شروط البيئة الاقتصادية السورية الجديدة المستقرة بعد انحسار الازمة
عبد الرحمن تيشوري

ان الاقتصاد الوطني مبنى او عمارة لها اعمدة اسمنتية مسلحة قوية هي التي تحمل هذه العمارة واهم هذه الاعمدة عامود الاستثمار وهناك عواميد اخرى تحمل العمارة وتشكل هذه العواميد اهم شروط البيئة الاقتصادية المستقرة واذا اردنا بيئة اقتصادية قوية مستقرة لابد من التر كيز والاهتمام بهذا الاعمدة ودعمها وتقويتها باستمرار والا انهارت العمارة ولم نحقق أي هدف من اهداف السياسات الاقتصادية والنقدية والمالية والاستثمارية واهم هذه الشروط هي :
الاستقرار السياسي والامني
*تدفق الاستثمارات
* حرية الاستيراد والتصدير
* حرية تحويل وصرف العملات الاجنبية
* الشركات المساهمة المدرجة في السوق المالية
* السوق المالية الشفافة
* تكوين الموارد البشرية واسناد الوظائف لها
* استقرار العملة المحلية وليس كل يوم سعر للدولار والصرف
*المدن الصناعية الضخمة والاتصالات المتطورة
* الوعي الاستثماري
* الاجراءات الادارية السهلة السريعة – الحكومة الالكترونية -
ويحتاج كل شرط من هذه الشروط الى شروط اخرى تفصيلية لابد من تناولها حتى تبدو الصورة اكثر وضوحا
• الاستقرار السياسي والامني الذي خربته امريكا وسيعود باذن الله ووعي السوريين:
ما من شك ان سورية تعيش استقرارا سياسيا رائعا وهذا الاستقرار هو من اهم عوامل استقرار الاقتصاد وخاصة عوامل جذب الاستثمارات الاجنبية والعربية والحفاظ على المدخرات المحلية وتحويلها الى استثمارات منتجة
وليس من مصلحة أي مستثمر ان يزج بامواله في بلد مهدد بنشوب حرب التي قد تؤدي الى تدمير المباني والانشاءات والالات وضياع الاستثمار كله ومن هنا نعلم كم اثر الصراع العربي الاسر ائيلي سلبا على مناخ الاستثمار في سورية
لكن هذا الاستقرار الرائع لايخلومن المنغصات التي تفعل فعلها في احباط الاستثمارات وخاصة الاحكام القضائية الطويلة التي مازالت سارية المفعول مع ان المواطن العادي يكاد لايشعر بوجودها وقد لا تستخدم الا في حالات نادرة لكن المستثمر يمل وهو بحاجة الى التحكيم
• تدفق الاستثمارات والفرص الاستثمارية :
ان نصيب العرب من الاستثمارات العالمية هو 1% فقط وهذا ان دل عن شيء يدل على ان البيئة العربية ومنها السورية طاردة للاستثمارات لذا لا بد من العمل بشكل جدي وفعال من اجل تحفيز الاستثمار وخلق مناخ استثماري جديد يجذب
ويخلق فرص استثمارية جديدة وهذا ليس مهمة المستثمر وحده بل مهمة الدولة بكل وزارتها وتحديدا مكتب الاستثمار وهيئة التخطيط
حرية الاستيراد والتصدير
ان المستثمر يجري حساباته الاقتصادية على اساس الاسعار العالمية وتمكينه من تصدير جزء من الانتاج الى الخارج ثم يفاجىء ان عملية التصدير صعبة ومكلفة وهذا يؤدي الى جعل حساباته الاساسية حبرا على ورق وكذلك عدم قدرته على توفير واستيراد مستلزمات الانتاج في الوقت المناسب يصيبه بالضرر وربما اغلاق المشروع وافلاسه وهذا يطفش ويطرد المستثمرين والاستثمارات لذا لا بد من مراعاة اجراءات الاستيراد والتصدير والانظمة التي تحكمها باتجاه تسهيلها ووضوحها وتسريعها وقلة كلفتها
حرية صرف وتحويل العملات الاجنبية
