الباب الثاني عشر

من كتاب تفسير الأحلام لابن سيرين
في تأويل رؤيا الزكاة والصدقة والإطعام وزكاة الفطر
أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد جميع الغساني بصيدا قال: أخبرنا أبو محمد جعفر بن محمد بن علي الهمداني، قال حدثنا إبراهيم بن الحسين بن علي الهمداني، عن أبي معمر عبد الله بن عمر المقري، عن عبد الوارث بن سعيد، عن الحسن بن ذكوان المعلم، أنّ يحيى بن كثير حدثهم، أنّ عكرمة بن خالد حدثه، أنّ عمربن الخطاب رضي الله عنه، رأى في المنام، قيل له لتتصدق بأرضك، ثم قيل له ذلك مرات ثلاث، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فحدثه بذلك، فقال: يا رسول الله إنه لم يكن لنا مال أوصف لنا منه، فقالت رسول الله صلى الله عليه وسلم: تصدّق بها وأشرط.
قال الأستاذ أبو سعد رضي الله عنه: من رأى كأنه يوفي زكاة ماله بشرائطها فإنّه يصيب مالاً وثروة لقوله تعالى: " وَمَا اتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ الله فَأولَئِكَ هُمُ المُضْعِفُونَ " .
ورؤية الصدقة في المنام: تختلف باختلاف أحواله الرائينِ، فإن رأى عالم كأنّه يتصدّق، فإنّه يبذل للناس علمه. فإن رآها سلطان ولي أقواماً، وإن رآها تاجر ارتفق بمبايعته أقوام. وإن رآها محترف، علم الأجراء حرفته. ومن رأى كأنّه أطعم مسكيناً، خرج من همومه وأمن إن كان خائفاً، فإن أطعم كافراً فإنّه يقوي عدواً وتأويل المسكين هو الممتحن، ومن رأى كأنّه أدى زكاة الفطر فإنه يكثر الصلاة والتسبيح، لقوله تعالى: " قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلى " ، ويقضي ديناً إن كان عليه، ولا يصيبه في عامه ذلك مرض ولا سقم.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


الباب الثالث عشر

من كتاب تفسير الأحلام لابن سيرين
في تأويل رؤيا الصوم والفطر
قال الأستاذ أبو سعد رضي الله عنه: اختلف المعبرون في تأويلهم الصوم، فقال بعضهم من رأى أنّه في شهر الصوم، دلّت رؤياه على غلاء السعر وضيق الطعام. وقال بعضهم أنّ هذه الرؤيا تدل على صحة دين صاحب الرؤيا، والخروج من الغموم، والشفاء من الأمراض، وقضاء الديون. فإن رأى كأنه صام شهر رمضان حتى أفطر، فإن كان في شك يأتيه البيان، لقوله تعالى: " هُدَىً للناس وَبَيِّنَاتِ " . فإن كان صاحب الرؤيا أُميَاَ حفظ القرآن، فإن رأى أنّه أفطر شهر رمضان عمداً جاحداً، فإنّه يستخف ببعض الشرائع. فإن رأى أنّه أقر بحقيقة الصوم واشتهى قضاءه، فهو رزق يأتيه عاجلاً من حيث لا يحتسب.
وقال بعضهم أنّ من رأى أنّه يفطر في شهر رمضان، فإنّه يصيب الفطرة وقال بعضهم أنّه يسافر في رضا الله تعالى، لقوله عزّ وجلّ: " فَمَنْ كَانَ مِنْكُم مَرِيضاً أَوْ عَلَىِ سَفَر " . وقيل أنّه من رأى أنّه أفطر في شهر رمضان متعمداً، فإنّه يقتل رجلاَ متعمداً. ومن رأى أنّه قتل مؤمناً متعمداً، فإنّه يفطر في شهر رمضان متعمداً. ومن رأى كأنّه صام شهرين متتابعين لكفارة، فإنّه يتوب من ذنب هو فيه. ومن رأى كأنّه يقضي صيام رمضان بعد خروج الشهر، فإنّه يمرض.
ومن صام تطوعاً لم يمرض تلك السنة، لما روي في الخبر: " صوموا تصحّوا " .
ومن رأى كأنّه صائم دهره، فإنّه يجتنب المعاصي. ومن رأى كأنّه صائم لغير الله تعالى، بل للرياء والسمعة، فإنّه لا يجد ما يطلبه. فإن رأى إنسان تعوّد صيام الدهر أنّه أفطر، فإنّه يغتاب إنساناً أو يمرض مرضاً شديداً.
ومن رأى أنّه صائم ولم يدر أفرض هو أو نفل، فإنّ عليه قضاء نذر، لقول الله تعالى: " إنِّي نَذَرْتُ للرَّحْمَنِ صَوْمَاً فَلَنْ أُكَلّمَ الْيَوْمَ إنْسِيّاً " . وربما يلزم الصمت لأنّ أصل الصوم السكوت. ومن رأى كأنّه في يوم عيد، فإنّه يخرج من الهموم ويعودإليه السرور وا ليسر