في الأمثال الشعبية يقال "الكذب ملح الرجال" أي أن الكذب هو الذي يعطي للكلام والحديث مذاقه المميز، فهل هذا صحيح؟

هذا الكلام ليس صحيحا مطلقا ومع ذلك يلجأ الناس إلى الكذب وذلك حسب أهمية ونوعية الموضوع الذي يتم الحديث فيه ومن أجله ففي أمور الجد لا ينفع الكذب أبدا ويكون الكذب ملح الرجال في حالات الهزلِ. فبعض الناس كذابون بطبعهم ولا يستطيعون العيش بدون كذب ،وبعض الناس يكذب من أجل غاية ولتحقيق مأرب في حياته ولكنه لا يتخذ الكذب طبعاً وبعض الناس لا يعرفون الكذب ولا يلجؤون إليه أبداً. أياً كانت الأسباب فالكذب عادة مذمومة وغير حميدة أبداً سواءً كانت هزلاً أو جداً، فلماذا يلجأ بعض الناس للكذب؟

الكذاب شخص لا يستطيع مواجهة الحقيقة ويخاف منها، ووسائل بلوغ أهدافه قاصرة وغير مكتملة ولذلك يلجأ إلى الطريق الأقرب للوصول إلي غايته ألا وهو تزييف الحقائق وتغيير ملامحها باللجوء إلى الكذب فإن نجح في المرة الأولى تفنن في الكذب وأدمن عليه.

والكذاب أيضا شخصيه عاجزة ضعيفة لا يمكنها الصمود ومواجهة الحقيقة، لذلك يحاول أن يستقوي على ضعفه باللجوء إلى الطريق الأقرب وهو الالتفاف على الحقيقة ولكنه يظل طوال الوقت خائفا مترقبا يعمل على نسج أكاذيب جديدة ليدافع بها عن سبب أكاذيبه القديمة والتي انكشفت، وهذا ما يزيد من توجسه وخوفه فكلما زاد الجرم زاد الخوف من عواقبه .

وقد ينجح الكذاب فالوصول إلى أهدافه ولكنه لن يستمر طويلا في نجاحه فكل الأشياء تفقد رونقها مع مرور الزمن ويظهر الصدأ من تحت الطلاء وتنجلي الحقيقة ولذلك نجد أن الكذاب يصبح مذموماً ولا يثق فيه أقرب الناس إليه.

إذاً فإن النجاح الذي يحصل نتيجة الكذب هو نجاح مؤقت وبريقه خادعٌ مثل بلورات الثلج إذا سقطت على السطح بدت جميلة متفردة في أشكالها ولا يمكن أن تشبه أحداها الأخرى، ولكن جمالها يختفي بعد لحظات وتختلط مع بعضها البعض ثم تتوه في عالم النسيان.

وكما قيل قديماً "إنك تستطيع أن تخدع كل الناس بعض الوقت وبعض الناس كل الوقت ولكنك لا تستطيع أن تخدع كل الناس كل الوقت" لأن أحبال الكذب قصيرة