التفكير الإيجابي خير صديق(1-5) أجمعت الدراسات على أن الضغط هو المسبب الرئيسي للأمراض العاطفية والجسدية التي تتفشى بين الموظفين في الولايات المتحدة، وفي دراسة أجراها ( د.هيلي ) في عام 1991، أكد 27% من الموظفين الذين أجريت عليهم هذه الدراسة أن وظائفهم هي العامل الأعظم الوحيد الذي يسبب لهم الضغط في حياتهم.
ماذا تعني الضغوط ؟
يقول ( هانز سيلاي ) : إن الضغوط هي الحياة ، وغيابها يعني الموت. ويعتبر ( هانز ) الأب الروحي لهذا الموضوع، فقد بدأ دراسة ظاهرة الضغط منذ ما يزيد عن 60 عاماً، وقد ظهر كتابه الرائع " ضغط الحياة " (The Stress Of Life) و عرفه بأنه استجابة جسدية غير محددة لمطلب معين. كما نوه ( هانز ) لوجود نوعين من الضغوط :
الأولى: ضغوط سلبية، الثانية: ضغوط إيجابية .
أهم مسببات الضغوط :
1. التهديدات الجسدية .
2. التهديدات التي تشكل خطورة على الذات .
3. الأحداث الحياتية المهمة.
4. الخلافات أو الصراعات.
5. فقدان أحد الأفراد أو الأشياء الخاصة.
6. المواعيد النهائية الصعبة.
7. قلة الموارد المالية أو الخبرات أو المعلومات . ...

الفرق بين المتشائمين ذوي التفكير السلبي والمتفائلين ذوي التفكير الإيجابي:
إن كل فرد منا يشعر دون شك في وقت من الأوقات بالعجز الكبير حين يواجه تجربة تكون نتيجتها الفشل مما يشعره بالضغط النفسي, و نكون إذ ذاك حزينين ويرتسم المستقبل أمامنا بألوان قاتمة، ويستعيد البعض منا توازنهم بسرعة كبيرة، فتختفي عندهم أعراض العجز المكتسب بعد عدة ساعات دون أن تترك أثراً يذكر، في حين يبقى آخرون عاجزين لبضع أسابيع، وكلما كان الفشل كبيراً والصدمة أليمة كلما استمروا في عجزهم وقد يستغرق الموضوع عدة شهور أو أكثر.
إن الفارق بين الناس الذين ينقضي عندهم العجز المكتسب بسرعة، وبين أولئك الذين تستمر عندهم الأعراض أسبوعين أو أكثر هو في واقع الأمر فارق بسيط، فهؤلاء الآخرون يتميزون بنمط تفسير تشاؤمي أي طريقة تفكير سلبية. ويؤدي إلى أن ينقلب العجز المكتسب عندهم من عجز مؤقت إلى عجز مستمر وعام .
ويعود الاختلاف بين الناس في طريقة التفكير إلى اعتقادهم بخصوص أسباب الإخفاقات الكبيرة أو الصغيرة التي تواجههم وآثار هذه الإخفاقات عليهم في المستقبل.
ماذا تعتقد بشأن أسباب الإخفاقات الكبيرة أو الصغيرة التي تواجهك ؟ إن هؤلاء الذين يستسلمون بسهولة لمثل هذه الإخفاقات في العادة يشرحون إخفاقاتهم على النحو التالي : "" إنه ذنبي .. لن تتغير الأمور أبداً .. إن سوء هذا الأمر سيؤثر على كل جوانب حياتي .. "" وعلى النقيض فإن الذين لا يستسلمون أبداً بسهولة يقولون في أنفسهم : "" إنه ذنبي ........سأصلح الأمور ولن أدع هذا الأمر يؤثر على حياتي".
إن الطريقة التي تفسر من خلالها لنفسك عادة الأحداث السيئة في حياتك، هي ليست مجرد كلمات تقولها لنفسك حين تواجه فشلاً ما، بل إنها أسلوب في التفكير، يتشكل عادة خلال فترة الطفولة والمراهقة. إن أسلوبك في التفسير ينجم ببساطة عن الرأي الذي تكونه عن نفسك وعن موقعك من العالم ، وهو يتوقف تماماً على اعتقادك أنت بأنك شخص محترم يستحق الكثير، أم شخص فاشل لا يستحق شيء . إن أسلوب التفسير يقرر فيما إذا كنت متفائلاً أم متشائماً.

