"العزوبية ولا الجيزة الردية" مثل دارج في بعض الدول العربية يطلقه البعض منهم في حالة تفضيل العزوبية على الزواج برجل غير مناسب.

العزوبية أو الوحدة سهم تطلقه الحياة وتجاربها ، فإن لم يحطم قلب المرأة فإنه يخدشه، لكن تحمل الألم أفضل من المعاناة منه إلى ما لانهاية، هذا هو حال العديد من النساء اللواتي يفضلن العزوبية على الارتباط برجل غير مناسب يقلب حياتهن رأساً على عقب ويزيد من مرارة الأيام بل ويضيف إليها ظلاً كئيباً ثقيلاً تحت عنوان " الوحدة مرفوضة ولكنها أحيانًا مفروضة " نشرت جمعية تنظيم العلاقات الأسرية في مدينة ساو باولو دراسة أكدت فيها أن 65 % من نساء العالم يفضلن العزوبية على الارتباط بالرجل غير المناسب ، وهو توجه منطقي بدأ يتسع نطاقه ، وبشكل غريب في البلاد العربية ، بعد انطلاق المرأة في سوق العمل ودخولها ميادين كانت حكرًا على الرجل.

وذكرت الدراسة أن أهم النقاط التي تستند إليها المرأة في اختيار الوحدة هو الهامش الواسع من حرية الاختيار بين الزواج والعزوبية 76 % من أصل 10 آلاف امرأة شملتهن استطلاعات الرأي التي أوردتها الدراسة يعتقدن بأن الزواج ليس إجباريًّا ، لأنه بات بإمكان المرأة العيش وحيدة والاعتماد على نفسها في كل شيء، وهو الأمر الذي لم يكن واردًا قبل عشرين عامًا.

وهذا الأمر ترك المرأة بعقلية ونفسية مختلفة عن السابق ، أي أن زمام الأمور أصبح بيدها ، فهي تتزوج عندما ترغب ، ولا تتزوج عندما لا ترغب ، ولا تدخل للأهل في هذا الأمر، والسبب الذي يقف وراء ذلك هو توسع دائرة استقلالية المرأة في العالم من جميع النواحي المالية والاجتماعية. فالجيل الجديد من النساء يتعلم من تجارب الأمهات وصديقات الأمهات ومن تجاربهن الخاصة ، فالمرأة التي عاشت في جو عائلي غير ودي نتيجة الزواج الفاشل للأبوين، تتعلم وتصبح عندها خبرة عن الزواج وسلبياته وإيجابياته، ومثل هؤلاء يدخلن ضمن قائمة النساء اللاتي يفقدن الرغبة في الزواج بسبب التجربة السيئة لزواج الأبوين.

وطبقًا لاستطلاعات الرأي، التي أوردتها الدراسة، فإن 85 % من أصل 10 آلاف امرأة أعربن عن عدم رغبتهن في رؤية الماضي المرير، الماضي ضروري لأنه جزء من كل إنسان، ولكن طبقًا للمثل، فإن من يعيش في الماضي لا مستقبل له، ولكن من كان له ماض فسيكون له مستقبل ، فالعودة للماضي والعيش فيه سيدخل المستقبل في فوضى لا ضرورة لها ، مضيفة أن هذه الحقيقة هي حجة النسبة الضخمة من النساء اللاتي يفضلن العزوبية على الوقوع في مصيدة عودة التاريخ المؤلم إلى الأفق من جديد.

وحول أسباب تفضيل المرأة لمرارة الوحدة والعزوبية أكدت د. سامية خضر أستاذ علم الاجتماع بأن الفتاة الآن أصبحت أكثر وعياً وإدراكاً لمثل هذه الأمور وذلك نتيجة لارتفاع نسبة الطلاق والانفصال هذه الأيام، حيث وصل الحال بنا اليوم إلى حدوث حالة طلاق واحدة كل 6 دقائق في مصر ، وهذه النسبة المفزعة جعلت الفتاة تفكر في موضوع الزواج ألف مرة قبل أن تقبل به.

وتشير د. سامية إلى أن الفتاة بدأت تسأل نفسها عدة أسئلة قبل الموافقة أو الارتباط بأي رجل، ودائماً تضع نصب عينيها عبارة " ما الفائدة من الزواج والطلاق بسرعة " إذا كان الرجل غير مناسب لي، وكل هذه الأمور تؤدي إلى ارتفاع سن الفتاة وتأخرها في الزواج.

وتضيف د. سامية أن هذا التفكير هو تفكير صحيح جداً فضلاً عن أن تتزوج الفتاة من أي رجل لمجرد الزواج ثم ترجع مرة أخري إلى منزل والدها حاملة معها أطفالها لعدم التوافق أو التفاهم مع من اختارته من البداية .

وعن أن الرجل المناسب تذكر د. سامية أن الرجل المناسب موجود ومن سهل أن تجده أي فتاة، لكن الفتاة هي التي غيرت نظرتها وجعلتها أفضل وأوسع من قبل وذلك خوفاً من أن تقع في أي تجربة سيئة شاهدتها من حولها وذلك للوصول إلى فرصة زواج أحسن وأفضل.

فالموضوع اختلف تماما عن السابق وتحررت الفتاة من مقولة "جوازة وخلاص"، موضحة أن الرجل المناسب في نظر حواء هو الرجل المحترم الذي يقدرها ويحترم عقلها، والرجل الذي يحميها ممن حولها ويشعرها بالأمان والرعاية أي يكون رجل بمعني الكلمة ويحبها ويعشق أطفاله ويعشق أسرته وبيته ويكون على قدر كبير من الطموح في حياته العلمية والعملية .