الوطن...
مدينة اختارت الفرقة في أحرفها، هي تخاف التوحد فيها فتغدو غير قابلة للتأويلات المتناقضة، غير قادرة على التلاعب بأمكنتها لتُفَصل على مقاس أحلام كل من يسكنها، آهات حنين كل من لا يسكنها و تسكنهم، من يرحلون عنها فترحل فيهم، يبتعدون عنها فتتوحد معهم.

الوطن...
أمٌَ ما إن تلدنا حتى تتحول ابنا لنا، فنقف أمام بعضنا البعض طفلين و أمين معا، كل ينتظر حنان و بر الآخر! ينتظر كل منا قبلة الأمومة من الآخر... ينتظر حتى الملل، حتى الاتهام بالعقوق!

الوطن...
حب أول، يوصلك القمة في كل تفاصيله، في سعادته و حزنه، في أحلامه و انكساراته، في ازدواجية تلاعب القدر بنسبية الوقت بين لقاءاته المسروقة ثوانيا و بعده الممتد أزليا. حب أول، تتخذ الأشياء ذاتها بعده معاني متناقضة، فترتدي مع الحبيب ألوان قوس قزح و تدمن السواد دونه.
الوطن حب أول، لا يكتمل... و لا ينتهي! يمحو كل ما قبله و لا يقدر يمحيه أحد، فلا نملك إلا أن نحمله فينا حباً أولاً، جرحاً أولاً، أماً نريدها تتبنانا طفلها الأوحد و طفلا يريدنا نكون له أماً لا ترحل!

آه أيها الوطن!
يدهشني ذاك التعريف الذي يجعلك مسجونا بين خط يدور و يدور... يدور برا و بحرا، عمقا و علوا ليلتحم بنقطته الأولى كما بدأ برا و بحرا، عمقا و علوا. يدهشني الكبر في رقم المسافة بيننا و أنت تسكنني، أحملك فيً و معي أينما رحلت، أمَا، طفلا و حبأ أولا!

آه أيها الوطن!
كيف نقدر نهرب منك و أنت نحن!!
كيف تقدر تطردنا منك و نحن أنت!!
كيف تضحك لهم... و هم يغتصبونك!
كيف تهديهم اسمك... ليخونوك!!

أه أيها الوطن!
أأنت طفل جاهل يحبو... يحتاجنا أمَا حنونا نأخذ بيده و نعلمه
أم أنت أم عجوز تنسى... تحتاجنا ابنا بارا يذكرها!؟

أم أنك أيضا شاب ضائع يحلم بام و ابن و.... وطن!؟