التفكير الإيجابي خير صديق(2-5)

تحدثنا في المقال الأول عن الضغوط وما تسببه من آثار سلبية تنعكس على(العقل – الجسد-الروح) وعن كيفية التخفيف من آثار هذه الضغوط وانعكاساتها ,وها نحن في هذا المقال نتحدث عن
التفكير الإيجابي :
وهو أن يستخدم الإنسان فكره بطريقة معينة ومنطقية تبعد عنه التوتر والانفعالات السلبية (( الحقد ، الكره ، الخوف، القلق، التوتر، الكآبة..)) وتكسبه انفعالات إيجابية (( التقبل، الطمأنينة، الهدوء النفسي، فرح، سرور، سعادة، ثقة، تفاؤل... )) وقدرة على اكتساب سلوك جديد يساعده على حل المشكلات التي تواجهه.
ماذا يقدم التفكير الإيجابي ؟
1- يدعم الثقة بالنفس وبأننا نستطيع تجاوز الأزمات : ينطلق التفكير الإيجابي من فكرة " أن لكل مشكلة حل لذلك قررت أن أعيش سعيداً " ولا يسمح للبرمجة السلبية الكلامية من أخذ مفعولها في فكره ، بل يدعم ذاته فيسامحها ويقدرها ولا يضخم أخطاءها ، وينتقل إلى العمل من أجل التصحيح ، فلا يفقد الأمل مستبشراً برحمة الله فهو ينظر بإيجابية ويحول المحنة إلى منحة لذلك تراه أكثر هدوءاً لكن دون تبلد للمشاعر واستهتار أو استسخاف المخاطر .

2- يحسن العلاقة مع الآخرين : لماذا أصحاب التفكير الإيجابي والمتفائلون لديهم صداقات حميمة مع الآخرين أساسها الحب ؟يعود ذلك إلى طريقة تفكيرهم التفاؤلية وعدم سخطهم على أخطاء الآخرين، بل ترى الابتسامة تعلو وجوههم. إنهم إيجابيون في تفكيرهم وبالتالي في مشاعرهم ولذلك نرى سلوكهم متوقد بالحيوية والنشاط بالإضافة إلى أنهم يمتلكون صحة جسدية جيدة. وكلما ازدادت نسبة التفكير السلبي التشاؤمي ضاقت دائرة الأصدقاء وبالتالي يصل إلى الانعزال في حالة الاكتئاب وخاصة الشديد منها مما يزيد من أعراضه وضعف مناعته الجسدية .
3- يزيدنا التفكير الإيجابي ارتقاءاً بالعلاقة مع الله تعالى .
4- تحسين واقع العمل والمردود المالي : إن ما يقدمه علم النفس ليس فقط محصوراً في علاج الأمراض النفسية والاهتمام بآلام الناس ، وإنما أيضاً يهتم بالجانب الآخر في الارتقاء بالناس الأسوياء بشكل أفضل في نواحي الحياة المختلفة.
5- الصحة الجسدية ومقاومة الأمراض : هناك بحوثاً علمية كثيرة تجعلنا أقرب للتأكد من دور الأمل ( والذي يمثل الأفكار الإيحائية ) في حياتنا الصحية، ومثال ذلك: قامت كل من ( إيلين لانجر ) و( جودي رودن ) بأبحاث في بيوت المسنين، بعد عام ونصف من بدء سريان تطبيق التجربة تم معاينة النتائج وتطور الأوضاع، وتأكد لهن باستخدام مختلف أنواع الاختبارات النفسية والملاحظات المباشرة أن نزلاء المجموعة الأولى: (الإيجابيون) كانوا أكثر نشاطاً وفاعلية وأكثر سعادة، وتبين كذلك أن عدد الأشخاص الذين توفوا من هذه المجموعة كان أقل من عدد المتوفين من المجموعة الثانية: (السلبيون).


مثال آخر : أجرى فريق العمل الأميريكي الذي قاده (شيلدون كوهين) من جامعة ( كارنيجي ميلون ) في بتسبورغ دراسة على 330 متطوعا لا يعانون من أمراض جسدية أو نفسية. وراقب الباحثون المرضى طوال أسبوعين واستفسروا منهم باستمرار عن وضعهم النفسي ومزاجهم. ثم ركز الأطباء في أسئلتهم على الوضع النفسي للمتطوعين من خلال ثلاثة معايير ايجابية وهي: (الحيوية، والشعور بصحة جيدة، والراحة الداخلية), كما تركزت الأسئلة السلبية (نفسيا) في ثلاثة معايير أخرى هي: (الاكتئاب، والتوتر، والعدائية). وللتعرف على مدى مناعة المتطوعين ضد الأمراض، عمد الأطباء بعد الاستجواب على بخ الرينوفيروسات المسببة للبرد عبر البخاخ في الأنف. وكتب فريق العمل في عدد (يوليو الجاري) من المجلة المتخصصة «سيكوماتيك» "إن المتطوعين في المجموعة الأولى الايجابية (المتفائلين) والذين يشعرون أنفسهم بحالة وصحة جيدة، عانوا من أعراض برد أقل بكثير من المجموعة الثانية السلبية، وذكر شيلدون «اكتشفنا أن التفكير الايجابي يولد مناعة قوية ضد فيروسات البرد»، وواقع الحال أن الفيروس أصاب أفراد المجموعتين بالتساوي إلا أن أعراض المرض اختلفت بينهم وكانت اقل بشكل ظاهر بين المتفائلين.
إن كل الدلائل تشير بوضوح إلى أن الشعور بالفقدان والاكتئاب والتشاؤم يمكنه أن يخفض من فاعلية الجهاز المناعي.