صفحة 5 من 21 الأولىالأولى ... 3456715 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 17 إلى 20 من 84

الموضوع: تاريخ الرسل والملوك(للطبري)1-

العرض المتطور


  1. #1
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    حدثني صالح بن حرب أبو معمر مولى بني هاشم، قال: حدثنا ثمامة بن عبيدة السلمى، قال: أخبرنا أبو الزبير، قال: قال نافع: سمعت ابن عمر، يقول: إن الله تعالى أوحى إلى أدم عليه السلام وهو ببلاد الهند: أن حج هذا البيت. فحج أدم من بلاد الهند، فكان كلما وضع قدمه صار قرية، وما بين خطوتيه مفازة، حتى انتهى إلى البيت فطاف به، وقضى المناسك كلها، ثم أراد الرجوع إلى بلاد الهند فمضى، حتى إذا كان بمأزمى عرفات، تلقته الملائكة، فقالوا: برحجك يا آدم! فدخله من ذلك عجب، فلما رأت الملائكة ذلك منه قالوا: يا آدم، إنا قد حججنا هذا البيت قبل أن تخلق بألفي سنة، قال: فتقاصرت إلى آدم نفسه.
    وذكر أن آدم عليه السلام أهبط إلى الأرض، وعلى رأسه إكليل من شجر الجنة، فلما صار إلى الأرض، ويبس الإكليل، تحات ورقه فنبت منه أنواع الطيب.
    وقال بعضهم: بل كان ذ لك ما أخبر الله عنهما، أنهما جعلا يخصفان عليهما من ورق الجنة، فلما يبس ذلك الورق الذي خصفاه عليهما تحات فنبت من ذلك الورق أنواع الطيب. والله أعلم.
    وقال آخرون: بل لما علم آدم أن الله عز وجل مهبطه إلى الأرض، جعل لا يمر بشجرة من شجر الجنة إلا أخذ غصنًا من أغصانها فهبط إلى الأرض وتلك الأغصان معه، فلما يبس ورقها تحات، فكان ذلك أصل الطيب.
    ذكر من قال ذلك
    حدثنا أبو همام، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا زياد بن خيثمة، عن أبي يحيى بائع القتّ قال: قال لي مجاهد: لقد حدثني عبد الله ابن عباس، أن آدم حين خرج من الجنة كان لا يمر بشيء إلا عبث به، فقيل للملائكة: دعوه فليتزود منها ما شاء، فنزل حين نزل بالهند، وإن هذا الطيب الذي يجاء به من الهند مما خرج به آدم من الجنة.
    ذكر من قال كان على رأس آدم عليه السلام حين أهبط من الجنة إكليل من شجر الجنة

    حدثت عن عمار بن الحسن، قال: حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، قال: خرج آدم من الجنة، فخرج منها ومعه عصا من شجر الجنة، وعلى رأسه تاج أو إكليل من شجر الجنة، قال: فأهبط إلى الهند، ومنه كل طيب بالهند.
    حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: هبط آدم عليه - يعني على الجبل الذي هبط عليه - ومعه ورق من ورق الجنة، فبثه في ذلك الجبل، فمنه كان أصل الطيب كله، وكل فاكهة لا توجد إلا بأرض الهند.
    وقال آخرون: بل زوده الله من ثمار الجنة، فثمارنا هذه من تلك الثمار.
    ذكر من قال ذلك
    حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا ابن أبي عدي وعبد الوهاب ومحمد بن جعفر، عن عوف، عن قسامة بن زهير، عن الأشعري، قال: إن الله تبارك وتعالى لما أخرج آدم من الجنة زوده من ثمار الجنة، وعلمه صنعة كل شيء، فثماركم هذه من ثمار الجنة، غير أن هذه تتغير وتلك لا تتغير.
    وقال آخرون: إنما علق بأشجار الهند طيب ريح آدم عليه السلام.
    ذكر من قال إنما صار الطيب بالهند لأن آدم حين أهبط إليها علق بأشجارها طيب رحيه

    حدثني الحارث بن محمد، قال: حدثنا ابن سعد، قال: أخبرنا هشام بن محمد، قال: أخبرني أبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: نزل آدم عليه السلام معه ريح الجنة، فعلق بشجرها وأوديتها وامتلأ ما هنالك طيبًا، فمن ثم يؤتى بالطيب من ريح الجنة.
    وقالوا: أنزل معه من طيب الجنة.
    وقال: أنزل معه الحجر الأسود، وكان أشد بياضًا من الثلج، وعصا موسى، وكان من آس الجنة، طولها عشرة أذرع على طول موسى، ومر ولبان، ثم أنزل عليه بعد ذلك العلاة والمطرقة والكلبتان، فنظر آدم حين أهبط على الجبل إلى قضيب من حديد نابت على الجبل، فقال: هذا من هذا، فجعل يكسر أشجارًا قد عتقت ويبست بالمطرقة، ثم أوقد على ذلك الغصن حتى ذاب، فكان أول شيء ضربه مدية، فكان يعمل بها ثم ضرب التنور، وهو الذي ورثه نوح، وهو الذي فار بالعذاب بالهند.
    وكان آدم حين هبط يمسح رأسه السماء، فمن ثم صلع، وأورث ولده الصلع ونفرت من طوله دواب البر، فصارت وحشًا من يومئذ، وكان آدم عليه السلام وهو على ذلك الجبل قائم يسمع أصوات الملائكة، ويجد ريح الجنة، فحط من طوله ذلك إلى ستين ذراعًا، فكان ذلك طوله إلى أن مات. ولم يجمع حسنُ آدم عليه السلام لأحد من ولده إلا ليوسف عليه السلام.
