يعتبر الزواج محطة مهمة من المحطات الحياتية في حياة كل فرد؛ فبالإضافة إلى أنه السبب المباشر لنشوء الأسرة وتربية الجيل الجديد، فهو أيضا عامل هام لإيجاد التكامل الروحي والنفسي

تبدأ مسيرة الزواج الناجحة بالاختيار الصائب الذي يقوم على أساس الرغبة والمودة وقد نهت الشريعة عن إجبار الفتاة على الزواج بأي شخص، ما لم تتوفر القناعة التامة لها بهذا الأمر، لكننا لازلنا نرى بعض الآباء يعمدون إلى إجبار بناتهم على زواج كهذا وهو إذا ما حصل فلن تستطيع المرأة التعايش مع زوجها من واقع محبة وود بل ستشعر بالنفور منه وتعيش صراعا قاسيا بين الرضوخ للأمر الواقع ورفضها لهذا الزواج، كما قد تلجأ أحيانا في محاولة للتعويض عن هذه الحالة، إلى الثورة على حياتها فتقلبها جحيما قد يصل إلى التوتر المقرون برغبة عارمة في التخلص من الشريك بالطلاق أو الهجر أو الانعزال. ولا ننسى أن مشاعر الظلم تلاحق الفتاة ولا تستطيع التخلص منها بسهولة فتعتبر أباها إنسانا ظالما وأنانيا، متجردا من مشاعر المحبة تجاهها. ويبقى الأطفال في زواج كهذا الضحية الأولى


فالزوجة التي تعيش بغضا داخليا لزوجها ولم تستطع تحسين صورته في نظرها أو التجاوب والرضا بما فرض عليها، قد تخزن مشاعر الحقد تلك وتوجهها إلى طفلها وقد تعمد إلى منع الحمل نفسه دون رضا الزوج لأنها لا تريد أن تحمل صورة لشخص تكرهه، فإذا ما ولد الطفل فإنها لا تستطيع أن تتعامل معه بحب كبير لأنه يمثل نقطة حزينة في حياتها. قامت مجلة "أريج" باستطلاع آراء بعض الشباب حول الزواج الإجباري وتأثيره فكان التالي: كنت ضحية تروي ن . م قصة زواجها فتقول " كنت ضحية العادات العائلية القديمة والصارمة التي تمنع البنت من اختيار شريك حياتها؛ فأنا من عائلة ملتزمة ترفض أن اختار شريك حياتي بنفسي، وحينما نلت شهادة الثانوية العامة تقدم رجل يكبرني في السن للزواج مني، وحاولت مناقشة أبي وأمي وإقناعهما برفضي لهذا الزواج فلا سبيل إلى التفاهم بيننا إطلاقا، ولكن لم يهتم أحد لرفضي، فوالداي كانا يريان فيه صفقة رابحة خاصة أن هذا الرجل كان على ثريا وسيتمكن من توفير حياة رغيدة لي


حاولت ثنيهما عن قرارهما دون جدوى، وتزوجت ذلك الرجل، ومنذ اليوم الأول كنت أشعر بنفور ورفض في داخلي، فلا توافق فكري ولا سني بيننا، وبالرغم من ذلك حاولت أن أتكيف مع الوضع والحياة التي فرضت علي فلن ي

قبل أبي فكرة الطلاق". وتضيف "أنجبت طفلي الأول والثاني والثالث تحت ضغوط نفسية شديدة، فزوجي كثير السفر وكنت أتحمل مسئولية تربية الأطفال ورعايتهم لوحدي فضلا عن أنني أفتقر إلى التفاهم والسعادة في حياتي. توفي أبي بعد زواجي بثلاث سنوات وكثرت المشاكل بيني وبين زوجي فقد كنت وحيدة دائما ولم أشعر بأيه عاطفة تجاهه وانعكست تلك المشاعر سلبا على أطفالي فقررت الانفصال، وكان لي ذلك مقابل أن أتحمل مسئولية أبنائي بمفردي. قاطعني أهلي احتجاجا على قراري لكنهم تفهموا الوضع بعد ذلك شريطة أن لا أفكر في الزواج مرة أخرى وأكرس حياتي لتربية أبنائي.


أحلى أيام عمري ذهبت هباء بسبب إصرار عائلتي وعاداتهم القديمة". سوء فهم يؤكد محمد عبدالله رفضه لهذا النوع من الزيجات لما له من آثار سيئة على الزوجين في المدى القريب والبعيد، ويرى من جانب آخر أن الزواج الإجباري ظاهرة بدأت بالتلاشي، نتيجة التطور والانفتاح على العالم فضلا عن خروج المرأة للعمل وتغير دورها الاجتماعي، فأصبحت صاحبة الكلمة الأولى والأخيرة في حياتها. يقول محمد "بالرغم من إيجابية تغير تلك الفكرة حيث أصبح باستطاعة البنت أن تختار شريك حياتها، إلا أنها صحبت بسلبيات خطيرة نتيجة سوء فهم بعض الشباب لمعنى حرية الاختيار ليتخلوا عن الانضباط الأخلاقي فنرى الفتاة تخرج مع الشاب دون وجود رابط شرعي بينهما وهو ما يخالف عادات المجتمع الخليجي مع العلم أن قلة من الشباب توافق على الارتباط بفتاة قبلت بعلاقة كتلك".


