسان. فخطب نصر وقال في خطبته:
    « إن جاءنا أمير ظنين قطعنا يديه ورجليه. » ثم باح به بعد وقال:
    عدوّ الله المخذول المتبور. » وولّى نصر ربيعة واليمن وولّى كلّ من ظنّ عنده خيرا وأمرهم بحسن السيرة ودعا الناس إلى البيعة وكان نصر وليّ عبد الملك بن عبد الله السلمى خوارزم فخطبهم وقال في خطبته:
    « والله ما أنا بالأعرابيّ الجلف، ولا القرويّ المستنبط، ولقد كدمتنى الأمور وكدمتها. أما والله لأضعنّ السيف موضعه، والسوط مضربه، والسجن مدخله. ثم لتجدنّى غشمشما أعشبى الشجر ولتستقيمنّ لي على الطريقة رقص البكارة في السّنن الأعظم، ولأصكّنّكم صكّ القطاميّ القطا القارب. »
    وقوع اختلاف بخراسان

    وفي هذه السنة وقع الاختلاف بخراسان بين اليمانية والنزارية.
    وأظهر فيها الكرمانيّ الخلاف لنصر بن سيّار واجتمع مع كلّ واحد منهما جماعة لنصرته.
    وفيها أظهر مروان بن محمّد الخلاف وكتب إلى الغمر بن يزيد أخي الوليد بن يزيد كتابا بليغا يأمره بالطلب بدم أخيه الوليد.
    تولية عبد الله بن عمر العراق

    وفيها عزل يزيد منصور بن جمهور عن العراق وولّاها عبد الله بن عمر بن عبد العزيز بن مروان. وكان عبد الله بن عمر هذا متألّها فدعاه يزيد بن الوليد وقال:
    « إنّ أهل العراق يميلون إلى أبيك فسر إليها فقد ولّيتكها. » فلمّا شخص قدّم بين يديه رسلا وكتب إلى قوّاد الشام الّذين بالعراق، وخاف إلّا يسلّم منصور بن جمهور العمل، فانقاد له الكلّ، وسلّم منصور بن جمهور، وانصرف إلى الشام وفرّق عبد الله بن عمر عمّاله وأعطى الناس أرزاقهم وأعطياتهم. وكتب إلى نصر بعهده على خراسان. وكان المنجّمون ذكروا لنصر أنّ خراسان ستكون بها فتنة. فأمر نصر برفع حاصل بيت المال، وأعطى الناس بعض أعطياتهم ورقا وذهبا من الآنية التي كان اتّخذها للوليد بن يزيد.
    وكان أوّل من تكلّم رجل من كندة أفوه طوال فقال:
    « العطاء، العطاء. » فلمّا كانت الجمعة، أمر نصر رجلا من الحرس، فلبسوا السلاح، وفرّقهم في المسجد مخافة أن يتكلّم متكلّم، فقام الكنديّ فقال:
    « العطاء، العطاء. » وقام مولى للأزد يلقّب أبا الشياطين فتكلّم، وقام آخرون فقالوا:
    « العطاء، العطاء. » فقال نصر:
    « عليكم بالطاعة والجماعة، اتّقوا الله واسمعوا ما توعظون. » فصعد سلم بن أحوز وهو على المنبر فكلّمه فقالوا:
    « ما يغنى كلامك هذا شيئا. » ووثب أهل السوق إلى أسواقهم، فغضب نصر وقال:
    « إيّاى والعصبيّة ما لكم عندي عطاء بعد يومكم هذا. » ثم قال:
    http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg

    مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني

رد مع اقتباس رد مع اقتباس  


  • #2
    الحالة : غياث غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Mar 2010
    رقم العضوية: 89
    الدولة: مافي مكان محدد سفر رايح راجع
    الإهتمامات: الشعر ورياضة وسفر
    السيرة الذاتية: انسان عادي جدا جدا هادئ مزاجي قليلا شغلي هو حياتي وسفري كمان بحب شي اسمو حرية انسان بمعنى كلمة
    العمل: تنظيم معارض ومؤتمرات
    المشاركات: 802
    الحالة الإجتماعية: عازب
    معدل تقييم المستوى : 61
    Array

