ويبقى المواطن المريض ... هو الضائع ....!


















كان للأزمة السورية انعكاساتها على مختلف جوانب الحياة اليومية للمواطن وليس هناك مواطن سواء من ذوي الدخل المحدود أو غير المحدود إلا ويشتكي من ارتفاع الأسعار كل على قياس مستلزماته سواء الأساسية منها أو التي تصنف ضمن الكماليات التي من الصعب الاستغناء عنها والتي يندرج ضمنها بعض المستحضرات الطبية التي توصف بالتجميلية إلا أنها تعتبر ضرورية حتى لذوي الدخل المحدود المجبرين على استخدامها لأنهم مصابون بحساسية أو أمراض جلدية مزمنة تحتاج إلى عناية خاصة. ولكن في النهاية فإن هذه المستحضرات الطبية التي تضاعفت أسعارها خلال الأشهر الماضية قد تدفع البعض للتراجع عن استخدامها وتوكيل أمرهم إلى لله، إلا أن الحال هذا لا ينطبق على الأدوية التي لا مجال للتراجع عن شرائها لأونها تتعلق بحياة المريض، ونظرا لأن اغلب أطبائنا يصرون على وصف أدوية أجنبية يعلمون علم اليقين أنها غير متوافرة إلا تهريبا وأسعارها كاوية وجد المريض نفسه حائرا أمام فكرة زرعت في ذهنه بأن الدواء الوطني هو غير فعال.


أحد الصيادلة قال لـ«الوطن»: إن هناك أدوية كثيرة مفقودة حالياً لجهة أن معامل الصناعات الدوائية في سورية تتركز في حلب وريف دمشق وأغلب هذه المعامل توقف عن العمل وحتى في حال كان هناك تصنيع تبقى هناك مشكلة الطرقات، ضاربا مثالا إحدى الشركات التي كانت رائدة بتصنيع بخاخات الربو توقفت حالياً عن إنتاجها ولا يوجد لها بديل والبخاخ الأجنبي في حال توافره يكون ثمنه عشرات أضعاف سعر البخاخ السوري، ومن جانب آخر هناك صعوبة في استيراد الأدوية والمواد الأولية نتيجة العقوبات وارتفاع سعر الدولار والتي بناء عليها تم إيقاف تصنيع بعض الأصناف الدوائية ومنها أدوية خاصة بأمراض ارتفاع ضغط الدم والسكري والقلب ما فتح الباب واسعا أمام التهريب، ولفت الصيدلاني الذي فضل عدم ذكر اسمه أن الأدوية المهربة غير خاضعة للرقابة وهناك احتمال كبير أن تكون مقلدة أو مضروبة وهو عادة ما يكون شفافاً مع زبائنه ويقول لهم إن الدواء المهرب غير مكفول، لكنه في بعض الأحيان لا بديل منه مثل أحد الأدوية الخاصة بعلاج حمى البحر الأبيض المتوسط والذي فقد من السوق منذ فترة وكان لا بديل منه إلا الدواء المهرب بعد إيقاف استيراده، والمريض إن لم يحصل على الدواء من الممكن أن يموت، ولكن من جهة أخرى لا بد من الإشارة إلى أن هناك بعض الأطباء يصرون على كتابة الأدوية المهربة لمرضاهم حتى التي يوجد بديل وطني منها رغم أنهم يعرفون أنها غير خاضعة للرقابة وغير معروفة المصدر، وفي المحصلة لا بد من أن تكون هناك طريقة لتحميل المسؤولية للطبيب الذي يصف أدوية مهربة وليس فقط الصيدلاني الذي يبيعها.

وفي الختام لا بد من الاعتراف بأن الطبيب يصف الدواء الذي يخدم الشركة الدوائية التي تدعمه والصيدلاني يبيع الدواء الأكثر ربحا له ويبقى المواطن.. المريض ضائعا بين الاثنين.