لقد نشر السيد زاهر سحلول مقالا في عكس السير عن التضخم السكاني وما يرافقه من مشاكل

وتحديات على المجتمع باكمله وسوف انشر لكم المقال المزكور واريد منكم ان تبدوا ارائكم حول تحديد

النسل بكل صراحة ولكم جزيل الشكر


وهذا نص المقال




تبرز المشكلة هنا وهي تحريم بعض علماء الدين لبعض القضايا دون دراسةوافية فيضيع متابعوهم بين مؤيد يؤيدهم دون تفكير و مؤيد يتساءل عن منطقية آرائهم ومعارض يحمل الدين أسباب التخلف ونسي أن الدين شيء والذي يتحدث باسم الدين شيء آخروقد يتعارضان.

منذ أن بدأت الأصوات تتحدث عن الانفجار السكاني وتدعو إلىتحديد النسل انبرى (بعض) علماء الدين لتحريم الفكرة و محاربتها وقد تبعهم معظمالمسلمين في ذلك الرأي لأن رأي الدين مقدس ولا يمكن معارضته ولكن السؤال هو: هلفعلا حرم الإسلام تحديد النسل؟؟ و ما هي أدلة من حرموه؟ و بما أن مصادر التشريع فيالإسلام لا تؤخذ من العلماء بل من أربعة ذكرها الشرع وهي (القرآن والسنة والقياسوالإجماع) فليس من الصواب الركون إلى رأي العلماء إلا في حال إجماعهم على فتوىمعينة وإن أكبر علماء السلف لم يوردوا فتوى أو حديثا دون الإشارة إلى الدليل أوالمصدر الذي استندت إليه هذه الفتوى أو الحديث .

وإذا عدنا إلى المصادرالتي استندوا إليها في فتواهم فكان أولها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: تزوجوا الولود الودود (فقد ورد هذا المعنى في عدة أحاديث منها ما رواه النسائيوأبو داود والإمام أحمد بلفظ: تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم. ومنها: تكاثروا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة. وهو حديث صحيح رواه الشافعي عن ابن عمر) إسناد هذا الحديث قد وصل عند بعض الرواة إلى درجة الصحيح، و إن أخذنا بهذا الحكمعلى الحديث فهناك عدة احتمالات:

أولها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قصدالإكثار في المواليد فعلا فقبائل العرب تفتخر وتنتصر بكثرة أفرادها و الإسلام كانفي بدايته والمسلمون بحاجة إلى أن يصبحوا كثرة خاصة أن الروم و الفرس متحفزونلحربهم من الشرق و الغرب! فمعنى الحديث (إن كان بإكثار العدد) ينطبق على زمانهم كماينطبق على الفلسطينيين داخل فلسطين في أيامنا هذه. ولكن لا ينطبق على كل زمان ومكان.

والاحتمال الثاني هو أن رسول الله صلىالله عليه وسلم لم يقصد الكثرة العددية بدليل حديث آخر ( تتكالب عليكم الأمم كما تتكالب الأكلة على قصعتها , قلنا (وهم الصحابة الكرام): أمن قلة يارسول الله؟ قال : بل من كثرة ولكنكم غثاء كغثاء السيل) متفق عليه)و غثاء السيلهو ما يحمله السيل من أوساخ أي كثرة لا فائدة منها، فهذا الحديث يدل بوضوح على أنمجرد الكثرة العددية ليست هي المقصودة بل كثرة الشعوب تقاس بمدى فائدة و أداءأفرادها و عدد علمائها وعظمائها فها هي دول يعد سكانها بملايين قليلة كالدانمرك وهولندة و سنغافورة لها شأن عظيم يفوق دولا ذات تعداد عظيم كباكستان و بنغلاديش ونيجيريا و مصر!!

و الاحتمال الثالث هو الروايات التي لم تعط الحديث رتبةالصحيح بل أعطته رتبة الحسن حتى أن بعض رواة الحديث كالإمامين البخاري و مسلم لميوردا الحديث في إصحاحهما إطلاقا أي أن مخالفة هذا الحكم الذي استند إلى هذا الحديثليس مخالفة لأصل أو ركن من الدين.

أما الاحتمال الرابع هو ما ذهب إليه بعضالرواة من تضعيف الحديث فمعنى الحديث ضعيف منطقيا فكيف سيعرف الشاب أن هذه المرأةولود قبل أن يتزوجها كما أن هناك حديث صحيح ورد في إصحاحي البخاري ومسلم يعارض فيمعناه ما فهمه البعض من أن الدعوة منه صلى الله عليه و سلم لمنع تحديد النسل و هو(قال الإمام البخاري في كتاب النكاح . باب العزل :

عَنْ ‏جَابِرٍ ‏‏قَالَ‏: ‏كُنَّا ‏ ‏نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِوَسَلَّمَ .

و‏عَنْ ‏جَابِرٍ ‏قَالَ ‏: ‏كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِالنَّبِيِّ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏وَالْقُرْآنُ يَنْزِلُ ‏.

وزاد مسلم :

‏زَادَ ‏‏إِسْحَقُ ‏قَالَ ‏سُفْيَانُ ‏: ‏لَوْ كَانَشَيْئًا ‏‏يُنْهَى عَنْهُ لَنَهَانَا عَنْهُ الْقُرْآنُ .) ‏فيه جواز الاستدلالبالتقرير من الله ورسوله على حكم من الأحكام لأنه لو كان ذلك الشيء حراما لم يقرراعليه و كذلك (أخرج مسلم من حديث جابر قال : كنا نعزل على عهد رسول الله صلى اللهعليه وسلم فبلغ ذلك نبي الله صلى الله عليه وسلم فلم ينهنا ) فهذا الحديث يدل علىأن تحديد النسل ليس محرما في الإسلام و إن كان العزل لسنتين أو ثلاثة فقط من أجلتنظيم النسل وليس تحديده فما الدليل على ذلك؟ فالقرآن يذكر أن مدة فصال الطفل عامانو لكن لم يحرم إطالتها لثلاثة أو حتى عشرة!

و أما الاستشهاد بالآية الكريمة (وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَإِمْلَاقٍ نَحْنُنَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا) -سورة الإسراءالآية 31- فهي تتحدث عن المولود بعد ولادته و ليس قبل بدليل أن الصحابة قالوالرسول الله صلى الله عليه وسلم أن العزل (المنع من الحمل) هو وأد خفي عند اليهودفقال كذبت اليهود و لم يعترض على العزل.

فمن كانت لديه أدلة قطعية على تحريمتحديد النسل فليتفضل مشكورا.

و إن تحدثنا عن رأي الدين المسيحي فإن رجالالدين قد حرموا تحديد النسل بدليل (انموا وأكثروا واملأوا "املؤوا" الأرض وأخضعوها) (تك 1: 28) وأعتقد أن الوصية قد تحققت فملأنا الأرض و أخضعناها لا بل و دمرناها ولوثنا بيئتها و هواءها و بحرها!! فهل من مزيد؟




أما من الناحية العلمية و الإحصائية والاجتماعية فنحن مقدمون علىكارثة سكانية بكل معنى الكلمة، فدول مثل سوريا و الأردن و مصر و السعودية و إيرانيتضاعف السكان فيها كل 16 عاما ما يعني أن عدد سكان الأردن بعد 70 عاما سيصل إلى 176 مليون نسمة!! فهل هناك عاقل يصدق أن هذه الدولة التي تشكل الصحراء معظم أراضيهاستكون قادرة على إنتاج قمح لهذا الرقم المهول؟ فماذا عن كميات المياه التيسيحتاجونها و هم يعانون الآن من نقص حاد فيها رغم أن عددهم لم يصل إلى سبعة ملايينفقط؟

و إن كان البعض سيقول لي أن كثرة أعداد المسلمين تخيف أعدائهم فيزماننا هذا فهو على خطأ، فها هم اليهود قد سيطروا على العالم بعدة ملايين، فالقوةالآن تعد بعدد العلماء والمال وليس بكثرة كغثاء السيل مستهلكة مهلكة لا فائدةمنها.

أما من يستشهد بدول مثل اليابان و أوربا و أنها تشجع مواطنيها علىالإنجاب فهو كمن يشجع من أصيب بالتخمة أن يأكل أكثر لأن غيره قد أصيب بالهزال!! فوضعهم مختلف و سكانهم في تناقص و اضمحلال بل يقاس مستقبلنا إن استمر الإنجاب غيرالمدروس على وضع بنغلاديش الحالي! مع العلم أن مساحة اليابان البالغة 350ألف كم2 (أي ضعفي مساحة سوريا تقريبا) تضم أراض زراعية و مواسم أمطار تفوق ما لدينا بعشراتالمرات فلا تقاس المساحة فقط بالكيلومترات بل بمدى نسبة الأراضي الصالحة للزراعةفيها ناهيك عن مقدرات اليابان الهائلة صناعيا و علميا و طبيا و.... الخ.

