حياة سلطان و تراث العائلة

ولد سلطان باشا الأطرش في قرية القريّا في محافظة السويداء منطقة صلخد في الجمهورية العربية السورية، لدى عائلة الأطرش الدرزية الشهيرة. والده ذوقان بن مصطفى بن إسماعيل الثاني مؤسس المشيخة الطرشانية 1869، كان مجاهداً و زعيماً محلياً قاد معركة ضارية في نواحي الكفر عام 1910، وهي إحدى معارك أبناء الجبل ضد سامي باشا الفاروقي، والتي كانت تشنها السلطنة العثمانية على جبل الدروز لكسر شوكته وإخضاعه لسيطرتها، أعدمه الأتراك شنقاً بسبب تمرده عام 1911. أماّ والدة سلطان فهي شيخة بنت إسماعيل الثاني.
هو كبير إخوته علي و مصطفى و زيد، و له أختان سمّية و نعايم تزوج في سن التاسعة عشرة من عمره من ابنة عمه فايز غازية لكنها توفيت بعد فترة قصيرة دون أن يرزق منها أطفالاً و بعد عودته من الخدمة اللإجبارية تزوج من ابنة الشيخ إبراهيم أبو فخر من بلدة نجران و اسمها تركية و رزق منها جميع أولاده الذكور: طلال و فواز و يوسف و جهاد توفو جميعاً و منصور و ناصر و طلال و الإناث: غازية و بتلاء و زمرد و تركية و نايفة و عائدة و منتهى

الثورة العربية الكبرى

أدى سلطان الأطرش الخدمة العسكرية في رومانيا، ومنذ عودته تابع الاتصال بالحركات العربية بفضل علاقته الدائمة بدمشق، فصارت القرياّ ملجأ ومعقلاً للفارين من الأتراك وللمناضلين الملتحقين بالثورة العربية في العقبة. وكان سلطان الأطرش أول من رفع علم الثورة العربية على أرض سورية قبل دخول جيش الملك فيصل، حيث رفعه على قلعة صلخد و على داره في القرياّ، وكان في طليعة الثوار الذين دخلوا دمشق سنة 1918، بعد أن رفع العلم العربي في ساحة المرجة فوق مبنى البلدية بدمشق، منحه الملك (فيصل الأول) لشجاعته لقب (أمير) عام 1916، كما منحه أيضاً رتبة فريق في الجيش العربي، وهو يوازي لقب باشا.وقد طرح الفرنسيون عليه الاستقلال في حكم الجبل وتاسيس بلد مستقلة في محافظة السويداء فرفض رفضا قاطعا لسعيه الدؤوب نحو دولة عربية مستقلة بعيدا عن التجزئة والاستعمار.

بدايات النضال ضد الفرنسيين

في تموز 1920، جهز سلطان الأطرش قوات كبيرة لملاقاة الفرنسيين في ميسلون، لكنه وصل متأخراً بعد انكسار الجيش العربي واستشهاد القائد يوسف العظمة وزير الدفاع. عارض سلطان إنشاء الدولة الدرزية عام 1921 و قبل ذلك و بعده عارض بشدة الانتداب الفرنسي

النضال ما بعد الثورة السورية الكبرى

لم يتوقف نضال سلطان باشا الأطرش بعد الثورة، بل شارك أيضاً بفعالية في الانتفاضة السورية عام 1945 و كان جبل الدروز بتوجيه منه أسبق المقاطعات السورية في طرد الفرنسيين إذ طوق أبناءه مراكزهم و أخرجوهم فكان ذلك بداية خروجهم من سورية، كما دعا في العام 1948 إلى تأسيس جيش عربي موحد لتحرير فلسطين، وبالفعل تطوع المئات من الشباب واتجهوا للمشاركة الفعلية في حرب 1948.
وأثناء حكم الشيشكلي، تعرض سلطان باشا الأطرش لمضايقات كثيرة نتيجة اعتراضه على سياسة الحكم، فغادر الجبل إلى الأردن في كانون ثاني 1954، عندما عمّ الهياج أنحاء سورية لاسيما بين الطلبة الذين كانوا في حالة إضراب مستمر، واعتقل العديدون بينهم منصور الأطرش أحد أبناء سلطان الأطرش، فجرت محاولة درزية لإخراجه من السجن أدت إلى اشتباك مسلح، سرعان ما تحولت إلى معركة في جبل الدروز، وعاد الأطرش إلى بلده بعد سقوط الشيشكلي. أيد سلطان الأطرش الانتفاضة الوطنية التي قادها الزعيم الدرزي كمال جنبلاط في لبنان عام 1958، ضد سياسة كميل شمعون، كما بارك الوحدة العربية التي قامت بين مصر وسورية عام 1958، ووقف بحزم وثبات ضد عملية الانفصال عام 1961.

أيامه الأخيرة

تفرغ سلطان في أواخر حياته للنشاطات الاجتماعية والتنمية في الجبل و قد رفض الأطرش أي مناصب سياسية عرضت عليه بعد الاستقلال. و كان الرئيس الراحل جمال عبد الناصر قد كرم سلطان باشا الأطرش في عهد الوحدة فقلده أعلى وسام في الجمهورية العربية المتحدة، أثناء زيارته لمحافظة السويداء.
و في عام 1970، كرم الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد الأمير سلطان باشا الأطرش لدوره التاريخي في الثورة السورية.

وفاة الأطرش

توفي سلطان باشا الأطرش عام 1982 بسبب أزمة قلبية، وحضر جنازته أكثر من مليون شخص، و أصدر رئيس الجمهورية حافظ الأسد رسالة حداد شخصية تنعي القائد العام للثورة السورية الكبرى، وأطلق اسمه على شوارع وبنايات عدة في بلاد الشام، وعين يوم رحيله يوما تأبينيا في كل سنة وفي مدينة رام الله، دشن الرئيس الراحل ياسر عرفات نصبا تذكاريا تحية وفاء إلى شهداء الحامية الدرزية الذين ارسلها سلطان باشا الاطرش للدفاع عن فلسطين وقتلوا قرب مدينة نابلس، عاصمة جبل النار.