إذا ماتم إجراء عقد الزواج بين الرجل والمرأة فقد تم الإرتباط بينهما . هذه الرابطة عبر الله عنها فى كتابه العزيز بقوله تبارك تعالى :



( عُقْدَةَ النِّكَاحِ ). وبقوله عز وجل : ( وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً ).



ولقد قدر الله علينا الموت . وبالزواج والتناسل يخلف بعضنا بعضاً فنستخلف من كان قبلنا ويستخلفنا من سيأتى بعدنا فيخلف



هذا ذاك ويخلف ذاك هاك وهكذا حتى يوم التلاق والمساق .



والحياة الزوجية تنشأ بين الرجل والمرأة بتبادل الحقوق والواجبات . يقول سبحانه وتعالى :



( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ).



والرجل هو القيّم على المرأةوالمرأة تكون إما فى ولاية الرجل وإما حرمٌ له . يقول عز وجل :



( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ )



وتفضيل بعضهما على بعض فبما خصّه سبحانه وتعالى من صفاتٍ لكل منهما تختلف عن الآخر .



فالرجل مفضل على المرأة بقوامته وولايته لها وبرعاية مصالحها وحمايتها والدفاع عنها وبالنفقة عليها وبما لا تقدر على فعله وبمالا



تستطيع القيام به لطبيعة ونعومة خلقها .



والمرأة مفضلة على الرجل بما لايقدر عليه من حمل وإنجاب وولادة ورضاعة وخلافه .



فلكل من الرجل والمرأة مهمتان متكاملتان لاتنفصل أحدهما عن الأخرى .



...........



ومما تفرضه الحقوق والواجبات بين الزوجين :



أن يكون الزوج حسناً فى معاملته لزوجته . وأن يحسن عشرتها ومعاشرتها فعلاً وقولاً . لا يهضم حقها



ولا يؤذها فى نفسها ولا فى مالها . وأن يحسن صحبتها . وأن يكون رفيقاً بها . طلْقاً بشوشاً لها .



وعليه أن يخاطبها باللين والرقة وبالفضل والشفقة لا بالغلظة أوالفظاظة أو بما يجرحها ويحط من قدرها



يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :



( استوصوا بالنساء خيراً فإنهن عوان عندكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ) رواه مسلم . ( العوان هو الضعف )

...

وعلى الزوج أن يحث زوجته على أداء الفروض والتكاليف التى شرعها الله وله أن يؤدبها إن امتنعت عنها كما لو تركت الصلاة أو كان



لها مال فلم تؤد عنه الزكاة وما إلى ذلك مما أمرنا الله به وما نهانا الله عنه . يقول عز وجل :



( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ )

...

وعليه أن لا يمنعها من أن تصل رحمها . لقوله جل شأنه :



( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ).



فإن منعها فلا طاعة له . لأنه لاطاعة لمخلوق فى معصية الخالق . ولقد ألحق الله قطع الرحم فى النص القرآنى الكريم بالفساد فى

الأرض لعظم ذنبه .



وأولو الأرحام هم محارم المرأة وهم : الوالدين ( الأب والأم ) . وكل من خرجوا من رحم الأم : إخوة



كانوا أو أخوات أو أبناء إخوة أو أبناء أخوات وما نزل منهم أو منهن .



فلا يجوز للزوج أن يمنع زوجته من وصْل أبويها أو وصل إخوتها لأن فى ذلك قطيعة لهم وجحود وإساءة وعدم إيمان وقلة وفاء



وعدم مروءة . وهو ما نهى الله عنه .



وصلة الرحم تكون بالسلام والتحية وبالمجالسة والهدية وبالمعاونة والتلطف وبالفضل والإحسان .



يقول عليه الصلاة والسلام : ( خيركم خيركم لأهله ) أخرجه الترمذى



...



والمرأة سواء كانت متزوجة أم غير متزوجة فإن لها الولاية التامة على مالها ولا شأن لأحدٍ فيما تملكه .



