( رثى بها المغفور له الامام الحكيم الشيخ محمد عبده مفتي الديار المصرية )
- - -
هيهات بعدك ما يفيد تصبّر و لئن أفاد فأيّ قلب يصبر ؟ إنّ البكاء من الرجال مذمّم إلاّ عليك فتركه لا يشكر لو كان لي قلب لقلت له ارعوي إنّي بلا قلب فإنّي أزجر لا زمت قبرك و البكاء ملازمي و اللّيل داج و الكواكب سهّر أبكي عليك بأدمع هطّالة و لقد يقل لك النجيع الأحمر ووددت من شجوي عليك و حسرتي لو أن لحدك في فؤادي يحفر إنّي لأعجب كيف يعلوك و حسرتي لو ان لحدك في فؤادي يحفر أمسيت مستترا به لكنّما آثار جودك فوقه لا تستر مرض الندى لمّا مرضت و كاد أن يقضي من اليأس الملمّ المعسر يرجوط أنّك جابر كسره فإذا فقدت فكسره لا يجبر و علت على تلك الوجوه سحابة كدراء لا تصفو و لا تستمطر كم حاولوا كتم الأسى لكنّه قد كان يخترق الجسوم فيظهر حامت حواليك الجموع كأنّما تبغي وقاء الشرق مما يحذر و الكلّ يسأل كيف حال إمامنا ماذا رأى حكمائنا ، ما أخبروا ؟ و الداء يقوى ثم يضعف تارة فكأنّه يبلو القلوب و يسبر أوردته عذبا فأوردك الردى تبّت يداه فذنبه لا يغفر هيهات ما يثني المنيّة جحفل عمّن تؤم و لا يفيد العسكر رصد الردى أرواحنا حتى لقد كدنا نعزّي المرء قبل يصور نهوى الحياة كأنّما هي نعمة و سوى الفواجع حبّها لا يثمر و نظنّ ضحك الدهر فاتحة الرضى و الدهر يهزأ بالأنام و يسخر أفقيد أرض النيل أقسم لو درى بالخطب أوشك ماؤه يتهسّر و ضعوك في بطن التراب و ما عهد ت البحر قلبك في الصفائح يذخر ورأوا جلالك في الضريح فكلّهم يهوى و يرجو لو مكانك يقبر لم تخل من أسف عليك حشاشة أبدا فيخلو من دموع محجر آبو و ما آب العزاء إليهم و الحزن ينظم و المدامع ينشر و الكلّ كيف يكون حال بلادهم من بعد ما مات الإمام يفكّر لم يبلنا هذا الزمان بفقده لو كان ممّن بالرزية يشعر