ان خوف المستثمر من عدم تحويل امواله الى حيث يشاء وفي الوقت الذي يشاء وبالكمية التي يشاء يمنعه من استثمار امواله ولا تزال حتى الان مسالة تحويل العملات الاجنبية واسعار الصرف مسالة شائكة للمستثمرين والمصدرين لذا لا بد من العمل بسرعة في هذا المجال علما ان اجراءات جيدة صدرت في هذا المجال حيث تم السماح للمصارف بتمويل الاستيراد والتصدير لكن لا تزال مسالة تعدد اسعار الصرف كسعر صرف رسمي وغير رسمي وهي ظاهرة تعقد المسالة الاقتصادية وهي التي تقلل قدرة الاقتصاد على المنافسة الدولية بسبب الاسعار الثقيلة اداريا الغير ناتجة عن ظروف اقتصادية كما انها خلقت سوق دولار التصدير وسوق سوداء للدولار وهذا ايضا ساهم في تعقيد المسالة الاقتصادية
استقرار العملة المحلية
يمثل انخفاض القوى الشرائية للعملة المحلية احد مخاطر الاستثمار الاجنبي اذ ان الاستثمار المباشر عن طريق اقامة فروع وبناء اعمال مدنية وتركيب الات ومعدات تتعرض قيمتها الدولارية الى الاهتزاز اذا انخفضت العملة الوطنية بنسب كبيرة اذانه من الصعب ان ترتفع اسعار الاصول الثابتة بنفس معدل انخفاض القوة الشرائية ولا بد من الحد من انخفاض قيمة الليرة السورية في المبادلات مع القطاع الخارجي كما لا بد من الحفاظ على اسعار منخفضة نسبيا للسلع في السوق المحلية كما لا بد من احترام المستهلك المحلي حتى ننجح في تصدير سلعتنا الى الخارج
الشركات المساهمة
من المعروف ان النهضة الاقتصادية المعاصرة التي شهدها الغرب واليابان خلال القرن العشرين كانت بفضل الشركات المساهمة التي جمعت مدخرات المواطنين في الداخل والخارج وتم توظيفها لمصلحة اقتصادات هذه البلدان
اما في سورية للاسف الشديد لم نستطع خلق ودعم وتاسيس الشركات المساهمة الفعالة حيث ظلت مشروعاتنا فردية وعائلية وبالتالي ظلت تفتقر هذه المشروعات الى الخبرات الادارية والتمويلية والتكنولوجية الامر الذي اوجد جامعي الاموال الذين شفطوا اموال الشعب وافلسوا ووجدوا طريقهم الى السجن لذا لا بد من صياغة قانون جديد يشجع اقامة الشركات المساهمة بشكل حضاري وتنموي واقتصادي يؤدي الى جمع المدخرات وضخها في مسارات الاقتصاد الوطني
سوق الاوراق المالية
لا تزال هذه السوق متعثرة في سورية علما ا وهي مطلب مهم جداها بدأت بالعمل من اجل استقرار البيئة الاقتصادية لان لها مكانة مميزة في اقتصاد السوق الاجتماعي وتعتبر من الدعائم الاساسية للاقتصاد القوي وللسوق دور هام جدا نلخصه في مايلي :
- توفير مصادر التمويل الانمائي المحلي
- تنمية العادات الادخارية
- توفير المعلومات والبيانات المالية والاقتصادية عن الاوضاع الحقيقية للشركات المدرجة في السوق
- تحقيق الاسعار العادلة للاوراق المالية من خلال السوق
- يساهم السوق في تشجيع تاسيس الشركات المساهمة ذات الميزة التشاركية
- المساهمة في توجيه الموارد الى المجالات الاكثر ربحية
- تفادي الاقتراض من الجهاز المصرفي الذي سيؤدي الى زيادة الكتلة النقدية
- تساهم السوق في تحسين وتطوير مناخ الاستثمار

لذا لا بد من الاسراع في تاسيس وانجازوتطوير السوق وتاهيل الكوادر اللازمة للعمل بها وتوفير صحافة مالية متخصصة تدار من قبل متخصصين واصلاح هيكل الرواتب والاجور بحيث يقبل الناس على شراء الاوراق المالية