فالذمة المالية للزوجة منفصلة عن الذمة المالية للزوج وهناك فصل بين ماهو مملوك للمرأة وبين ماهو مملوك للرجل . يقول تبارك



وتعالى : ( وَآتُواْ الزَّكَاةَ ). ويقول تبارك وتعالى : ( وَآتِينَ الزَّكَاةَ )



فللمرأة حرية التصرف فى أموالها لها أن تبيع وتشترى ولها أن تهب وتوصى ولها أن تتبرع وترهن ولها أن تؤجر وتستأجر طالما أنها



أهلاً لتصرفاتها وللعقود التى تقوم بإبرامها . وليس للزوج أوغيره أن يقوم بالتصرف فى أى شىء من مالها دون إذن منها أو بغير



وكالة عنها .



...



وعلى الزوجة أن تتحلى بكل ما هو حميد ومحمود من الخِصال وأن لا تعلو على زوجها فى الفِعال أو المقال



وأن تكون صادقة وعفيفة إذا أمرها زوجها أطاعته وإذا نظر إليها سرّته وإذا غاب عنها حفظته فى نفسه



وماله وولده . إن أرادت الصلاة فى المسجد على الزوج أن لا يمنعها . لقول نبى الله ومصطفاه صلى الله



عليه وسلم : ( لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ) متفق عليه .



وعلى الزوجة أن تقيم بالمنزل المعد لها لا تخرج منه إلا إذا أذِن لها زوجها أو كان من شأن خروجها طاعة الله أوطاعة رسول الله صلى



الله عليه وسلم . يقول عز وجل :



(وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ)



والزوجة الصالحة تفرغ زوجها وتعينه على الآخرة . لا تقبل على الدنيا ومباهجها ولا تغتر برونقها أو تتكالب على مفاخرها فالدنيا



دار بوار وليست دار قرار .



وعلى المرأة أن لا تكون متبرجة فى وجهها أومبتذلة فى لباسها . لاتساير من مزقن من على وجوههن حجب الرشاد وابتذلن بإسدال



شعورهن وتفنن فى إبداء زينتهن وتبذلن فى ردائهن وأظهرن مفاتهن وأبدين أجسادهن دون عفة أو عفاف . وعليها أن لا تسلك



سبيل الإختلاط بالرجال دون خجل أو حياء أو دون خلق أو إيمان .

...



والزوجة هى موضع الحرث لزوجها يضع فى رحمها نطفته . فالزوجة لِباسٌ لزوجها وزوجها لباسٌ لها .



لا تغلق حجرتها أو مخدعها عن زوجها ولا تمنعه من مباشرتها إلا فى وقت حيضها ونفاسها .



والمباشرة هى : إتيان الزوجة والإتيان هو حالة الجماع وحالة الجماع هى أن يفضى الرجل من امرأته حتى يغيب فرجه فى فرجها . يقول



سبحانه وتعالى :



( نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ ).



وعلى الزوج قبل إتيان زوجته أن لاينكبّ عليها دون مداعبة أو ملاطفة حتى تنهض شهوتها وتنال من



لذتها ما ناله . فلا يواقعها إلا وقد أتاها من الشهوة مثل ما أتاه . وإذا قضى حاجته منها فلا يعجّل النزع



منها حتى تقضى حاجتها .



...

والمباشرة هى الوسيلة إلى سكون النفس وغض البصروإلى العفاف للزوج وامرأته .



والمباشرة هى الإتصال المشروع بين الزوج وزوجته والذى يأتى منه نسب الولد بالميثاق الغليظ الذى



ربطهما والفراش الصحيح الذى جمعهما .



أما الزنا فهو اتصال غير مشروع بين الرجل والمرأة حتى ولو جاء منه الولد .



والزنا يسمى سِفاحاً لأن الزانيان يتسافحان للماء فيسفح كل منهما ماءه لصاحبه .



يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :



( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقى ماءه زرع غيره ) رواه الإمام أحمد والترمذى وأبو داود



...



وعلى الزوج أن لايأتى زوجته إلا فى الموضع الذى أباحه الله وهو قُبل المرأة . فلا يأتها فى دبرها .



يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ملعون من أتى امرأة فى دبرها ) رواه أبو داود وأحمد فى المسند .



يقول أبو محمد عبد الله البهلوى العمانى فى جامعه : ( وجدت فى الأثر عن محمد بن داود أن الحدّ واجبٌ على من وطىء فى الدبر ) .

...

وعلى الزوج أن يمتنع من أن يأتى أهله خلال نهار شهر رمضان فقد أباح الله له أن يباشر زوجته منذ



مغيب الشمس وحتى طلوع الفجر أىحتى يتبين له الخيط الأبيض من الخيط الأسود .



...



وعلى الزوج أن لا يأتى زوجته فى أيام حيضها أو نفاسها .



ودم الحيض : هوالدم الأحمر القانى الذى يميل إلى السواد فينزل على المرأة دم ثخين محتدم له رائحة .



ولقد قيل أن أقل مدة له : ثلاثة أيام وأكثرها عشرة .



إلا أنه السنة ثبُتت فى الكتب الستة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى قوله للسائلة عن الحيض :



( إذا أقبلت الحيضة فدعى لها الصلاة وإذا أدبرت فاغتسلى وصلى ) .



فدل ذلك على أن التوقيت فى الحيض لامعنى له فى عدد الأيام لأن الخبر عنه عليه الصلاة والسلام دليل



على منع جعل وجود الغاية فى العدد سواء فى أقله أو فى أكثره . بمعنى :



أنه ليس حتماً على المرأة تحديد مدة الحيض بعدد الأيام فقد تزيد المدة وقد تنقص وقد تنضبط . والحديث يخبرنا بأنه متى أقبلت



الحيضة فعلى المرأة أن تدع الصلاة ومتى أدبرت فلتغتسل وتصلى .

...

وإدبار الحيضة يعنى الطهر من الدم والطهر من الدم لايكون إلا بجفاف الفرج وعلامة الجفاف خروج ماء أبيض يعرف باسم "



القصة البيضاء ". فالحيضة إذا أدبرت فقد طهرت المرأة وعليها حينئذ أن تتطهر والتطهر لا يكون إلا بالإغتسال والإغتسال لايكون



إلا بالماء .



...



ولا يجوز للزوج أن يأتى امرأته خلال فترة حيضها لافى قبلها ولا فى أى جزء من بدنها .



يقول تبارك وتعالى :



( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ



فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ )



والنص القرآنى واضحٌ لالبس فيه ولا غموض . الإعتزال يعنى الإعتزال . ليس هناك لفظ أقوى من لفظ الإعتزال .. وأعقبه الله



بالنهى عن الإقتراب يقول جل شأنه : ( فَاعْتَزِلُواْ .... وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ ) .



ودلالة النص مانعةٌ قاطعة وما من قرينة أو دليل يصرفه عن معناه .



فعلى الزوج أن يعتزل زوجته فى أيام حيضها . وأن لا يباشرها فى أى جزء من جسدها . وأن لا يقترب من مضاجعتها إلى أن تطهر وتتطهر .



...



ولقد اختلف الفقه الإسلامى فى وطأ المستحاضة مابين مجيز له باعتبارها فى حكم الطاهر وبين مانع له لتوافر علة الأذى فى الدم الذى



ما زال قائماً بها .



...



ودم الإستحاضة : دم يختلف عن دم الحيض فدم الإستحاضة دم مشرق رقيق إلى الصفرة وإلى القلة قد ينزل على المرأة بعد مجاوزتها



لأيام حيضها .



