رجلفقير تزوج منامرأة وأنجبا طفلا , فقرر الرجل السفر لطلب العيش , فاتفق مع امرأته على عشرين عامامن السفر , وإذا زادوا يوما واحدا فأن المرأة حرة طليقة تفعل ما تشاء ... واوعدتهزوجته بذلك

وسافر وترك امرأته وولده الذي لم يبلغ شهرا واحدا

سافرإلى إحدى البلدان

حيث عمل في طاحونة قمح عند رجل جيد

وسر منه صاحبالطاحونة لنشاطه

وبعد عشرين عاما قال لصاحب الطاحونة :- لقد قررت العودةإلى البيت

لان امرأتي أوعدتني بأن تنتظرني عشرين عاما

وأريد أن أرىما الذي يجري هناك

قال له صاحب الطاحونة :- اشتغل عندي عاما آخر .. أرجوكلقد تعودت عليك كما يتعود الأب على ابنه

قال الرجل :- لا أستطيع لقد طلبتالدار أهلها .. وحان الوقت كي أعود فقد مضى على غيابي عشرون سنة وإذا لم اعد إلىالبيت هذا العام فأن زوجتي ستتركه فأعطاه صاحب الطاحونة ثلاث قطع ذهبية

وقال له :- هذا كل ما املك خذها فأنها ليست بكثيرة عليك

اخذ الرجلالقطع الذهبية الثلاث واتجه نحو قريته وفي طريقه إلى القرية لحق به ثلاثة من المارةكان اثنان من الشباب والثالث رجل عجوز تعارفوا وبدأوا بالحديث بينما الرجل العجوزلم يتكلم ولو بكلمة بل كان ينظر إلى العصافير ويضحك

فسأل الرجل :- من هذاالرجل العجوز ؟

أجاب الشابان :- انه والدنا

قال الرجل :- لماذايضحك هكذا ؟

أجاب الشابان :- انه يعرف لغة الطيور وينصت إلى نقاشها المسليوالمرح

قال الرجل :- لماذا لا يتكلم أبدا ؟

أجاب الشابان :- لأن كلكلمة من كلامه لها قيمة نقدية

قال الرجل :- وكم يأخذ ؟

أجابالشابان :- على كل جملة يأخذ قطعة ذهبية

قال الرجل في نفسه :- إنني إنسانفقير هل سأصبح فقيرا أكثر إذا ما أعطيت هذا العجوز أبو اللحية قطعة ذهبية واحدةكفاني اسمع ما يقول واخرج من جيبه قطعة ذهبية ومدها إلى العجوز

فقال العجوز :- لا تدخل في النهر العاصف وصمت

وتابعوا مسيرتهم

قال الرجل فينفسه :- عجوز فظيع يعرف لغة الطيور ومقابل كلمتين أو ثلاثة يأخذ قطعة ذهبية

يا ترى ماذا سيقول لي لو أعطيته القطعة الثانية ...؟؟؟

ومرة ثانيةتسللت يده إلى جيبه واخرج القطعة الذهبية الثانية وأعطاها للعجوز

قالالعجوز :- في الوقت الذي ترى فيه نسورا تحوم اذهب واعرف ما الذي يجري وصمت

وتابعوا مسيرتهم

وقال الرجل في نفسه :- اسمعوا إلى ماذا يقول كم منمرة رأيت نسورا تحوم ولم أتوقف ولو لمرة لأعرف ما المشكلة

سأعطي هذا العجوزالقطعة الثالثة .. بهذه القطعة وبدونها ستسير الأحوال

وللمرة الثالثة تتسلليده إلى جيبه وألقى القبض على القطعة الأخيرة وأعطاها للعجوز

اخذ العجوزالقطعة الذهبية وقال :- قبل أن تقدم على فعل أي شيء عد في عقلك حتى خمسة وعشرونوصمت

وتابعوا الجميع المسير ثم ودعوا بعضهم وافترقوا

وعاد العاملإلى قريته

وفي الطريق وصل إلى حافة نهر

وكان النهر يعصف ويجر فيتياره الأغصان والأشجار

وتذكر الرجل أول نصيحة أعطاها العجوز له

ولم يحاول دخول النهر

جلس على ضفة النهر واخرج من حقيبته خبزا وبدأيأكل

وفي هذه اللحظات سمع صوتا وما التفت حتى رأى فارسا وحصان ابيض

قال الفارس :- لماذا لا تعبر النهر ؟

قال الرجل :- لا أستطيع أناعبر هذا النهر الهائج

فقال له الفارس :- انظر إلي كيف سأعبر هذا النهرالبسيط

وما أن دخل الحصان النهر حتى جرفه التيار مع فارسه

كانتالدوامات تدور بهم وغرق الفارس

أما الحصان فقد تابع السباحة من حيث نزل

وكانت أرجله تسكب ماء

امسك الرجل الحصان وركبه وبدا البحث عن جسرللعبور

ولما وجده عبر إلى الضفة المقابلة

ثم اتجه نحو قريته

ولما كان يمر با لقرب من شجيرات كثيفة

رأى ثلاثة نسور كبيرة تحوم

قال الرجل في نفسه :- سأرى ماذا هناك

نزل عن الحصان واختفى بينالأشجار وهناك رأى ثلاث جثث هامدة وبالقرب من الجثث حقيبة من الجلد ولما فتحها كانتمليئة بالقطع الذهبية كانت الجثث قطاع طرق سرقوا في أثناء الليل احد المارة ثمجاؤوا إلى هنا ليتقاسموا الغنيمة فيما بينهم ولكنهم اختلفوا في الأمر وقتلوا بعضهمبعضا بالمسدسات

اخذ الرجل النقود ووضع على جنبه احد المسدسات

وتابعسيره

وفي المساء وصل إلى بيته

فتح الباب الخارجي ووصل إلى ساحةالدار

وقال في نفسه :- سأنظر من الشباك لأرى ماذا تفعل زوجتي

كانالشباك مفتوحا والغرفة مضاءة

نظر من الشباك فرأى طاولة وسط الغرفة وقدغطتها المأكولات

وجلس إليها اثنان الزوجة ورجل لم يعرفه

وكان ظهرهللشباك

فارتعد من هول المفاجأة وقال في نفسه :- أيتها الخائنة لقد أقسمت ليبأن لا تتزوجي غيري

وتنتظريني حتى أعود

والآن تعيشين في بيتيوتخونيني مع رجل آخر ...؟؟؟

امسك على قبضة مسدسه وصوب داخل البيت

ولكنه تذكر نصيحة العجوز الثالثة أن يعد حتى خمسة وعشرين

قال الرجلفي نفسه :-سأعد حتى خمسة وعشرين وبعد ذلك سأطلق النار

وبدأ بالعد واحد ... اثنان ... ثلاثة ... أربعة ...

وفي هذه الأثناء كان الفتى يتحدث مع الزوجةويقول :- يا والدتي سأذهب غدا في هذا العالم الواسع لأبحث عن والدي كم من الصعوبةبأن أعيش بدونه يا أمي

ثم سأل :- كم سنة مرت على ذهابه ؟

قالت الأم :- عشرون سنة يا ولدي

ثم أضافت :- عندما سافر أبوك كان عمرك شهرا واحدا فقط

ندم الرجل وقال في نفسه :- لو لم اعد حتى خمسة وعشرون لعملت مصيبة لتعذبتعليها ابد الدهر

وصاح من الشباك :- يا ولدي . يا زوجتي . اخرجوا واستقبلواالضيف الذي طالما انتظرتمـــوه