ثلاثمائة ذراع وعلوه حتى ألحقه برؤس الجبال ثم قاده في البحر فيقال إنه نفخ الزقاق وبنى عليها فأقبلت تنزل والبناء يصعد حتى استقرت الزقاق على الأرض ثم رفع البناء حتى استوى مع الذي على الأرض في عرضه وارتفاعه وجعل عليه بابا من حديد ووكل به مائة رجل يحرسونه بعد أن كان يحتاج إلى مائة ألف رجل ثم نصب سريره على الفند الذي صنعه على البحر وسجد سرورا بما هيأه الله على يده ثم استلقى على ظهره وقال الآن حين استرحت. قال ووصف بعضهم هذا السد الذي بناه أنوشروان فقال إنه جعل طرفا منه في البحر فأحكمه إلى حيث لا يتهيا سلوكه وهو مبني بالحجارة المنقورة المربعة المهندمة لا يقل أصغرها خمسون رجلا وقد أحكمت بالمسامير والرصاص وجعل في هذه السبعة فراسخ سبعة مسالك على كل مسلك مدينة ورتب فيها قوم من المقاتلة من الفرس يقال لهم الانشاستكين وكان على أرمينية وظائف رجال لحراسة ذلك السور مقدار ما يسير عليه عشرون رجلا بخيلهم لا يتزاحمون. وذكر أن بمدينة الباب على باب الجهاد فوق الحائط اسطوانتين من حجر على كل أسطوانة تمثال أسد من حجارة بيض وأسفل منهما حجرين على كل حجر تمثال لبوتين وبقرب الباب صورة رجل من حجر وبين رجليه صورة ثعلب في فمه عنقود عنب وإلى جانب المدينة صهريج معقود له درجة ينزل إلى الصهريج منها إذا قل ماؤه وعلى جنبي الدرجة أيضا صورتا أسد من حجارة يقولون أنهما طلسما السور، وأما حديثها أيام الفتوح فإن سلمان بن ربيعة الباهلي غزاها في أيام عمر بن الخطاب رضي الله عنه وتجاوز الحصنين وبلنجر ولقيه خاقان ملك الخزر في جيشه خلف نهر بلنجر فاستشهد سلمان بن ربيعة وأصحابه وكانوا أربعة آلاف فقال عبد الرحمن بن جمانة الباهلي يذكر سلمان بن ربيعة وقتيبة بن مسلم الباهليين يفتخر بهما: وإن لنا قبرين قبر بلنجر ** وقبر بصين أستان يا لك من قبر
فهذا الذي بالصين عمت فتوحه ** وهذا الذي يسقى به سبل القطر
يريد أن الترك أو الخزر لما قتلوا سلمان بن ربيعة وأصحابه كانوا يبصرون في كل ليلة نورا عظيما على موضع مصارعهم فيقال إنهم دفنوهم وأخذوا سلمان بن ربيعة وجعلوه في تابوت وصيروه إلى بيت عبادتهم فإذا أجدبوا أو أقحطوا أخرجوا التابوت وكشفوا عنه فيسقون، ووجدت في موضع اخر أن أبا موسى الأشعري لما فرغ من غزو أصبهان في أيام عمر بن الخطاب في سنة 19 أنفذ سراقة بن عمرو وكان يدعى ذا النون إلى الباب وجعل في مقدمته عبد الرحمن بن ربيعة وكان أيضا يدعى ذا النون وسار في عسكره إلى الباب ففتحه بعد حروب جرت، فقال سراقة بن عمرو في ذلك:
من يك سائلا عني فإني ** بأرض لا يؤاتيها القرار
بباب الترك ذي الأبواب دار ** لها في كل ناحية مغار
تذود جموعهم عما حوينا ** ونقتلهم إذا باح السرار
صددنا كل فرج كان فيها ** مكابرة إذا سطع الغبار
وأفحمنا الجبال جبال قبج ** وجاور دورهم منا ديار
وبادرنا العدو بكل فج ** نناهبهم وقد طار الشرار
على خيل تعادى كل يوم ** عتادا ليس يتبعها المهار وقال نصيب يذكر الباب ولا أدري أي باب أراد.