    الله يعنيك كيف استحملت على هيك موضوع يعطيك عافية

    اجمل مافي الكون ان تعيش للابد مع من تحب
    وان تضحك وفي عينيك الف دمعة

    لستم في صفحه في كتاب وانطوت
    ولا كلمات قد قيلت وانتهت
    ولا لحظات قد امضيناها ومضت
    فمودتكم في القلب قد نقشت


  • #3
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غياث مشاهدة المشاركة
    الله يعنيك كيف استحملت على هيك موضوع يعطيك عافية
    منور غياثو حبيب الشعب
    http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg

    مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني



  • #4
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    « لا أرى الدروب إلّا وقد غلّقت فلو أقمت. » فقال أبي: « إنّ الدروب لا تغلق دوني. »
    فقال: « بلى، قد أغلقت. » قال: فظنّ أبي أنّه يريد أن يحتبسه ليسكن من مسيره، ثم يسائله، فقال:
    « يا غلام، اذهب، فهيّئ لأبي الفضل في منزل محمّد بن أبي عبيد الله مبيتا. » فلمّا رأى أنّه يريد أن يخرج من الدار، قال:
    « فليس تغلق الدروب دوني. » ثم قام، فلمّا خرجنا من الدار أقبل عليّ فقال:
    « يا بنيّ، أنت أحمق. » قلت: « وما حمقى؟ » قال: « تقول في نفسك كان ينبغي ألّا تجيء وكان ينبغي إذ جئت فحجبنا ألّا تقيم حتى صلّيت العتمة، وأن ترجع فتنصرف ولا تدخل، وكان ينبغي إذ دخلت فلم يقم لك، أن ترجع ولا تقيم عليه ولا تجلس بين يديه، ولم يكن الصواب إلّا ما عملته كلّه ولكن والله الذي لا إله إلّا هو - واستغلق في اليمين - لأخلقنّ جاهي ولأنفقنّ مالي حتى أبلغ مكروه أبي عبيد الله. » قال: ثم جعل يضطرب بجهده فلا يجد مساغا إلى مكروهه ويحتال الحيل، حتى ذكر القشيري الذي كان أبو عبيد الله حجبه، وكان هذا الرجل في مسامرى المهديّ بنيسابور وبالريّ وفيمن يأنس به، فعارض أبا عبيد الله يوما بين يدي المهديّ في أمر، فتقدّم أبو عبيد الله بأن يحجب عن المهديّ، وأسقط اسمه، فأرسل إليه أبي فجاءه فقال:
    « إنّك قد علمت ما ركبك به أبو عبيد الله، وقد بلغ مني كلّ غاية من المكروه وقد أرغت أمره بجهدى فما وجدت عليه طريقا فعندك حيلة في أمره؟ » فقال: « إنّما يؤتى أبو عبيد الله من أحد وجوه أذكرها لك. يقال: هو جاهل بصناعته، فأبو عبيد الله أحذق الناس. أو يقال: هو ظنين فيما يتقلّده، فأبو عبيد الله أعفّ الناس لو أنّ بنات المهديّ في حجره كان لهنّ موضعا. أو يقال: هو يميل إلى أن يخالف السلطان فليس يؤتى أبو عبيد الله من ذلك الّا أنّه يميل إلى القدر. أو يقال: هو متّهم في الله. فأبو عبيد الله ذو عقد وثيق ولكن هذا كلّه مجتمع لك في ابنه. » قال: فتناوله الربيع، فقبّل بين عينيه، ثم دبّ لابن أبي عبيد الله. فو الله ما زال يحتال ويدّس إلى المهديّ ويتّهمه ببعض حرم المهديّ، ويحقّق عليه الزندقة حتى استحكم عند المهديّ الظنّة بمحمّد بن أبي عبيد الله، فأمر فأحضر وأخرج أبو عبيد الله فقال:
    « يا محمّد، اقرأ القرآن. » فذهب ليقرأ، فاستعجم عليه، فقال:
    « يا معاوية، ألم تعلمني أنّ ابنك جامع للقرآن؟ » قال: « قد أخبرتك يا أمير المؤمنين، ولكنّه فارقني منذ سنين، وفي هذا المدّة نسى القرآن. » قال: « قم، فتقرّب إلى الله تعالى بدمه. » قال: فذهب يقوم فوقع، فقال العبّاس بن محمّد:
    « إن رأيت يا أمير المؤمنين أن تعفى الشيخ، فإنّه يضعف عن ذلك. » قال: ففعل، وأمر به فأخرج وضربت عنقه. قال: واتهمه المهديّ في نفسه.
    فقال له الربيع:
    « قتلت ابنه، وليس ينبغي أن يكون معك ولا أن تثق به. » قال: فأوحش المهديّ منه، وكان من أمره ما كان. وبلغ الربيع ما أراد واشتفى وزاد.
    ودخلت سنة اثنين وستين ومائة

