صفحة 7 من 7 الأولىالأولى ... 567
النتائج 25 إلى 27 من 27

الموضوع: مقدمة ابن خلدون - الجزء الثالث


  1. #25
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    الفصل التاسع و الأربعون في حدوث الدولة و تجددها كيف يقع

    اعلم أن نشأة الدول و بدائتها إذا أخذت الدولة المستقرة في الهرم و الانتقاص تكون على نوعين إما بأن يستبد ولاة الأعمال في الدولة بالقاصية عندما يتقلص ظلها عنهم فيكون لكل واحد منهم دولة يستجدها لقومه و ما يستقر في نصابه يرثه عنه أبناؤه أو مواليه و يستفحل لهم الملك بالتدريج و ربما يزدحمون على ذلك الملك و يتقارعون عليه و يتنازعون في الاستئثار به و يغلب منهم من يكون له فضل قوة على صاحبه و ينتزع ما في يده كما وقع في دولة بني العباس حين أخذت دولتهم في الهرم و تقلص ظلها عن القاصية و استبد بنو ساسان بما وراء النهر و بنو حمدان بالموصل و الشام و بنو طولئون بمصر و كما وقع بالدولة الأموية بالأندلس و افترق ملكها في الطوائف الذين كانوا ولاتها في الأعمال و انقسمت دولا و ملوكا أورثوها من بعدهم من قرابتهم أو مواليهم و هذا النوع لا يكون بينهم و بين الدولة المستقرة حربا لأنهم مستقرون في رئاستهم و لا يطمعون في الاستيلاء على الدولة المستقرة بحرب و إنما الدولة أدركها الهرم و تقلص ظلها عن القاصية و عجزت عن الوصول إليها و النوع الثاني بأن يخرج على الدولة خارج ممن يجاورها من الأمم و القبائل إما بدعوة يحمل الناس عليها كما أشرنا إليه أو يكون صاحب شوكة و عصبية كبيرا في قومه قد استفحل أمره فيسمو بهم إلى الملك و قد حدثوا به أنفسهم بما حصل لهم من الاعتزاز على الدولة المستقرة و ما نزل بها من الهرم فيتعين له و لقومه الاستيلاء عليها و يمارسونها بالمطالبة إلى أن يظفروا بها و يزنون كما تبين و الله سبحانه و تعالى أعلم.
رد مع اقتباس رد مع اقتباس  


  • #26
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    الفصل الخمسون في أن الدولة المستجدة إنما تستولي على الدولة المستقرة بالمطاولة لا بالمناجزة

