دمشق في العهد اليوناني – المقدوني:

بعدا لغزو المقدوني , ارتبطت دمشق بالغرب لفترة طويلة قاربت الألف عام تعاقبت فيها على دمشق فترات من الازدهار وأخرى من الصراعات الداخلية والغزوات الخارجية .فبعد وفاة الاسكندر كانت دمشق و بلاد الشام من نصيب خلفائه السلوقيين الذين ابدوا اهتماما بالغا بدمشق. في ظل الصراع القائم بين السلوقيين في إنطاكية والبطالمة في مصر, عاشت دمشق فترة من الفوضى وعدم الاستقرار. لكن هذا لم يمنعها من أن تشهد نهوض وازدهار الحضارة الهلنسية التي تمازجت فيها العناصر الحضارية اليونانية مع العناصر الحضارية الشرقية. مما أدى إلى انتشار لغة اليونان وثقافتهم و فنونهم بين أبناء دمشق.

العهد الروماني :

غربت شمس العهد اليوناني في دمشق عام64ق.م عندما دخلت جيوش الرومان وسيطرت على المدينة وفرضت الأمن والنظام. فاستقرت الأوضاع وبدأت دمشق تشهد نشاطا تجاريا واسعا مستفيدة من موقعها كمحطة رئيسية على طريق القوافل المتحركة في أنحاء الإمبراطورية الواسعة مما أعطاها دورا هاما في الحياة التجارية الرومانية. وقد أصبحت دمشق في عهد الإمبراطور هادريان حاملة لقب المترو بول- أي مدينة رئيسية- ثم حملت لقب مستعمرة رومانية كما لمع العديد من أبنائها مما فتح الطريق أمامهم للوصول إلى مراكز هامة في روما.

وفي اواخر القرن الرابع الميلادي انقسمت الإمبراطورية الرومانية, وغدت دمشق من أملاك الجزء الشرقي ,الذي عرف باسم الدولة البيزنطية , التي حملت عبء الصراع التاريخي مع الإمبراطورية الفارسية مما جعل دمشق تحتل مركزا عسكريا هاما في مواجهة الفرس .كما غدت من أهم مراكز دولة الغساسنة التي قامت في بلاد الشام.لكن دمشق وقعت بيد الفرس عام 612م فعاشت فترة من الركود مما اثر سلبا على مركزها , وبعد خمسة عشر عاما استعادها الروم على يد هرقل 627م لكنها ما لبثت أن عادت إلى حكم العرب بعد أن دخلتها جيوش المسلمين عام 635م.

دمشق في العهد العربي الإسلامي :

العهد الأموي :

بعد دخول الجيوش الإسلامية دمشق واستقرار الأوضاع فيها , انتقلت الخلافة إليها وأصبحت عاصمة الدول الإسلامية مما أعطاها دورا مركزيا في حياة الدولة الجديدة المترامية الأطراف فنشطت التجارة وازدهرت الصناعات والحرف وتقدمت الزراعة بخطى واسعة من خلال الإصلاحات والإنشاءات التي تمت في هذا المجال. كما أصبحت من أهم الحاضرات السياسية في العالم . وقد استمر حكم بني أمية في عاصمتهم دمشق حتى عام 750م.

العهد العباسي:

خسرت دمشق مركزها كعاصمة لدولة الإسلام , بعد أن سيطر العباسيون على مقاليد الحكم وجعلوا بغداد عاصمة لهم.ونتيجة للاضطرابات والفتن التي حدثت في دمشق دبت الفوضى والخراب في ربوعها رغم محاولة بعض الخلفاء العباسيين لرفع شانها. وفي سنة 868 م أصبحت دمشق تابعة للدولة الطولونية في مصر التي كانت موالية للخلافة العباسية في بغداد, واستمرت في هذه الوضعية حتى سيطر عليها الفاطميون وألحقوها بالخلافة الفاطمية التي أصبحت عاصمتها القاهرة.

العهد الفاطمي :

لم تستقر الأوضاع في دمشق خلال العهد الفاطمي فقد نشبت العديد من الثورات ضد الحكم وكثرت الفتن الداخلية مما نشر الخراب والدمار في العديد من أحياء دمشق. وقد استطاعت إحدى الثورات أن تطرد الفاطميين من دمشق عام 973 م.إلا أن الفاطميين نجحوا في العودة إلى دمشق وثبتوا أقدامهم فيها خلال قرن من الزمن حيث ساد التأخر والفوضى , وتدهورت أوضاعها السياسية والاقتصادية والاجتماعية . وقد استمر الحكم الفاطمي حتى 1075 م.