    وقيل: إن من الثمار التي زود الله عز وجل آدم عليه السلام حين أهبط إلى الأرض ثلاثين نوعًا: عشرة منها في القشور وعشرة لها نوى، وعشرة لا قشور لها ولا نوى. فأما التي في القشور منها فالجوز، واللوز، والفستق، والبندق، والخشخاش، والبلوط، والشاهبلوط، والرانج، والرمان، والموزُ. وأما التي لها نوى منها فالخوخ، والمشمش، والإجاص، والرطب، والغبيراء، والنبق، والزعرور، والعناب، والمقل، والشاهلوج. وأما التي لا قشور لها ولا نوى فالتفاح، والسفرجل، والكمثرى، والعنب، والتوت، والتين، والأترج، والخرنوب، والخيار، والبطيخ.
    وقيل: كان مما أخرج آدم معه من الجنة صرة من حنطة، وقيل: إن الحنطة إنما جاءه بها جبرئيل عليه السلام بعد أن جاع آدم، واستطعم ربه، فبعث الله إليه مع جبرئيل عليه السلام بسبع حبات من حنطة، فوضعها في يد آدم عليه السلام، فقال آدم لجبرئيل: ما هذا؟ فقال له جبرئيل: هذا الذي أخرجك من الجنة، وكان وزن الحبة منها مائة ألف درهم وثمانمائة درهم، فقال آدم ما أصنع بهذا؟ قال: انثره في الأرض ففعل، فأنبته الله عز وجل من ساعته، فجرت سنة في ولده البذر في الأرض، ثم أمره فحصده، ثم أمره فجمعه وفركه بيده، ثم أمره أن يذريه، ثم أتاه بحجرين فوضع أحدها على الآخر فطحنه، ثم أمره أن يعجنه، ثم أمره أن يخبزه ملةً، وجمع له جبرئيل عليه السلام الحجر والحديد فقدحه، فخرجت منه النار، فهو أول من خبز الملة.
    وهذا القول الذي حكيناه عن قائل هذا القول، خلاف ما جاءت به الروايات عن سلف أمة نبينا ، وذلك أن المثنى بن إبراهيم حدثني أن إسحاق حدثه، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا سفيان بن عيينة وابن المبارك، عن الحسن بن عمارة، عن المنهال بن عمرو، وعن سعيد ابن جبير، عن ابن عباس، قال: كانت الشجرة التي نهى الله عنها آدم وزوجته السنبلة، فلما أكلا منها بدت لهما سوءاتهما، وكان الذي وارى عنهما من سوءاتهما أضفارهما، وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة، ورق التين يلصقان بعضها إلى بعض، فانطلق آدم موليًا في الجنة، فأخذت برأسه شجرة من الجنة فناداه: يا آدم، أمني تفر؟ قال: لا، ولكني استحيتك يا رب، قال: أما كان لك فيما منحتك من الجنة وأبحتك منها مندوحة عما حرمتُ عليك! قال: بلى يا رب، ولكن وعزتك ما حسبتُ أن أحدًا يحلف بك كاذبًا، قال - وهو قول الله تبارك وتعالى: " وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين " - قال: فبعزتي لأهبطنك إلى الأرض، فلا تنال العيش إلا كدًا. قال: فأهبط من الجنة، وكانا يأكلان فيها رغدًا، فأهبط إلى غير رغد من طعام وشراب، فعلم صنعة الحديد، وأمر بالحرث فحرث وزرع ثم سقى حتى إذا بلغ حصده، ثم داسه، ثم ذراه، ثم طحنه، ثم عجنه، ثم خبزه، ثم أكله، فلم يبلغه حتى بلغ منه ما شاء الله أن يبلغ.
    حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد، قال: أهبط إلى آدم ثور أحمر، فكان يحدث عليه، ويمسح العرق عن جبينه، فهو الذي قال الله عز وجل: " فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى "، فكان ذلك شقاؤه.
    فهذا الذي قاله هؤلاء هو أولى بالصواب، وأشبه بما دل عليه كتاب ربنا عز وجل، وذلك أن الله عز ذكره لما تقدم إلى آدم وزوجته حواء بالنهي عن طاعة عدوهما، قال لآدم: " يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى، إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى، وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى "، فكان معلومًا أن الشقاء الذي أعلمه أنه يكون إن أطاع عدوه إبليس، هو مشقة الوصول إلى ما يزيل الجوع والعري عنه، وذلك هي الأسباب التي بها يصل أولاده إلى الغذاء، من حراثة وبذر وعلاج وسقي، وغير ذلك من الأسباب الشاقة المؤلمة. ولو كان جبرئيل أتاه بالغذاء الذي يصل إليه ببذره دون سائر المؤن غيره، لم يكن هناك من الشقاء الذي توعده به ربه على طاعة الشيطان ومعصية الرحمن كبير خطب، ولكن الأمر كان - والله أعلم - على ما روينا عن ابن عباس وغيره.
    وقد قيل: إن أدم عليه السلام نزل معه السندان، والكلبتان، والميقعة، والمطرقة.
رد مع اقتباس رد مع اقتباس  


  • #2
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    ذكر من قال ذلك
    حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا يحيى بن واضح، قال: حدثنا الحسين، عن علباء بن أحمر، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: ثلاثة أشياء نزلت مع آدم عليه السلام: السندان، والكلبتان، والميقعة، والمطرقة.
    ثم إن الله عز ذكره فيما ذكر أنزل آدم من الجبل الذي أهبطه عليه إلى سفحه، وملكه الأرض كلها، وجميع ما عليها من الجن والبهائم والدواب والوحش والطير وغير ذلك، وأن آدم عليه السلام لما نزل من رأس ذلك الجبل، وفقد كلام أهل السماء، وغابت عنه أصوات الملائكة، ونظر إلى سعة الأرض وبسطتها، ولم ير فيها أحدًا غيره، استوحش فقال: يا رب، أما لأرضك هذه عامر يسبحك غيري!
