صفحة 11 من 21 الأولىالأولى ... 910111213 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 41 إلى 44 من 84

الموضوع: تاريخ الرسل والملوك(للطبري)1-

العرض المتطور


  1. #1
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قال: وذكر لنا أن جبرئيل أخذ بعروتها الوسطى، ثم ألوى بها إلى جو السماء حتى سمعت الملائكة ضواغي كلابهم ثم دمر بعضها على بعض، ثم أبتع شذان القوم صخرًا، قال: وهي ثلاث قرى يقال لها سدوم، وهي بين المدينة والشأم، قال: وذكر لنا أنه كان فيها أربعة آلاف ألف، قال: وذكر لنا أن إبراهيم كان يشرف ثم يقول: سدوم يومًا هالك.
    حدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي بالإسناد الذي قد ذكرناه: لما أصبحوا - يعني قوم لوط - نزل جبرئيل عليه السلام واقتلع الأرض من سبع أرضين، فحملها حتى بلغ بها السماء الدنيا، حتى سمع أهل السماء نباح كلابهم وأصوات ديوكهم، ثم قلبها فقتلهم، فذلك حين يقول: " والمؤتفكة أهوى "، المنقلبة حيت أهوى بها جبرئيل عليه السلام الأرض فاقتلعها بجناحيه، فمن لم يمت حين أسقط الأرض أمطر الله تعالى عليه وهو تحت الأرض الحجارة، ومن كان منهم شاذًا في الأرض، وهو قول الله تعالى: " فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل "، ثم تتبعهم في القرى، فكان الرجل يتحدث فيأتيه الحجر فيقتله، فذلك قوله تعالى: " وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل.
    حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثني ابن إسحاق، قال: حدثني محمد بن كعب القرظي، قال: حدثت أن الله تعالى بعث جبرئيل إلى المؤتفكة قرية قوم لوط التي كان لوط فيهم، فاحتملها بجناحيه ثم أصعد بها حتى إن أهل السماء الدنيا ليسمعون نابحة كلابها وأصوات دجاجها، ثم كفأها على وجهها ثم أتبعها الله عز وجل بالحجارة، يقول الله تعالى: " فجعلنا عليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل "، فأهلكها الله تعالى وما حولها من المؤتفكات، وكن خمس قريات: صبعة، وصعرة وعمرة، ودوما، وسدوم هي القرية العظمى، ونجى الله تعالى لوطًا ومن معه من أهله، إلا امرأته كانت فيمن هلك.
    ذكر وفاة سارة بنت هاران وهاجر أم إسماعيل وذكر أزواج إبراهيم عليه السلام وولده

    قد ذكرنا فيما مضى قبل ما قيل في مقدار عمر سارة أم إسحاق، فأما موضع وفاتها فإنه لا يدفع أهلُ العلم من العرب والعجم أنها كانت بالشأم.
    وقيل: إنها ماتت بقرية الجبابرة من أرض كنعان في حبرون، فدفنت في مزرعة اشتراها إبراهيم. وقيل إن هاجر عاشت بعد سارة مدة.
    فأما الخبر فبغير ذلك ورد. حدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي، بالإسناد الذي قد ذكرناه قبل.
    ثم إن إبراهيم اشتاق إلى إسماعيل، فقال لسارة: ائذني لي أنطلق إلى ابني فأنظر إليه، فأخذت عليه عهدًا ألا ينزل حتى يأتيها، فركب البراق، ثم أقبل وقد ماتت أم إسماعيل، وتزوج إسماعيل امرأة من جرهم.
    وإن إبراهيم عليه السلام كثر ماله ومواشيه. وكان سبب ذلك فيما حدثنا به موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي بالإسناد الذي قد ذكرناه قبل، أن إبراهيم عليه السلام احتاج - وقد كان له صديق يعطيه ويأتيه - فقالت له سارة: لو أتيت خلتك فأصبت لنا منه طعامًا! فركب حمارًا له، ثم أتاه، فلما أتاه تغيب منه، واستحيا إبراهيم أن يرجع إلى أهله خائبًا، فمر على بطحاء، فلما منها خرجه، ثم أرسل الحمار إلى أهله، فأقبل الحمار وعليه حنطة جيدة، ونام إبراهيم عليه السلام فاستيقظ، وجاء إلى أهله، فوجد سارة قد جعلت له طعامًا، فقالت: ألا تأكل؟ فقال: وهل من شيء؟ فقالت: نعم من الحنطة التي جئت بها من عند خليلك، فقال: صدقت من عند خليلي جئت بها، فزرعها فنبتت له، وزكا زرعه وهلكت زروع الناس، فكان أصلُ ماله منها، فكان الناس يأتونه فيسألونه فيقول: من قال: لا إله إلا الله فليدخل فليأخذ، فمنهم من قال فأخذ، ومنهم من أبى فرجع، وذلك قوله تعالى: " فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرًا ". فلما كثر مال إبراهيم ومواشيه احتاج على السعة في المسكن والمرعى، وكان مسكنه ما بين قرية مدين - فيما قيل - والحجاز إلى أرض الشأم، وكان ابن أخيه لوط نازلًا معه، فقاسم ماله لوطًا، فأعطى لوطًا شطره فيما قيل، وخيره مسكنًا يسكنه ومنزلًا ينزله غير المنزل الذي هو به نازل، فاختار لوط ناحية الأردن فصار إليها، وأقام إبراهيم عليه السلام بمكانه، فصار ذلك فيما قيل سببًا لآثاره بمكة وإسكانه إياها إسماعيل، وكان ربما دخل أمصار الشأم.
    ولما ماتت سارة بن هاران زوجة إبراهيم تزوج إبراهيم بعدها - فيما حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق - قطورا بنت يقطن، امرأة من الكنعانيين، فولدت له ستة نفر: يقسان بن إبراهيم، وزمران بن إبراهيم، ومديان بن إبراهيم، ويسبق بن إبراهيم، وسوح بن إبراهيم، وبسر بن إبراهيم، فكان جميع بني إبراهيم ثمانية بإسماعيل وإسحاق، وكان إسماعيل يكره أكبر ولده. قال: فنكح يقسان بن إبراهيم رعوة بنت زمر بن يقطن بن لوذان بن جرهم بن يقطن بن عابر، فولدت له البربر ولفها. وولد زمران بن إبراهيم المزامير الذين لا يعقلون. وولد لمديان أهل مدين قوم شعيب بن ميكائيل النبي، فهو وقومه من ولده بعثه الله عز وجل إليهم نبيًا.
    حدثني الحارث بن محمد، قال: حدثنا محمد بن سعد، قال: حدثنا هشام بن محمد بن السائب، عن أبيه، قال: كان أبو إبراهيم من أهل حران، فأصابته سنة من السنين، فأتى هرمز جرد بالأهواز، ومعه امرأته أم إبراهيم، واسمها توتا بنت كرينا بن كوثي، من بني أرفخشد بن سام بن نوح.
    وحدثني الحارث، قال: حدثنا محمد بن سعد، قال: حدثنا محمد بن عمر الأسلمي عن غير واحد من أهل العلم قال: اسمها أنموتا من ولد أفراهم بن أرغوا بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح. وكان بعضهم يقول: اسمها انمتلي بنت يكفور.
    حدثني الحارث، قال: حدثنا محمد بن سعد، قال: أخبرنا هشام بن محمد، عن أبيه، قال: نهر كوثي كراه كرينا جد إبراهيم من قبل أمه، وكان أبوه على أصنام الملك نمرود، فولد إبراهيم بهر مزجرد، ثم انتفل إلى كوثي من أرض بابل، فلما بلغ إبراهيم وخالف قومه، دعاهم إلى عبادة الله، وبلغ ذلك الملك نمرود فحبسه في السجن سبع سنين، ثم بني له الحير بجص، وأوفد له الحطب الجزل، وألقى فيه، فقال: حسبي الله ونعم الوكيل! فخرج منها سليمًا لم يكلم.
    حدثني الحارث، قال: حدثنا محمد بن سعد، قال: حدثنا هشام بن محمد، عن أبيه، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: لما هرب إبراهيم من كوثي، وخرج من النار ولسانه يومئذ سرياني، فلما عبر الفرات من حران غير الله لسانه فقيل: عبراني، أي حيث عبر الفرات، وبعث نمرود في أثره، وقال: لا تدعوا أحدًا يتكلم بالسريانية إلا جئتموني به، فلقوا إبراهيم عليه السلام فتكلم بالعبرانية، فتركوه ولم يعرفوا لغته.
    حدثني الحارث، قال: حدثنا ابن سعد، قال: أخبرنا هشام، عن أبيه قال: فهاجر إبراهيم من بابل إلى الشأم فجاءته سارة، فوهبت له نفسها فتزوجها، خرجت معه وهو يومئذ ابن سبع وثلاثين سنة، فأتى حران، فأقام بها زمانًا، ثم أتى الأردن فأقام بها زمانًا، ثم خرج إلى مصر فأقام بها زمانًا، ثم رجع إلى الشأم فنزل السبع أرض بين إيليا وفلسطين واحتفر بئرًا، وبنى مسجدًا. ثم إن بعض أهل البلد آذاه فتحول من عندهم، فنزل منزلًا بني الرملة وإيليا، فاحتفر به بئرًا أقام به، وكان قد وسع عليه من المال والخدم، وهو أول من أضاف الضيف، وأول من ثرد الثريد، وأول من رأى الشيب.
    قال: وولد لإبراهيم عليه السلام إسماعيل وهو أكبر ولده - وأمه هاجر وهي قبطية، وإسحاق، وكان ضرير البصر، وأمه سارة ابنة بتويل بن ناخور بن ساروع بن أرغوا بن فالغ بن عابر بن أرفخشد بن سام بن نوح - ومدن، ومدين، ويقسان، وزمران، وأسبق، وسوح، وأمهم قنطورا بنت مقطور من العرب العاربة.
    فأما يقسان فلحق بنوه بمكة، وأقام مدن ومدين بأرض مدين، فسميت به، ومضى سائرهم في البلاد وقالوا لإبراهيم: يا أبانا أنزلت إسماعيل وإسحاق معك، وأمرتنا أن ننزل أرض الغربة والوحشة! فقال: بذلك أمرت، قال: فعلمهم اسمًا من أسماء الله تبارك وتعالى، فكانوا يستسقون به ويستنصرون، فمنهم من نزل خراسان، فجاءتهم الخرز فقالوا: ينبغي للذي علمكم هذا أن يكون خير أهل الأرض، أو ملك الأرض، قال: فسموا ملوكهم خاقان.
    قال أبو جعفر: ويقال في يسبق: يسباق، وفي سوح: ساح.
    وقال بعضهم: تزوج إبراهيم بعد سارة امرأتين من العرب، إحدهما قنطورا بنت يقطان، فولدت له ستة بنين، وهو الذين ذكرنا، والأخرى منهما حجور بنت أرهير، فولدت له خمسة بنين: كيسان، وشورخ، وأميم، ولوطان، ونافس.
    ذكر وفاة إبراهيم عليه السلام

    فلما أراد الله تبارك وتعالى قبض روح إبراهيم ، أرسل إليه ملك الموت في صورة شيخ هرم.
    فحدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي بالإسناد الذي ذكرته قبل: كان إبراهيم كثير الطعام يطعم الناس، ويضيفهم، فبينا هو يطعم الناس إذا هو بشيخ كبير يمشي في الحرة، فبعث إليه بحمار، فركبه حتى إذا أتاه أطعمه، فجعل الشيخ يأخذ اللقمة يريد أن يدخلها فاه، فيدخلها عينه وأذنه ثم يدخلها فاه، فإذا دخلت جوفه خرجت من دبره. وكان إبراهيم قد سأل ربه عز وجل ألا يقبض روحه حتى يكون هو الذي يسأله الموت، فقال الشيخ حين رأى من حاله ما رأى: بالك يا شيخ تصنع هذا؟ قال: يا إبراهيم، الكبر، قال: ابن كم أنت؟ فزاد على عمر إبراهيم سنتين، قال إبراهيم: إنما بيني وبينك سنتان، فإذا بلغت ذلك صرت مثلك! قال: نعم، قال إبراهيم: الله أقبضني إليك قبل ذلك، فقام الشيخ فقبض روحه، وكان ملك الموت.
    ولما مات إبراهيم عليه السلام - وكان موته وهو ابن مائتي سنة، وقيل ابن مائة وخمس وسبعين سنة - دفن عند قبر سارة في مزرعة حبرون.
    وكان مما أنزل الله تعالى على إبراهيم عليه السلام من الصحف فيما قيل عشر صحائف، كذلك حدثني أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، قال: أخبرني عمي عبد الله بن وهب، قال: حدثني الماضي بن محمد، عن أبي سليمان، عن القاسم بن محمد عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي ذر الغفاري، قال: قلت: يا رسول الله، كم كتاب أنزل الله؟ قال: مائة كتاب وأربع كتب: أنزل الله عز وجل على آدم عليه السلام عشر صحائف، وعلى شيث خمسين صحيفة، وأنزل على أخنوخ ثلاثين صحيفة، وأنزل على إبراهيم عشر صحائف، وأنزل جل وعز التوراة والإنجيل والزبور والفرقان. قلت: يا رسول الله، فما كانت صحف إبراهيم؟ قال: كانت أمثالًا كلها.
    أيها الملك المسلط المبتلى المغرور، إني لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها إلى بعض، ولكن بعثك لترد عني دعوة المظلوم، فإني لا أردها وإن كانت من كافر.
    وكانت فيها أمثال: وعلى العاقل ما لم يكن مغلوبًا على عقله أن يكون له ساعات، ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يفكر فيها في صنع الله عز وجل، وساعة يحاسب فيها نفسه فيما قدم وأخر، وساعة يخلو فيها لحاجته من الحلال في المطعم والمشرب. على العاقل ألا يكون ظاعنًا إلا في ثلاث: تزود لمعاده، ومرمة لمعاشه، ولذة في غير محرم. وعلى العاقل أن يكون بصيرًا بزمانه، مقبلًا على شأنه، حافظًا للسانه. ومن حسب كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه.
    وكان لإبراهيم - فيما ذكر - أخوان يقال لأحدهما هاران - وهو أبو لوط، وقيل إن هاران هو الذي بنى مدينة حران، وإليه نسبت - والآخر منهما ناحورا وهو أبو بتويل وبتويل هو أبو لابان ورفقا ابنة بتويل، ورفقا امرأة إسحاق بن إبراهيم أم يعقوب ابنة بتويل، وليًا وراحيل امرأتا يعقوب ابنتا لابان.
    ذكر خبر ولد إسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام

    قد مضى ذكرنا سبب مصير إبراهيم بابنه إسماعيل، وأمه هاجر إلى مكة وإسكانه إياهما بها. ولما كبر إسماعيل تزوج امرأة من جرهم، فكان من أمرها ما قد تقدم ذكره، ثم طلقها بأمر أبيه إبراهيم بذلك، ثم تزوج أخرى يقال لها السيدة بنت مضاض بن عمرو الجرهمي، وهي التي قال لها إبراهيم إذا قدم مكة، وهي زوجة إسماعيل: قولي لزوجك إذا جاء: قد رضيتُ لك عتبة بابك.
    فحدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ولد لإسماعيل ابن إبراهيم اثنا عشر رجلًا، وأمه السيدة بنت مضاض بن عمرو الجرهمي: نابت بن إسماعيل، وقيدر بن إسماعيل، أدبيل بن إسماعيل، ومبشا بن إسماعيل، ومسمع بن إسماعيل، ودوما بن إسماعيل، وماس بن إسماعيل، وأدد بن إسماعيل، ووطور بن إسماعيل، ونفيس بن إسماعيل، وطما بن إسماعيل، وقيدمان بن إسماعيل.
    قال: وكان عمر إسماعيل فيما يزعمون ثلاثين ومائة سنة، ومن نابت وقيدر نشر الله العرب، ونبأ الله عز وجل إسماعيل، فبعثه إلى العماليق - فيما قيل - وقبائل اليمن.
    وقد ينطق أسماء أولاد إسماعيل بغير الألفاظ التي ذكرت عن ابن إسحاق، فيقول بعضهم في قيدر:، قيدار، وفي أدبيل: أدبال، وفي مبشا: مبشام، وفي دما: ذوما ومسا، وحداد، وتيم، ويطور، ونافس، وقادمن.
    وقيل: إن إسماعيل لما حضرته الوفاة أوصى إلى أخيه إسحاق وزوج ابنته من العيص بن إسحاق، وعاش إسماعيل فيما ذكر مائة وسبعًا وثلاثين سنة، ودفن في الحجر عند قبر أمه هاجر.
    حدثني عبدة بن عبد الله الصفار، قال: حدثنا خالد بن عبد الرحمن المخزومي، عن مبارك بن حسان صاحب الأنماط، عن عمر بن عبد العزيز، قال: شكا إسماعيل إلى ربه تبارك وتعالى حر مكة فأوحى الله تعال إليه: إني فاتح لك بابًا من الجنة يجري عليك روحها إلى يوم القيامة، وفي ذلك المكان تدفن.
    ونرجع الآن إلى:
رد مع اقتباس رد مع اقتباس  


  • #2
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    ذكر إسحاق بن إبراهيم عليهما السلام وذكر نسائه وأولاده

    إذا كان التأريخ غيرَ متصل على سياق معروف لأمة بعد الفرس غيرهم؛ وذلك أن الفرس كان مُلْكهم متصلًا دائمًا من عهد جيومرت الذي قد وصفت شأنه وخبره، إلى أن زال عنهم بخير أمة أخرجت للناس، أمة نبينا محمد . وكانت النبوة والملك متصلين بالشأم ونواحيها لولد إسرائيل بن إسحاق إلى أن زال عنهم بالفرس والروم بعد يحيى بن زكرياء وبعد عيسى بن مريم عليهما السلام. وسنذكر إذا نحن انتهينا إلى الخبر عن يحيى وعيسى عليهما السلام سبب زوال ذلك عنهم إن شاء الله.
    فأما سائر الأمم غير الفرس، فإنه غير ممكن الوصول إلى علم التأريخ بهم؛ إذ لم يكن لهم ملك متَّصل في قديم الأيام وحديثه إلا ما لا يمكن معه سياق التأريخ عليه وعلى أعمار ملوكهم، إلا ما ذكرنا من ولد يعقوب إلى الوقت الذي ذكرت، فإن ذلك وإن كانت مدته انقطعت بزواله عنهم؛ فإن قدر مدة زواله عنهم إلى غايتنا هذه معلوم مبلغه. وقد كان لليمن ملوك لهم ملْك، غير أنه كان غيرَ متصل، وإنما كان يكون منهم الواحد بعد الواحد، وبين الأول والآخر فترات طويلة، لا يقِف على مبلغها العلماء، لقلة عنايتهم كانت بها ومبلغ عمر الأول منهم والآخر، إذا لم يكن من الأمر الدائم، فإن دام منه شيء فإنما يدوم لمن دام له منهم بأنه عامل لغيره في الموضع الذي هو به لا يملكه بنفسه، وذلك كدوامه لآل نصر بن ربيعة بن الحارث بن مالك بن عمرو بن نمارة بن لخم؛ فإنهم كانوا على فرْج ثغر العرب للفرس من الحيرة إلى حدّ اليمن طولًا وإلى حدود الشأم وما اتصل بذلك عرضًا، فلم يزل ذلك دائمًا لهم من عهد أردشير بابكان إلى أن قتل كسرى أبرويز بن هرمز بن أنوشروان النعمانَ بن المنذر، فنقل عنهم ما كان إليهم من العمل على ثغر العرب إلى إياس بن قَبيصة الطائي.
    فحدثنا ابن حُميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: نكح إسحاق بن إبراهيم رفقا بنت بتويل بن إلياس، فولدت له عيص بن إسحاق، ويعقوب بن إسحاق، يزعمون أنهما كانا تَوْءَمَيْن وأن عيصًا كان أكبرهما. ثم نكح عيص بن إسحاق ابنةَ عمه بسمة ابنة إسماعيل بن إبراهيم، فولدت له الروم بن عيص، فكل بني الأصفر من ولده. وقال: وبعض الناس يزعم أن الأشبان من ولده، ولا أدري أمن ابنة إسماعيل أم لا.
    ونكح يعقوب بن إسحاق - وهو إسرائيل - ابنة خاله ليّا ابنة لبان بن بتويل بن إلياس، فولدت له روبيل بن يعقوب، وكان أكبَر ولده، وشمعون بن يعقوب، ولاوى بن يعقوب، ويهوذا بن يعقوب، وزبالون بن يعقوب، ويسحر بن يعقوب، ودينة ابنة يعقوب. وقد قيل في يسحر إن اسمه " يشحر ". ثم توفيت ليا بنت لبان فخلف يعقوب على أختها راحيل بنت لبان بن بتويل بنت إلياس، فولدت له يوسف بن يعقوب، وبنيامين بن يعقوب - وهو بالعربية شداد - وولد له من سُرِّيَّتيْن؛ اسم إحداهما زلفة، واسم الأخرى بلهة، أربعة نفر: دان بن يعقوب، ونفثالى بن يعقوب، وجاد بن يعقوب، وأشر بن يعقوب، فكان بنو يعقوب اثني عشر رجلًا.
    وقد قال بعض أهل التوراة إن رفقا زوجة إسحاق هي ابنة ناهر بن آزر عمّ إسحاق، وإنها ولدت له ابناه عيصًا ويعقوب في بطن واحد، وإن إسحاق أمر ابنه يعقوب ألّا امرأةً من الكنعانيين، وأمره أن ينكح امرأة من بنات خاله لبان بن ناهر، وأن يعقوب لما أراد النكاح مضى إلى خاله لبان ابن ناهر خاطبًا، فأدركه الليل في بعض الطريق، فبات متوسِّدًا حجرًا، فرأى فيما يرى النائم أن سلمًا منصوبًا إلى باب من أبواب السماء عند رأسه، والملائكة تنزل وتعرج فيه، وأن يعقوب صار إلى خاله فخطب إليه ابنته راحيل، وكانت له ابنتان: ليا وهي الكبرى، وراحيل وهي الصغرى، فقال له: هل من مال أزوجك عليه؟ فقال يعقوب: لا، إلا أني أخدُمك أجيرًا حتى تستوفيَ صداق ابنتك، فإنّ صداقها أن تخدمني سبع حجج. قال يعقوب: فزوجني راحيل وهي شرطي، ولها أخدُمك، فقال له خاله: ذلك بيني وبينك، فرعَى له يعقوب سبع سنين، فلما وفّى له شرطه دفع إليه ابنته الكبرى ليا، وأدخلها عليه ليلًا، فلما أصبح وجد غير ما شرط، فجاءه يعقوب وهو في نادي قومه فقال له: غررتّني وخدعتني واستحللت عملي سبع سنين، ودلّست علي غير امرأتي، فقال له خاله: يا ابن أختي، أردت أن تُدخِل على خالك العار والسُّبَّة، وهو خالُك ووالدك، ومتى رأيتَ يزوّجون الصغرى قبل الكبرى! فهلمَّ فاخدُمني سبع حجج أخرى، فأزوّجك أختَها - وكان الناس يومئذ يجمعون بين الأختين إلى أن بعث موسى عليه السلام وأنزل عليه التوراة - فرعى له سبعًا، فدفع إليه راحيل، فولدت له ليا أربعة أسباط: روبيل، ويهوذا، وشمعان، ولاوى. وولدت له راحيل يوسف وأخاه بنيامين وأخوات لهما، وكان لابان دفع إليه ابنتيه حين جهزهما إلى يعقوب أمَتَيْن فوهبتا الأمتين ليعقوب، فولدت كلُّ واحدة منهما له ثلاثة رهط من الأسباط، وفارق يعقوب خاله، وعاد حتى نازل أخاه عيصًا.
    وقال بعضهم: ولد ليعقوب دان ونفثالى من زلفة جارية راحيل؛ وذلك أنها وهبتها له وسألته أن يطلب منها الولد حين تأخر الولد عنها، وأن ليا وهبت جاريتها بلهة ليعقوب منافسة لراحيل في جاريتها، وسألتْه أن يطلب منها الولد، فولدن له جاد. وأشير، ثم ولد له من راحيل بعد اليأس يوسف وبنيامين، فانصرف يعقوب بولده هؤلاء وامرأتيه المذكورتين إلى منزل أبيه من فلسطين على خوف شديد من أخيه العيص، فلم ير منه إلا خيرًا، وكان العيص فيما ذكر لحق بعمه إسماعيل، فتزوج إليه ابنته بسمة وجملها إلى الشام، فولدت له عدة أولاد فكثروا حتى غلبوا الكنعانيين بالشأم، وصاروا إلى البحر وناحية الإسكندرية ثم إلى الروم. وكان العيص فيما ذكر يسمَّى آدم لأدْمته. قال: ولذلك سمى ولد الأصفر، وكانت ولادة رفقا بنت بتويل لإسحاق بن إبراهيم ابنيه العيص ويعقوب - بعد أن خلا من عمر إسحاق ستون سنة - توءمين في بطن واحد، والعيص المتقدم منهما خروجًا من بطن أمه، فكان إسحاق فيما ذكر يختص العيص، وكانت رفقا أمهما تميل إلى يعقوب، فزعموا أن يعقوب ختل العيص في قربان قرّباه بأمر أبيهما بعدما كبرت سنُّ إسحاق، وضعف بصره، فصار أكثر دعاء إسحاق ليعقوب، وتوجهت البركة نحوه بدعاء أبيه إسحاق له، فغاظ ذلك العيص وتوعّده بالقتل، فخرج يعقوب هاربًا منه إلى خاله لابان ببابل، فوصله لابان زوّجه ابنيته ليا وراحيل، وانصرف بهما وبجاريتهما وأولاده الأسباط الاثني عشر وأختهم دينا إلى الشأم إلى منزل آبائه، وتألف أخاه العيص حتى نزل له البلاد وتنقل في الشأم، حتى صار إلى السواحل. ثم عبر إلى الروم فأوطنها، وصار الملوك من ولده وهم اليونانية - فيما زعم هذا القائل.
    حدثنا الحسين بن عمرو بن محمد العنقزي، قال: حدثنا أبي، قال: أخبرنا أسباط، عن السدي، قال: تزوج إسحاق امرأة فحملت بغلامين في بطن، فلما أرادت أن تضعهما اقتتل الغلامان في بطنها، فأراد يعقوب أن يخرج قبل عيص، فقال عيص: والله لئن خرجتَ قبلي لأعترضنّ في بطن أمي لأقتلنّها، فتأخر يعقوب، وخرج عيص قبله، وأخذ يعقوب بعقب عيص، فخرج فسمى عيصًا لأنه عصى، فخرج قبل يعقوب، وسمى يعقوب لأنه خرج أخذًا بعقِب عيص، وكان يعقوب أكبرهما في البطن، ولكنَّ عيصًا خرج قبله، وكبر الغلامان، فكان عيص أحبَّهما إلى أبيه، وكان يعقوب أحبهما إلى أمه، وكان عيص صاحب صيد، فلما كبر إسحاق وعمي، قال لعيص: يا بني أطْعمني لحم صيد واقترب مني أدع لك بدعاء دعا لي به أبي، وكان عيص رجلًا أشعر، وكان يعقوب رجلًا أجْرَد، فخرج عيص يطلب الصيد، وسمعت أمه الكلام فقالت ليعقوب: يا بني، اذهب إلى الغنم فاذبح منها شاة ثم اشوه، والبس جلده وقدمه إلى أبيك، وقل له: أنا ابنك عيص، ففعل ذلك يعقوب، فلما جاء قال: يا أبتاه كُلْ، قال: مَنْ أنت؟ قال: أنا ابنك عيص، قال: فمسَّه، فاقل: المسُّ مسُّ عيص، والريح ريح يعقوب، قالت أمه: هو ابنك عيص فادع له، قال: قدم طعامك، فقدّمه فأكل منه، ثم قال ادن مني، فدنا منه، فدعا له أن يجعل في ذريته الأنبياء والملوك، وقام يعقوب، وجاء عيص فقال: قد جئتك بالصيد الذي أمرتني به، فاقل: يا بني قد سبقك أخوك يعقوب، فغضب عيص وقال: والله لأقتلنّه، قال: يا بني قد بقيت لك دعوة، فهلم أدع لك بها، فدعا له فقال: تكونَ ذريتُك عددًا كثيرًا كالتراب ولا يملكهم أحدٌ غيرهم، وقالت أم يعقوب ليعقوب: الحق بخالك فكن عنده خشية أن يقتلك عيص، فانطلق إلى خاله، فكان يسري بالليل ويكمن بالنهار، ولذلك سمى إسرائيل، وهو سري الله، فأتى خالَه وقال عيص: أما إذ غلبتني على الدعوى فلا تغلبني على القبر، أن أدفّن عند آبائي " إبراهيم وإسحاق، فقال: لئن فعلتَ لتُدفننّ معه.
    ثم إن يعقوب عليه السلام هوى ابنَة خاله - وكانت له ابنتان - فخطب إلى أبيهما الصغرى منهما، فأنكحهما إياه على أن يَرعى غنمه إلى أجل مسمّى، فلما انقضى الأجل زفّ إليه أختها ليا، قال يعقوب: إنما أردت راحيل، فقال له خاله: إنا لا ينكح فينا الصغير قبل الكبير، ولكن ارعَ لنا أيضًا وانكحها، ففعل. فلما انقضى الأجل زوّجه راحيل أيضًا، فجمع يعقوب بينهما، فذلك قول الله: " وَأَن تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قّدْ سَلَفَ ".
    يقول: جمع يعقوب بين ليا وراحيل، فحملت ليا فولدت يهوذا، وروبيل وشمعون. وولدت راحيل يوسف، وبنيامين، ماتت راحيل في نفاسها ببنيامين، يقول: من وجع النفاس - الذي ماتت فيه -.
    وقطع خال يعقوب ليعقوب قطيعًا من الغنم، فأراد الرجوع إلى بيت المقدس، فلما ارتحلوا لم يكن له نفقة، فقالت امرأة يعقوب ليوسف: خذ من أصنام أبي لعلنا نستنفق منه فأخذ، وكان الغلامان في حجْر يعقوب، فأحبهما وعطف عليهما ليُتْمهما من أمهما، وكان أحبَّ الخلق إليه يوسف عليه السلام، فلما قدموا أرض الشأم، قال يعقوب لراع من الرعاة: إن أتاكم أحدٌ يسألكم: مَنْ أنتم؟ فقولوا نحن ليعقوب عبد عيص، فلقيهم عيص فقال: من أنتم؟ قالوا: نحن ليعقوب عبد عيص، فكفّ عيص عن يعقوب، ونزل يعقوب ورأى يوسف في المنام كأنّ أحد عشر كوكبًا والشمس والقمر رآهم ساجدين له، فحدث أباه بها فقال: " يا بُني لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إخوتِك فيكِيْدُوا لكَ كيدًا إنّ الشيطان لِلإنسانِ عَدُوٌ مُبين ".


  • #3
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    وكان الرب عز وجل. أنظر لعباده وأرحم بهم، فأرسل جبرئيل عليه السلام فأمر جناحه على وجه القمر - وهو يومئذ شمس - ثلاث مرات، فطمس عنه الضوء، وبقي فيه النور، فذلك قوله عز وجل: " وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا أية النهار مبصرة ". قال: فالسواد الذي ترونه في القمر شبه الخطوط فيه فهو أثرُ المحو. ثم خلق الله للشمس عجلة من ضوء نور العرش لها ثلثمائة وستون عروة، ووكل بالشمس وعجلتها ثلثمائة وستين ملكًا من الملائكة من أهل السماء الدنيا، قد تعلق كل ملك منهم بعروة من تلك العرا، ووكل بالقمر وعجلته ثلثمائة وستين ملكًا من الملائكة من أهل السماء، قد تعلق بكل عروة من تلك العرا ملك منهم.
    ثم قال: وخلق الله لهما مشارق ومغارب في قطري الأرض وكنفى السماء ثمانين ومائة عين في المغرب، طينة سوداء، فذلك قوله عز وجل: " وجدها تغربُ في عين حمئةٍ " إنما يعني حمأة سوداء من طين، وثمانين ومائة عين في المشرق مثل ذلك طينة سوداء تفور غليًا كغلي القدر إذا ما اشتد غليها. قال: فكل يوم وكل ليلة لها مطلعٌ جديد، ومغرب جديد ما بين أولها مطلعًا، وآخرها مغربًا أطول ما يكون النهار في الصيف إلى آخرها مطلعًا، وأولها مغربًا أقصر ما يكون النهار في الشتاء، فذلك قوله تعالى: " رب المشرقين ورب المغربين " يعني آخرها هاهنا وآخرها ثم، وترك ما بين ذلك من المشارق والمغارب، ثم جمعهما فقال: " برب المشارق والمغارب "، فذكر عدة تلك العيون كلها.
    قال: وخلق الله بحرًا، فجرى دون السماء مقدار ثلاث فراسخ، وهو موج مكفوف قائم في الهواء بأمر الله عز وجل لا يقطر منه قطرة، والبحار كلها ساكنة، وذلك البحر جارٍ في سرعة السهم ثم انطلاقه في الهواء مستويًا، كأنه حبل ممدود ما بين المشرق والمغرب، فتجري الشمس والقمر والخنس في لجة غمر ذلك البحر، فذلك قوله تعالى: " كل في فلك يسبحون "، والفلك دوران العجلة في لجة غمر ذلك البحر. والذي نفس محمد بيده، لو بدت الشمس من ذلك البحر لأحرقت كل شيء في الأرض، حتى الصخور والحجارة، ولو بدا القمر في ذلك لافتتن أهلُ الأرض حتى يعبدوه من دون الله، إلا من شاء الله أن يعصم من أوليائه.
    قال ابن عباس: فقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: يأبى أنت وأمي يا رسول الله! ذكرت مجرى الخنس مع الشمس والقمر، وقد أقسم الله بالخنس في القرآن إلى ما كان من ذكرك، فما الخنس؟ قال: يا علي، هن خمسة كواكب، البرجيس، وزحل وعطارد، وبهرام، والزهرة، فهذه الكواكب الخمسة الطالعات الجاريات، مثل الشمس والقمر، العاديات معهما، فأما سائر الكواكب فمعلقات من السماء كتعليق القناديل من المساجد، وهي تحوم مع السماء دورانًا بالتسبيح والتقديس والصلاة لله، ثم قال النبي : فإن أحببتم أن تستبينوا ذلك، فانظروا إلى دوران الفلك مرة هاهنا ومرة هاهنا، فذلك دوران السماء، ودوران الكواكب معها كلها سوى هذه الخمسة، ودورانها اليوم كما ترون، وتلك صلاتها، ودورانها إلى يوم القيامة في سرعة دوران الرحا من أهوال يوم القيامة وزلازله، فذلك قوله عز وجل: " يوم تمور السماء مورًا، وتسيرُ الجبالُ سيرًا، فويل يومئذٍ للمكذبين ".
    قال: فإذا طلعت الشمس فإنها تطلع من بعض تلك العيون على عجلتها ومعها ثلثمائة وستون ملكًا ناشري أجنحتهم، يجرونها في الفلك بالتسبيح والتقديس والصلاة لله على قدر ساعات الليل وساعات النهار ليلًا كان أو نهارًا، فإذا أحب الله أن يبتلي الشمس والقمر فيرى العباد آية من الآيات فيستعتبهم رجوعًا عن معصيته وإقبالًا على طاعته، خرت الشمس من العجلة فتقع في غمر ذلك البحر وهو الفلك، فإذا أحب الله أن يعظم الآية ويشدد تخويف العباد وقعت الشمس كلها فلا يبقى منها على العجلة شيء، فذلك حين يظلم النهار وتبدو النجوم، وهو المنهى من كسوفها. فإذا أراد أن يجعل أية دون آية وقع منها النصف أو الثلث أو الثلثان في الماء ويبقى سائر ذلك على العجلة، فهو كسوف دون كسوف، وبلاء للشمس أو للقمر، وتخويف للعباد، واستعتاب من الرب عز وجل، فأي ذلك كان صارت الملائكة الموكلون بعجلتها فرقتين: فرقة منها يقبلون على الشمس فيجرونها نحو العجلة، والفرقة الأخرى يقبلون على العجلة فيجرونها نحو الشمس، وهم في ذلك يقرونها في الفلك بالتسبيح والتقديس والصلاة لله على قدر ساعات النهار أو ساعات الليل، ليلًا كان أو نهارًا، في الصيف كان ذلك أو في الشتاء، أو ما بين ذلك في الخريف والربيع، لكيلا يزيد في طولهما شيء، ولكن قد ألهمهم الله علم ذلك، وجعل لهم تلك القوة، والذي ترون من خروج الشمس أو القمر بعد الكسوف قليلًا قليلًا من غمر ذلك البحر الذي يعلوهما، فإذا أخرجوها كلها اجتمعت الملائكة كلهم، فاحتملوها حتى يضعوها على العجلة، فيحمدون الله على ما قواهم لذلك، ويتعلقون بعرا العجلة، ويجرونها في الفلك بالتسبيح والتقديس والصلاة لله حتى يبلغوا بها المغرب، فإذا بلغوا بها المغرب أدخلوها تلك العين، فتسقط من أفق السماء في العين.
    ثم قال النبي ، وعجب من خلق الله: وللعجب من القدرة فيما لم نر أعجب من ذلك، وذلك قول جبرئيل عليه السلام لسارة " أتعجبين من أمر الله " وذلك أن الله عز وجل خلق مدينتين: إحداهما بالمشرق والأخرى بالمغرب، أهل المدينة التي بالمشرق من بقايا عاد من نسل مؤمنيهم، وأهل التي بالمغرب من بقايا ثمود من نسل الذين آمنوا بصالح، اسم التي بالمشرق بالسريانية مرقيسيا وبالعربية جابلق واسم التي بالمغرب بالسريانية برجيسيا وبالعربية جابرس ولكل مدينة منهما عشرة آلاف باب، ما بين كل بابين فرسخ، ينوب كل يوم على كل باب من أبواب هاتين المدينتين عشرة آلاف رجل من الحراسة، عليهم السلاح، لا تنوبهم الحراسة بعد ذلك إلى يوم ينفخ في الصور، فوالذي نفس محمد بيده، لولا كثرة هؤلاء القوم وضجيج أصواتهم لسمع الناس من جميع أهل الدنيا هدة وقعة الشمس حين تطلع وحين تغرب، ومن ورائهم ثلاثة أمم: منسك، وتافيل، وتاريس، ومن دونهم يأجوج ومأجوج.
    وإن جبرئيل عليه السلام انطلق بي إليهم ليلة أسرى بي من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى فدعوتُ يأجوج ومأجوج إلى عبادة الله عز وجل فأبوا أن يجيبوني، ثم انطلق بي إلى أهل المدينتين، فدعوتهم إلى دين الله عز وجل وإلى عبادته فأجابوا وأنابوا، فهم في الدين إخواننا، من أحسن منهم فهو مع محسنكم، ومن أساء منهم فأولئك مع المسيئين منكم. ثم انطلق بي إلى الأمم الثلاث، فدعوتهم إلى دين الله وإلى عبادته فأنكروا ما دعوتهم إليه، فكفروا بالله عز وجل وكذبوا رسله، فهم مع يأجوج ومأجوج وسائر من عصى الله في النار، فإذا ما غربت الشمس رفع بها من سماء إلى سماء في سرعة طيران الملائكة، حتى يبلغ بها إلى السماء السابعة العليا، حتى تكون تحت العرش فتخر ساجدة، وتسجد معها الملائكة الموكلون بها، فيحدرُ بها من سماء إلى سماء، فإذا وصلت إلى هذه السماء فذلك حين ينفجر الفجر، فإذا انحدرت من بعض تلك العيون، فذاك حين يضئ الصبح، فإذا وصلت إلى هذا الوجه من السماء فذاك حين يضيء النهار.
    قال: وجعل الله عند المشرق حجابًا من الظلمة على البحر السابع، مقدار عدة الليالي منذ يوم خلق الله الدنيا إلى يوم تصرم، فإذا كان عند الغروب أقبل ملك قد وكل بالليل فيقبض قبضة من ظلمة ذلك الحجاب، ثم يستقبلُ المغرب، فلا يزال يرسل من الظلمة من خلل أصابعه قليلًا قليلًا وهو يراعي الشفق فإذا غاب الشفق أرسل الظلمة كلها ثم ينشر جناحيه، فيبلغان قطري الأرض وكنفي السماء، ويجاوزان ما شاء الله عز وجل خارجًا في الهواء، فيسوق ظلمة الليل بجناحيه بالتسبيخ والتقديس والصلاة الله حتى يبلغ المغرب، فإذا بلغ المغرب انفجر الصبح من المشرق، فضم جناحيه، ثم يضم الظلمة بعضها إلى بعض بكفيه، ثم يقبض عليها بكف واحدة نحو قبضته إذا تناولها من الحجاب بالمشرق، فيضعها عند المغرب على البحر السابع من هناك ظلمة الليل. فإذا ما نقل ذلك الحجاب من المشرق إلى المغرب نفخ في الصور، وانقضت الدنيا، فضوء النهار من قبل المشرق، وظلمة الليل من قبل ذلك الحجاب، فلا تزال الشمس والقمر كذلك من مطالعهما إلى مغاربهما إلى ارتفاعهما، إلى السماء السابعة العليا، إلى محبسهما تحت العرش، حتى يأتي الوقت الذي ضرب الله لتوبة العباد، فتكثر المعاصي في الأرض ويذهب المعروف، فلا يأمر به أحد، ويفشو المنكر فلا ينهى عنه أحد.
    فإذا كان ذ لك حبست الشمس مقدار ليلة تحت العرش، فكلما سجدت وأستأذنت: من أين تطلع؟ لم يحر إليها جواب، حتى يوافيها القمر ويسجد معها، ويستأذن: من أين يطلع؟ فلا يحار إليه جواب، حتى يحبسهما قدار ثلاث ليال للشمس وليلتين للقمر، فلا يعرف طول تلك الليلة إلا المتهجدون في الأرض، وهم حينئذ عصابة قليلة في كل بلدة من بلاد المسلمين، في هوان من الناس وذلة من أنفسهم، فينام أحدهم تلك الليلة قدر ما كان ينام قبلها من الليالي، ثم يقوم فيتوضأ ويدخل مصلاه فيصلي ورده، كما كان يصلي قبل ذلك، ثم يخرج فلا يرى الصبح، فينكر ذلك ويظن فيه الظنون من الشر ثم يقول: فلعلي خففت قراءتي، أو قصرت صلاتي، أو قمت قبل حيني! قال: ثم يعود أيضًا فيصلي ورده كمثل ورده، الليلة الثانية، ثم يخرج فلا يرى الصبح، فيزيده ذلك إنكارًا، ويخالطه الخوف، ويظن في ذلك الظنون من الشر ثم يقول: فلعلي خففت قراءتي، أو قصرت صلاتي، أو قمت من أول الليل! ثم يعود أيضًا الثالثة وهو وجل مشفق لما يتوقع من هول تلك الليلة، فيصلي أيضًا مثل ورده، الليلة الثالثة، ثم يخرج فإذا هو بالليل مكانه والنجوم قد استدارت وصارت إلى مكانها من أول الليل. فيشفق عند ذلك شفقة الخائف العارف بما كان يتوقع من هول تلك الليلة فيستلحمه الخوف، ويستخفه البكاء، ثم ينادي بعضهم بعضًا، وقبل ذلك كانوا يتعارفون ويتواصلون، فيجتمع المتهجدون من أهل كل بلدة إلى مسجد من مساجدها، ويجأرون إلى الله عز وجل بالبكاء والصراخ بقية تلك الليلة، والغافلون في غفلتهم، حتى إذا ما تم لهما مقدارُ ثلاث ليال للشمس وللقمر ليلتين، أتاهما جبرئيل فيقول: إن الرب عز جل يأمركما أن ترجعا إلى مغاربكما فتطلعا منها، وأنه لا ضوء لكما عندنا ولا نور. قال: فيبكيان عند ذلك بكاء يسمعه أهل سبع سموات من دونهما وأهل سرادقات العرش وحملة العرش من فوقهما، فيبكون لبكائهما مع ما يخالطهم من خوف الموت، وخوف يوم القيامة.
    قال: فبينا الناس ينتظرون طلوعهما من المشرق إذا هما قد طلعا خلف أقفيهم من المغرب أسودين مكورين كالغرارتين، ولا ضوء للشمس ولا نور للقمر، مثلهما في كسوفهما قبل ذلك، فيتصايح أهلُ الدنيا وتذهل الأمهات عن أولادها، والأحبة عن ثمرة قلوبها، فتشتغل كل نفس بما أتاها. قال: فأما الصالحون والأبرار فإنه ينفعهم بكاؤهم يومئذ، ويكتب ذلك لهم عبادة. وأما الفاسقون والفجار فإنه لا ينفعهم بكاؤهم يومئذ، ويكتب ذلك عليهم خسارة. قال: فيرتفعان مثل البعيرين القرينين، ينازع كل واحد منهما صاحبه استباقًا، حتى إذا بلغا سرة السماء - وهو منصفها - أتاهما جبرئيل فأخذ بقرونهما ثم ردهما إلى المغرب، فلا يغربهما في مغاربهما من تلك العيون، ولكن يغربهما في باب التوبة.
    http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg

    مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني



  • #4
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    القول في خلق آدم عليه السلام

    وكان مما حدث في أيام سلطانه وملكه خلق الله تعالى ذكره أبانا آدم أبا البشر، وذلك لما أراد جل جلاله أن يطلع ملائكته على ما قد علم من انطواء إبليس على الكبر ولم يعلمه الملائكة، وأراد إظهار أمره لهم حين دنا أمره للبوار، وملكه وسلطانه للزوال، فقال عز ذكره لما أراد ذلك للملائكة: " إني جاعل في الأرض خليفة "، فأجابوه بأن قالوا له: " أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء "! فروي عن ابن عباس أن الملائكة قالت ذلك كذلك للذين قد كانوا عهدوا من أمر الجن الذين كانوا سكان الأرض قبل ذلك، فقالوا لربهم جل ثناؤه لما قال لهم: " إني جاعل في الأرض خليفة " أتجعلُ فيها من يكون فيها مثل الجن الذين كانوا فيها، فكانوا يسفكون فيها الدماء ويفسدون فيها ويعصونك، ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك، فقال الرب تعالى ذكره لهم: " إني أعلم ما لا تعلمون "، يقول: أعلم ما لا تعلمون من انطواء إبليس على التكبر، وعزمه على خلافه أمري، وتسويل نفسه له بالباطل واغتراره، وأنا مبدٍ ذلك لكم منه لتروا ذلك منه عيانًا.
    وقيل أقوال كثيرة في ذلك، قد حكينا منها جملًا في كتابنا المسمى: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، فكرهنا إطالة الكتاب بذكر ذلك في هذا الموضع.
    فلما أراد الله عز وجل أن يخلق آدم عليه السلام أمر بتربته أن تؤخذ من الأرض، كما حدثنا أبو كريب، قال حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس، قال: ثم أمر - يعني الرب تبارك وتعالى - بتربة آدم فرفعت، فخلق الله آدم من طين لازب - واللازب اللزج الطيب - من حمأ مسنون، منتن، قال: وإنما كان حمأ مسنونًا بعد التراب، قال: فخلق منه آدم بيده.
    حدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي - في خبر ذكره - عن أبي مالك وعن أبي صالح، عن ابن عباس - وعن مرة الهمداني، عن ابن مسعود - وعن ناس من أصحاب النبي ، قال: قالت الملائكة: " أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون " يعني من شأن إبليس، فبعث الله جبرئيل عليه السلام إلى الأرض ليأتيه بطين منها، فقالت الأرض: إني أعوذ بالله منك أن تنقص مني شيئًا وتشيني، فرجع ولم يأخذ، وقال: يا رب إنها عاذت بك فأعذتها، فبعث ميكائيل فعاذت منه فأعاذها. فرجع، فقال كما قال جبرئيل، فبعث ملك الموت فعاذت منه، فقال: وأنا أعوذ بالله أن أرجع، ولم أنفذ أمره، فأخذ من وجه الأرض وخلط فلم يأخذ من مكان واحد، وأخذ من تربة حمراء وبيضاء وسوداء، فلذلك خرج بنو أدم مختلفين، فصعد به فبل التراب حتى عاد طينًا لازبًا - واللازب هو الذي يلتزق بعضه ببعض - ثم ترك حتى تغير وأنتن، وذلك حين يقول: " من حمأ مسنونٍ "، قال منتن.
    حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا يعقوب القمي، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: بعث رب العزة عز وجل إبليس، فأخذ من أديم الأرض، من عذبها وملحها، فخلق منه آدم، ومن ثم سمي آدم، لأنه خلق من أديم الأرض، ومن ثم قال إبليس: " أأسجد لمن خلقت طينًا "، أي هذه الطينة أنا جئت بها.
    حدثنا ابن المثنى، قال: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا شعبة، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير، قال: إنما سمي آدم لأنه خلق من أديم الأرض.
    حدثني أحمد بن إسحاق الأهوازي، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا مسعر، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير، قال: خلق آدم من أديم الأرض فسمي آدم.
    حدثني أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا عمرو بن ثابت، عن أبيه، عن جده، عن علي رضي الله عنه، قال: إن آدم خلق من أديم الأرض، فيه الطيب والصالح والرديء، فكل ذلك أنت راء في ولده الصالح والرديء.
    حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا ابن علية، عن عوف - وحدثنا محمد بن بشار وعمر بن شبة، قالا: حدثنا يحيى بن سعيد، قال: حدثنا عوف. وحدثنا ابن بشار، قال حدثنا ابن أبي عدي ومحمد بن جعفر وعبد الوهاب الثقفي، قالوا: حدثنا عوف. وحدثني محمد بن عمارة الأسدي، قال: حدثنا إسماعيل بن أبان، قال: حدثنا عنبسة، عن عوف الأعرابي - عن قسامة بن زهير عن أبي موسى الأشعري، قال: قال رسول الله : " إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض، فجاء بنوا آدم على قدر الأرض، جاء منهم الأحمر، والأسود، والأبيض، وبين ذلك، والسهل، والحزن، والخبيث، والطيب، ثم بلت طينته حتى صارت طينًا لازبًا، ثم تركت حتى صارت حمأ مسنونًا، ثم تركت حتى صارت صلصالًا كما قال الله تعالى: " ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمأ مسنون ".
    وحدثنا ابن بشار، قال: حدثنا يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي، قالا: حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: خلق آدم من ثلاثة: من صلصال، ومن حمأ، ومن طين لازب. فأما اللازب فالجيد، وأما الحمأ فالحمئة، وأما الصلصال فالتراب المدقق، ويعني تعالى ذكره بقوله: " من صلصالٍ "، من طين يابس له صلصلة، والصلصلة: الصوت.
    وذكر أن الله تعالى ذكره لما خمر طينة آدم تركها أربعين ليلة، وقيل أربعين عامًا جسدًا ملقى.
    ذكر من قال ذلك
    حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس، قال: أمر الله تبارك وتعالى بتربة آدم فرفعت، فخلق آدم من طين لازب من حمأ مسنون. قال: وإنما كان حمأ مسنونًا بعد التراب، قال: فخلق منه آدم بيده، قال: فمكث أربعين ليلة جسدًا ملقى، فكان إبليس يأتيه فيضربه برجله، فيصلصل فيصوت، قال: فهو قول الله تبارك وتعالى: " من صلصال كالفخار "، يقول كالشيء المنفرج الذي ليس بمصمت، قال: ثم يدخل في فيه ويخرج من دبره، ويدخل في دبره ويخرج من فيه، ثم يقول: لست شيئًا للصلصلة، ولشيء ما خلقت، ولئن سلطت عليك لأهلكنك، ولئن سلطت علي لأعصينك.
    حدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط عن السدي في خبر ذكره - عن أبي مالك وعن أبي صالح، عن ابن عباس - وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود - وعن ناس من أصحاب رسول الله ، قال الله للملائكة: " إني خالق بشرًا من طين. فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين "، فخلقه الله عز وجل بيديه لكيلا يتكبر إبليس عنه ليقول حين يتكبر تتكبر عما عملت بيدي ولم أتكبر أنا عنه! فخلقه بشرًا، فكان جسدًا من طين أربعين سنة من مقدار يوم الجمعة، فمرت به الملائكة ففزعوا منه لما رأوه، وكان أشدهم فزعًا إبليس، فكان يمر به فيضر به فيصوت الجسد كما يصوت الفخار تكون له صلصلة، فذلك حين يقول: " من صلصال كالفخار "، ويقول: لأمر ما خلقت. ودخل من فيه وخرج من دبره، فقال للملائكة: لا ترهبوا من هذا، فإن ربك صمد وهذا أجوف، لئن سلطت عليه لأهلكته.
    وحدثنا عن الحسن بن بلال، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن سلميان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان الفارسي، قال: خمر الله تعالى طينة آدم عليه السلام أربعين يومًا، ثم جمعه بيديه، فخرج طيبه بيمينه، وخبيثه بشماله، ثم مسح يديه إحداهما على الأخرى، فخلط بعضه ببعض، فمن ثم يخرج الطيب من الخبيث، والخبيث من الطيب.
    حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: يقال - والله أعلم: خلق الله آدم، ثم وضعه ينظر إليه أربعين يومًا قبل أن ينفخ فيه الروح، حتى عاد صلصالًا كالفخار، ولم تمسه نار، قال: فلما مضى له من المدة مامضى وهو طين صلصال كالفخار، وأراد عز وجل أن ينفخ فيه الروح، تقدم إلى الملائكة فقال لهم: إذا نفختُ فيه من روحي فقعوا له ساجدين.
    فلما نفخ فيه الروح أتته الروح من قبل رأسه، فيما ذكر عن السلف قبلنا أنهم قالوه.
    ذكر من قال ذلك
    حدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي - في خبر ذكره - عن أبي مالك وعن أبي صالح، عن ابن عباس - وعن مرة الهمداني، عن ابن مسعود - وعن ناس من أصحاب النبي : فلما بلغ الحين الذي أراد الله عز وجل أن ينفخ فيه الروح قال للملائكة: إذا نفختُ فيه من روحي فاسجدوا له قلما نفخ فيه الروح في رأسه عطس فقالت: الملائكة: قل الحمد لله، فقال: الحمد لله، فقال الله عز وجل له: رحمك ربك، فلما دخل الروح في عينيه نظر إلى ثمار الجنة، فلما دخل في جوفه اشتهى الطعام، فوثب قبل أن تبلغ الروح رجليه عجلان إلى ثمار الجنة فذلك حين يقول: " خلق الإنسان من عجل "، " فسجد الملائكة كلهم أجمعون، إلا إبليس أبى أن يكون في الساجدين "، " أبى واستكبر وكان من الكافرين "، فقال الله له: " ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك " لما خلقتُ بيدي، قال: أنا خير منه، لم أكن لأسجد لبشر خلقته من طين، قال الله له: " فاهبط منها فما يكون لك " - يعني ما ينبغي لك - " أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين "، والصغار الذل.
    حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد قال: حدثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس، قال قلما نفخ الله عز وجل فيه - يعني في آدم - من روحه أتت النفخة من قبل رأسه، فجعل لا يجري شيء منها في جسده إلا صار لحمًا ودمًا، فلما انتهت النفخة إلى سرته نظر إلى جسده فأعجبه ما رأى من حسنه، فذهب لينهض فلم يقدر فهو قول الله عز وجل " خلق الإنسان من عجل "، قال: ضجرًا لا صبر له على سراء ولا ضراء، قال: فلما تمت النفخة في جسده عطس فقال: الحمد لله رب العالمين، بإلهام الله، فقال: يرحمك الله يا آدم، ثم قال للملائكة الذين كانوا مع إبليس خاصة دون الملائكة الذين في السموات: اسجدوا لآدم، فسجدوا كلهم أجمعون إلا إبليس أبى واستكبر، لما كان حدث به نفسه من كبره واغتراره، فقال: لا أسجد، وأنا خير منه وأكبر سنًا، وأقوى خلقًا، " خلقتني من نار وخلقته من طين "، يقول إن النار أقوى من الطين، قال: فلما أبى إبليس أن يسجد أبلسه الله تعالى، أيئسه من الخير كله، وجعله شيطانًا رجيمًا عقوبة لمعصيته.
    حدثنا ابن حميد، قال، حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، قال: فيقال - والله أعلم -: إنه لما أنتهى الروح إلى رأسه عطس فقال: الحمد لله، قال: فقال له ربه: يرحمك ربك، ووقعت الملائكة حين استوى سجودًا له، حفظًا لعهد الله الذي عهد إليهم، وطاعة لأمره الذي أمرهم به، وقام عدو الله إبليس من بينهم، فلم يسجد متكبرًا متعظمًا بغيًا وحسدًا، فقال: " يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقتُ بيدي " إلى قوله: " لأملأن جهنم منكَ وممن تبعك منهم أجمعين "، قال: فلما فرغ الله تعالى من إبليس ومعاتبته وأبى إلا المعصية أوقع الله عليه اللعنة، وأخرجه من الجنة.
    حدثني محمد بن خلف، قال: حدثنا آدم بن أبي أياس، قال: حدثنا أبو خالد سليمان بن حيان، قال: حدثني محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي، عليه السلام، قال أبو خالد: وحدثني الأعمش عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي . قال أبو خالد: وحدثني داود بن أبي هند عن الشعبي، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله لعيه وسلم. قال أبو خالد: وحدثني ابن أبي ذباب الدوسي، قال: حدثني سعيد المقبري، ويزيد بن هرمز عن أبي هريرة عن النبي أنه قال: " خلق الله عز وجل آدم بيده، ونفخ فيه من روحه، وأمر الملأ من الملائكة فسجدوا له، فجلس فعطس فقال: الحمد لله، فقال له ربه: يرحمك ربك، إيت أولئك الملأ من الملائكة فقل لهم: السلام عليكم. فأتاهم فقال: السلام عليك، فقالوا له: وعليك السلام ورحمة الله، ثم رجع إلى ربه عز وجل فقال له: هذه تحيتك وتحية ذريتك بينهم. فلما أظهر إبليس من نفسه ما كان له مخفيًا فيها من الكبر والمعصية لربه، وكانت الملائكة قد قالت لربها عز وجل حين قال لهم: إني جاعل في الأرض خليفة: أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك. فقال لهم ربهم: إني أعلم ما لا تعلمون، تبين لهم ما كان عنهم مستترًا، وعلموا أن فيهم من منه المعصية لله عز وجل والخلاف لأمره.
    ثم علم الله عز وجل آدم الأسماء كلها، واختلف السلف من أهل العلم قبلنا في الأسماء التي علمها آدم: أخاصًا من الأسماء عُلم، أم عامًا؟ فقال بعضهم: علم اسم كل شيء.
    http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg

    مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني


  • صفحة 11 من 21 الأولىالأولى ... 910111213 ... الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 2 (0 من الأعضاء و 2 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. الرزء الأليم
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الحـــوار العام للمغتربين السوريينDialogue Discussion Forum
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 07-06-2010, 06:39 PM
    2. فن الرسم في الماء
      بواسطة رامون في المنتدى مكتبــة صــــور المنتدى
      مشاركات: 6
      آخر مشاركة: 07-03-2010, 10:24 PM
    3. فن الرسم على البطاطس
      بواسطة رامون في المنتدى مكتبــة صــــور المنتدى
      مشاركات: 8
      آخر مشاركة: 06-07-2010, 09:56 PM
    4. فن الرسم بالقهوة
      بواسطة رامون في المنتدى مكتبــة صــــور المنتدى
      مشاركات: 5
      آخر مشاركة: 06-06-2010, 01:19 AM
    5. فن الرسم في الفحم
      بواسطة رامون في المنتدى مكتبــة صــــور المنتدى
      مشاركات: 5
      آخر مشاركة: 06-02-2010, 07:42 PM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1