سفير سوريا في الأمم المتحدة بشار الجعفري في حديث لـ"النشرة": سوريا أعادت الروح إلى مجلس الأمن وأنهت القطبية الأحادية فيه.. توقعنا من لبنان أن يصوّت ضدّ مشروع القرار..الأربعاء 12 تشرين الأول 2011، آخر تحديث 10:28 سمر نادر - خاص النشرة نيويوركانقضت جولة الغضب الغربي والأميركي على سوريا بعد أن كان الفشل سيد الموقف ليلة التصويت على مشروع القرار. اعتبر السوريون أنهم انتصروا على عدو أراد الدخول إلى المنطقة عبر بوابة دمشق. واعتبر مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري أنّ جهود الدبلوماسية السورية هي التي أكسبت سوريا هذا النصر.في مكتبه التقيناه، حيث استعرض ملامح الأحداث وتعاطي البعثة السورية خلال الأزمة، شاكرا دور لبنان في مجلس الأمن، متأسفاً لعدم نقل الأمين العام للأمم المتحدة لمضمون رسائل الحكومة السورية التي وردت الى اعضاء مجلس الأمن. وفي ما يلي نصّ الحوار مع السفير بشار الجعفري: • سعادة السفير، كيف تصف فشل مجلس الأمن في إصدار قرار ضد سوريا؟ هل تعتبره انتصارا لسوريا أم انتصارا لمصالح دول على حساب مصالح الآخرين في منطقة الشرق الأوسط؟- لا شك أنّ هذا الانتصار حمل بصمات نجاح الدبلوماسية السورية في جهودها التي أدت إلى إفشال مشروع القرار الأوروبي. سوريا أعادت الروح و التوازن إلى مجلس الأمن وأنهت القطبية الأحادية فيه. أعتقد أنّ النصر السوري في المجلس يكتسي أيضا بعدا قوميا من حيث أن الدبلوماسية السورية قطعت الطريق على إمكانية استخدام مجلس الأمن مجددا بشكل سلبي ضد قضايا عربية في هذا القطر العربي. الأمر الثاني المهم هو هذا الفيتو المزدوج الذي استخدمته روسيا والصين في إفشال مشروع القرار وهو كان بمثابة حالة نادرة والدول التي انتقدته استخدمته عشرات المرات مثال على ذلك الفيتو الأميركي البريطاني الذي عطل 23 مرة مشاريع قرارت رائدة كانت تتعلق بالأبارتايد في جنوب افريقيا ومشاريع قرارات تصب في مصلحة القضية الفلسطينية. • تردد كلام خلال انعقاد أعمال الجمعية العامة عن لقاءات حصلت في الظل بين الوزير وليد المعلم ومسؤولين من الخارجية الأميركية. ما صحة هذه الاشاعات؟- شخصيا لقد واكبت كل لقاءات السيد الوزير ولم نلتقِ بأي دبلوماسي اميركي ولم يطلب أي ترتيب لموعد للأميركيين مع الوزير المعلم عبر بعثتنا. • كيف تصف أداء لبنان والبعثة اللبنانية في مجلس الأمن حيال الأزمة السورية؟ وما هو تعليقك على ما تناقلته وسائل الاعلام عن السفير اللبناني نواف سلام الذي هدد بالاستقالة اذا طلب منه ان يصوت ضد مشروع القرار؟- أنا لا أعلق على تصرف زميل أكنّ له كل الاحترام كما أنني لست على اطلاع بهذه التفاصيل التي أعتبرها شأناً لبنانياً داخلياً. أما فيما خص نمط التصويت اللبناني على مشروع القرار، الحقيقة لقد كنا نتوقع أن يصوت الوفد اللبناني ضد المشروع. ومع ذلك يبدو ان القيادة السياسية في كلا البلدين تناقشت حول الموضوع. سوريا كعادتها تضحي حتى ولو كانت في حالة صدام مع اعدائها سوريا من منطلق حماية لبنان تقول، اذا كان التصويت اللبناني بالامتناع على مشروع القرار يزيد من حصانة لبنان الداخلية ويحمي حكومة الوحدة الوطنية، فنحن نشجع هذا الاتجاه. • قدمت الحكومة السورية ملفاً كاملاً بالأسماء والأرقام الى مجلس حقوق الانسان في جنيف حول التعديات على الجيش السوري ومؤسسات الدولة. هل نقلتم نسخة عن هذا الملف الى الأمين العام بان كي مون والى منظمة الأمم المتحدة هنا في نيويورك؟