فعلى المرأة إذا ما نزل عليها هذا الدم أن تغتسل منه وتصلى حتى ولو كان الغسل منه لكل صلاة . لقول



رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إنه دم عرق وليس بالحيضة ) متفق عليه .



...



وإن القول عن الحيض الذى يصيب المرأة فتمكث فيه ما شاء الله أن تمكث لا تصلى ولا تصوم ولا



تطوف حول بيت الله بأنه نقصان فى دينها . لهو قول خاطىء . لقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه



وسلم : ( هذا أمر كتبه الله على بنات آدم ) صحيح البخارى .



وكذلك القول عن شهادة المرأة وكونها نصف شهادة الرجل بأنه نقصان فى عقلها . لهو استنتاج فاسد . لأنه أمر ورد فى كتاب الله



وحكم لا يعلم تأويله وحكمته إلا الله . يقول عز وجل :



( وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ )



...



ودم النفاس : هو الدم الذى يخرج من المرأة عقب الولادة . وحكمه شأن حكم المحيض قياساً لاتحاد العلة بينهما وهى علة الأذى .



ولقد قيل أن أكثر مدة له هى : أربعين يوماً .



ويجب على الزوج ألا يأتى زوجته أو يقترب من مباشرتها خلال مدة نفاسها . فإذا جاوزت النفساء أيام نفاسها وامتد نزول الدم



عليها حتى تجاوز الأربعين يوماً : فقد زال حكم النفاس عنها . ويصبح حكمها مثل حكم المستحاضة : عليها أن تتطهر وتغتسل



وتصلى حتى ولو كان الغسل لكل صلاة .





...





ولقد رفع الله عن المرأة حال حيضها ونفاسها : الصلاة والصيام .





فلا قضاء لها على ما فاتها من صلوات . ولكن عليها قضاء ما فاتها من صوم خلال شهر رمضان .





وإن كانت فى حج أو عمرة لها أن تغتسل ( رغم عدم طهرها ) وتفعل أفعال الحج والعمرة إلا الطواف





حول البيت فليس لها أن تطوف إلا بعد الطهر والتطهر فإذا ما طهرت وتطهرت عليها أن تقضى ما فاتها





من طواف ( لا تنفر من مكة إلا بعد أن تقضى ما عليها وإلا وجب عليها الفداء بأن تذبح هدياً ) .



...



العيوب التى يثبت فيها الخيار للزوج أو للزوجة فى الفُرقة وفسخ عقد الزواج :



لما كان النكاح يُراد به الدوام ومن مقاصده الإستمتاع ( استمتاع الزوج بالزوجة والزوجة بالزوج ) . فإنه إذا ما ثبت وجود عيب



يمنع هذا المقصود . أوكان من شأنه الضرر بأى منهما فإنه يحق للمتضرر طلب فسخ العقد فيرفع الأمر إلى القاضى أو الحاكم وبعد



أن يتم التحرى والعلم بالحقيقة يتم التفريق بينهما .

...

والمرأة ترد بخمسة عيوب هى : الجنون . الجذام . البرص . الرتق . القرن .



( الجنون ) : هو زوال العقل ولا فرق بين الجنون المطبق أوالجنون المنقطع وسواء يقبل العلاج أم لا .



( الجذام والبرص ) : كلاهما مرض وعلة تصيب الإنسان فى جسده ولا يرجى البرء والشفاء منه .



( الرتق ) : الرتق لحم ينبت ملتحماً فى الفرج فيؤدى إلى الإنسداد أو الإلتصاق فيمنع الزوج من الوطء .



( القرن ) : القرن وجود عظم فى محل الجماع يشبه قرن الشاه يمنع اللذة وكمال الإستمتاع .



هذه هى العيوب التى يثبت فيها للزوج طلب فسخ العقد وما سواها من عيوب فلا خيار له فيها .