    وتتابعت السنون إلى سنة ستّ وستين ومائة لم يجر فيها ما يكتب ويستفاد به شيء.
    غضب المهدي على يعقوب بن داود

    ولمّا كانت سنه ستّ وستّين ومائة، غضب المهديّ على يعقوب بن داود.
    ذكر السبب في ذلك

    كان يعقوب بن داود محبوسا في المطبق حتى من عليه المهديّ. وسبب حبسه أنّ أباه داود بن طهمان وإخوته كانوا كتّابا لنصر بن سيّار، ولمّا كانت أيّام يحيى بن زيد، كان يدسّ إليه وإلى أصحابه ما يسمع من نصر ويحذّرهم.
    فلمّا خرج أبو مسلم يطلب بدم يحيى بن زيد ويقتل قتلته والمعينين عليه، أتاه داود بن طهمان مطمئنّا إليه لما كان يعلم ممّا جرى بينهما فأمنه أبو مسلم ولم يعرض له في نفسه، لكنّه أخذ أمواله التي استفادها أيّام نصر، وترك له ضيعة كانت له قديمة.
    فلمّا مات داود خرج ولده أهل أدب وعلم بأيّام الناس وسيرهم وأشعارهم، ونظروا فإذا ليس لهم عند بنى العبّاس منزلة، فلم يطمعوا في خدمتهم لحال أبيهم من كتابة نصر. فأظهروا مقالة الزيدية ودنوا من آل الحسن طمعا في أن تكون لهم دولة فيعيشوا فيها.
    فكان يعقوب منفردا يجول البلاد، وكان مع إبراهيم بن عبد الله أحيانا في طلب البيعة لمحمّد بن عبد الله. فلمّا ظهر إبراهيم بالبصرة كان معه، فلمّا قتل محمّد وإبراهيم تواروا، فأمر المنصور بطلبهم، فأخذ يعقوب وأخوه عليّ فحبسهما في المطبق، فبقوا أيّام حياة المنصور إلى أن من المهديّ عليهما وأطلقهما.
    ثم لم تزل منزلته ترتفع عند المهديّ حتى استوزره وتجاوز مرتبة الوزارة، حتى فوّض إليه أمر الخلافة، فأرسل إلى الزيديّة، فأتى بهم من كلّ أوب وولّاهم من أمور الخلافة في الشرق والغرب كلّ عمل جليل نفيس والدنيا كلّها في يده، فكثر حسّاده وسعى عليه الموالي حتى قيل للمهديّ:
    « إنّ الشرق والغرب في يد يعقوب وأصحابه، وقد كاتبهم وإنّما يكفيه أن يكتب إليهم فيثوروا في يوم واحد على ميعاد فيأخذوا الدنيا كلّها لمن شاء. » فكان ذلك ملأ قلب المهديّ.
    وكان يعقوب بن داود قد عرف من المهديّ خلقا واستهتارا بذكر النساء والجماع. وكان يعقوب يصف له من نفسه شيئا كثيرا، وكذلك كان المهديّ، فيقول خدم المهديّ:
    « هو على أن يصبح فيثور بيعقوب. » فإذا أصبح غدا عليه يعقوب وقد بلغه الخبر، فإذا نظر إليه تبسّم فيقول:
    « اقعد بحياتى فحدّثني. » فيقول:
    « خلوت بجاريتي فلانة، فكان فكان، وقالت وقلت. » فيضع لذلك حديثا، فيحدّث المهديّ بمثل ذلك ويفترقان على الرضا، فيبلغ ذلك من يسعى على يعقوب فيتعجّب منه.
    ذكر السبب في تمكن السعاة على يعقوب مع حظوته