ذكرت مقامي ليلة الباب قابضا ** على كف حوراء المدامع كالبدر
وكدت ولم أملك إليك صبابة ** أطير وفاض الدمع مني على نحري
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة ** كليلتنا حتى أرى وضح الفجر
أجود عليها بالحديث وتارة ** تجود علينا بالرضاب من الثغر
فليت إلهي قد قضي ذاك مرة ** فيعلم ربي عند ذلك ما شكري
وينسب إلى باب الأبواب جماعة، منهم زهير بن نعيم البابي. وإبراهيم بن جعفر البابي قال عبد الغني بن سعيد كان يفيد بمصر وقد أدركته وأظنهما يعني زهيرا وإبراهيم ينسبان إلى باب الأبواب وهي مدينة دربند، والحسن بن إبراهيم البابي حدث عن حميد الطويل عن أني عن النبي : تختموا بالعقيق فإنه ينفي الفقر روى عنه عيسى بن محمد بن محمد البغدادي، وهلال بن العلاء البابي روى عنه أبو نعيم الحافظ، وفي الفيصل زهير بن محمد البابي ومحمد بن هشام بن الوليد بن عبد الحميد أبو الحسن المعروف بابن أبي عمران البابي روى عن أبي سعيد عبد الله بن سعيد الأشج الكندي روى عنه مسعر بن علي البرذعي، وحبيب بن فهد بن عبد العزيز أبو الحسن البابي حدث عن محمد بن دوستي عن سليمان الأصبهاني عن بختويه عن عاصم بن إسماعيل عن عاصم الأحول حدث عنه أبو بكر الاسماعيلي وذكر أنه سمع قبل السبعين ومائتين على باب محمد بن أبي عمران المقابري، ومحمد بن أبي عمران البابي الثقفي واسم أبي عمران هشام أصله من باب الأبواب نزل ببزذعة روى عن إبراهيم بن مسلم الخوارزمي.
باب البريد: بفتح الباء الموحدة وكسر الراء بلفظ البريد وهو الرسول. اسم لأحد أبواب جامع دمشق وهو من أنزه المواضع، وقد كثرت الشعراء من ذكره ووصفه والتشوق إليه. فمن ذلك قول علي بن رضوان الساعاتي شاعر عصري.
ألمت سليمى والنسيم عليل ** فخيل لي أن الشمال شمول
كأن الخزامى صفقت منه قرقفا ** فللسكر أعناق المطي تميل
تلاقت جفون ما تلاقي قصيرة ** وليل مشوق بالغرام طويل
شديد إلى باب البريد حنينه ** وليس إلى باب البريد سبيل
ديار فأما ماؤها فمصفق ** زلال وأما ظلها فظليل
نحلت وما قولي نحلت تعجبا ** هل الحب إلا لوعة ونحول
باب التبن: بلفظ التبن الذي تأكله الدواب. اسم محلة كبيرة كانت ببغداد على الخندق بإزاء قطيعة أم جعفر وهي الآن خراب صحراء يزرع فيها، وبها قبر عبد الله بن أحمد بن حنبل رضي الله عنه دفن هناك بوصية منه وذاك أنه قال قد صح عندي أن بالقطيعة نبيا مدفونا ولأن أكون في جوار نبي أحب إلي من أن أكون في جوار أبي ويلصق هذا الموضع في مقابر قريش التي فيها قبر موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين ابن الإمام الحسين ابن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنهم ويعرف قبره بمشهد باب التبن مضاف إلى هذا الموضع وهو الان محلة عامرة ذات سور مفردة.
باب توماء: بضم التاء، أحد أبواب مدينة دمشق، لما حاصر المسلمون دمشق في أيام أبي بكر رضي الله عنه نزل أبو عبيدة من قبل باب الجابية ونزل خالد بن الوليد بدير يقال له دير خالد بالجانب الشرقي ونزل يزيد بن أبي سفيان بباب توماء، فقال عبد الرحمن بن أبي سرح وكان من أصحاب يزيد بن أبي سفيان:
ألا أبلغ أبا سفيان عنا بأننا ** على خير حال كان جيش يكونها