    فأجيب بما حدثني المثنى بن إبراهيم، قال: أخبرنا إسحاق بن الحجاج، قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم، قال: حدثني عبد الصمد ابن معقل، أنه سمع وهبًا يقول: إن آدم لما أهبط إلى الأرض فرأى سعتها ولم ير فيها أحدًا غيره قال: يا رب، أما لأرضك هذه عامر يسبح بحمدك ويقدس لك غيري! قال الله: إني سأجعل فيها من ولدك من يسبح بحمدي ويقدسني، وسأجعل فيها بيوتًا ترفع لذكري، ويسبح فيها خلقي، ويذكر فيها أسمي، وسأجعل من تلك البيوت بيتًا أخصه بكرامتي، وأوثره باسمي، وأسميه بيتي أنطقه بعظمتي، وعليه وضعت جلالي. ثم أنا مع ذلك في كل شيء ومع كل شيء، أجعل ذلك البيت حرمًا آمنًا يحرمُ بحرمته من حوله ومن تحته ومن فوقه، فمن حرمه بحرمتي استوجب بذلك كرامتي، ومن أخاف أهله فيه فقد أخفر ذمتي، وأباح حرمتي. أجعله أول بيت وضع للناس ببطن مكة مباركًا، يأتونه شعثًا غبرًا على كل ضامر، من كل فج عميق، يرجون بالتلبية رجيجًا، ويثجون بالبكاء ثجيجًا، ويعجون بالتكبير عجيجًا، فمن اعتمده ولا يريد غيره فقد وفد إلي وزارني وضافني، وحق على الكريم أن يكرم وفده وأضيافه، وأن يسعف كلًا بحاجته. تعمره يا آدم ما كنت حيًا، ثم تعمره الأمم والقرون والأنبياء من ولدك أمة بعد أمة، وقرنًا بعد قرن.
    ثم أمر آدم عليه السلام - فيما ذكر - أن يأتي البيت الحرام الذي أهبط له إلى الأرض، فيطوف به كما كان يرى الملائكة تطوف حول عرش الله، وكان ذلك ياقوتة واحدة، أو درة واحدة كما حدثني الحسن ين يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن أبان، أن البيت أهبط ياقوتة واحدة أو درة واحدة، حتى إذا أغرق الله قوم نوح رفعه وبقي أساسه، فبوأه الله عز وجل لإبراهيم فبناه، وقد ذكرتُ الأخبار الواردة بذلك فيما مضى قبل.
    فذكر أن آدم عليه السلام بكى واشتد بكاؤه على خطيئته، وندم عليها، وسأل الله عز وجل قبول توبته، وغفران خطيئته، فقال في مسألته إياه: ما سأل من ذلك، كما حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا ابن عطية، عن قيس، عن ابن أبي ليلى، عن المنهال، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: " فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه " قال: أي رب، ألم تخلقني بيدك؟ قال: بلى، قال أي رب، ألم تنفح في من روحك؟ قال: بلى، قال: أي رب، ألم تسكني جنتك؟ قال: بلى، قال: أي رب، ألم تسبق رحمتك غضبك؟ قال: بلى، قال: أرأيت إن تبتُ وأصلحت أراجعي أنت إلى الجنة؟ قال: بلى، قال: فهو قوله تعالى: " فتلقى آدم من ربه كلمات ".
    حدثني بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد بن زريع، عن سعيد، عن قتادة، قوله تعالى " فتلقى آدم من ربه كلمات " ذكر لنا أنه قال: يا رب: أرأيت إن أنا تبتُ وأصلحت! قال: إذا أرجعك إلى الجنة، قال: وقال الحسن: إنهما قالا: " ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ".
    حدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا سفيان وقيس، عن خصيف، عن مجاهد، في قوله عز وجل: " فتلقى آدم من ربه كلمات " قال: قوله: " ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ".
    حدثني الحارث، قال: حدثنا ابن سعد، قال: أخبرنا هشام بن محمد، قال: أخبرنا أبي، عن أبي صالح، عن ابن عباسن قال: أنزل آدم معه حين أهبط من الجنة الحجر الأسود، وكان أشد بياضًا من الثلج، وبكى آدم وحواء على ما فاتهما - يعني من نعيم الجنة - مائتي سنة، ولم يأكلا ولم يشربا أربعين يومًا، ثم أكلا وشربا، وهما يؤمئذ على بوذ، الجبل الذي أهبط عليه آدم ولم يقرب حواء مائة سنة.
    حدثنا أبو همام، قال: حدثني أبي، قال: حدثني زياد بن خيثمة، عن أبي يحيى بائع القت، قال: قال لي مجاهد، ونحن جلوس في المسجد: هل ترى هذا؟ قلتُ: يا أبا الحجاج، الحجر؟ قال: كذلك تقول؟ قلت: أو ليس حجرًا؟ قال: فوالله لحدثني عبد الله بن عباس أنها ياقوتة بيضاء خرج بها آدم من الجنة، كان يمسح بها دموعه، وأن آدم لم ترقأ دموعه منذ خرج من الجنة حتى رجع إليها ألفي سنة، وما قدر منه إبليس على شيء، فقلت له: يا أبا الحجاج، فمن أي شيء اسود؟ قال: كان الحيض يلمسنه في الجاهلية، فخرج آدم عليه السلام من الهند يؤم البيت الذي أمره الله عز وجل بالمصير إليه، حتى أتاه، فطاف به، ونسك المناسك، فذكر أنه ألتقى هو وحواء بعرفات، فتعارفا بها، ثم ازدلف إليها بالمزدلفة، ثم رجع إلى الهند مع حواء، فاتخذا مغارة يأويان إليها في ليلهما ونهارهما، وأرسل الله إليهما ملكًا يعلمهما ما يلبسانه ويستتران به، فزعموا أن ذلك كان من جلود الضأن والأنعام والسباع. وقال بعضهم: إنما كان ذلك لباس أولادهما، فأما آدم وحواء فإن لباسهما كان ما كانا خصفًا على أنفسهما من ورق الجنة. ثم إن الله عز ذكره مسح ظهر آدم عليه السلام بنعمان من عرفة، وأخرج ذريته، فنثرهم بين يديه كالذر، فأخذ مواثيقهم، وأشهدهم على أنفسهم: ألست بربكم؟ قالوا: بلى، كما قال عز وجل: " وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى ".