- نحن سبق وأبلغنا الأمين العام للأمم المتحدة بكل التفاصيل المتعلقة بالضحايا المدنيين والعسكريين الذين سقطوا خلال الأحداث المؤلمة والمؤسفة منذ بداية الأزمة. وهذه التفاصيل وصلت اليه عبر ست رسائل منفصلة كما انني التقيته عدة مرات وشرحت له عن الوضع في سوريا. السيد بان كي مون كان مهتما بهذه المعلومات لكنه للأسف لم يكن يعكسها بالكامل في احاطته امام مجلس الأمن، حتى ان مستشاريه لم ينقلوا هذه التفاصيل التي قدمناها الى المجلس. • لننتقل الى الدور الروسي. هل روسيا بوتين هي غير روسيا مدفيديف؟ وهل يغير بوتين قواعد اللعبة الدولية؟ - ان روسيا هي دولة عظمى لا تبني علاقاتها مع الدول الخارجية انطلاقا من نتائج انتخابات أو تماشيا مع ظرف معين. تجمعنا واياها علاقات تاريخية تعود الى القرن الثاني عشر حين انشأت روسيا في بلاد الشام مئة مدرسة ولم تلعب هذه المدارس اي دور استعماري او تبشيري بل اقتصر دورها على التريبة والتعليم. لا بدّ أن أشير إلى أن الأديب الكبير مخائيل نعيمة كان احد التلامذة الذين درسوا فيها. روسيا عينت قناصلا في ذلك الوقت في كل بلاد الشام من دمشق الى بيروت والى فلسطين وقد لعبوا دورا مميزا في عملية كشف اطماع الدول الأوروبية الاستعمارية في منطقتنا. الدور الروسي متميز في منطقتنا وتجمعنا به افضل علاقات الصداقة والاحترام لعاداتنا وتقاليدنا من خلال جسور التفاهم المتينة التي نحرص عليها. • هل تتوقع اي تحرك جديد في مجلس الأمن ضد سوريا كما وعدت السفيرة الأميركية سوزان رايس ليلة فشل مشروع القرار؟ وبرأيك بأي شكل سيعوضون عن هذه الخسارة؟- اجرائياً، مشروع القرار انتقل الى رحمته تعالى ولا يجوز ان يعاد طرحه مجددا باللغة التي قدم بها واحبط بها. فإذا ارادت الدول أن تعيد طرح اي مشروع قرار على المجلس، عليها ان تبدأ من الصفر وهذا يعني انهم امام عمل مضن ومشوار طويل. نحن في حرب إعلامية ودبلوماسية مفتوحة. بعد القرار الأوروبي والقرار الأميركي بفرض جزاءات احادية الجانب خارج اطار الشرعية الدولية اضف الى ذلك ان بعض الدول الأوروبية تسعى الى مصادرة الدول الأوروبية ككل وقيادتها باتجاه يتعارض مع مصالحها الاستراتيجية تجاه الوطن العربي وتجاه سوريا ودول المنطقة. هذه الدول للأسف اعلنت حربا دبلوماسية وسياسية على بلادي وبالتالي عليها ان تتحمل نتائج سياساتها تلك. • كيف تقرأ مستقبل المنطقة وهل ترى حربا عسكرية كما يلوح البعض؟- نحن نعمل في الأمم المتحدة لمنع الحرب ولايجاد تسويات سلمية للصراعات وللنزاعات. دورنا كدبلوماسيين أن نخلق جسورا لتسوية النزاعات وليس لإذكاء نارها. أما إذا قرأنا ما يدور في المنطقة نرى ان هناك العديد من الدول التي لديها مشروع اعادة رسم معالم شرق اوسط جديد بلورة لفكرة بيريز وترجمة لشعار الرئيس جورج بوش الابن. في المقابل نرى ان هذه الدول منغمسة في مشاكل اقتصادية وتعاني من اضطرابات واعتصامات في عواصمها بسبب التضخم والمديونية الكبرى وخاصة في اوروبا. من هذه الأسباب نستخلص ان هذه الدول هيمنتها كرتونية واعلامية اكثر منها قدرة على استخدام القوة.