للشاعر نزار قباني
(بغداد 8 / 3 / 1962)

مُدّي بساطي ..... واملأي أكوابي وانسي العتاب ، فقد نسيت عتابي
عيناك يا بغداد ، منذ طفولتي شمسان نائمتان في أهدابي
لا تنكري وجهي .. فأنت حبيبتي و ورودُ مائدتي ، و كأسُ شرابي


بغدادُ ... جئتك كالسفينة متعباً أُُخفي جراحاتي وراء ثيابي
ورميت رأسي فوق صدر أميرتي وتلاقت الشفتان بعد غيابِ


أنا ذلك البحّار أنفق عُمْرَهُ في البحث عن حُبٍّ وعن أحبابِ
بغدادُ ..طِرْتُ على حرير عباءةٍ و على ضفائر زينبٍ و ربابِ


و هبطت كالعصفور يقصدُ عِشَّهُ و الفجْرُ عِرسُ مآذنٍِ و قِبابِ
حتى رأيتك قطعة من جوهرٍ ترتاح بين النخل و الأعناب


حيث التفتّ أرى ملامح موطني وأشمّ في هذا التراب ترابي
لم أغترب أبداً ... فكلُّ سحابة ٍ بيضاءَ ... فيها كِبرياءُ سحابي


إنَّ النجوم الساكنات هضابكم ذات النجومِ الساكنات هضابي
بغداد عشت الحسن في ألوانه لكنَّ حُسْنك ، لم يكن في حسابي


ماذا سأكتب عنك يا فيروزتي فهواكِ لا يكفيهِ ألفُ كتابِ
يغتالني شعري .. فكلُّ قصيدة ٍ تمتصُّني .. تمتصُّ زيت شبابي


الخنجر الذهبيّ . . يشرب من دمي و ينام في لحمي و في أعصابي
بغدادُ .. يا هزجَ الأساور و الحلى يا مخزن الأضواء و الأطيابِ


لا تظلمي وترَ الرُّبابة في يدي فالشوق أكبرُ من يدي و ربابي
قبل اللقاء الحلو ... كنت حبيبتي و حبيبتي تبقين بعد غيابي ..