جرائم للغنى فيها كما للفقر
الدعارة السرية انخفضت بنسبة 18% و الزنا ازدادت 23%
20/04/2010



لم يعد الفقر هو المتهم الوحيد في نشوء و استمرار ظاهرة العلاقات الجنسية غير المشروعة، فالغنى يحمل التهمة نفسها...هذا مع مراعاة العوامل المساعدة لكل منهما و تأثيرات الوسط المحيط بالفرد..
فإذا كان الفقر وما يخلفه من تفكك اجتماعي داخل العائلة يدفع بفتاة للعمل في مهنة الدعارة أو يقودها في طريق قد يصل في النهاية إلى هذه المهنة(التاريخية)، فإن الغنى و الثراء هو الذي يشجع شاب على ارتياد بيوت الدعارة و إقامة العلاقات المحرمة مع أفراد الجنس الآخر... وقد يفعل الغنى فعله و يقود هذا الشاب للبحث عن ملذة أخرى لم يعرفها فيقع في قضية اغتصاب طفل أو طفلة.
و الظاهرة التي وجدت منذ قدم التاريخ و استمرت إلى وقتنا الحاضر، إما بشكل غير قانوني أو بترخيص رسمي، موجودة في سورية بنسب متفاوتة، تبعاً للعاملين فيها و مناطقها و مواسمها...وحتى للظروف المحيطة، لكنها حقيقة موجودة تفرض نفسها على الجامعات و مراكز الأبحاث الاجتماعية و النفسية للتحرك لمعالجة أسباب ظهورها، فاليوم إذا كانت الجهات المعنية تضع ثقلها لتفكيك شبكاتها أو تقديم مرتكبيها للقضاء، فهذا لا يعني الاستكانة لظروفها و عوامل نشوءها، فالفقر المنتشر في بعض المناطق سبب رئيسي و الغنى المصحوب بمرض نفسي أو شخصي أو بعوالم اجتماعية معينة هو سبب آخر و في أماكن أخرى.
تكشف بيانات وزارة الداخلية أن جرائم تعاطي الدعارة السرية الواقعة في سورية خلال عام2008 بلغ عددها355 جريمة مقابل435 جريمة في العام 2007 أي أنها تراجعت بنسبة 18%.
لكن هذا التراجع في ظاهرة جرائم الدعارة المضبوطة يقابله مؤشر آخر معاكس تماماً، فعدد جرائم الزنا التي تم ضبطها في العام 2008 بلغ 133 جريمة مقابل 108 جريمة في عام 2007، أي أنها زادت بمقدار 25 جريمة و بنسبة 23%.
و بالتالي فإن المؤشرات السابقة ليست مطمئنة، أي يجب البحث عن الأسباب العميقة والجوهرية للظاهرة بعيداً عن التفسيرات العمومية لبعض ممن يطلق عليهم خبراء نفس واجتماع،فاليوم ثمة حاجة لتحديد الأسباب الدقيقة و المباشرة، التي يمكن بعد فترة قياسها ومقارنتها، لتصدر العاصمة دمشق المحافظات بعدد جرائم الدعارة المسجلة في العام 2008، وهي بلغت 102 جريمة بنسبة 29% من الإجمالي، و لماذا هي في محافظة السويداء متدنية لدرجة لم تسجل فيها سوى جريمة واحدة فقط، كذلك الأمر بالنسبة لجرائم الزنا التي احتلت محافظا حلب و ريف دمشق المرتبة الأولى بنحو 35 جريمة لكل منهما و بنسبة 26% لكل منهما من إجمالي جرائم الزنا المسجلة...
ثمة دراسات و أبحاث ميدانية مهمة تجرى من قبل طلبة الماجستير و الدكتوراه في جامعة دمشق حول هذه الظاهرة، تتضمن مجموعة واسعة من المؤشرات و القصص التي يمكن الاستناد عليها في المتابعة الدائمة و المستمرة لواقع هذا النوع من الجرائم المهددة لكيان أي مجتمع و تطوره.