    خرج ليلة يعقوب من عند المهديّ وقد ذهب من الليل أكثره، وعليه طيلسان يتقعقع، فصادف غلاما آخذا بعنان دابّة معه أشهب وقد نام الغلام، فذهب يعقوب يسوّى طيلسانه، فتقعقع، فنفر البرذون وسقط يعقوب ودنا منه يعقوب فاستدبره وضربه ضربة على ساقه فكسرها. وسمع المهديّ الوجبة، فخرج حافيا فلمّا رأى ما به أظهر الجزع والتفزّع، ثم أمر به فحمل في محفّة إلى منزله، ثم غدا عليه المهديّ مع الفجر، وبلغ ذلك الناس، فغدوا عليه فعادوه ثلاثة متتابعة مع أمير المؤمنين ثم قعد عن عيادته وأقبل يرسل إليه يسأله عن حاله، فلمّا فقد وجهه تمكّن السعادة من المهديّ فلم يأت عاشره حتى أظهر سخطه.
    وأمّا السبب الذي يحدّث به يعقوب نفسه بعد موت المهديّ فهو ما حكاه ابنه عليّ بن يعقوب عن أبيه قال: بعث المهديّ إليّ يوما، فدخلت عليه، فإذا هو في مجلس مفروش بفرش مورّد متناه في السرو على بستان فيه شجر رؤوس الشجر من صحن المجلس، وقد اكتسى ذلك الشجر بالأوراد والأزهار من الخوخ والتفّاح وكلّ ذلك مورّد يشبه فرش المجلس الذي كان فيه، فما رأيت شيئا أحسن منه، وإذا عنده جارية ما رأيت أحسن منها ولا أسد قواما ولا أحسن اعتدالا، عليها نحو تلك الثياب، فما رأيت أحسن من جملة ذلك المجلس فقال لي:
    « يا يعقوب، كيف ترى مجلسنا هذا؟ » فقلت: « على غاية الحسن، فمتّع الله أمير المؤمنين به وهنّأه إيّاه. » قال: « هو لك، أحمله بما فيه، وهذه الجارية ليتمّ سرورك. » قال: فدعوت له بما يحبّ.
    قال: ثم قال لي:
    « يا يعقوب، ولى إليك حاجة. » قال: فوثبت قائما، ثم قلت:
    « يا أمير المؤمنين، ما هذه إلّا لموجدة، وأنا أستعيذ بالله من سخط أمير المؤمنين. » قال: « لا ولكن أحبّ أن تضمن لي قضاءها، فإني لم أسلكها من حيث تتوهّم، وإنّما قلت ذلك على الحقيقة، فأحبّ أن تضمن لي هذه الحاجة أن تقضيها لي. » قلت: « الأمر لأمير المؤمنين، وعليّ السمع والطاعة. » قال: « والله؟ » قلت: « والله ثلاثا ».
    قال: « وحياة رأسك. » قال: « فضع يدك عليه واحلف به. » قال: فوضعت يدي عليه وحلفت به لأعملنّ بما قال ولأقضيّن حاجته. فلمّا استوثق مني في نفسه قال:
    « هذا فلان بن فلان من ولد عليّ أحبّ أن تكفيني مؤونته وتريحني منه وتعجّل ذلك. » فقلت: « أفعل. » قال: « فخذه إليك. » قال: فحوّلته إليّ وحوّلت الجارية وجميع ما كان في البيت والمجلس من فرش وآلة وأمر لي بمائة ألف درهم. قال: فحملت ذلك جملة ومضيت به، فلشدّة سروري بالجارية صيّرتها في مجلس بيني وبينها ستر، وبعثت إلى العلويّ فأدخلته إليّ وسألته عن حاله، فأخبرني بها وإذا ألبّ الناس وأحسنهم إبانة.