ولقد روى ابن عمر رضى الله عنهما أن عمر قال : ( إذا تزوج الرجل البرصاء أو الرتقاء أوالمجذومة أو



المجنونة كان بالخيار إن شاء أمسك وإن شاء فارق فإن وطئها فلها صداقها بما استحل منها )



...

والرجل يرد بخمسة عيوب هى : الجنون . الجذام . البرص . الجب . العنة .



( الجب ) : هو الرجل المجبوب أى ماجب ذكره أو قطع بما لايمكنه من إيلاجه وإدخاله أو من رضت أو سُلّت خصيتاه وما هو من



قبيل ذلك مما يمنع المقصود .



( العنّة ) : وهو الرجل العنين أى العاجز عن الإيلاج حيث يعِنّ ذكره ولا ينتصب ويعترض عن الدخول فى قُبل المرأة فيمنع اللذة



والإستمتاع والشهوة بين الزوجين .



فإذا ما ذهبت شهوة الرجل لجب أو لعنّة أو لمرض لايرجى برءه أو كان هناك ما يوجب نفرة منه كالجنون أو الجذام أو البرص



فيُحذر المقام معه أو القرب منه أو مسّه بالكلية أو يُخشى من تعدى المرض إلى النفس أوالنسل ففى هذه الحالات يثبت الخيار للزوجة



فى طلب فسخ العقد أو الفرقة . وما سوى ذلك من عيوب فلا خيار لها فيه .

...

نشوز الزوج : النشوز من الرجل هو إعراضه عن زوجته لأى سبب من الأسباب . يقول تبارك وتعالى :



( وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً )



ونشوز الرجل قد يكون نتيجة مرض ألمّّ بزوجته فطال أمده أو لسبب معين حال دون استمتاعه بها وقضاء شهوته ولذته أو لطموحه



فى الزواج بغيرها وما إلى ذلك من أسباب تؤدى بالزوج إلى الإعراض أو البغض والكراهية أوالصد عن مضاجعتها ومباشرتها .



فعلى الزوجة حينئذ أن تقوم بمصالحته ومصارحته وتستميله طلباً للصلح والبقاء بالتوسل والإسترضاء رغبة فى العشرة والوفاق دون



تعالى منها أومكابرة لكى يئوب إليها ويعود .



وعلى الزوج أن يبدى قبولاً وتسامحاً ويفصح لها عن أسباب نشوزه وإعراضه عنها .



...



نشوز الزوجة : إن لم تطع المرأة زوجها فهى لم تطع الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فيما فرضه الله عليها من الطاعة له . وحينئذ تعد ناشزاً .



والنشوز : هو المعصية وهو مأخوذ منالنشز‏ أى الارتفاع والتعالى . فالزوجة العاصية تعد نشاذاً لكونها



عصت وارتفعت وتعالت عما فرض الله عليها من الطاعة لزوجها . يقول تبارك وتعالى :



( وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ )



فمتى ظهرتأمارات هذا النشوز من المرأة فعلى الزوج وعظها بما يراه ملائما لها . فيبرها ويستميل قلبها



ويأتى بما يؤدى إلى الإعراض عن عصيانها فقد تشعرالزوجة باقتراف ذنبها فتبدى عذراً أو تثوب إلى رشدها فإن أبت إلا النشوز



فعلى الزوج هجرها .

...

والهجر لا يكون إلا فى المضجع وفى بيت الزوجية . لقوله عز وجل : (وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ )



فلا يجوز للزوج أن يهجر زوجته فى الحديث أو الكلام أو فى إلقاء أو رد السلام . بل الهجر هو فى اعتزاله لفراش زوجته وعدم



مضاجعتها أو مباشرتها . ولكن عليه أن لايطيل مدة هجره لها قصداً للإضرار بها . ومتى آبت الزوجة وعادت لم تصبح ناشزاً .



فإن لم ترتدع بالوعظ . والهجر . وأصرت على ماهى فيه من الإعراض والعصيان : ضربها .



...



