الاصلاح الاداري بين المعلوماتية والعامل البشري في سورية الجديدة

عبد الرحمن تيشوري


مقدّمة:
إذا كانت المنهجيّة العامّة لكلّ مؤسّسة وشركة تتلّخص في ثلاثة أطر هي "الإقلال من الهدر وخفض كلفة المنتج، زيادة الإنتاج وجودة المنتج، التوسّع في تسويق هذا المنتج" فإن النجاح في تفعيل هذه المحاور مجتمعة مع بعضها البعض تبيّن بوضوح وبشفافيّة مقدار النجاح الذي تلاقيه هذه المؤسسة أو الشركة في عملها وفيما يتعلّق بالإطار الأوّل على وجه التحديد "الإقلال من الهدر وخفض كلفة المنتج" فإن وضع الخطط الكفيلة بتقيقه هو ما ندعوه بالإصلاح الإداري المنشود.
يحتاج تطبيق الإصلاح الإداري إلى صياغة خطط دقيقة جدّاً من قبل إدارة المؤسسة ويجب أن تطبّق هذه الخطط بعد الإنتهاء من صياغتها بصرامة وبحزم ويجب أن يجري تقييم شامل لأداء المؤسسة بعد كل مرحلة زمنية معينة يتمّ تحديدها من قبل الإدارة.
ولصياغة هذه الخطط وتطبيقها يجب لحظ عاملين اثنين في غاية الأهميّة:
1) العامل البشري: ذلك أن الانسان هو المعني أوّلاً وأخيراً بالاصلاح الإداري وهو الأمل في تحقيق النجاح المرجو في العمل.
2) المعلوماتيّة: وهي الوسيلة المساعدة بقوة للعامل الأوّل على تحقيق أهدافه في إعادة هيكليّة العمل ومن ثمّ تحقيق الإصلاح الإداري، وما يتبع ذلك من نجاح عام في عمل الشركة أو المؤسسة.
سوف أبيّن في هذه المحاضرة دور هذين العاملين، والتفاعل المهمّ بينهما في انجاز الإصلاح الإداري، كما أبيّن في هذه المحاضرة المعوقات الطبيعية لاعتماد المعلوماتية كأسلوب عمل وكنظام جديد تماماً في اسلوب الادارة.
مما لا شكّ فيه أن إحدى أهمّ مميزات العصر الحالي هي الزيادة الهائلة في الانتاج اليومي من المعلومات وسرعة تداولها وشمولة تغطيتها، ولأن التحدّي الأعظم ليس في انتاج المعلومة بل في الاستفادة منها واستغلالها في تحقيق أهداف التنمية والتطوير فلذلك نرى بوضوح أهميّة المعلوماتية في مساعدة صانع القرار على اتّخاذ القرارات الصائبة ذات الجدوى في عمله.
إن تجارب الدول المتقدّمة تعطي انطباعاً جلياً بأن أنظمة أتمتة إدارات المؤسسات قد وصلت إلى مرحلة ناضجة جدّاً سمحت بالتغلّب على معظم المشكلات الفنيّة التي ظهرت عند بدايات تطبيق المعلوماتية في الادارة وقطّاعات العمل الأخرى والعلاقة الحاكمة في هذا المجال هي كيفيّة تفاعل العامل البشري مع النظام الجديد.
ففي حالة كون التفاعل إيجابيّاً: سينطلق النظام الجديد محقّقاً نتائج كبيرة جدّاً تفوق توقّعات واضعي الخطط والمستشارين والخبراء.
وفي حال كون التفاعل سلبياً: سيفشل المشروع تماماً وسينعكس الفشل على مجالات أخرى، وسيتحوّل إلى خسارة كبيرة للمؤسسة أكانت هذه الخسارة على الصعيد المالي المتمثّل بكلفة المنظمة المعلوماتية إضافة إلى الصعيد المعنوي الذي يتمثّل في الإحباط الذي سيصيب العاملين على هذه المنظومة وضياعهم لاحقاً بين الأسلوب القديم والاسلوب الجديد في ادارة المؤسّسة.
للأسباب المذكورة أعلاه، كان لا بدّ من إلقاء الضوء على الدور الهام والمفصلي الذي يلعبه الإنسان المستثمر يحتلّ موقع صانع القرار في المؤسسة أو الشركة، وبالتالي يمكن القول بشيء من التأكيد أن التفاعل بين العامل البشري مع النظام الجديد سيأخذ المنحى الإيجابي وستتقق الفائدة المرجوّة من أعمال الأتمتة المنتظرة في كافة المستويات الإداريّة الموجودة في المؤسسة وسيقل الهدر إلى حدّه الأدنى إن لم ينعدم، وسينعكس ذلك تدريجياً على تخفيض كلفة المنتج، مما يعني في المحصّلة إنجاز الإصلاح المنشود، هذا الإنجاز الذي يصعب جدّاً تحقيقه لولا التفاعل الكبير والهائل.
خاتمة
لقد نوّه القائد الخالد حافظ الأسد مراراً على أن الإنسان هو منطلق الحياة، وهو غاية الحياة، ولهذا السبب بالذات كان لا بدّ من التفكير بأهميّة الإنسان ودوره المفصليّ في أعمال التغيير الواجب إحداثها في أسلوب حياته وعمله، إن الإجراءات، المؤديّة بالضرورة إلى إحداث التغييرات المذكورة على منهجيّة عمله هي في حقيقة الأمر أساليب مساعدة لـه على تنظيم أعماله بشكل أفضل للإرتقاء بحياته إلى مستويات أفضل.
لا أحد معصوم عن الخطأ، وليس من أحد يمكن لـه بأن الإدعاء بأن كافّة قراراته هي سليمة تماماً ولم يداخلها الخطأ يوماً، بل أن العكس هو الصحيح ذلك أن ممارسة النقد والنقد الذاتي هو أحد أشكال الإصلاح الإداري المنشود والذي يؤدّي في حال تطبيقه إلى تنظيم حياة الإنسان والإرتقاء به كما أسلفنا وليست المعلوماتيّة سوى وسيلة لتحقيق هذا الإصلاح، ولكنّها وسيلة عصريّة جدّاً وفعالة جدّاً ومن الأهميّة بمكان اعتمادها في كافة مؤسساتنا وشركاتنا وسيأتي يوم ليس بالبعيد نشعر فيه بأن هذه الوسيلة أصبحت لا غنى عنها أبداً وأنّ العمل التقليدي في الإدارات سيؤدي إلى تهميش هذه الشركات والمؤسسات وتجريدها تماماً من وسائل المنافسة للبقاء ضمن دارة الضوء.
القائد بشار الأسد والادارة
· ونظراً لأهميّة الإدارة فقد ترأس قائدنا الشاب الدكتور بشار الأسد اجتماعاً للحكومة خصص لمناقشة موضوع إصلاح الإدارة وتوصيف الوظائف والبحث عن المدير الأكفأ الذي لا يدير قفاه للمؤسسة وإنّما المدير الذي عينه على المؤسسة وليس همّه الكرسي ولقد أعطى قائدنا الإداري الجريء والدكتور بشّار الأسد مهلة ثلاثة أشهر لإنجاز المطلوب وما نأمله أن نجد مدراء وإدارات واعية كفؤة تعمل للوطن وليس لها