التسويق .. قصة وحكاية ....!!!

















طالما دخلت في نقاشات خاسرة حول المفهوم الحديث للتسويق الإلكتروني، وكيف أنه عبارة عن قصة وحكاية، وليس إعلانات . ذلك جعلني أتحمس لأكتب لكم ملخصا عن مقالة نشرتها مجلة فاست كومباني، تحكي عن فكرة موقع، يعمل أصحابه على شراء منتج لا يزيد سعره عن دولار أو اثنين، من سوق المستعمل أو معارض الهواة أو الإعلانات المبوبة. بعدها يستأجر هؤلاء الشباب كاتبا محترفا، ليكتب قصة خيالية ما عن هذا المنتج، وفي نهاية القصة، يعرضون هذا المنتج للبيع على موقع إيباي.

حتى الآن باع هؤلاء المفكرون أكثر من 100 غرض / شيء وفقا لهذه الطريقة، وكان أعلى سعر من نصيب كرة زجاجية مليئة بسائل حين تقلبها وتعيدها لحالها تعطيك الإيحاء بتساقط الثلوج. حتما ستراودك الشكوك بأن في الأمر نصب واحتيال، فهذا دين التسويق ومن يعمل فيه، لكن اطمئن، في نهاية كل موضوع، يعرضون سعر شراء هذا الشيء الذي تدور حوله القصة، ويتيحون فرصة شرائه، وبعدها ينشرون سعر الشراء ثم سعر البيع، ثم يوضحون أين ذهبت أموال البيع (عادة في مصارف خيرية).

هدف الموقع إثبات أن التسويق الإلكتروني يقوم على سرد القصص والحكايات، والدخول في حوار طويل مع العميل والمشتري. كن من الذكاء كما عهدتك بحيث تفهم المقصود من كلمة ’قصة‘ في هذا السياق، فليس الأمر فرصة لسرد قصص ما قبل النوم أو كليلة ودمنة. المقصود هو أن تجعل العميل هو البطل، في قصة تروق له. أعطه مزايا فريدة، اجعله يشعر بأن عميل متميز، ليس بكلمات رخيصة بل بأفعال حقيقية.

كيف حتما ستسأل، وهنا سردت المقالة قصة شركة تيفاني للمجوهرات والتي قررت في أول يونيو من عام 2011 تدشين موقع صغير، يحمل اسم ما الذي يجعل الحب حقيقيا، أو What Makes Love True وكان الموقع يعرض خريطة العالم، ويطلب من الزائر كتابة سطر أو اثنين، يكتب فيها رسالة لمن يحب. بعدها يختار الزائر موقعا على الخريطة، ليظهر فيه أيقونة قلب، بالنقر عليها تظهر هذه السطور التي كتبها. (بعدها تطور الموقع وبدأ يقبل الصور كذلك).

لاحظ معي، لم يهدف الموقع للبيع أو للربح أو للكذب على الناس تحت مسمى التسويق، لم يهدف الموقع لحصد عناوين بريد الزوار ليعذبهم برسائل مزعجة. لم يجلس مدير المبيعات أو التسويق ليسأل مدير الموقع كم جلبت لنا من مبيعات اليوم؟ على خلاف المفهوم الخاطئ الدراج للتسويق الإلكتروني اليوم، كان هدف هذا الموقع أن يكون هناك ارتباط في ذهن الزوار ما بين قصة الحب الحقيقي وبين شركة تيفاني، الشركة التي تصنع المجوهرات. كان الهدف الأول والأخير هو أن يسرد كل زائر قصة حبه، على موقع تعود ملكيته للعلامة التجارية الشهيرة تيفاني. أرادت تيفاني أن تملك قصة الحب، من خلال رسائل الحب! (خلال شهر من إطلاق هذا الموقع، ارتفع سعر سهم تيفاني في البورصة بمقدار 10 دولارات.)

القصة الأخرى التي توضح ما تهدف إليه هذه التدوينة هي العروسة الأمريكية أو American Girl وهي شركة أمريكية بدأت في عام 1986 في صنع عرائس بنات تعكس صور فتيات عمرهن من 9 إلى 11 سنة. عمدت الشركة لاستعمال القصة في التسويق لهذه المنتجات، بأن ابتكرت قصة خيالية بطلتها كل عروسة، ولأنها قصة طويلة، فحتما كان لكل عروسة اسم مميز، و صفات مميزة، ولزيادة الارتباط مع الشعب الأمريكي، كانت قصة كل عروسة مستوحاة من التاريخ الأمريكي، وكانت القصة مسرودة بطريقة تفتح الأبواب أمام خيالات كل بنت. حين تشتري أي عروسة، ستجد معها كتيبا يحكي قصة هذه العروسة. كل فترة، كانت هذه القصص تتغير وتتجدد وتستمر.

هذه القصص جلبت مبيعات قدرها 1.7 مليون دولار في العام الأول من إطلاق الشركة، حتى جاء عام 1998 والذي شهد بيع هذه الشركة مقابل 700 مليون دولار. باختصار دخلت العروسة الأمريكية كل بيت، وقلب كل فتاة، وأحبتها كل أم.







منقـــول