ومن قال أن المنظمات الدولية هي منظمات غربية معادية لذلك تشجع على تحديد النسلوالإقلال من أعدادنا في بلداننا بحجة التنمية أقول له: و هل كل ما صدر عن هذهالمنظمات شر مطلق؟ فلماذا نتعامل معهم إذا؟ و لماذا نستضيفهم على أراضينا و لماذانأخذ منهم مساعدات و يقبض اللاجئون من أموالهم؟ و متى سيأتي اليوم الذي نحل فيهمشاكلنا من خلال النظر إلى عيوبنا بعيدا عن نظرية المؤامرة؟

و من قال أنخيرات الأرض كافية لإطعام أضعاف سكانه فهل له أن يشرح لي كيف ستكفي أراضي مصرالصحراوية إطعام 200 مليون مصري بعد 30 عاما وهي التي تعيش على مساعدات خارجية لسدحاجاتها من القمح حاليا؟ مع العلم أنها تستثمر كامل الأراضي الزراعية الصالحةللزراعة....... كيف سنحصل على مياه شرب للملايين الذين سيولدون في دمشق و المهاجرينإليها و نحن نرى مستقبلا لا بل حاضرا قاتما في المنطقة كلها من حيث أزمة المياه؟عندما نعلم أن 350 مليون إنسان يعيشون عند منابع النيل لم يعد نصيبهم من المياهكافيا رغم الأمطار الغزيرة في منطقتهم فماذا سيفعلون عندما يتضاعف عددهم؟ هلستتضاعف كميات المياه الموجودة في الأرض؟

يتحدث البعض عن أن موارد الأرضكافية لإطعام أضعاف ما هو موجود من البشر ولكن سوء التوزيع و إهدار الثروات فيالحروب هو السبب و كأن مهمة البشر على الأرض هي أن يؤمنوا طعامهم و رزقهم المكتوب وتناسوا أن أجيالا قادمة خلال عقود تعد أضعاف ما هو موجود الآن بحاجة إلى مدارس وتطوير مناهج و عناية صحية و اجتماعية و فرص عمل وسكن و طاقة ومواصلات و نفط و تلويثبيئة و...الخ، فدولنا غير قادرة على تضاعف عدد مدارسنا خلال عقود قليلة حتى أصبح منالصعوبة بمكان إيجاد مقعد دراسي لطفل قادم في المدارس العامة وهذا ما نشهده الآن،ناهيك عن قلة فرص العمل حيث وصلت البطالة إلى مستويات قياسية ولا أمل في أي حل فيالمستقبل القريب لهذه المعضلة و مهما بذلت الحكومة من جهد فلن تلبي الطلباتالمتزايدة على فرص العمل لأجيال معظمها لم يحصل على علم أو دراسة أو مصلحة!! فولدانلعائلة واحدة يحصلان على قدر جيد من التعليم و العناية والتربية و الرعاية الصحيةأكثر فائدة للمجتمع من ستة أطفال بلا علم ولا عمل حتى أصبح شعبنا مستهلكا عالة علىبعضه و انتشرت الفوضى والحسد والنفوس المريضة والنصب والاحتيال والأمراض النفسية واليأس و التعصب و البطالة و العنوسة.....

المشكلة أن المثقفين ينجبون طفلينأو ثلاثة يحسنون نشأتهم فيقل نسلهم أو يثبت بينما نرى ازديادا هائلا بأعداد غيرالمثقفين والجهلاء فيرمون بهم إلى الشارع أو إلى المدن الكبرى ليحصلوا أرزاقهم وهملا يملكون أي إمكانيات أو علم أو خبرة أو مصلحة فيجنح الكثيرون منهم و يصبحون عالةعلى مجتمع يعاني أصلا من مشكلات لا حصر لها.

الأرقام تشير إلى أن مساحةالأراضي الصالحة للزراعة في سوريا بلغت ستة ملايين هكتار تقريبا يستثمر منها مانسبته 95% أي أنه بقى 5% فقط لنزيد من إنتاجنا و لكن ماذا سيحصل إن زاد سكان سورياخلال عقدين إلى الضعفين؟ أي 48 مليون! هل ستكفي الأراضي الزراعية؟ مع العلم أنالمياه تتجه إلى الشح و النضوب و مواسم الجفاف تقرع أجراس الخطر وأهل الجزيرة قدأصابهم القحط ،و الجار التركي سيتوقف عن ضخ مياه دجلة والفرات بنفس الكميات عماقريب! طالما كانت سوريا تنتج كميات من القمح تفيض عن حاجتها أما الآن فصارتتستورد القمح! فما بالنا بالمستقبل مع الزيادات السكانية؟