والضرب المأمور به هو إنما للتأديب والتعزير . ولقد شرعه الله للإصلاح لا للإتلاف .



يقول تبارك وتعالى : ( وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً )



والضرب المأمور به لا يكون معه شتم ولا بذاءة لسان . ولا يكون على الوجه ولا مبرحاً ولا مهلكاً يدمى لها جسماً أويهشم أو



يكسرلها عظماً .



...

فإن طال أمد النشوز والإعراض بعد الوعظ . والهجر . والضرب . ولم يكن هناك صلاح ولا إصلاح فقد نشأ البِين والبعد عن



الوفاق والإتفاق وهنا وجب اللجوء إلى حكمين عدلين . يقول الله عز وجل :



({وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا )



فقبل أن يؤدى الشقاق إلى حقد وعداوة يتم اللجوء إلى حكم من أهله وحكم من أهلها .



والحكمين يجب أن يكونا الأقرب لهما والأشفق على حالهما لكى يجتهدان فى الألفة والتأليف بينهما ورأب الصدع الذى حال دونهما



ولكى لا يدخرا وسعاً فى المصالحة والوئام حتى لا تنفك الروابط ولا ينقطع حبل المودة والرحمة .



فإن لم يُجد إصلاح الحكمين بين الزوج وزوجته ونفر كل منهما من الآخر وانفصمت العرى وحلّ النزاع وفتك الخلاف بعقدة النكاح



وتبدل الإحسان والمعروف إلى شحناء وجفاء وبغضاء واستحالت العشرة والإتفاق . فلا سبيل لهما إلا بالفرقة والطلاق . يقول عز وجل :



( فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ )



...

وعلى الزوج أن لايوقع الطلاق إلا فى طهر الزوجة . فلا يجوز إيقاع الطلاق وزوجته حائض . لما ورد



أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه سأل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن طلق زوجته وهى حائض فقال رسول الله صلى



الله عليه وسلم : ( مُرْهُ فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر فإن شاء أمسكها وإن شاء طلقها قبل أن يمسها ) صحيح مسلم .

...

وإن أوقع الزوج الطلاق لا يقوم بإخراج زوجته من بيتها ( مسكن الزوجية ) . لقوله جل شأنه :



( لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ



فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً )



وعلى الزوجة أن تمكث فى منزلها خلال فترة عدتها . فكما أن الزوج مأمور بعدم إخراجها : فالزوجة مأمورة بملازمة بيتها وعدم



مغادرتها أو خروجها منه .



هذا أمرٌ وحكمٌ من الله . المخالف له آثماً ومذنباً وعاصياً . والله حسيبه ورقيبه . لأن العدل هو عدل الله وسبحانه وتعالى



هو الأعلم بعباده وعبيده وخلقه . يقول عز وجل : ( لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً ) .



وعلى الزوج أن يتولى نفقة مطلقته خلال فترة عدتها . ولكن لا يجوز له مساكنتها أو الدخول عليها لأن دخوله



يؤدى إلى الخلوة بها وخلوته بها بعد طلاقها محرمة عليه كخلوته بالأجنبية .



وإذا ما انقضت عدتها فليتركها لحال سبيلها . فهى لم تصبح زوجة له . لأنها قد بانت منه .



...



فإن كانت حاملاً : فالزوج مخير بين : أن يتركها فى بيتها . أو يوفر لها منزلاً آخر مثل التى تسكن فيه



لايقل عن طبيعته أو سعته أو موقعه . يقول تبارك وتعالى :



( أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ ..)



فلا يحل للرجل أن يترك مطلقته دون مأوى أو أن يجبرها على موضع لا يليق بها ولا بأولادها .



ولا يجوز له أن يضيّق علىها بأى شكل من أشكال التضييق أو يتعمد الإضرار بها .



وعليه نفقة الجنين ونفقة رضاعته أو أجر إرضاعه . لقوله عز وجل :



( .... وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ



وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى )