صفحة 12 من 21 الأولىالأولى ... 21011121314 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 45 إلى 48 من 84

الموضوع: تاريخ الرسل والملوك(للطبري)1-

العرض المتطور


  1. #1
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    ذكر من قال هو إسماعيل

    حدثنا أبو كريب وإسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد، قال: حدثنا يحيى بن يمان، عن إسرائيل، عن ثوير، عن مجاهد، عن ابن عمر، قال: الذبيح إسماعيل.
    حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا سفيان، قال: حدثنا بيان، عن الشعبي، عن ابن عباس: " وفديناه بذبح عظيم "، قال: إسماعيل.
    حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا يحيى بن واضح، قال: حدثنا أبو حمزة محمد بن ميمون السكري عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: إن الذي أمر بذبحه إبراهيم إسماعيل.
    حدثني يعقوب، قال: حدثنا هشيم، عن علي بن زيد، عن عمار مولي بني هاشم، وعن يوسف بن مهران، عن ابن عباس قال: هو إسماعيل، يعني: " وفديناه بذبح عظيم ".
    حدثني يعقوب، قال: حدثنا ابن علية، قال: حدثنا داود، عن الشعبي، قال: قال ابن عباس: وهو إسماعيل.
    وحدثي به يعقوب مرة أخرى، قال: حدثنا ابن علية، قال: سئل داود بن أبي هند: أي ابني إبراهيم أمر بذبحه؟ فزعم أن الشعبي قال: قال: ابن عباس: هو إسماعيل.
    حدثنا ابن المثنى، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن بيان، عن الشعبي، عن ابن عباس، أنه قال: في الذي، فداه الله بذبح عظيم، قال: هو إسماعيل.
    حدثنا يعقوب، قال: حدثنا ابن علية، قال: حدثنا ليث، عن مجاهد عن ابن عباس، قوله: " وفديناه بذبح عظيم "، قال: هو إسماعيل.
    وحدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني عمر بن قيس، عن عطاء بن أبي رباح، عن عبد الله بن عباس، أنه قال: المفدى إسماعيل، وزعمت اليهود أنه إسحاق، وكذبت اليهود.
    وحدثني محمد بن سنان القزاز، قال: حدثنا أبو عاصم، عن مبارك، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس: الذي فداه الله عز وجل قال: هو إسماعيل.
    حدثني محمد بن سنان، قال: حدثنا حجاج، عن حماد، عن أبي عاصم الغنوي، عن أبي الطفيل، عن ابن عباس مثله. حدثني إسحاق بن شاهين، قال: حدثني خالد بن عبد الله، عن داود، عن عامر، قال: الذي أراد إبراهيم ذبحه إسماعيل.
    حدثنا ابن المثنى، قال: حدثني عبد الأعلى، قال: حدثنا داود، عن عامر أنه قال في هذه الآية " وفديناه بذبح عظيم "، قال: هو إسماعيل، قال: وكان قرنا الكبش منوطين بالكعبة.
    حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا ابن يمان، عن إسرائيل، عن جابر، عن الشعبي، قال: رأيتُ قرني الكبش في الكعبة.
    حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا ابن يمان، عن مبارك بن فضالة، عن علي بن زيد بن جدعان، عن يوسف بن مهران، قال: هو إسماعيل.
    حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا ابن يمان، قال: حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: هو إسماعيل.
    حدثني يعقوب، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا عون، عن الحسن: " وفديناه بذبح عظيم " قال: هو إسماعيل.
    حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: سمعت محمد بن كعب القرظي وهو يقول: إن الذي أمر الله عز وجل إبراهيم بذبحه من ابنيه إسماعيل، وإنا لنجدُ ذلك في كتاب الله عز وجل في قصة الخبر عن إبراهيم وما أمر به من ذبح ابنه، أنه إسماعيل، وذلك أن الله عز وجل يقول حين فرغ من قصة المذبوح من ابني إبراهيم قال: " وبشرناه بإسحاق نبيًا من الصاحلين " ويقول: " فبشرناها بإسحاق من وراء إسحاقَ يعقوب "، يقول: بابن وابن ابن، فلم يكن يأمره بذبح إسحاق، وله فيه من الله من الموعود ما وعده، وما الذي أمر بذبحه إلا إسماعيل.
    حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثنا محمد بن إسحاق، عن يريدة بن سفيان بن فروة الأسلمي، عن محمد بن كعب القرظي، أنه حدثهم أنه ذكر ذلك لعمر بن عبد العزيز، وهو خليفة إذ كان معه بالشآم، فقال له عمر: إن هذا لشيء ما كنت أنظر فيه، وإني لأراه كما قلت، ثم أرسل إلى رجل كان عنده بالشام كان يهوديًا فأسلم، فحسن إسلامه، وكان يرى أنه من علماء اليهود. فسأله عمر بن عبد العزيز عن ذلك، قال محمد بن كعب القرظي: وأنا عند عمر بن عبد العزيز، فقال له عمر: أي انبي إبراهيم أمر بذبحه؟ فقال: إسماعيل، والله يا أمير المؤمنين، إن يهود لتعلم بذلك، ولكنها يحسدونكم معشر العرب على أن يكون أباكم الذي كان من أمر الله فيه، والفضل الذي ذكره الله منه لصبره على ما أمر به، فهو يجحدون ذلك، ويزعمون أنه إسحاق، لأن إسحاق أبوهم.
    حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن الحسن بن دينار وعمرو بن عبيد، عن الحسن بن أبي الحسن البصري، أنه كان لا يشك في ذلك أن الذي أمر بذبحه من ابني إبراهيم إسماعيل.
    حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: قال محمد بن إسحاق: سمعت محمد بن كعب القرظي يقول ذلك كثيرًا.
    وأما الدلالة من القرآن التي قلنا إنها على أن ذلك إسحاق أصح، فقوله تعالى مخبرًا عن دعاء خليله إبراهيم حين فارق قومه مهاجرًا إلى ربه إلى الشام مع زوجته سارة، فقال: " إني ذاهب إلى ربي سيهدين. رب هب لي من الصالحين "، وذلك قبل أن يعرف هاجر، وقبل أن تصير له أم إسماعيل، ثم أتبع ذلك ربنا عز وجل الخبر عن إجابته دعاءه، وتبشيره إياه بغلام حليم، ثم عن رؤيا إبراهيم أنه يذبح ذلك الغلام حين بلغ معه السعي، ولا يعلم في كتاب ذكر لتبشير إبراهيم بولد ذكر إلا بإسحاق، وذلك قوله: " وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب " وقوله: " فأوجس منهم خيفةً قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليمٍ. فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم " ثم ذلك كذلك في كل موضع ذكر فيه تبشير إبراهيم بغلام، فإنما ذكر تبشير الله إياه به من زوجته سارة، فالواجب أن يكون ذلك في قوله: " فبشرناه بغلام حليم " نظير ما في سائر سور القرآن من تبشيره إياه من زوجته سارة.
    وأما اعتلال من اعتل بأن الله لم يكن يأمر إبراهيم بذبح إسحاق، وقد أتته البشارة من الله قبل ولادته بولادته وولادة يعقوب منه من بعده، فإنها علة غير موجبة صحةً ما قال، وذلك أن الله إنما أمر إبراهيم بذبح إسحاق بعد إدراك إسحاق السعي. وجائز أن يكون يعقوب ولد له قبل أن يؤمر أبوه بذبحه، وكذلك لا وجه لاعتلال من اعتل في ذلك بقرن الكبش أنه رآه معلقًا في الكعبة، وذلك غيرُ مستحيل أن يكون حمل من الشأم إلى الكعبة فعلق هنالك.
    ذكر الخبر عن صفة فعل إبراهيم وابنه الذي أمر بذبحه فيما كان أمر به من ذلك والسبب الذي من أجله أمر إبراهيم بذبحه

    والسبب في امر الله عز وجل إبراهيم بأنه الذي أمره بذبحه فيما ذكر أنه إذ فارق قومه هاربًا بدينه مهاجرًا إلى ربه متوجهًا إلى الشأم من أرض العراق دعا الله أن يهب له ولدًا ذكرًا صالحًا من سارة فقال: " رب هب لي من الصالحين " يعني بذلك ولدًا صالحًا من الصالحين كما أخبر الله تعالى عنه فقال: " وقال إني ذاهب إلى ربي سيهدين. رب هب لي من الصالحين ". فلما نزل به أضيافه من الملائكة الذين كانوا أرسلوا إلى المؤتفكة قوم لوط بشروه بغلام حليم عن أمر الله تعالى إياهم بتبشيره، فقال إبراهيم إذ بشر به: هو إذًا لله ذبيحٌ. فلما ولد الغلام وبلغ السعي قيل له: أوفٍ بنذرك الذي نذرت لله.
    ذكر من قال ذلك
    حدثني موسى بن هارون، قال: حدثني عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي في خبر ذكره عن أبي مالك. وعن أبي صالح، عن ابن عباس - وعن مرة الهمداني، عن عبد الله - وعن ناس من أصحاب رسول الله قال: قال جبرئيل عليه السلام لسارة: أبشرى بولد اسمه إسحاق، ومن وراء إسحاق يعقوب، فضربت جبينها عجبًا، فذلك قوله: " فصكت وجهها ". وقالت: " أألدُ وأنا عجوزٌ وهذا بعلي شيخًا إن هذا لشيء عجيب، قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد ". قالت سارة لجبرائيل: ما آية ذلك؟ فأخذ بيده عودًا يابسًا فلواه بين أصابعه فاهتز أخضر، فقال إبراهيم: هو إذًا لله ذبيح، فلما كبر إسحاق أتى إبراهيم في النوم فقيل له: أوف بنذرك الذي نذرت، إن رزقك الله غلامًا من سارة أن تذبحه. فقال لإسحاق: انطلق فقرب قربانًا إلى الله. وأخذ سكينًا وحبلًا، ثم انطلق معه حتى إذا ذهب به بين الجبال قال له الغلام: يا أبت، أين قربانك؟ قال: يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى. قال: يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين، قال له إسحاق: اشدد رباطي حتى لا أضطرب واكفف عن ثيابك حتى لا ينتضح عليها من دمي شيء فتراه سارة فتحزن، وأسرع مر السكين على حلقي ليكون أهون للموت علي، وإذا أتيتَ سارة فاقرأ عليها السلام. فأقبل عليه إبراهيم عليه السالم يقبله وقد ربطه وهو يبكي، وإسحاق يبكي، حتى استنفع الدموع تحت خد إسحاق، ثم إنه جر السكين على حلقه فلم يحك السكين، وضرب الله عز وجل صفيحة من نحاس على حلق إسحاق، فلما رأى ذلك ضرب به على جبينه، وحز في قفاه قوله عز وجل " فلما أسلما وتله للجبينٍ ". يقول: سلما لله الأمر، فنودي: يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا بالحق. التفت، فإذا بكبش، فأخذه وخلي عن ابنه، فأكب على ابنه يقبله وهو يقول: يا بني اليوم وهبت لي، فذلك قوله عز وجل: " وفديناه بذبح عظيم ". فرجع إلى سارة فأخبرها الخبر، فجزعت سارة وقالت: يا إبراهيم أردت أن تذبح ابني ولا تعلمني! حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، قال: كان إبراهيم فيما يقال إذا زارها - يعني هاجر - حمل على البراق يغدو من الشأم فيقبل بمكة، ويروح من مكة، فيبيت عند أهله بالشأم، حتى إذا بلغ معه السعي، وأخذ بنفسه ورجاه لما كان يأمل فيه من عبادة ربه وتعظيم حرماته أرى في المنام أن يذبحه.
    حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق عن بعض أهل العلم أن إبراهيم حين أمر بذبح ابنه قال له: يا بني خذ الحبل والمدية، ثم انطلق بنا إلى هذا الشعب ليحطب أهلك منه، قبل أن يذكر له شيئًا مما أمر به.
    فملا وجه على الشعب اعترضه عدو الله إبليس ليصده عن أمر الله في صورة رجل، فقال: أين تريد أيها الشيخ؟ قال: أيد هذا الشعب لحاجة لي فيه، فقال: والله إني لأرى الشيطان قد جاءك في منامك، فأمرك بذبح بنيك هذا، فأنت تريد ذبحه، فعرفه إبراهيم، فقال: إليك عني، أي عدوّ الله، فوالله لأمضينّ لأمر ربي فيه، فلما يئس عدو الله إبليس من إبراهيم اعترض إسماعيل وهو وراء إبراهيم يحمل الحبل والشفرة، فقال له: يا غلام هل تدري أين يذهب بك أبوك؟ قال: يحطب أهلنا من هذا الشعب، قال: والله ما يريد إلا أن يذبحك، قال: لم؟ قال: زعم أن ربه أمره بذلك، قال: فليفعل ما أمره به ربه، فسمعًا وطاعة. فلما امتنع منه الغلام ذهب إلى هاجر أم إسماعيل وهي في منزلها، فقال لها: يا أم إسماعيل، هل تدرين أين ذهب إبراهيم بإسماعيل؟ قالت: ذهب به يحطبنا من هذا الشعب، قال: ما ذهب به إلا ليذبحه، قالت: كلا هو أرحمُ به وأشد حبًا له من ذلك، قال: إنه يزعم أن الله أمره بذلك، قالت: إن كان ربه أمره بذلك فتسليمًا لأمر الله. فرجع عدوّ الله بغيظه لم يصب من آل إبراهيم شيئًا مما أراد، وقد امتنع منه إبراهيم وآل إبراهيم بعون الله، وأجمعوا لأمر الله بالسمع والطاعة. فلما خلا إبراهيم بابنه في - الشعب وهو فيما يزعمون شعب ثبير - قال له: يا بني، إني أرى في المنام أني أذبحك قال: يا أبت افعل ما تؤمر، ستجدني إن شاء الله من الصابرين.
    قال ابن حميد: قال سلمة: قال محمد بن إسحاق عن بعض أهل العلم: إن إسماعيل قال له عند ذلك: يا أبت إن أردت ذبحي فاشدد رباطي لا يصبك مني شيء فينقص أجري، إن الموت شديد، وإني لا آمن أن أضطرب عنده إذا وجدت مسه، واشحذ شفرتك حتى تجهز علي فتريحني، وإذا أنت أضجعتني لتذبحني فكبني لوجهي على جبيني ولا تضجعني لشقي، فإني أخشى إن أنت نظرت في وجهي أن تدركك رقة تحولُ بينك وبين أمر الله في، وإن رأيت أن ترد قميصي على أمي فإنه عسى أن يكون هذا أسلى لها عني، فافعل. قال: يقول له إبراهيم: نعم العونُ أنت يا بني على أمر الله. قال: فربطه كما أمره إسماعيل فأوثقه، ثم شحذ شفرته ثم تله للجبين واتقى النظر في وجهه، ثم أدخل الشفرة لحلقه فقلبها الله لقفاها في ديه، ثم اجتذبها إليه ليفرغ منه، فنودي: أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا، هذه ذبيحتك فداء لابنك فاذبحها دونه، يقول الله عز وجل، " فلما أسلما وتله للجبين "، وإنما تتل الذبائح على خدودها، فكان مما صدق عندنا هذا الحديث عن إسماعيل في إشارته على أبيه بما أشار إذ قال: كبني على وجهي قوله: " وتلهُ للجبين، وناديناه أن يا إبراهيم، قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين. إن هذا لهو البلاء المبينُ. وفديناه بذبح عظيم ".
رد مع اقتباس رد مع اقتباس  


  • #2
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    ذكر أيوب عليه السلام

    ومن ولده - فيما قيل - أيوب بني بالله؛ وهو فيما حدثنا ابن حُميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عمّن لا يُتّهم، عن وهب بن منبّه، أن أيوب كان رجلًا من الروم، وهو أيوب بن موص بن رازح بن عيص إسحاق بن إبراهيم.
    وأما غير ابن إسحاق فإنه يقول: هو أيوب بن موص بن رغويل بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم.
    وكان بعضهم يقول: هو أيوب بن موص بن رعويل. ويقول: كان أبوه ممن آمن بإبراهيم عليه السلام يوم أحرقه نمرود، وكانت زوجته التي أمر بضربها بالضِّعْث ابنةً ليعقوب بن إسحاق، يقال: لها ليا؛ كان يعقوب زوّجها منه.
    وحدثني الحسين بن عمرو بن محمد، قال: حدثنا أبي، قال: أخبرنا غياث بن إبراهيم، قال: ذكر - والله أعلم - أن عدوّ الله إبليس لقِيَ امرأة أيوب - وذكر أنها كانت ليا بنت يعقوب - فقال: يا ليا ابنة الصدّيق وأخت الصدّيق. وكانت أم أيوب ابنة للوط بن هاران؟ وقيل: إن زوجته التي أمِر بضربها بالضِّعْث هي رحمة بنت أفرائيم بن يوسف بن يعقوب، وكانت لها البَثَنيَّة من الشام كلها بما فيها، وكان - فيما ذكر - عن وهب بن منبه في الخبر الذي حدثنيه محمد بن سهل بن عسكر البخاري، قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم أبو هشام، قال: حدثني عبد الصمد ابن معقل، قال: سمعت وهب بن منبّه يقول: إن إبليس لعنه الله سمع تجاوب الملائكة بالصلاة على أيوب، وذلك حين ذكره الله تعالى وأثنى عليه، فأدركه البغيُ والحسد، فسأل الله أن يسلِّطه عليه ليفتنه عن دينه، فسلَّطه الله على ماله دون جسده وعقله، وجمع إبليس عفاريت الشياطين وعظماءهم، وكان لأيوب البَثَنيَّة من الشام كلّها بما فيها بين شرقها وغربها، وكان بها ألف شاة برعاتها، وخمسمائة فدّان يتبعها خمسمائة عبد، لكل عبد امرأة وولد ومال، ويحمل آلة كل فدّان أتان، لكل أتان ولد؛ بين اثنين وثلاثة وأربعة وخمسة وفوق ذلك. فلما جمعهم إبليس، قال: ماذا عنكم من القوة والمعرفة؟ فإنّي قد سُلِّطت على مال أيوب؛ فهي المصيبة الفادحة والفتنة التي لا يصبر عليها الرجال. فقال كلُّ مَنْ عنده قوة على إهلاك شيء ما عنده. فأرسلهم فأهلَكوا ماله كلّه، وأيوب في كلّ ذلك يحمد الله ولا يَثنيه شيء أصيب به من ماله عن الجدّ في عبادة الله تعالى والشكر له على ما أعطاه، والصبر على ما ابتلاه به. فلما رأى ذلك من أمره إبليس لعنه الله سأل الله تعالى أن يسلّطه على ولده، فسلّطه عليهم، ولم يجعل له سلطانًا على جسده وقلبه وعقله، فأهلك ولده كلّهم، ثم جاء إليه متمثلًا بمعلّمهم الذي كان يعلمهم الحكمة جريحًا مشدوخًا يُرقِّقه حتى رقّ أيوب فبكى، فقبض قبضة من تراب فوضعها على رأسه، فسُرّ بذلك إبليس، واغتنمه من أيوب عليه السلام.
    ثم إنّ أيوب تاب واستغفر، فصعدت قرناؤه من الملائكة بتوبة فبدروا إبليس إلى الله عز وجل. فلما لم يثن أيوب عليه السلام ما حلّ به من المصيبة في ماله وولده عن عبادة ربه، والجدّ في طاعته، والصبر على ما ناله، سأل الله عز وجل إبليسُ أن يسلِّطه على جسده، فسلطه على جسده خلا لسانَه وقلبه وعقله؛ فإنه لم يجعل له على ذلك منه سلطانًا، فجاءه وهو ساجد، فنفخ في منخره نفخة اشتعل منها جسده، فصار من جملة أمره إلى أن أنتن جسده، فأخرجه أهلُ القرية من القرية إلى كُناسة خارج القرية لا يقربه أحد إلا زوجته. وقد ذكرت اختلاف الناس في اسمها ونسبها قبل.
    ثم رجع الحديث إلى حديث وهب بن منبّه: وكانت زوجته تختلف إليه بما يصلحه وتلزمه، وكان قد أتبعه ثلاثة نفر على دينه، فلما رأوا ما نزل به من البلاء رفضوه واتهموه من غير أن يتركوا دينه؛ يقال لأحدهم بلدد، وللآخر اليفز وللثالث صافر. فانطلقوا إليه وهو في بلائه فبكّتوه، فلما سمع أيوب عليه السلام كلامّهم أقبل على ربِّه يستغيثه ويتضرّع إليه، فرحمه ربّه ورفع عنه البلاء، وردَّ عليه أهله ومَاله ومثلهم معهم، وقال له: " ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَاْبٌ "؛ فاغتسل به فعاد كهيئته قبل البلاء في الحسن والجمال.
    فحدثني يحيى بن طلحة اليربوعي، قال: حدثنا فُضيل بن عياض، عن هشام، عن الحسن، قال: لقد مكث أيوب عليه السلام مطروحًا على كُناسة لبني إسرائيل سَبع سنين وأشهرًا، ما يسأل الله عز وجل أن يكشف ما به، قال: فما على وجه الأرض أكرم على الله من أيوب، فيزعمون أن بعض الناس قال: لو كان لربِّ هذا فيه حاجة ما صنع به هذا! فعند ذلك دعا.
    حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثني ابن عُلَيّة، عن يونس، عن الحسن، قال: بقي أيوب عليه السلام على كُناسة لبني إسرائيل سبع سنين وأشهرًا اختلف فيها الرواة.
    فهذه جملة من خبر أيوب ، وإنما قدمنا ذكر خبره وقصته قبل خبر يوسف وقصته لما ذكر من أمره، وأنه كان نبيًَّا في عهد يعقوب أبي يوسف عليهم السلام.
    وذُكر أن عُمْر أيوب كان ثلاثًا وتسعين سنة، وأنه أوصى عند موته إلى ابنه حومل، وأن الله عز وجل بعث بعده ابنه بشر بن أيوب نبيًّا، وسماه ذا الكفل وأمره بالدعاء إلى توحيده، وأنه كان مقيمًا بالشأم عُمْرَه حتى مات، وكان عمرُه خمسًا وسبعين سنة، وأن بشرًا أوصى إلى ابنه عبدان، وأن الله عز وجل بعث بعده شُعَيْبَ بن صيفون بن عيفا بن نابت بن مدين ابن إبراهيم إلى أهل مدين.
    وقد اختُلف في نسب شُعَيْب فنسبه أهل التوراة النسب الذي ذكرت.
    وكان ابن إسحاق يقول: هو شعيب بن ميكائيل من ولد مدين، حدثني بذلك ابن حُميد، عن ابن إسحاق.
    وقال بعضهم: لم يكن شعيب من لد إبراهيم، وإنما هو من ولد بعض مَنْ كان آمن بإبراهيم واتبعه على دينه، وهاجر معه إلى الشأم، ولكنه ابن بنت لوط؛ فجده شعيب ابنة لوط.
    ذكر خبر شعيب عليه السلام

    وقيل إن اسم شعيب يزون، وقد ذكرت نسبه واختلاف أهل الأنساب في نسبه، وكان - فيما ذكر - ضرير البصر.
    حدثني عبد الأعلى بن واصل الأسدي، قال: حدثنا أسيد بن زيد الجصاص، قال: أخبرنا شريك، عن سالم، عن سعيد بن جُبَيْر في قوله: " وَإِنَّا لَنَراكَ فِيْنَا ضَعِيْفًا "، قال: كان أعمى.
    حدثنا أحمد بن الوليد الرَّملي، قال: حدثنا إبراهيم بن زياد وإسحاق ابن المنذر وعبد الملك بن يزيد، قالوا: حدثنا شريك، عن سالم، عن سعيد، مثله.
    حدثني أحمد بن الوليد، قال: حدثنا عمرو بن عون ومحمد بن الصباح، قالا: سمعنا شريكًا يقول في قوله: " وإنَّا لَنَرَاكَ فينَا ضَعِيْفًا "، قال: أعمى.
    حدثني أحمد بن الوليد، قال: حدثنا سعدويه، قال: حدثنا عباد، عن شريك، عن سالم، عن سعيد بن جبير، مثله.
    حدثني المثنى، قال: حدثنا الحِمّاني قال: حدثنا عبّاد، عن شريك، عن سالم، عن سعيد: " وإنَّا لَنَرَاكَ فينَا ضَعِيْفًا "، قال: كان ضرير البصر.
    حدثني العباس بن أبي طالب، قال: حدثنا إبراهيم بن مهدي المِصيصي، قال: حدثنا خلف بن خليفة، عن سفيان، عن سالم، عن سعيد بن جبير: " وإنَّا لَنَرَاكَ فينَا ضَعِيْفًا "، قال: كان ضعيف البصر.
    حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو نعَيْم، قال: حدثنا سفيان، قوله تعالى: " وإنَّا لَنَرَاكَ فينَا ضَعِيْفًا "، قال: كان ضعيف البصر. قال سفيان: وكان يقال له خطيب الأنبياء، وإن الله تبارك وتعالى بعثه نبيًّا إلى أهل مدين، وهم أصحاب الأيكة - والأيكة الشجر الملتف - وكانوا أهل كفر بالله وبخس للناس في المكاييل والموازين وإفساد لأموالهم، وكان الله عز وجل وسَّع عليهم في الرزق، وبسط لهم في العيش استدراجًا منه لهم، مع كفرهم به، فقال لهم شعيب عليه السلام: " يَا قَوْمِ اُعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُمْ مِنْ إله غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُضُوا المِكْيَالَ وَالمِيْزَانَ إنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وإنِّي أَخَاْفُ عَلَيْكُمْ عَذَاْبَ يَوْمٍ مُحِيْطٍ ".
    فكان من قول شعيب لقومه وجواب قومه له ما ذكره الله عز وجل في كتابه.
    فحدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: قال ابن إسحاق: فكان رسول الله - فيما ذكر لي يعقوب بن أبي سلمة - إذا ذكره قال: " ذاك خطيب الأنبياء "، لحسْن مراجعته قومَه فيما يرادّهم به.
    فلما طال تماديهم في غَيِّهم وضلالهم، ولم يردّهم تذكير شُعيب إياهم، وتحذيرهم عذاب الله - لهم - وأراد الله تبارك وتعالى هلاكهم، سلط عليهم - فيما حدثني الحارث - قال: حدثنا الحسن بن موسى الأشيب، قال: حدثني سعيد بن زيد أخو حماد بن زيد، قال: حدثنا حاتم بن أبي صَغيرة، قال: حدثني يزيد الباهلي، قال: سألتُ عبد الله بن عباس عن هذه الآية: " فَأخَذَهُمْ عَذَاْبُ يَوْم الظُّلَّةِ إنَّهُ كَانَ عَذَاْبَ يَوْمٍ عَظِيْمٍ "، فقال عبد الله بن عباس: بعث الله وَبَدةً وحرًَّا شديدًا، فأخذ بأنفاسهم فدخلوا أجواف البيوت، فدخل عليهم أجواف البيوت فأخذ بأنفاسهم فخرجوا من البيوت هرّابًا إلى البرّية فبعث الله عز وجل سحابة، فأظلتهم من الشمس، فوجدوا لها بردًا ولذة، فنادى بعضُهم بعضًا، حتى إذا اجتمعوا تحتها أرسل الله عليهم نارًا، قال عبد الله ابن عباس: فذاك عذابُ يوم الظلة؛ " إنَّهُ كَانَ عَذَاْبَ يَوْمٍ عَظِيْمٍ ".
    حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن وهب، قال: حدثني جرير بن حازم أنه سمع قتادة يقول: بُعث شعيب إلى أمتين: إلى قومه أهل مدين، وإلى أصحاب الأيكة، وكانت الأيكة من شجر ملتفّ، فلما أراد الله عز وجل أن يعذّبهم بعث عليهم حرًَّا شديدًا، ورفع لهم العذاب كأنه سحابة، فلما دنت منهم خرجوا إليها رجاء بَرْدها، فلما كانوا تحتها أمطرت عليهم نارًا، قال: فذلك قوله تعالى: " فَأخَذَهُمْ عَذَاْبُ يَوْم الظُّلَّةِ ".
    حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني أبو سفيان، عن معمَر بن راشد، قال: حدثني رجل من أصحابنا عن بعض العلماء، قال: كانوا - يعني قوم شعيب - عطَّلوا حدًَّا، فوسع الله عليهم في الرزق، ثم عطَّلوا حدًَّا فوسع الله عليهم في الرزق، فجعلوا كلما عطَّلوا حدًَّا وسع الله عليهم في الرزق، حتى إذا أراد الله هلاكهم سلَّط عليهم حرًَّا لا يستطيعون أن يتقارُّوا، ولا ينفعهم ظل ولا ماء، حتى ذهب ذاهب منهم فاستظل تحت ظلة فوجد روْحًا، فنادى أصحابَه: هلمُّوا إلى الرُّوح، فذهبوا إليه سراعًا؛ حتى إذا اجتمعوا ألهبها الله عليهم نارًا، عذاب يوم الظلة.
    حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن زيد بن معاوية في قوله تعالى " " فَأخَذَهُمْ عَذَاْبُ يَوْم الظُّلَّةِ "، قال: أصابهم حرُّ قلقلهم في بيوتهم، فنشأت سحابة كهيئة الظُّلَّةِ فابتدروها، فلما ناموا تحتها أخذتهم الرجفة.
    حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى. وحدثني الحارث، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نَجيح، عن مجاهد في قوله: " عَذَاْبُ يَوْم الظُّلَّةِ "، قال: ظلال العذاب.
    حدثني القاسم، حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد في قوله: " فَأخَذَهُمْ عَذَاْبُ يَوْم الظُّلَّةِ "، قال: أظلّ العذابُ قوم شُعيب. قال ابن جريج: لما أنزل الله تعالى عليهم أول العذاب أخذهم منه حرٌّ شديد، فرفع الله لهم غمامة، فخرج إليها طائفة منهم ليستظلوا بها، فأصابهم منها برد ورَوْح وريح طيبة، فصبّ الله عليهم من فوقهم من تلك الغمامة عذابًا، فذلك قوله: " عَذَاْبُ يَوْم الظُّلَّةِ إنَّهُ كَانَ عَذَاْبَ يَوْمٍ عَظِيْمٍ ".
    حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: " فَأخَذَهُمْ عَذَاْبُ يَوْم الظُّلَّةِ إنَّهُ كَانَ عَذَاْبَ يَوْمٍ عَظِيْمٍ "، قال: بعث الله عز وجلّ إليهم ظلة من سحاب، وبعث الله إلى الشمس فأحرقت ما على وجه الأرض، فخرجوا كلهم إلى تلك الظلة؛ حتى إذا اجتمعوا كلُّهم كشف الله عنهم الظلة، وأحمَى عليهم الشمس، فاحترقوا كما يحترق الجراد في المِقْلّى.
    حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثنا أبو تُمَيْلة، عن أبي حمزة، عن جابر، عن عامر، قال: مَنْ حدثك من العلماء، ما عذاب يوم الظلة، فكذّبه.
    حدثني محمود بن خداش، حدثنا حماد بن خالد الخياط، قال، حدثنا داوود بن قيس، عن زيد بن أسلم في قوله عز وجل: " أصَلَاتكَ تَأْمُرُكَ أنْ تَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِيْ أمْوَالِنَا مَا نَشَاء "، قال: كان مما ينهاهم عنه حذف الدراهم - أو قال: قطع الدراهم، الشكّ من حماد.
    حدثنا سهل بن موسى الرازي، قال: حدثنا ابن أبي فُدَيْك، عن أبي مودود قال: سمعت محمد بن كعب القرظي يقول: بلغني أن قومَ شعيب عذَّبوا في قطع الدراهم، ثم وجدت ذلك في القرآن: " أصَلَاتكَ تَأْمُرُكَ أنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِيْ أمْوَالِنَا مَا نَشَاء ".
    حدثنا انن وكيع، قال: حدثنا زيد بن حُبَاب، عن موسى بن عبيدة، عن محمد بن كعب القرظي؛ قال: عذب قوم شعيب في قطعهم الدراهم، فقلوا: " يا شعيبُ أصَلَاتكَ تَأْمُرُكَ أنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِيْ أمْوَالِنَا مَا نَشَاء ".
    ونرجع الآن إلى:


  • #3
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    ذكر من قال ذلك
    حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو بن محمد، عن أسباط، عن السدي: " وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا "، قال: قالت له يا يوسف: ما أحسن شعرَك! قال: هو أول ما ينتثر من جسدي، يا يوسف ما أحسن عينيك! قال: هي أولُ ما يسيل إلى الأرض من جَسدي، قالت: يا يوسف ما أحسنَ وجهك! قال: هو للتراب يأكله، فلم تزل حتى أطعمته فهمّت به وهمّ بها. فدخلا البيتَ وغلقت الأبواب، وذهب ليحلّ سراويله فإذا هو بصورة يعقوب قائمًا في البيت قد عضّ على إصبعه يقول: يا يوسف لا تواقعها، فإنما مثَلُك ما لم تواقعها مثلُ الطير في جوِّ السماء لا يطاق، ومثلك إن واقعتَها مثَله إذا مات وقع في الأرض لا يستطيع أن يدفع عن نفسه، ومثَلك ما لم تواقعها مثل الثور الصَّعْب الذي لا يعمل عليه، ومثَلك إن واقعتها مثل الثور حين يموت فيدخل النمل في أصل قرنيه لا يستطيع أن يدفع عن نفسه. فربط سراويله، وذهب ليخرج يشتدّ، فأدركته فأخذت بمؤخر قميصه من خلْفه فخرقته حتى أخرجته منه، وسقط وطرحه يوسف، واشتدّ نحو الباب.
    وقد حدثنا أبو كريب وابن وكيع وسهل بن موسى، قالوا: حدثنا ابن عيينة عن عثمان بن أبي سليمان، عن ابن أبي مليْكة، عن ابن عباس: سئل عن همّ يوسف ما بلغ؟ قال: حلّ الهيمان، وجلس منها مجلس الحائز.
    حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا حجاج بن محمد، عن ابن جريج، قال: أخبرنا عبد الله بن أبي مُلَيكة، قال: قلت لابن عباس: ما بلغ من همّ يوسف؟ قال: استلقتْ له وجلس بين رجليها ينزع ثيابَه، فصرف الله تعالى عنه ما كان همّ به من السوء بما رأى من البرهان الذي أراه الله، فذلك - فيما قال بعضُهم - صورة يعقوب عاضًّا على إصبعه.
    وقال بعضهم: بل نودي من جانب البيت: أتزني فتكون كالطير وقع ريشه، فذهب يطير ولا ريش له! وقال بعضهم: رأى في الحائط مكتوبًا: " وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وِسَاءَ سَبِيلًا " فقام حين رأى بُرْهان ربه هاربًا يريد باب البيت، فرارًا مما أرادته، واتبعته راعيل فأدركتْه قبل خروجه من الباب، فجذبته بقميصه من قِبَل ظهره، فقدّت قميصَه وألفى يوسف وراعيل سيّدها - وهو زوجها أطفير - جالسًا عند الباب، مع ابن عمّ لراعيل.
    كذلك حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو بن محمد، عن أسباط، عن السدي،: " وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى البَابِ ". قال: كان جالسًا عند الباب وابن عمها معه، فلما رأته قالت: " مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَاْدَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إلَّا أنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيْمٌ "؛ إنه راودني عن نفسي، فدفعته عن نفسي فأبيت فشققت قميصه. قال يوسف: بل هي رَاوَدَتني عَنْ نَفْسي، فأبيت وفررت منها، فإن كان القميص " قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبين "، وإن كان القميص " قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِيْنَ "، فأتى بالقميص، فوجده قدّ من دبر، قال: " إنَّهُ مِنْ كَيْدَكُنَّ إنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيْمٌ يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ مِنَ الْخَاطِئِيْنَ ".
    حدثني محمد بن عمارة، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا شيبان، عن أبي إسحاق، عن نوْف الشامي، قال: ما كان يوسف يريد أن يذكره حتى قالت: " مَا جَزَاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عذابٌ ألِيْمٌ "، قال: فغضب وقال: " هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي ".
    وقد اختلف في الشاهد الذي شهد من أهلها " إنْ كَانَ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبين "، فقال بعضهم، ما ذكرت عن السدي.
    وقال بعضهم: كان صبيّا في المهد، وقد روى في ذلك عن رسول الله ما حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا عفان بن مسلم، قال: " تكلم أربعة وهم صغار "، فذكر فيهم شاهد يوسف.
    حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا العلاء بن عبد الجبار، عن حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: تكلّم أربعة وهم صغار: ابنُ ماشطة ابنة فرعون، وشاهد يوسف، وصاحب جريج، وعيسى بن مريم.
    وقد قيل إن الشاهد كان هو القميص وقدّه من دبره.
    ذكر بعض من قال ذلك
    حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبي نَجيح، عن مجاهد في قول الله عز وجل: " وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا ".
    قال: قميصه مشقوق من دُبره فتلك الشهادة، فلما رأى زوجُ المرأة قميص يوسف قُدَّ من دبر قال لراعيل زوجته: " إنَّهُ مِنْ كَيْدَكُنَّ إنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيْمٌ "، ثم قال ليوسف: أعرض عن ذكر ما كان منها من مراودتها إياك عن نفسها فلا تذكره لأحد، قال لزوجته: " اسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ مِنَ الْخَاطِئِيْنَ ".
    وتحدث النساء بأمر يوسف وأمر امرأة العزيز بمِصر ومراودتها إياه على نفسها فلم ينكتم، وقلن: " امْرَأَةُ الْعَزِيْزِ تُرَاْوِدُ فتاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًَّا "، قد وصل حبّ يوسف إلى شغاف قلبها فدخل تحته حتى غلب على قلبها. وشغاف القلب: غلافه وحجابه.
    حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو بن محمد، عن أسباط، عن السدي: " قَدْ شَغَفَهَا حُبًَّا "، قال: والشغاف جلْدة على القلب يقال لها لسان القلب؛ يقول: دخل الحبّ الجلد حتى أصاب القلب، فلما سمعت امرأة العزيز بمكرهنّ وتحدُّثهن بينهنّ بشأنها وشأن يوسف، وبلغها ذلك أرسلت إليهنّ وأعتدت لهن مُتكأ يتَّكئن عليه إذا حضرنها من وسائد. وحضرنها فقدّمت إليهنّ طعامًا وشرابًا وأترُجا، وأعطتْ كُلَّ واحدة منهن سكينًا تقطع به الأترجّ.
    حدثني سليمان بن عبد الجبار، قال: حدثنا محمد بن الصلت، قال: حدثنا أبو كُدَيْنةَ، عن حُصَيْن، عن مجاهد، عن ابن عباس: " وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيْنًا "، قال: أعطتهن أترُجًّا، وأعطت كل واحدة منهن سكينًا.
    فلما فعلت امرأةُ العزيز ذلك بهنَّ، وقد أجلست يوسف في بيت ومجلس غير المجلس الذي هنَّ فيه جلوس، قالت ليوسف: " اُخْرُجْ عَلَيْهِنَّ "، فخرج يوسف عليهنّ، فلما رأينه أجللنه وأكبرنه وأعظمنه، وقطَّعن أيديهن بالسكاكين التي في أيديهنّ، وهن يحسبن أنهنّ يقطعن بها الأترجّ، وقلن: معاذ الله ما هذا إنس، " إنْ هَذا إلَّا مَلَكٌ كَرِيْمٌ ". فلما حلّ بهنّ ما حلَّ من قطع أيديهن من أجل نظرة نظرنها إلى يوسف وذهاب عقولهنّ، وعرفتهن خطأ قيلهنَّ: " امْرَأَةُ العزِيْزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ "، وإنكارهن ما أنكرن من أمرها أقرّت عند ذلك لهنّ بما كان من مراودتها إياه على نفسها، فقالت: " فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّني فِيْهِ ولَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَن نَفْسِهِ فاسْتَعْصَمَ "، بعدما حلّ سراويله.
    حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو بن محمد، عن أسباط، عن السدي: " قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّني فِيْهِ ولَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَن نَفْسِهِ فاسْتَعْصَمَ "، تقول: بعدما حلّ السراويل استعصم، لا أدري ما بدا له ثم قالت لهنّ: " وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ " منْ إتْيانهَا " لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونا مِنَ الصَّاغِرِيْنَ "، فاختار السجن على الزنا ومعصية ربه، فقال: " رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إلّيَّ مِمَّا يّدْعُونَنِي إلَيْهِ ".
    حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو بن محمد، عن أسباط، عن السدي: " قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إلّيَّ مِمَّا يّدْعُونَنِي إلَيْهِ " من الزنا، واستغاث بربه عز وجل فقال: " وإلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ من الجَاْهِلِيْنَ ". فأخبر الله عز وجل أنه استجاب له دعاءه، فصرّف عنه كيدهنّ ونجاه من ركوب الفاحشة، ثم بدا للعزيز من بَعْد ما رأى من الآيات ما رأى من قَدّ القميص من الدُّبر، وخمش في الوجه، وقطع النسوة أيديهنّ وعلمه ببراءة يوسف مما قُرف به في ترك يوسف مطلقًا.
    وقد قيل: إن السبب الذي من اجله بدا له في ذلك، ما حدثنا به ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو بن محمد، عن أسباط عن السدي: " ثم بّدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حّتَّى حِيْنٍ "، قال: قالت المرأة لزوجها: إن هذا العبد العبراني قد فضَحني في الناس يعتذر إليهم ويخبرهم أني راودته عن نفسه، ولست أطيق أن أعتذر بعذري، فإما أن تأذن لي فأخرج فأعتذر، وإما أن تحبسه كما حبستني، فذلك قول الله عز وجل: " ثُمَّ بّدّا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رأوا الآيات ليسجنُنه حَتَّى حين " فذكر أنهم حبسوه سبع سنين.
    ذكر من قال ذلك
    حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا المحاربي، عن داود، عن عكرمة: " لَيَسْجُنُنَّهُ حّتَّى حِيْنٍ "، قال: سبع سنين؛ فلما حبس يوسف في السجن صاحبه العزيز، أُدخِل معه السجن الذي حبس فيه فتيان من فتيان الملك صاحب مصر الأكبر؛ وهو الوليد بن الريَّان؛ أحدهما كان صاحب طعامه، والآخر كان صاحب شرابه.
    حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي، قال: حبسه الملك، وغضب على خبّازه؛ بلغه أنه يريد أن يَسُمَّه فحبسه، وحبس صاحب شرَابه؛ ظن أنه مالأه على ذلك، فحبسهما جميعًا، فذلك قول الله عز وجل: " وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ ".
    فلما دخل يوسف قال فيما حدثني به ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي، قال: لما دخل يوسف السجن، قال: إني أعبر الأحلام، فقال أحد الفتيين لصاحبه: هَلُمَّ فلنجرّب هذا العبد العبراني، فتراءيا له، فسألاه من غير أن يكونا رأيا شيئًا، فقال الخباز: " إنِّي أرَانِي أحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِيْ خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ "، وقال الآخر: " إنِّي أرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا، " نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إنَّا نَرَاك مِنَ المُحْسِنِيْنَ ".
    فقيل: كان إحسانه ما حدثنا به إسحاق بن أبي إسرائيل، قال: حدثنا خلف بن خليفة، عن سلمة بن نبيط، عن الضحاك قال: سأل رجل الضحاك عن قوله: " إنَّا نَرَاكَ مِنَ المُحْسِنِيْنَ ": ما كان إحسانه؟ قال: كان إذا مرض إنسان في السجن قام عليه، وإذا احتاج جمع له، وإذا ضاق عليه المكان وَسَّع له، فقال لهما يوسف: " لَا يَأْتِيكُما طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ " في يومكما هذا " إلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ " في اليقظة. فكرة صلى الله عليه أن يعبِّر لهما ما سألاه عنه، وأخذ في غير الذي سألا عنه لما في عبارة ما سألا عنه من المكروه على أحدهما فقال: " يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أأرْبَابٌ مُتَفَرّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الوَاحِدُ القَهَّارُ ".
    وكان اسم أحد الفتيين اللذين أدخلا السجن محلب - وهو الذي ذكر أنه رأى فوق رأسه خبزًا - واسم الآخر نبو، وهو الذي ذكر أنه رأى كأنه يعصر خمرًا، فلم يَدَعاه والعدول عن الجواب عما سألاه عنه حتى أخبرهما بتأويل ما سألاه عنه فقال: " أمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا " - وهو الذي ذكر أنه رأى كأنه يعصر خمرًا، " وَأَمَّا اْلآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ ". فلما عبّر لهما ما سألاه تعبيره، قالا: ما رأينا شيئًا.
    حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا ابن فضيل، عن عمارة - يعني ابن القعقاع - عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، في الفتيين اللذين أتيا يوسف في الرؤيا إنما كانا تحالما ليختبراه، فلما أوّل رؤياهما قالا: إنما كنا نلعب، فقال: " قُضِيَ اْلأمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْيَانِ " ثم قال لنبو - وهو الذي ظن يوسف أنه ناج منهمَا: " اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ " يعني عند الملك، وأخبره أني محبوس ظلمًا، " فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ "، غفلة عرضت ليوسف من قبَل الشيطان.
    فحدثني الحارث، قال: حدثنا عبد العزيز، قال: حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي، عن بسطام بن مسلم، عن مالك بن دينار، قال: قال يوسف للساقي: " اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ "، قال: قيل: يا يوسف، اتخذتَ من دوني وكيلًا؟ لأطيلنَّ حبسَك. فبكى يوسف وقال: يا ربّ أنسى قلبي كثرة البلوى فقلت كلمة، فويل لإخوتي! حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو بن محمد، عن إبراهيم بن يزيد، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال النبي : " لو لم يقل يوسف - يعني الكلمة التي قال - ما لبث في السجن طول ما لبث حيث يبتغي الفرج من عند غير الله عز وجل ".
    فلبث في السجن، فيما حدثني الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا عمران أبو الهُدَيل الصنعاني، قال: سمعت وهبًا يقول: أصاب أيوب البلاء سبعَ سنين، وتُرك يوسف في السجن سبع سنين، وعّذب بختنصَّر فحوّل في السباع سبع سنين.
    ثم إن ملك مصر رأى رؤيا هالته.


  • #4
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    فحدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو بن محمد، عن أسباط، عن السدي، قال: إن الله عز وجل أرىَ الملك في منامه رؤيا هالتْه، فرأى: " سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٌ وَأُخَرَ يَابِساتٍ "، فجمع السحرة، والكهنة والحازة والقافة، فقصّها عليهم، فقالوا " أَضْغَاثُ أَحْلامٍ وما نحنُ بتأويل الأحلام بعالمين، وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا " من الفتيين وهو نبو، " وادَّكَر " حاجة يوسف " بعد أمَّةٍ "، يعني بعد نسيان: " أَنا أنبِّئكم بتتأوِيلِهِ فأرْسِلُونِ "، يقول فأطلقون. فأرسلوه فأتى يوسف فقال: " أيها الصِّديق أَفْتِنَا فِيْ سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٌ وَأُخَرَ يَابِساتٍ "؛ فإن الملك رأى ذلك في نومه.
    فحدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي، قال: قال ابن عباس: لم يكن السجنُ في المدينة، فانطلق الساقي إلى يوسف، فقال: " أَفْتِنَا فِيْ سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ.. " الآيات.
    فحدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، " أَفْتِنَا فِيْ سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ " فالسمان المخاصيب، والبقرات العجاف هُنَّ السنون المحول الجدوب. قوله: " وسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٌ وَأُخَرَ يَابِساتٍ " أما الخضر فهنّ السنون المخاصيب، وأما اليابسات فهن الحدون المحول.
    فلما أخبر يوسف نبو بتأويل ذلك، أتى نبو الملك، فأخبره بما قال له يوسف، فعلم الملك أن الذي قال يوسف من ذلك حقّ، قال: ائتوني به.
    فحدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي، قال: لما أتى الملك رسوله فأخبره، قال: ائتوني به، فلما أتاه الرسول ودعاه إلى الملك أبى يوسف الخروج معه، وقال: " ارْجِعْ إلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ الَّلاتِي قَطَّعْنَ أيْدِيَهُنَّ إنَّ رّبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ ".
    قال السدي: قال ابن عباس: لو خرج يوسف يومئذ قبل أن يعلم الملك بشأنه ما زالت في نفس العزيز منه حاجة، يقول: هذا الذي راود امرأتي. فلما رجع الرسول إلى الملك من عند يوسف جمع الملك أولئك النسوة، فقال لهنّ: ما خطبكن إذ راودتنّ يوسف عن نفسه! قلن - فيما حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي قال: لما قال الملك لهنّ: " مَا خَطْبُكُنَّ إذ رَاوَدتُنَّ يوسفَ عَن نفسِهِ قُلْنَ حَاشَ لله ما عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوء "؛ ولكن امرأة العزيز أخبرتنا أنها راودته عن نفسه، ودخل معها البيت، فقالت امرأة العزيز حينئذ: " الآنَ حَصْحَصَ الحقُّ أنا رَاوَدتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وإنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِيْنَ ". فقال يوسف: ذلك هذا الفعل الذي فعلت من ترديدي رسول الملك بالرسالات التي أرسلت في شأن النسوة، ليعلم أطفير سيدي " أنِّي لَمْ أَخُنْهُ بالغَيْبِ " في زوجته راعيل، " وأنَّ اللهَ لَا يَهْدِي كَيْدِ الْخَائِنِيَنَ ".
    فلما قال ذلك يوسف قال له جَبْرئيل: ما حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: لما جمع الملك النسوة، فسألهنّ: هل راودتنّ يوسفَ عن نفسه؟ " قُلْنَ حَاشَ لله ما عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوء قالتِ امرأةُ العزيز الآنَ حَصْحَصَ الحقُّ أنا رَاوَدتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وإنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِيْنَ " قال يوسف: " ذلك ليعلمَ أنِّي لم أخُنْهُ بالغيب وأنَّ اللهَ لَا يَهْدِي كَيْدِ الْخَائِنِيَنَ ". قال: فقال له جَبْرئيل: ولا يوم هممت بها؟ فقال: " وَمَا أُبرِّئُ نَفْسِي إنَّ النَّفْسَ لأمَّارةٌ بالسُّوء ".
    فلما تبين للملك عذرُ يوسف وأمانته قال: " ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لنفسِي فَلَمَّا " أُتِي به " كَلَّمَهُ قَالَ إنَّكَ الْيوْمَ لديْنَا مَكينٌ أمين ". فقال يوسف للملك: " اجْعَلْنِي على خَزَائِنِ الأَرْضِ ".
    فحدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: " اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ " قال: كان لفرعون خزائن كثيرة غير الطعام، فسلّم سلطانه كلَّه إليه، وجعل القضاء إليه أمره، وقضاؤه نافذ.
    حدثنا ابن حميد قال: حدثنا إبراهيم بن المختار، عن شيبة الضبي في قوله: " اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ "، قال: على حفظ الطعام. " إنِّي حَفِيْظٌ عَليمٌ " يقول: إني حفيظ لما استودعتني، علم بسني المجاعة، فولاه الملك ذلك.
    وقد حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: لما قال يوسف للملك: " اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إنِّي حَفِيْظٌ عَليمٌ " قال الملك: قد فعلت، فولاه - فيما يذكرون - عمل إطفير، وعزّل إطفير عما كان عليه، يقول الله تبارك وتعالى: " وكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ في الأرْضِ يتبوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ برَحْمًتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيْعَ أجْرَ المحسنِين " قال: فذُكر لي - والله أعلم - أن إطفير هلك في تلك الليالي، وأن الملك الريان بن الوليد زوّج يوسف امرأة إطفير راعيل، وأنها حين دخلت عليه قال: أليس هذا خيرًا مما كنت تريدين! قال: فيزعمون أنها قالت: أيها الصدّيق لا تلمني، فإني كنت امرأةً - كما ترى - حسناء جميلة ناعمة، في ملك ودنيا، وكان صاحبي لا يأتي النساء، وكنتَ كما جعلك الله في حسنك وهيئتك، فغلبَتْني نفسي على ما رأيت. فيزعمون أنه وجدها عذراء، وأصابها فولدت له رجلين: أفراييم بن يوسف ومنشا بن يوسف.
    حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي: " وكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ في الأرْضِ يتبوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ " قال: استعمله الملك على مصر، وكان صاحبَ أمرها، وكان يلي البيع والتجارة وأمرها كله، فذلك قوله: " وكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ في الأرْضِ يتبوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ ".
    فلما وليَ يوسف للملك خزائن أرضِه واستقرَّ به القرار في عمله، ومضت السنون السبع المخصبة التي كان يوسف أمرَ بترك ما في سنبل ما حصدوا من الزرع فيه، ودخلت السنون المجدبة وقَحط الناس، أجدبت بلاد فلسطين فيما أجدب من البلاد، ولحق مكروه ذلك آل يعقوب في موضعهم الذي كانوا فيه، فوجه يعقوب بنيه.
    فحدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي، قال: أصاب الناس الجوع حتى أصاب بلاد يعقوب التي هو بها، فبعث بنيه إلى مصر، وأمسك أخا يوسف بنيامين، فلما دخلوا على يوسف عرفهم وهم له منكرون، فلما نظر إليهم قال: أخبروني: ما أمرُكم؟ فإني أنكر شأنكم! قالوا: نحن قوم من أرض الشأم، قال: فما جاء بكم؟ قالوا: جئنا نمتار طعامًا، قال: كذبتم، أنتم عيون! كم أنتم؟ قالوا: عشرة، قال: أنتم عشرة آلاف، كلُّ رجل منكم أمير ألف. فأخبروني خبركم، قالوا: إنا إخوة، بنو رجل صدِّيق، وإنا كنا اثني عشر، وكان أبونا يحب أخًا لنا، وإنه ذهب معنا إلى البريّة فهلك فيها، وكان أحبَّنا إلى أبينا. قال: فإلى مَنْ سكن أبوكم بعده؟ قالوا: إلى أخ لنا أصغر منه. قال: فكيف تخبرونني أن أباكم صدِّيق وهو يحب الصغير منكم دون الكبير! ائتوني بأخيكم هذا حتى أنظر إليه: " فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلَا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلَا تَقْرَبُونِ، قَالُوا سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإنَّا لَفَاْعِلُونَ ".
    قال: فضعوا بعضَكم رهينة حتى ترجعوا، فوضعوا شمعون.
    وحدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: كان يوسف حين رأى ما أصاب الناس من الجهد قد آسى بينهم، فكان لا يحمّل للرجل إلا بعيرًا واحدًا، ولا يحمّل الواحد بعيريْن تقسيطًا بين الناس، وتوسيعًا عليهم، فقدم عليه إخوته قدِم عليه من الناس يلتمسون الميرة من مصر، فعرفهم وهم له منكرون لما أراد الله تعالى أن يبلغ بيوسف فيما أراد. ثم أمر يوسف بأن يوقِر لكلّ رجل من إخوته بعيرَه، فقال لهم: ائتوني بأخيكم من أبيكم، لأحمَّل لكم بعيرًا آخر، فتزدادوا به حمل بعير: " ألا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِ الْكَيْلَ " فلا أبخسه أحدًا، " وأَنَا خَيْرُ المُنْزِلِينَ ". وأنا خيرُ من أنزل ضيفًا على نفسه بهذه البلدة، فأنا أضيفكم " فإِنْ لَمْ تَأْتُونِي " بأخيكم من أبيكم فلا طعامَ لكم عندي أكيله، ولا تقربوا بلادي. وقال لفتيانه الذين يكيلون الطعام لهم: " اجْعَلوا بضَاعَتَهُمْ " - وهي ثمن الطعام الذي اشتروه به - " في رِحَالِهِمْ ".
    حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: " اجْعَلوا بضَاعَتَهُمْ في رِحَالِهِمْ "، أي ورقهم، فجعلوا ذلك في رحالهم وهم لا يعلمون.
    فلما رجع بنو يعقوب إلى أبيهم، قالوا: ما حدثنا به ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي: فلما رجعوا إلى أبيهم قالوا: يا أبانا، إن ملكَ مصر أكرمنا كرامةً؛ لو كان رجلًا من ولد يعقوب ما أكرمنا كرامته، وإنه ارتهن شمعون وقال: ائتوني بأخيكم هذا الذي عطف عليه أبوكم بعد أخيكم الذي هلك؛ فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ولا تقربوا بلادي أبدًا. قال يعقوب: " هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أخِيهِ مِنْ قَبْلُ فَاللهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أرْحَمُ الرَّاحِمِيْنَ ". قال: فقال لهم يعقوب: إذا أتيتم ملِك مصر فأقرءوه مني السلام وقولوا له: إن أبانا يصلِّي عليك، ويدعو لكَ بما أوليتَنا.
    حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: خرجوا حتى إذا قدموا على أبيهم، وكان منزلهم - فيما ذكر لي بعض أهل العلم - بالعربات من أرض فلسطين بغَوْر الشأم. وبعضهم يقول: بالأولاج من ناحية الشِّعب أسفل من حِسْمي فلسطين، وكان صاحب بادية، له إبل وشاء. فلما رجع إخوة يوسف إلى والدهم يعقوب قالوا له: يا أبانا مُنع منا الكيل فوق حمل أباعرنا، ولم يكل لكلِّ واحد منا إلا كيل بعير، فأرسل معنا أخانا بنيامين يكتَلْ لنفسه، وإنا له لحافظون، فقال لهم يعقوب: " هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أخِيهِ مِنْ قَبْلُ فَاللهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أرْحَمُ الرَّاحِمِيْنَ ".
    ولما فتح ولد يعقوب الذين كانوا خرجوا إلى مصر للميرة متاعَهم الذي قدموا به من مصر، وجدوا ثمن طعامهم الذي اشتروه به رُدَّ إليهم، فقالوا لوالدهم: " يَا أبَانَا مَا نَبْغِي هذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إليْنا وَنَمِيرُ أهْلَنَا وَنَحْفَظُ أخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيْرٍ " أخر على أحمال إبلنا.
    وقد حدثني الحارث، قال: حدثنا القاسم، قال: حدثنا حجاج، عن ابن جريج، " وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيْرٍ "، قال لكل رجل منهم حمل بعير، فقالوا أرسل معنا أخانا نزداد حمل بعير. قال ابن جريج: قال مجاهد: كيل بعير حمل بعير حمار. قال: وهي لغة؛ قال الحارث: قال القاسم: يعني مجاهد أن الحمار يقال له في بعض اللغات " بعير ".
    فقال يعقوب: " لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونَ مَوْثِقًا مِنَ اللهِ لَتَأتُنَّني بِهِ إلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ " يقول: إلا أن تهلكوا جميعًا، فيكون حينئذ ذلك لكم عذرًا عندي، فلما وثقوا له بالأيمان قال يعقوب: " اللهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيْلٌ ".
    ثم أوصاهم بعد ما أذن لأخيهم من أبيهم بالرحيل معهم، ألا تدخلوا من باب واحد من أبواب المدينة خوفًا عليهم من العين، وكانوا ذوي صورة حسنة، وجمال وهيئة، وأمرهم أن يدخلوا من أبواب متفرّقة، كما حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: " وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ "، قال: كانوا قد أوتوا صورة وجمالًا، فخشي عليهم الناس، فقال الله تبارك وتعالى: " وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوْهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا "، - وكانت الحاجة التي في نفس يعقوب فقضاها - ما تخوف على أولاده أعين الناس لهيئتهم وجمالهم.
    ولما دخل إخوة يوسف على يوسف ضمّ إليه أخاه لأبيه وأمه، فحدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي: " وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ أوَى إلَيْهِ أَخَاهُ "، قال: عرف أخاه، قال: وأنزلهم منزلًا، وأجرى عليهم الطعام والشراب، فلما كان الليل جاءهم بمثل فَقال: ليَنَمْ كلّ أخوين منكم على مِثال، فلما بقي الغلام وحده قال يوسف: هذا ينام معي في على فراشي، فبات معه، فجعل يوسفَ يَشمُّ ريحه، ويضمه إليه حتى أصبح؛ وجعل روبيل يقول: ما رأينا مثل هذا إن نجونا منه.
    وأما ابن إسحاق فإنه ما حدثنا به ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: لما دخلوا - يعني ولد يعقوب - على يوسف قالوا: هذا أخونا الذي أمرَتنا أن نأتيَك به، قد جئناك به. فذكر لي أنه قال لهم: قد أحسنتم وأصبتم، وستجدون جزاء ذلك عندي، أو كما قال.
    ثم قال: إني أراكم رجالًا، وقد أردت أن أكرمكم، فدعا صاحب ضيافته فقال: أنزل كلَّ رجلين على حدة، ثم أكرمْهما وأحسنْ ضيافَتَهما. ثم قال: إني أرى هذا الرجل الذي جئتم به ليس معه ثانٍ، فسأضمه إلي فيكون منزله معي، فأنزلهم رجلين رجلين إلى منازل شتى، وأنزل أخاه معه فأواه إليه، فلما خلا به قال: إني أنا أخوك يوسف فلا تبتئس بشيء فعلوه بنا فيما مضى؛ فإن الله قد أحسن إلينا فلا تعلمهم مما أعلمتك؛ يقول الله عز وجل: " وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ أوَى إلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إنِّي أَنَا أخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بما كانوا يعملون "، يقول له: " فَلَا تَبْتَئِسْ "، فلا تحزن.
    فلما حمّل يوسف إبل إخوته ما حمَّلها من الميرة وقضى حاجتهم ووفّاهم كيلهم، جعل الإناءَ الذي كان يكيل به الطعام - وهو الصُّواع - في رحل أخيه بنيامين.
    حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا عبد الواحد، عن يونس، عن الحسن أنه كان يقول: الصُّواع والسقاية سواء، هما الإناء الذي يشرب فيه، وجعل ذلك في رَحْل أخيه، والأخ لا يشعر فيما ذكر.
    حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي: " فَلَمَّا جّهَّزَهُمْ بِجِهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقايَةَ في رَحْلِ أخِيْهِ "، والأخ لا يشعر، فلما ارتحلوا أذّن مؤذن قبل أن ترتحلوا العير: " إنَّكُمْ لَسَارقُونِ ".
    حدثنا ابن حُميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: حمّل لهم بعيرًا بعيرًا، وحمل لأخيه بنيامين بعيرًا باسمه كما حمل لهم، ثم أمر بسقاية الملك - وهو الصُّواع - وزعموا أنها كانت من فضة، فجُعلت في رحل أخيه بنيامين، ثم أمهلهم حتى إذا انطلقوا فأمعنوا من القرية، أمر بهم فأدرِكوا واحتُبِسوا، ثم نادى منادٍ: أيتها العير إنكم لسارقون، قفوا. وانتهى إليهم رسوله فقال لهم - فيما يذكرون -: ألم نكرم ضيافتكم، ونوفِّكم كيلَكم، ونحسن منزلَكم، ونفعل بكم ما لم نفعل بغيركم، وأدخلناكم علينا في بيوتنا، وصار لنا عليكم حرمة! أو كما قال لهم. قالوا: بلى، وما ذاك؟ قال: سقاية الملك فقدناها، ولا يُتَّهموا عليها غيركم. قالوا: " تَاللهِ لقدْ علِمْتُمْ ما جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي اْلأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِين ". وكان مجاهد يقول. كانت العير حميرًا.

  • صفحة 12 من 21 الأولىالأولى ... 21011121314 ... الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 2 (0 من الأعضاء و 2 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. الرزء الأليم
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الحـــوار العام للمغتربين السوريينDialogue Discussion Forum
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 07-06-2010, 06:39 PM
    2. فن الرسم في الماء
      بواسطة رامون في المنتدى مكتبــة صــــور المنتدى
      مشاركات: 6
      آخر مشاركة: 07-03-2010, 10:24 PM
    3. فن الرسم على البطاطس
      بواسطة رامون في المنتدى مكتبــة صــــور المنتدى
      مشاركات: 8
      آخر مشاركة: 06-07-2010, 09:56 PM
    4. فن الرسم بالقهوة
      بواسطة رامون في المنتدى مكتبــة صــــور المنتدى
      مشاركات: 5
      آخر مشاركة: 06-06-2010, 01:19 AM
    5. فن الرسم في الفحم
      بواسطة رامون في المنتدى مكتبــة صــــور المنتدى
      مشاركات: 5
      آخر مشاركة: 06-02-2010, 07:42 PM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1