فتحت عملية اغتيال القيادي بحركة المقاومة الإسلامية حماس محمود المبحوح أبواب التكهنات بشأن ما إذا كان لجهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد) نشاط دائم بإمارة دبي أو منطقة الخليج برمتها، ومدى أهمية هذه المنطقة بالنسبة للإسرائيليين خاصة وأنها الأقرب إلى إيران التي يعتبرونها عدوهم اللدود بالمنطقة.

كما أثارت هذه العملية تساؤلات عريضة عن سبب اختيار الموساد دبي مسرحا للعملية، ولماذا فضل اغتيال المبحوح خارج سوريا التي يقيم فيها، والتي سبق أن اغتيل فيها القيادي في حزب الله عماد مغنية، فضلا عن أن المبحوح كان مقررا أن يواصل رحلته إلى الصين، وهو مكان آخر محتمل لتنفيذ العملية تجنبه الإسرائيليون.

ويؤكد العديد من المحللين السياسيين أن الخليج منطقة إستراتيجية مغرية للموساد، إلا أن غالبيتهم يستبعدون أن يكون لهذا الجهاز نشاط سابق أو وجود دائم بهذه المنطقة، مستدلين بأن الأشخاص الـ26 الذين شاركوا في اغتيال المبحوح جاؤوا كلهم من خارج دبي.
منطقة مهمة

ويرى مدير برنامج دراسات الأمن والإرهاب بمركز الخليج للدراسات بدبي الدكتور مصطفى العاني أن هناك بلا شك اهتماما إسرائيليا بمنطقة الخليج وبالشؤون الخليجية، وعلاقات هذه المنطقة مع إيران، فضلا عن احتمال وجود مجموعات تابعة لتنظيم القاعدة في بعض دول الخليج.

لكنه استبعد أن تكون عملية اغتيال المبحوح في العشرين من يناير/ كانون الثاني الماضي مؤشرا على أن دبي أو أي دولة خليجية أخرى هي مسرح لنشاط الموساد، مشيرا إلى أن "الجريمة ارتكبت على أراضي دولة الإمارات لأن الهدف تحرك إلى هناك".

وأكد العاني وجود صعوبة في اغتيال المبحوح في سوريا، مضيفا أن الإسرائيليين "اعتقدوا أن الجريمة كان يمكن أن تمر دون مشاكل وأن تسجل على أنها وفاة طبيعية".

وأوضح أن اغتيال مغنية في دمشق صعب على الموساد إعادة مثل هذا السيناريو في نفس المكان، معتبرا أن هذه العملية كانت بمثابة "إيقاظ لجهاز المخابرات السورية وللفصائل المسلحة أيضا التي أصبحت أكثر حذرا" وهو ما جعل من وجود المبحوح في دبي فرصة للموساد لا ينبغي تضييعها، في نظره.

ويقول العاني إن بكين التي كانت المحطة الأخيرة في رحلة المبحوح لم تكن أيضا ساحة مناسبة لتصفيته، لأن الصين دولة عظمى وترتبط مع إسرائيل بعلاقات مهمة يحسب لها الإسرائيليون ألف حساب.


الموساد حيث هدفه

وبدوره يؤكد الخبير العسكري اللبناني المقيم بدبي رياض قهوجي أن لمنطقة الخليج، ولإمارة دبي على وجه الخصوص، أهمية كبيرة، سواء للموساد أو غيره، مضيفا أن الأخير جهاز استخبارات خارجي يجعل من العالم بأسره مسرحا لعملياته عندما يشعر بمصلحة له في مكان ما.


ويقول قهوجي إن "الموساد يوجد حيثما توجد ما تسمى المصالح الدفاعية والأمنية لدولة إسرائيل" مشيرا إلى أن "وجود الهدف في الخليج جعله ببساطة مسرحا لهذه العملية".

كما اتفق مع العاني في أن الموساد "تجنب ارتكاب الجريمة بالصين كونها دولة عظمى". وأضاف "اللعب مع دولة عظمى ليس كأي دولة أخرى"، وأن "إسرائيل تحسب للصين حسابا كبيرا، بينما لا علاقات بينها وبين دولة الإمارات".