    وقد حدثني أحمد بن محمد الطوسي، قال: حدثنا الحسين بن محمد، قال: حدثنا جرير بن حازم، عن كلثوم بن جبر، عن سعيد ابن جبير، عن ابن عباس، عن النبي ، قال: أخذ الله الميثاق من ظهر آدم بنعمان - يعني عرفة - فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها، فنثرهم بين يديه كالذر، ثم كلمهم قبلًا، وقال: " ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة " إلى قوله: " بما فعل المبطلون ".
    حدثني عمران بن موسى القزاز، حدثنا عبد الوارث بن سعيد، قال: حدثنا كلثوم بن جبر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله: " وإذا أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى "، قال: مسح ربنا ظهر آدم، فخرجت كل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة بنعمان هذه - وأشار بيده - فأخذ مواثيقهم، وأشهدهم على أنفسهم: ألست بربكم؟ قالوا: بلى.
    حدثنا ابن وكيع ويعقوب بن إبراهيم، قالا: حدثنا ابن علية، عن كلثوم بن جبر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله عز وجل: " وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى "، قال: مسح ظهر آدم فخرج كل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة بنعمان، هذا الذي وراء عرفة، وأخذ ميثاقهم: ألست بربكم؟ قالوا: بلى شهدنا، واللفظ لحديث يعقوب.
    حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمران بن عيينة، عن عطاء، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: أهبط آدم حين أهبط فمسح الله ظهره، فأخرج منه كل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة، ثم قال: ألست بربكم؟ قالوا: بلى، ثم تلى: " وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم "، فجف القلم من يومئذ بما هو كائن إلى يوم القيامة.
    حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا يحيى بن عيسى، عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في " وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم "، قال: لما خلق الله عز وجل آدم عليه السلام أخذ ذريته من ظهره مثل الذر، فقبض قبضتين، فقال لأصحاب اليمين: أدخلوا الجنة بسلام، وقال للآخرين: ادخلوا النار ولا أبالي.
    حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري، قال: حدثنا روح بن عبادة وسعد بن عبد الحميد بن جعفر عن مالك بن أنس عن زيد بن أبي أنيسة عن عبد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، عن مسلم بن يسار الجهني، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سئل عن هذه الآية: " وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم "، فقال عمر: سمعت رسول الله قال: " إن الله خلق آدم ثم مسح على ظهره بيمينه واستخرج منه ذرية، فقال: خلقت هؤلاء للجنة وبعمل أهل الجنة يعملون، ثم مسح على ظهره فاستخرج منه ذرية فقال: خلقت هؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعملون " فقال رجل: يا رسول الله، ففيم العلم؟ قال: " إن الله تبارك وتعالى إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة، حتى يموت على عملٍ من عمل أهل الجنة فيدخله الجنة، وإذا خلق العبد للنار استعمله بعملٍ أهل النار حتى يموت على عملٍ من عمل أهل النار فيدخله النار ".
    وقيل: إنه أخذ ذرية آدم عليه السلام من ظهره بدحنا.
    ذكر من قال ذلك
    حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا حكام، قال: حدثنا عمرو بن قيس، عن عطاء، عن سعيد، عن ابن عباس: " وإذا أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم " قال: لما خلق الله عز وجل آدم مسح ظهره بدحنا فأخرج من ظهره كل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة، فقال: ألست بربكم؟ قالوا: بلى، قال: فيرون يومئذ، جف القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة.
    وقال بعضهم: أخرج الله ذرية آدم من صلبه في السماء قبل أن يهبطه إلى الأرض، وبعد أن أخرجه من الجنة.


  • #3
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    ذكر من قال ذلك
    حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو بن حماد، عن أسباط، عن السدي: " وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى "، قال: أخرج الله آدم من الجنة ولم يهبطه من السماء، ثم إنه مسح من آدم صفحة ظهره اليمنى، فأخرج منه ذرية كهيئة الذر بيضاء مثل اللؤلؤ، فقال لهم: أدخلوا الجنة برحمتي، ومسح صفحة ظهره اليسرى، فأخرج منه كهيئة الذر سودًا، فقال: أدخلوا النار ولا أبالي. فذلك حين يقول: " أصحاب اليمين " و " أصحاب الشمال ". ثم أخذ الميثاق فقال: ألست بربكم؟ قالوا بلى، فأعطاه طائفة طائعين، وطائفة على وجه التقية.
    ذكر الأحداث التي كانت في عهد آدم عليه السلام بعد أن أهبط إلى الأرض

    فكان أول ذلك قتل قابيل بن آدم أخاه هابيل، وأهل العلم يختلفون في اسم قابيل، فيقول بعضهم: هو قين بن آدم، ويقول بعضهم: هو قايين ابن آدم. ويقول بعضهم: هو قاين: ويقول بعضهم: هو قابيل.
