من الواضح أن محافظ اللاذقية الجديد غير مقتنع بالجلوس في مكتبه، وأن بإمكانه أن يسيَّر أمور المحافظة وهو يتنقل بين قرية وأخرى وبين جهة عامة وأخرى دون أن يوفر المدارس والروضات حتى..
والنتيجة أنه حمل لقب المحافظ "المرعب" وسط تقبل عامة الناس لسلوكه خاصة وأنه أجبر جميع الموظفين على الالتزام بأبسط شروط العمل وهو الدوام من بدايته حتى نهايته بعدما كانت السمة البارزة لموظفي من الجهات العامة وخاصة في الأرياف ترك العمل خلال ساعات الصباح...هذا مع ملاحظة أن الكثيرين يقبضون رواتبهم وهم جالسون في بيوتهم (هيك دبروا دوامهم منذ البداية).
أعرف قصة امرأة موظفة في جهة رسمية في إحدى القرى منذ أكثر من 20 عاماً تذهب إلى مقر عملها الذي يبعد عن بيتها 200م فقط عند آخر كل شهر لقبض الراتب؟! الأمر الذي لم يعد ينفع مع المحافظ الجديد الذي يعتقد أن وقت الوظيفة هو للعمل، وليس للجلوس في المنزل مهما كانت الظروف إلا بما يسمح به القانون.
وهكذا تمكن المحافظ الجديد الشجاع من إلزام الجميع في محافظة اللاذقية بالالتزام بدوامهم.
واللافت أن المحافظ الجديد والذي تتفوق قصصه في محافظة اللاذقية حتى على أخبار درعا وليبيا واليابان...لديه إذن جيدة للاستماع.
ففي إحدى جولاته شاهد موظفاً في بلدية إحدى قرى جبلة يدخن داخل بناء البلدية فقال له دون أن يعرف عن نفسه لماذا تدخن يا أخ ألا تعرف أن هناك مرسوم بمنع التدخين في أماكن العمل...قال له الموظف "دخن عليها تنجلي"
فقال له "وما الذي سينجلي" فحكى له الموظف عن ممارسات غير سليمة ترتكب داخل البلدية ما دفع المحافظ لفتح تحقيق كشفت من خلاله قصص فساد عديدة في البلدية.
على كل سواء لقب المحافظ "بالمرعب" أم لم يلقب فإنه تمكن من إحداث نوع من الرضى لدى الأهالي خاصة، وان "رعب" المحافظ لم يتوقف عند إلزام الموظفين بالدوام وإنما بمراعاة مصالح المواطنين وتأمين طلباتهم بأسرع وقت ممكن وعدم المماطلة في معاملاتهم الرسمية.
وإن كانت ملاحظتنا صحيحة فإن محافظ اللاذقية الجديد لا بدَّ وأنه قام بدراسة محافظة اللاذقية جيداً، والأهم من ذلك ربما أنه يملك عقلية ورؤية تقول بأن القضاء على الفساد يأتي أولاً من إصلاح الإدارات والمؤسسات وتحسين خدماتها.