تكوين الموارد البشرية وكفاءة الادارة العامة
تعتبر الموارد البشرية المؤهلة المدربة اهم عوامل التنمية الاقتصادية والاجتماعية وان عدم توفر الكوادر المؤهلة يجعل من الاصلاح الا قتصادي والاداري كلاما غير ذي معنى وقد بدات الدولة خطوات جيدة في هذا المضمار وخاصة تاسيس معاهد متخصصة في الادارة وخاصة المعهد العالي لادارة الاعمال والمعهد الوطني للادارة العامة وهؤلاء يكتسبون خبرات عملية وتدريبية واساسية وتخصصية ونرجو ان يساهم ذلك في توفير الكوادر التي تقود القطاع العام والخاص من اجل تحقيق اهداف التطوير والتحديث واهداف الاصلاح الاداري والاقتصادي واهداف الخطة الخمسية ولا بد من استثمار هذه الكوادر

الوعي الاستثماري
لا يزال البعض ينظر الى القطاع الخاص نظرة عدائية وينطلق من الصراع بين القطاع الخاص والعام ولم نصل الى مفاهيم التشاركية والتعاونية والقطاع الخاص الوطني ويتحمل القطاع الخاص دورا كبيرا في هذه المسائل لانه لا يؤمن على عماله ولا يدفع اجور عادلة ولا يريد ان يدفع ضرائب ودائما يشعر العامل بالقلق وعدم الامان لدى القطاع الخاص لذا لا بد من تغيير هذه النظرة وخاصة لدى ارباب العمل في القطاع الخاص وهذا يساهم بشكل كبير في خلق بيئة اقتصادية واستثمارية مستقرة تساهم في تطوير وتنمية سورية
المدن الصناعية الكبيرة
تعتبر المدن الصناعية الكبيرة من اهم الحوافز للاستثمار والاستقرار الاقتصادي لذا لا بد من تطوير ودعم المدن الصناعية السورية من حيث توفير الكهرباء والهاتف والفاكس والانترنت والبنى التحتية وكل الخدمات الاخرى التي يحتاجها المستثمر او الصناعي حيث لا تزال الامور في سورية غير مكتملة حيث مناطق المخالفات والمصانع المخالفة والطرق الملتوية للحصول على الماء والكهرباء وتكاليف حفر البئر وتكاليف شراء مولد كهربائي خاص كل ذلك لا يشجع ولا يسهل ولا يطور ولا يؤدي الى انتاج منافس
الاجراءات الادارية السهلة والسريعة
من المعلوم ان تعدد الجهات الادارية التي تساهم بالقرار الاستثماري والاقتصادي تؤدي الى ضياع وقت المستثمر والصناعي في موافقات واجراءات لا ضرورة لها لذا لا بد من تجميع وتبسيط اجراءات الترخيص للمستثمرين والسرعة في اعطاء الموافقات للصناعين والتجار في الاستيراد والتصدير وكل ما له علاقة بعملية الانتاج ولا بد من وضع دراسات ناضجة للجدوى الاقتصادية للمشاريع بحيث تحدد التدفقات النقدية المطلوبة وراس المال اللازم وشكل المشروع الافضل الذي نقترح ان يكون شركات مساهمة حصرا ونحن لدينا بيئة اقتصادية واستثمارية جيدة ورائعة ولدينا شعب طيب واكتشافات من الغاز ولدينا مناخ دافىء شتاءا ومعتدل صيفا الامر الذي يدفع بنا الى التوجه الى صناعة السياحة التي يجب ان تكون من اهم القطاعات الاقتصادية السورية الواعدة في المستقبل
وهكذا نرى ان هذه هي اهم شروط البيئة الاقتصادية المستقرة بالاضافة الى القضاء العادل السريع والاعلام الذي يبحث عن الحقيقة والذي يخدم في عمله عملية الاصلاح والتحديث والتطوير
لذا العجلة لا تدورولا تعمل بشكل سليم الا اذا عملت جميع المحاور وبراينا ان عجلة الاصلاح والتطوير يجب ان تمضي ويجب ان يعمل كل محور عمله وتتكامل جميع المحاور من اجل سورية حديثة متطورة مستقرة مزدهرة بعد الازمة