    واختلفوا أيضا في السبب الذي من أجله قتله
    فقال بعضهم في ذلك ما حدثني به موسى بن هارون الهمداني، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي - في خبر ذكره - عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس - وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود - وعن ناس من أصحاب رسول الله ، قال: كان لا يولد لآدم مولودٌ إلا ولد معه جارية، فكان يزوج غلام هذا البطن جارية هذا البطن الآخر ويزوج جارية هذا البطن غلام هذا البطن الآخر، حتى ولد له ابنان، يقال لهما قابيل وهابيل، وكان قابيل صاحب زرع، وكان هابيل صاحب ضرع، وكان قابيل أكبرهما، وكانت له أخت أحسن من أخت هابيل، وإن هابيل طلب أن ينكح أخت قابيل، فأبى عليه وقال: هي أختي ولدت معي، وهي أحسن من أختك، وأنا أحق أن أتزوجها، فأمره أبوه أن يزوجها هابيل، فأبى. وإنهما قربا قربانًا إلى الله أيهما أحق بالجارية، وكان آدم يومئذ قد غاب عنهما وأتى مكة ينظر إليها، قال الله لآدم: يا آدم، هل تعلم أن لي بيتًا في الأرض؟ قال: اللهم لا، قال: فإن لي بيتًا بمكة فأته، فقال آدم للسماء: احفظي ولدي بالأمانة، فأبت، وقال للأرض فأبت، وقال للجبال: فأبت، فقال لقابيل، فقال نعم، تذهب وترجع وتجد أهلك كما يسرك، فلما انطلق آدم قربا قربانًا، وكان قابيل يفخر عليه فيقول: أنا أحق بها منك هي أختي، وأنا أكبر منك، وأنا وصي والدي، فلما قربا، قرب هابيل جذعة سمينة، وقرب قابيل حزمة سنبل، فوجد فيها سنبلة عظيمة ففركها فأكلها، فنزلت النار فأكلت قربان هابيل، وتركت قربان قابيل فغضب، وقال: لأقتلنك حتى لا تنكح أختي، فقال هابيل: " إنما يتقبل الله من المتقين لئن بسطت لي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك "، إلى قوله: " فطوعت له نفسه قتل أخيه "، فطلبه ليقتله، فراغ الغلام منه في رؤوس الجبال، فأتاه يومًا من الأيام وهو يرعى غنمه في جبل وهو نائم، فرفع صخرة فشدخ بها رأسه، فمات وتركه بالعراء، لا يعلم كيف يدفن، فبعث الله غرابين أخوين فاقتتلا، فقتل أحدهما صاحبه، فحفر له ثم حثا عليه، فلما رآه قال: " يا ويلتي أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوءة أخي "، فهو قوله عز وجل: " فبعث الله غرابًا يبحثُ في الأرض ليريه كيف يوارى سوءة أخيه ". فرجع آدم فوجد ابنه قد قتل آخاه، فذلك حين يقول الله عز وجل: " إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال " - إلى آخر الآية - " إنه كان ظلومًا جهولًا ". يعني قابيل حين حمل أمانة آدم، ثم لم يحفظ له أهله.
    وقال آخرون: كان السبب في ذلك أن آدم كان يولد له من حواء في كل بطن ذكر وأنثى فإذا بلغ الذكر منهما زوج منه ولده الأنثى التي ولدت مع أخيه الذي ولد في البطن الآخر، قبله أو بعده.
    فرغب قابيل بتوءمته عن هابيل.
    كما حدثني القاسم بن الحسن، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال: أخبرني عبد الله بن عثمان بن خثيم، قال: أقبلت مع سعيد بن جبير أرمي الجمرة، وهو متقنع متوكئ على يدي، حتى إذا وازينا بمنزل سمرة الصواف، وقف يحدثني عن ابن عباس، قال: نهى أن تنكح المرأة أخاها توءمها، وينكحها غيره من إخوتها، وكان يولد في كل بطن رجل وامرأة، فولدت امرأة وسيمة وولدت امرأة قبيحة، فقال أخو الدميمة: أنكحني أختك وأنكحك أختي، قال: لا، أنا أحق بأختي، فقربا قربانًا فتقبل من صاحب الكبش، ولم يتقبل من صاحب الزرع، فقتله، فلم يزل ذلك الكبش محبوسًا عند الله عز وجل حتى أخرجه في فداء إسحاق، فذبحه على هذا الصفا، في ثبير، عند منزل سمرة الصواف، وهو على يمينك حين ترمي الجمار.
    حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثنا محمد بن إسحاق، عن بعض أهل العلم من أهل الكتاب الأول، أن آدم عليه السلام كان يغشي حواء في الجنة قبل أن تصيب الخطيئة، فحملت له بقين بن آدم وتوءمته، فلم تجد عليهما وحمًا لا وصبًا، ولم تجد عليهما طلقًا حين ولدتهما، ولم تر معهما دمًا لظهر الجنة، فلما أكلا من الشجرة وأصابا المعصية، وهبطا إلى الأرض واطمأنا بها تغشاها، فحملت بهابيل وتوءمته، فوجدت عليهما الوحم والوصب، ووجدت حين ولدتهما الطلق ورأت معهما الدم، وكانت حواء - فيما يذكرون - لا تحمل إلا توءمًا ذكرًا وأنثى، فولدت حواء لآدم أربعين ولدًا لصلبه من ذكر وأنثى في عشرين بطنًا، وكان الرجل منهم أي أخواته شاء تزوج إلا توءمته التي تولد معه، فإنها لا تحل له، وذلك أنه لم يكن نساء يومئذ إلا أخواتهم وأمهم حواء.
    حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن بعض أهل العلم بالكتاب الأول أن آدم أمر ابنه قينًا أن ينكح توءمته هابيل، وأمر هابيل أن ينكح أخته توءمته قينا، فسلم لذلك هابيل ورضي وأبى ذلك قين وكره تكرمًا عن أخت هابيل، ورغب بأخته عن هابيل، وقال، نحن ولادة الجنة، وهما من ولادة الأرض، وأنا أحق بأختي - ويقول بعض أهل العلم من أهل الكتاب الأول: بل كانت أخت قين من أحسن الناس، فضن بها عن أخيه، وأرادها لنفسه والله أعلم أي ذلك كان - فقال له أبوه: يا بني إنها لا تحل لك فأبى قين أن يقبل ذلك من قول أبيه، فقال له أبوه يا بني فقرب قربانًا، ويقرب أخوك هابيل قربانًا فأيكما قبل الله قربانه فهو أحق بها، وكان قين على بذر الأرض، وكان هابيل على رعاية الماشية، فقرب قين قمحًا، وقرب هابيل أبكارًا من أبكار غنمه - وبعضهم يقول: قرب بقرة - فأرسل الله جل وعز نارًا بيضاء، فأكلت قربان هابيل وتركت قربان قين. وبذلك كان يقبل القربان إذا قبله الله عز وجل، فلما قبل الله قربان هابيل - وكان في ذلك القضاء له بأخت قين - غضب قين، وغلب غليه الكبر واستحوذ عليه الشيطان، فاتبع أخاه هابيل، وهو في ماشيته فقتله، فهما اللذان قص الله خبرهما في القرآن على محمد ، فقال: " واتل عليهم " يعني أهل الكتاب " نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانًا فتقبل من أحدهما " إلى آخر القصة، قال: فلما قتله سقط في يديه، ولم يدر كيف يواريه، وذلك أنه كان - فيما يزعمون - أول قتيل من بني آدم: " فبعث الله غرابًا يبحثُ في الأرض ليريه كيف يواري سوءة أخيه قال يا ويلتي أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوءة أخي " إلى قوله: " ثم إن كثيرًا منهم بعد ذلك في الأرض لمسرفون ".
    قال: ويزعم أهل التوراة أن قينًا حين قتل أخاه هابيل، قال الله له: أين أخوك هابيل؟ قال: ما أدري، ما كنت عليه رقيبًا، فقال الله له: إن صوت دم أخيك ليناديني من الأرض! الآن أنت ملعون من الأرض التي فتحت فاها، فتلقت دم أخيك من يدك، فإذا أنت عملت في الأرض، فإنها لا تعود تعطيك حرثها حتى تكون فزعًا تائهًا في الأرض، فقال قين: عظمت خطيئتي من أن تغفرها، قد أخرجتني اليوم عن وجه الأرض وأتوارى من قدامك، وأكون فزعًا تائهًا في الأرض، وكل من لقيني، قتلني. فقال الله عز وجل: ليس ذلك كذلك، فلا يكون كل من قتل قتيلًا يجزى بواحد سبعة، ولكن من قتل قينًا يجزى سبعة، وجعل الله في قين آية لئلا يقتله كل من وجده، وخرج قين من قدام الله عز وجل من شرقي عدن الجنة.
    وقال آخرون في ذلك: إنما كان قتل القاتل منهما أخاه أن الله عز وجل أمرهما بتقريب قربان، فتقبل قربان أحدهما، ولم يتقبل من الآخر، فبغاه الذي لم يتقبل قربانه فقتله.
    ذكر من قال ذلك
    حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا عوف، عن أبي المغيرة، عن عبد الله بن عمرو، قال إن ابني آدم اللذين قربا قربانًا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر كان أحدهما صاحب حرث، والآخر صاحب غنم، وأنهما أمرا أن يقربا قربانًا، وأن صاحب الغنم قرب أكرم غنمه وأسمنها وأحسنها، طيبة بها نفسه، وأن صاحب الحرث قرب، شر حرثه: الكوزر والزوان، غير طيبة بها نفسه، وأن الله عز وجل تقبل قربان صاحب الغنم، ولم يتقبل قربان صاحب الحرث، وكان من قصتهما ما قص الله في كتابه وقال: إيم الله، إن كان المقتول لأشد الرجلين، ولكن منعه التحرج أن ينبسط إلى أخيه.
    وقال آخرون بما حدثني به محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي، عن أبيه عن ابن عباس، قال: كان من شأنهما أنه لم يكن مسكين يتصدق عليه، وإنما كان القربان يقربه الرجل، فبينا ابنا آدم قاعدان إذ قالا: لو قربنا قربانًا! وكان الرجلُ إذا قرب قربانًا فرضية الله عز وجل أرسل إليه نارًا فأكلته، وإن لم يكن رضيه الله خبت النار، فقربا قربانًا، وكان أحدهما راعيًا والآخر حراثًا، وإن صاحب الغنم قرب خير غنمه وأسمنها، وقرب الآخر بعض زرعه، فجاءت النار فنزلت بينهما فأكلت الشاة وتركت الزرع، وإن ابن آدم قال لأخيه: أتمشي في الناس، وقد علموا أنك قربت قربانًا فتقبل منك ورد علي قرباني! فلا والله لا ينظر الناس إلي وإليك وأنت خير مني، فقال: لأقتلنك، فقال له أخوه ما ذنبي! إنما يتقبل الله من المتقين.
    وقال آخرون: لم تكن قصة هذين الرجلين في عهد آدم، ولا كان القربان في عصره، وقالوا: إنما كان هذان رجلين من بني إسرائيل، وقالوا: إن أول ميت مات في الأرض آدم عليه السلام، لم يمت قبله أحد.


  • #4
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    ذكر من قال ذلك
    حدثنا سفيان بن وكيع، قال: حدثنا سهل بن يوسف عن عمرو، عن الحسن، قال: كان الرجلان اللذان في القرآن قال الله عز وجل فيهما: " واتل عليهما نبأ ابني آدم بالحق " من بني إسرائيل، ولم يكونا ابني آدم لصلبه، وإنما كانا القربان من بني إسرائيل، وكان آدم أول من مات.
    وقال بعضهم: إن آدم غشي حواء بعد مهبطهما إلى الأرض بمائة سنة، فولدت له قابيل وتوءمته قليمًا في بطن واحد، ثم هابيل وتوءمته في بطن واحد، فلما شبوا أراد آدم عليه السلام أن يزوج أخت قابيل التي ولدت معه في بطن واحد من هابيلن فامتنع من ذلك قابيل، وقربا بهذا السبب قربانًا فتقبل قربان هابيل، ولم يتقبل قربان قابيل، فحسده قابيل، فقتله عند عقبة حرى ثم نزل قابيل من الجبل، آخذًا بيد أخته قليما، فهرب بها إلى عدن من أرض اليمن.
    حدثني بذلك الحارس، قال: حدثنا ابن سعد، قال: أخبرني هشام، قال: أخبرني أبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: لما قتل قابيل أخاه هابيل أخذ بيد أخته ثم هبط بها من جبل بوذ إلى الحضيض، فقال آدم لقابيل: اذهب فلا تزال مرعوبًا لا تأمن من تراه، فكان لا يمر به أحد من ولده إلا رماه، فأقبل ابن لقابيل أعمى، ومعه ابن له، فقال للأعمى ابنه: هذا أبوك قابيل، فرمى الأعمى أباه قابيل فقتله، فقال ابن الأعمى: قتلت يا أبتاه أباك، فرفع الأعمى يده، فلطم ابنه فمات ابنه، فقال الأعمى: ويل لي! قتلت أبي برميتي، وقتلت ابني بلطمتي! وذكر في التوراة أن هابيل قتل وله عشرون سنة، وأن قابيل كان له يوم قتله خمس وعشرون سنة.
    والصحيح من القول عندنا أن الذي ذكر الله في كتابه أنه قتل أخاه من ابني آدم هو ابن آدم لصلبه، لنقل الحجة أن ذلك كذلك، وأن هناد بن السري حدثنا، قال: حدثنا أبو معاوية ووكيع جميعًا عن الأعمش. - وحدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير وحدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا جرير وأبو معاوية عن الأعمش - عن عبد الله بن مرة، عن مسروق، عن عبد الله، قال: قال النبي : " ما من نفس تقتل ظلمًا إلا كان على ابن آدم الأول كفل منها "، وذلك لأنه أول من سن القتل.
    حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي - وحدثنا ابن وكيع قال: حدثنا أبي - جميعًا عن سفيان، عن الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن مسروق، عن عبد الله، عن البني نحوه.
    فقد بين هذا الخبر عن رسول الله صحة قول من قال: إن اللذين قص الله في كتابه قصتهما من ابني آدم كانا ابنيه لصلبه، لأنه لا شك أنهما لو كانا من بني إسرائيل - كما روي عن الحسن - لم يكن الذي وصف منهما بأنه قتل أخاه أول من سن القتل، إذ كان القتل في بني آدم قد كان قبل إسرائيل وولده.
    فإن قال قائل: فما برهانك على أنهما ولدا آدم لصلبه، وأن لم يكونا من بني إسرائيل؟ قيل: لا خلاف بين سلف علماء أمتنا في ذلك، إذا فسد قول من قال: كانا من بني إسرائيل.
    وذكر أن قابيل لما قتل أخاه هابيل بكاه آدم عليه السلام فقال - فيما حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي إسحاق الهمداني، قال: قال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: لما قتل ابن آدم آخاه بكاه آدم، فقال:
    تغيرت البلاد ومن عليها ** فوجه الأرض مغبر قبيح
    تغير كل ذي طعم ولون ** وقل بشاشة الوجه المليح
    قال: فأجيب آدم عليه السلام:
    أبا هابيل قد قتلا جميعًا ** وصار الحي كالميت الذبيح
    وجاء بشرةٍ قد كان منها ** على خوفٍ فجاء بها يصيح
    وذكر أن حواء ولدت لآدم عليه السلام عشرين ومائة بطن، أولهم قابيل وتوءمته قليما، وآخرهم عبد المغيث وتوءمته أمة المغيث.
    وأما ابن إسحاق فذكر عنه ما قد ذكرتُ قبل، وهو أن جميع ما ولدته حواء لآدم لصلبه أربعون من ذكر وأنثى في عشرين بطنًا، وقال: قد بلغنا أسماء بعضهم ولم يبلغنا بعض.
    حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: فكان من بلغنا اسمه خمسة عشر رجلًا وأربع نسوة، منهم قين وتوءمته، وهابيل وليوذا وأشوث بنت آدم وتوءمتها، وشيث وتوءمته، وحزورة وتوءمها، على ثلاثين ومائة سنة من عمره. ثم أباد بن آدم وتوءمته، ثم بالغ بن آدم وتوءمته، ثم أثاثى بن أدم وتوءمته، ثم توبة بن آدم وتوءمته، ثم بنان ابن آدم وتوءمته، ثم شبوبة بن آدم وتوءمته، ثم حيان بن آدم وتوءمته، ثم ضرابيس بن آدم وتؤءمته، ثم هدز بن آدم وتوءمته، ثم يحود بن آدم وتوءمته، ثم سندل بن آدم وتوءمته، ثم بارق بن آدم وتوءمته، كل رجل منهم تولد معه امرأة في بطنه الذي يحمل به فيه.
    وقد زعم أكثر علماء الفرس أن جيو مرت هو أدم، وزعم بعضهم أنه ابن آدم لصلبه من حواء.
    وقال فيه غيرهم أقوالًا كثيرة، يطول بذكر أقوالهم الكتاب، وتركنا ذكر ذلك إذ كان قصدنا من كتابنا هذا ذكر الملوك وأيامهم، وما قد شرطنا في كتابنا هذا أنا ذاكروه فيه، ولم يكن ذكرُ اختلاف المختلفين في نسب ملك من جنس ما أنشأنا له صنعة الكتاب، فإن ذكرنا من ذلك شيئًا فلتعرف من ذكرنا، ليعرفه من لم يكن به عارفًا، فأما ذكر الاختلاف في نسبة فإنه غير المقصود به في كتابنا هذا.