    قال: وقال لي في بعض ما يقول:
    « ويحك يا يعقوب، تلقى الله بدمى وأنا رجل من ولد فاطمة بنت محمّد ؟ » قال: قلت: لا والله، فهل فيك أنت خير » قال: « إن فعلت خيرا شكرت ولك عندي دعاء واستغفار. » قال: قلت له:
    « فإني أطلقك، فأيّ الطرق أحبّ إليك؟ » قال: « طريق كذا. » قلت: « فمن هاهنا ممّن تأنس به وتثق بموضعه. » قال: « فلان وفلان. » قلت: « فابعث إليهما، وخذ هذا المال وامض معهما مصاحبا في ستر الله، وموعدك وموعد هما للخروج من دارى إلى موضع كذا وكذا الذي اتفقنا عليه في وقت كذا وكذا من الليل. » فإذا الجارية قد حفظت عليّ قولي، فبعثت به مع خادم لها إلى المهديّ وقالت:
    « هذا جزاؤك من الذي آثرته على نفسك، صنع وفعل. » حتى ساقت الحديث كلّه.
    قال: وبعث المهديّ من وقته فشحن تلك الطرق والمواضع التي وصفها يعقوب والعلويّ برجال، فلم يلبث أن جاءوه بالعلويّ بعينه وصاحبيه والمال على النسخة التي حكتها الجارية.
    قال: وأصبحت من غد ذلك اليوم، فإذا رسول المهديّ يستحضرني. قال: وكنت خالي الذرع غير ملق إلى أمر العلويّ بالا حتى أدخل على المهديّ وأجده على كرسيّ في يده مخصرة.
    فقال: « يا يعقوب ما حال الرجل؟ » قلت: « يا أمير المؤمنين، قد أراحك الله منه. » قال: « مات؟ » قلت: « نعم. » قال: « والله؟ » قلت: « والله؟ » قال: « فقم وضع يدك على رأسى. » قال: فوضعت يدي على رأسه وحلفت له به.
    قال: فقال:
    http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg

    مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني


  • صفحة 20 من 20 الأولىالأولى ... 10181920

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. تجارب أمم المجلد الثاني
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 87
      آخر مشاركة: 06-14-2010, 09:53 AM
    2. أربع اخطاء في تذويب الطعام المجمد
      بواسطة أحمد فرحات في المنتدى ملتقى المطبخ والمأكولات والحلويات السورية Syrian food and sweets
      مشاركات: 6
      آخر مشاركة: 06-10-2010, 03:26 AM
    3. انطلاق السباق المحلي السادس بقطر
      بواسطة أحمد فرحات في المنتدى الملتقى الرياضي وكرة القدم Football & Sports Forum
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 05-11-2010, 12:27 PM
    4. العشى الليلي Night blindness
      بواسطة Dr.Ahmad في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 1
      آخر مشاركة: 03-11-2010, 01:57 PM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1