أعرض في هذه المقالة تجربة شخصية لبناء وتفعيل موقع داخلي لمؤسسة عربية. وهذه المقالة هي إحدى مقالات “تطبيقات عربية في الإدارة”.
بدأ الموضوع بأن قام أحد الزملاء ببناء موقع داخلي وذلك باستخدام أحد برامج الـويكي Wiki وهو JSPWiki. موقع داخلي تعني أن العاملين بالمؤسسة فقط هم من يستطيعون الدخول عليه من أجهزة الكمبيوتر الموجودة في مقر العمل. وتم استخدام الصفحة الرئيسية لهذا الموقع كوسيلة للوصول إلى العديد من أنظمة المعلومات بمعنى أنه تم وضع رابط لكل نظام معلومات في هذه الصفحة. كما تعرف فإن الويكي تعني أنه بإمكان أي شخص أن يضيف أو يعدل في الموقع كما هو الحال في ويكيديا وويكيمابيا. وعلى الرغم من ذلك فإن مشاركة العاملين كانت شبه معدومة لمدة حوالي سنيتن فيما عدا بعض المحاولات التي يمكن وصفها بالفاشلة.
محاولات محدودة:
بعد إنشاء الموقع وجدتُ فيه مكانا مناسبا لوضع معلومات توضيحية لاستخدام نظام شراء إلكتروني جديد – حينئذ – وقمت بكتابة الكثير من الصفحات باللغة العربية لتكون واضحة لكل المستخدمين. ساعدني ذلك على فهم أساسيات استخدام هذا الموقع ولكن ربما لم يزُر هذه الصفحات الكثير من العاملين. ولكن هذا لم يكن مشكلة كبيرة فالصفحات كانت متاحة لمن يريد.
في مرحلة لاحقة حاولت استخدام الموقع لوضع خطة شهرية يتم توزيعها على الكثير من الأشخاص ويتكرر توزيعها كلما تم تعديلها. لم يكن الأمر مجهدا بل كان سهلا ولكنه لاقى اهتمام عدد محدود من العاملين الذين يستخدمون هذه الخطة كثيرا.
بعد ذلك حاولتُ استخدام الموقع لمتايعة بعض أعمال الصيانة فقمت بوضع صور يومية لتطور الأعمال وكذلك الجدول الزمني المعدل. ولكن هذه التجربة كانت مجهدة لأنني احتجت بذل مجهود للحصول على صور يومية وبعد ذلك نقل الصور إلى الموقع ونقل الجدول الزمني وهكذا. ولم تكن التجربة ناجحة فلم تكن هذه الصفحات مزارا للعاملين ولم يقم أحد تقريبا بمتابعة الموقع.

بعد ذلك قام زميل بتجربة مماثلة وقام بنشر العديد من الصور ليساعد العاملين على متايعة أعمال إصلاح كبيرة ولكن التجربة كانت مثل سابقتها. وهكذا كانت المحاولات محدودة ولم تلق الرواج المنتظر بالمرة. ولكنها أفادتنا في فهم الموقع وفهم أسباب الفشل.
هيا بنا
فكرت في يوم ما في وضع النماذج المتداولة في المؤسسة مثل النماذج التي تحتاجها عندما تطلب خدمة ما من إدارة أخرى أو قسم آخر مثل نموذج طلب أجازة ونموذج طلب القيام بعمل إصلاح للمعدات أو الحاسوب أو طلب تحويل للطبيب المعالج وما شابه ذلك. وقمت بمناقشة الأمر مع بعض الزملاء وفشلت في إقناعهم. بعد عدة سنوات قررت القيام بوضع هذه النماذج وبالتالي بدأت في اقتراح ذلك على الأقسام المختلفة. صادفني التوفيق في ذلك والحمد لله فبادر الكثيرين بتسليمي صورة من تلك النماذج لنشرها بالموقع. قمت بتحويل هذه النماذج إلى ملفات PDF لكي يسهل طباعتها بدون تعديل فيها. ومعظم هذه النماذج تم مسحها بالماسح الضوئي scanner.
فكرت حينئذ في وضع دليل التليفونات الداخلية ولكنني لم أجده مكتوبا ومجمعا لدى أي أحد. كادت الفكرة أن تفشل ولكنني قلت لعلي أقوم أنا بعمل ذلك الدليل. طلبت من زميلي بأنظمة المعلومات أن يصمم لي شاشة لإدخال وعرض التليفونات. تفرغت أسبوعين تقريبا لتجميع وإدخال أرقام التليفونات لآلاف العاملين. كان حجم العمل كبيرا ولكنني استطعت إنجازه بتوفيق الله. وفكرنا في إضافة صورة كل عامل مع إمكانية البحث باسم الموظف أو رقمه الوظيفي أو الإدارة التي يعمل بها. الغريب أن هذا الدليل لاقى ترحيبا شديدا وبدأ العاملون في استخدامه والحديث عنه مع زملائهم.
كان لدي فكرة منذ مدة طويلة في تجميع التقارير الفنية في هذا الموقع لتكون متاحة لجميع العاملين وليتم حفظها لسنوات عديدة بدلا من ضياعها. اقترحت الفكرة على زميل واحد فأبدى ترحيبه وبدأ في إمدادي ببعض تقاريره في صورة ملفات PDF وبدأت في وضعها. وبذلك بدأنا ما أسميناه حينئذ بوابة التقارير الفنية. وبدأتُ في إقناع الآخرين بالفكرة بعد أن أصبح لدينا نموذجا يحتذى. لاقيت مساعدة محدودة في هذا الشأن ولكنني كنت مصرا فظللت أتصل بالزملاء وأُلح عليهم حتى استطعت الحصول على تقارير من إدارات عدة. لم يكن هدفي تجميع كل شيء ولكن أن يكون لدينا تقارير عديدة تمثل إدارات مختلفة بحيث تكون نموذجا مصغرا لما نريد فعله ثم يتم استكمال المشوار بعد ذلك.