    وقد خالف علماء الفرس فيما قالوا من ذلك آخرون من غيرهم ممن زعم أنه آدم، ووافق علماء الفرس على اسمه وخالفه في عينه وصفته، فزعم أن جيومرت الذي زعمت الفرس أنه آدم عليه السلام إنما هو جامر بن يافث ابن نوح، وأنه كان معمرًا سيدًا نزل جبل دنباوند من جبال طبرستان من أرض المشرق، وتملك بها وبفارس، ثم عظم أمره وأمر ولده، حتى ملكوا بابل وملكوا في بعض الأوقات الأقاليم كلها، وأن جيومرت منع من البلاد ما صار إليه، وابتنى المدن والحصون وعمرها، وأعد السلاح، واتخذ الخيل، وأنه تجبر في آخر عمره، وتسمى بآدم، وقال: من سماني بغير هذا الاسم ضربتُ عنقه، وأنه تزوج ثلاثين امرأة، فكثر منهن نسله، وأن ماري ابنه وماريانة أخته ممن كان ولد له في آخر عمره، فأعجب بهما وقدمهما، فصار الملوك بذلك السبب من نسلهما، وأن ملكه اتسع وعظم.
    وإنما ذكرت من أمر جيومرت في هذا الموضوع ما ذكرت، لأنه لا تدافع بين علماء الأمم أن جيومرت هو أبو الفرس من العجم، وإنما اختلفوا فيه: هل هو آدم أبو البشر على ما قاله الذين ذكرنا قولهم أم هو غيره؟ ثم مع ذلك فلأن ملكه وملك أولاده لم يزل منتظمًا على سياق، متسقًا بأرض المشرق وجبالها إلى أن قتل يزد جرد بن شهريار من ولد ولده بمرور - أبعده الله - أيام عثمان بن عفان رضي الله عنه، فتأريخ ما مضى من سنى العالم على أعمار ملوكهم أسهل بيانًا، وأوضح منارًا منه على أعمار ملوك غيرهم من الأمم، إذ لا تعلم أمة من الأمم الذين ينتسبون إلى آدم عليه السلام دامت لها المملكة، واتصل لهم الملك، وكانت لهم ملوك تجمعهم، ورؤس تحامى عنهم من ناوأهم، وتغالب بهم من عازَّهم، وتدفع ظالمهم عن مظلومهم، وتحملهم من الأمور على ما فيه حظهم على اتصال ودوام ونظام، يأخذ ذلك آخرهم عن أولهم، وغابرهم عن سالفهم سواهم، فالتأريخ على أعمار ملوكهم أصحّ مخرجًا، وأحسن وضوحًا.
    وأنا ذاكر ما انتهى إلينا من القول في عمر آدم عليه السلام وأعمار من كان بعده من ولده الذين خلفوه في النبوة والملك، على قول من خالف قول الفرس الذين زعموا أنه جيومرت، وعلى قول من قال: إنه هو جيومرت أبو الفرس، وذاكر ما اختلفوا فيه من أمرهم إلى الحال التي اجتمعوا عليها، فاتفقوا على من ملك منهم في زمان بعينه أنه كان هو الملك في ذلك الزمان إن شاء الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم سائق ذلك كذلك إلى زماننا هذا.
    ونرجع الآن إلى الزيادة في الإبانة عن خطأ قول من قال: إن أول ميت كان في أول الأرض آدم، وإنكاره الذين قص الله نبأهما في قوله: " واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانًا "، أن يكونا من صلب آدم من أجل ذلك.
    فحدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، قال: حدثنا عمر بن إبراهيم، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة بن جندب، عن النبي عليه السلام قال: " كانت حواء لا يعيش لها ولد، فنذرت لئن عاش لها ولد لتسمينه عبد الحارث، فعاش لها ولد فسمته عبد الحارث، وإنما كان ذلك عن وحي الشيطان ".
    وحدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: كانت حواء تلد لآدم فتعبدهم الله عز وجل وتسميهم: عبد الله، وعبيد الله، ونحو ذلك، فيصيبهم الموت، فأتاها إبليس وآدم عليه السلام، فقال: إنكما لو تسميانه بغير الذي تسميانه به لعاش، فولدت له ذكرًا فسمياه عبد الحارث، ففيه أنزل الله عز ذكره، يقول الله عز وجل: " هو الذي خلقكم من نفس واحدة "، إلى قوله: " جعلا له شركاء فيما آتاهما " إلى آخر الآية.
    حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا ابن فضيل، عن سالم بن أبي حفصة، عن سعيد بن جبير: " فلما أثقلت دعوا الله ربهما " إلى قوله: " فتعالى الله عما يشركون ".

  • صفحة 5 من 21 الأولىالأولى ... 3456715 ... الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. الرزء الأليم
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الحـــوار العام للمغتربين السوريينDialogue Discussion Forum
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 07-06-2010, 06:39 PM
    2. فن الرسم في الماء
      بواسطة رامون في المنتدى مكتبــة صــــور المنتدى
      مشاركات: 6
      آخر مشاركة: 07-03-2010, 10:24 PM
    3. فن الرسم على البطاطس
      بواسطة رامون في المنتدى مكتبــة صــــور المنتدى
      مشاركات: 8
      آخر مشاركة: 06-07-2010, 09:56 PM
    4. فن الرسم بالقهوة
      بواسطة رامون في المنتدى مكتبــة صــــور المنتدى
      مشاركات: 5
      آخر مشاركة: 06-06-2010, 01:19 AM
    5. فن الرسم في الفحم
      بواسطة رامون في المنتدى مكتبــة صــــور المنتدى
      مشاركات: 5
      آخر مشاركة: 06-02-2010, 07:42 PM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1