ويضيف "إن حل مشكلة الزواج الإجباري يكمن في وعي كل شخص بدوره فيقتصر دور الأب على التأكد من مدى ملائمة هذا الزوج لابنته من ناحية أخلاقية، فضلا عن الأخذ برأيها فهي صاحبة الشأن أولا وأخيرا". الحب لا يأتي بالإجبار يرفض وليد محمد الزواج الإجباري رفضا قاطعا ويرى فيه سببا للتعاسة، فبالرغم من انتشار هذا النوع في بعض المجتمعات الخليجية، إلا أنه أيضا السبب وراء ارتفاع حالات الطلاق والعنوسة فيها، يقول وليد " ينتشر "الحجر" في بعض المجتمعات القبلية بمعنى أن تكون الفتاة من حق ابن عمها، فيتم رفض أي شخص يتقدم لها دون الالتفات إلى أخلاقه، المقياس الحقيقي لاختيار شريك الحياة، ومن جانب آخر قد تبقى تلك الفتى منتظرة ابن عمها كي يتقدم لخطبتها طيلة عمرها بينما يقوم هو بالزواج من أخرى فتقع فريسة للعنوسة بسبب هذا الجهل". ويضيف " برأيي، يبنى الزواج على الحب والود بين الزوج والزوجة وهو ما لا يمكن تحقيقه عبر هذا الزواج، فلا تستطيع أن تجبر قلبك على أن يحب فلانا لمجرد أن أباك راض عنه". موقفا رجوليا يرى يعقوب علي أن حل هذه المشكلة بيد الشاب فحين يجبر على الزواج من فتاة لا يريدها يجب عليه أن يتخذ موقفا إيجابيا رجوليا لأنه يحدد مصيره ومصير من سيرتبط بها.

يقول" يقوم الزواج على المودة والتآلف بين الزوجين، وعلى الشاب أن يدرك أنه حينما يجامل والديه ويقبل بزواج كهذا فهو يدمر حياته، فهو من سيتزوج لا والده، ولا أقصد من كلامي أن يخرج الشاب عن طاعة والديه بل أن يكون متوازنا في قراراته وحازما فيها خاصة فيما يتعلق بمستقبله فإن كان بمقدرته الزواج فمن باب أولى أن يكون قادرا على اتخاذ قرارات مصيرية". موروثات غير منطقية أما ندى مبارك فتقول "ودعنا زمن الجهل والتخلف منذ زمن بعيد وبالرغم من ذلك لا زال البعض مقيدا بأغلال العادات والتقاليد التي عفا عليها الزمن، تحكمه موروثات غير منطقية تخالف العقل والدين." وترى ندى أن حل مشكلة الزواج الإجباري يكمن في " توضيح موقف الدين من تلك العادات وتناول المثقفين وأصحاب الشأن هذا الموضوع عبر الصحف والقنواتالفضائية فضلا عن سن قانون يحمي الفتاة من الإجبار على الزواج".


ذنب الفتاة تقول مريم عيسى " غالبا ما يقع اللوم في فشل الزواج الإجباري على الفتاة، فالجميع متفقون أن لها حق الرفض، ولكن لو حصل أن رفضت لكان ذلك ذنبا لا يغتفر، وستكثر الأقاويل من حولها ". وتستطرد" أعرف بنتا أجبرت على الزواج من ابن عمها، وكانت تعلم أنه يحب أخرى، وحين تقدم إلى


خطبتها رضوخا لرغبة والده تجرأت وأبدت رفضها لتدمير حياتها، فشاع الخبر بين الناس وانتشرت حولها الأقاويل وهي لم تتزوج حتى الآن، وهنالك قصص كثيرة تشبه تلك القصة في مجتمع لا تزال ترسخ فيه شوائب الجاهل".


وتضيف" لا بد على مجتمع يدعي التحضر أن ينبذ معتقدات كهذه، فهي لا تتناسب مع الانفتاح الذي يعيشه العالم، فضلا عن كونها علامة من علامات اضطهاد حقوق المرأة". يريدونه "توم كروز" يقول مبارك حمد مازحا" ليت والدي يجبرني على الزواج من إحداهن" يضيف " أرى أن الزواج بالإجبار ليس عيبا فالبنت ترفض كثيرا من العرسان رغبة في شخص وسيم ثري يشبه توم كروز، ولا تنتبه إلا وقد فاتها قطار الزواج ووقعت فريسة للعنوسة، فضلا عن أن نظرة الأب تكون أكثر شمولا منها فلا ترتكز على الشكل الجميل أو الثروة بل على الأخلاق وطريقة التعامل والسمعة، ماعدا بعض الآباء الذين يعتبرون بناتهم سلعا يتاجرون بها لمن يدفع مهرا أعلى".


مصيره الفشل تقول فاطمة رشيد "الزواج الإجباري لا يعتبر زواجا حقيقيا من وجهة نظري فالزواج علاقة لا بد أن تبنى على أسس قوية منذ البداية، منها التوافق والانسجام وموافقة الطرفين باقتناع تام وأنا ألوم بعض الأهل في إجبار فتياتهم على الزواج رغما عنهن ففي ذلك ظلم للفتاة وحرمان لها من حقها في اختيار زوجها كما شرع الله فضلا عن فشل العلاقة الزوجية إن لم ينسجم الزوجان". وتستطرد " من المستحيل أن يجبرني أحد على زواج إجباري مهما حصل، فلن أقبل بذلك كما أن أسرتي ترفض هذا المبدأ".


* فيما يتعلق بعناصر الاختيار فإن للفتاة ـ كما للشاب ـ الحق في أن تطلب الأشياء الذاتية، باعتبارها إنسانة لها أحاسيس ومشاعر وطريقة في التفاعل مع الإنسان الآخر. فلها أن تطلب ـ في عملية اختيارها ـ الإنسان الجميل، أو المقبول من حيث الشكل، لأنها لا تطيق أن تعيش مع إنسان قبيح الشكل، تماما كما هو الحال بالنسبة إلى الرجل. ولها أن تطلب الذي يمثل الكفاية الحياتية من حيث إمكانياته المادية. ولها أن تطلب الشخص الذي يملك مستوى ثقافيا معينا أو مستوى اجتماعيا معينا. إن الإسلام لا يقف أمام رغبة المرأة في تحديد المواصفات الذاتية للرجل الذي تريد أن تختاره، باعتبار أن مسألة الزواج هي مسألة اختيار ناشئ عما يفكر فيه الإنسان في حياته.


ولكن الإسلام الذي يحترم إرادة المرأة والرجل في هذا المجال يحاول أن يوجه رغباتهما ليؤكد أن هذه المواصفات التي قد تنجذب إليها المرأة أو الرجل لا تمثل القيمة الكبيرة، بحيث يجعلانها في قمة اهتماماتهما، فتكون الخط الصحيح في حياتهما. إن مثل هذه الأمور لا تعتبر أساسا في ثبات الحياة الزوجية، فالجمال شيء طبيعي في الرغبة، لاسيما في مجال الرغبة الحسية، ولكن قد يذهب الجمال بفعل التشويه، أو بفعل أي وضع من الأوضاع، وربما يذهب المال، وربما يفقد الإنسان مركزه الاجتماعي مثلا، وتضعف ثقافته بفعل عدم الممارسة. إن تلك الأمور لا تمثل العناصر الثابتة التي يمكن أن تتحرك في داخل الحياة الزوجية لتضمن سلامتها. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن الزواج يمثل علاقة خاصة، لأنه يمثل أسلوبا من أساليب حركة العلاقات الإنسانية في ما يتصرف به كل فريق تجاه الفريق الآخر على مستوى احترام حقوقه، وعلى مستوى احترام مشاعره وعلى مستوى طريقة إدارة المعنى الإنساني في داخل هذه العلاقة، وما إلى ذلك. إن هذه المسألة تتصل بالجانب الأخلاقي في شخصية الزوج أكثر مما تتصل بالجانب المادي.


فقد يغرق الزوج زوجته بالمال أو بتلبية الرغبات الحسية، ولكنه لا يحسن التعامل معها بشكل إنساني جيد، مما يحول حياتها إلى جحيم. لهذا ركز الإسلام في توجيهه المرأة على الارتفاع برغباتها إلى الجانب الذي يمس عمق إنسانية العلاقة وعمق ثباتها، هو الخلق والدين، على أساس أن الزيجات التي تتحرك خارج هذا النطاق هي زيجات لابد من أن تفرز الكثير من المشاكل ومن الخلافات ومن الفساد في العلاقات الزوجية.


لا أريد أن أقول: إن على المرأة أن تنظر إلى الخلق والدين ولا تنظر إلى الأشياء الأخرى، وإنما أريد أن أقول:أن الفكر الإسلامي يدعو المرأة عندما تريد أن تنظر إلى الجوانب الأخرى ألا تعتبرها الأساس، بل عليها أن تنظر إلى العناصر التي تمس طبيعة العلاقة الزوجية من حيث هي علاقة إنسانية اجتماعية تحتاج إلى الأخلاق التي تحكم نظرة كل من الزوجين للآخر وتصرفه نحوه، وإلى الالتزام الديني الذي يمثل الضابطة التي تضبط تصرفات الزوج في الخط الشرعي نحو المرأة.



واخير نود ان نعرف اراء الاعضاء المحترمين في الزواج الاجباري.