    قد ذكرنا أن الدول الحادثة المتجددة نوعان نوع من ولاية الأطراف إذا تقلص ظل الدولة عنهم و انحسر تيارها و هؤلاء لا يقع منهم مطالبة للدولة في الأكثر كما قدمناه لأن قصاراهم القنوع بما في أيديهم و هو نهاية قوتهم و النوع الثاني نوع الدعاة و الخوارج على الدولة و هؤلاء لابد لهم من المطالبة لأن قوتهم وافية بها فإن ذلك إنما يكون في نصاب يكون له من العصبية و الاعتزاز ما هو كفاء ذلك و واف به فيقع بينهم و بين الدولة المستقرة حروب سجال تتكور و تتصل إلى أن يقع لهم الاستيلاء و الظفر بالمطلوب و لا يحصل لهم في الغالب ظفر بالمناجزة و السبب في ذلك أن الظفر في الحروب إنما يقع كما قدمناه بأمور نفسانية وهمية و إن كان العدد و السلاح و صدق القتال كفيلا به لكنه قاصر مع تلك الأمور الوهمية كما مر و لذلك كان الخداع من أرفع ما يستعمل في الحرب و أكثر ما يقع الظفر به و في الحديث الحرب خدعة و الدولة المستقرة قد صيرت العوائد المألوفة طاعتها ضرورية واجبة كما تقدم في غير موضع فتكثر بذلك العوائق لصاحب الدولة المستجدة و يكثر من همم أتباعه و أهل شوكته و إن كان الأقربون من بطانته على بصيرة في طاعته و مؤازرته إلا أن الآخرين أكثر و قد داخلهم الفشل بتلك العقائد في التسليم للدولة المستقرة فيحصل بعض الفتور منهم و لا يكاد صاحب الدولة المستقرة يرجع إلى الصبر و المطاولة حتى يتضح هرم الدولة المستقرة فتضمحل عقائد التسليم لها من قومه و تنبعث منهم الهمم لصدق المطالبة معه فيقع الظفر و الاستيلاء و أيضا فالدولة المستقرة كثيرة الرزق بما استحكم لهم من الملك و توسع من النعيم و اللذات و اختصوا به دون غيرهم من أموال الجباية فيكثر عندهم ارتباط الخيول و استجادة الأسلحة و تعظم فيهم الأبهة الملكية و يفيض العطاء بينهم من ملوكهم اختيارا و اضطرارا فيرهبون بذلك كله عدوهم و أهل الدولة المستجدة بمعزل عن ذلك لما هم فيه من البداوة و أحوال الفقر و الخصاصة فيسبق إلى قلوبهم أوهام الرعب بما يبلغهم من أحوال الدولة المستقرة و يحرمون عن قتالهم من أجل ذلك فيصير أمرهم إلى المطاولة حتى تأخذ المستقرة مآخذها من الهرم و يستحكم الخلل فيها في العصبية و الجباية فينتهز حينئذ صاحب الدولة المستجدة فرصته في الاستيلاء عليها بعد حين منذ المطالبة سنة الله في عباده و أيضا فأهل الدولة المستجدة كلهم مباينون للدولة المستقرة بأنسابهم و عوائدهم و في سائر مناحيهم ثم هم مفاخرون لهم و منابذون بما وقع من هذه المطالبة و بطمعهم في الاستيلاء عليه فتتمكن المباعدة بين أهل الدولتين سرا و جهرا و لا يصل إلى أهل الدولة المستجدة خبر عن أهل الدولة المستقرة يصيبون منه غرة باطنا و ظاهرا لانقطاع المداخلة بين الدولتين فيقيمون على المطالبة و هم في إحجام و ينكلون عن المناجزة حتى يأذن الله بزوال الدولة المستقرة و فناء عمرها و وفور الخلل في جميع جهاتها و اتضح لأهل الدولة المسنتجدة مع ما كان يخفى من هرمها و تلاشيها و قد عظمت قوتهم بما اقتطعوه من أعمالها و نقصوه من أطرافها فتنبعث هممهم يدا واحدة للمناجزة و يذهب ما كان بث في عزائمهم من التوهمات و تنتهي المطاولة إلى حدها و يقع الاستيلاء آخرا بالمعاجلة و اعتبر ذلك في دولة بني العباس حين ظهورها حين قام الشيعة بخراسان بعد انعقاد الدعوة و اجتماعهم على المطالبة عشر سنين أو تزيد و حينئذ تم لهم الظفر و استولوا على الدولة الأموية و كذا العلوية بطبرستان عند ظهور دعوتهم في الديلم كيف كانت مطاولتهم حتى استولوا على تلك الناحية ثم لما انقضى أمر العلوية و سما الديلم إلى ملك فارس و العراقين فمكثوا سنين كثيرة يطاولون حتى اقتطعوا أصبهان ثم استولوا على الخليفة ببغداد. و كذا العبيديون أقام داعيتهم بالمغرب أبو عبد الله الشيعي ببني كتامة من قبائل البربر عشر سينين و يزيد تطاول بني الأغلب بأفريقية حتى ظفر بهم و استولوا على المغرب كله و سموا إلى ملك مصر فمكثوا ثلاثين سنة أو نحوها في طلبها يجهزون إلها العساكر و الأساطيل في كل وقت و يجيء المدد لمدافعتهم برا و بحرا من بغداد و الشام و ملكوا الإسكندرية و الفيوم و الصعيد و تخطت دعوتهم من هنالك إلى الحجاز و أقيمت بالحرمين ثم نازل قائدهم جوهر الكاتب بعساكره مدينة مصر و استولى عليها و اقتلع دولة بني طغج من أصولها و اختط القاهرة فجاء الخليفة بعد المعز لدين الله فنزلها لستين سنة أو نحوها منذ استيلائهم على الإسكندرية و كذا السلجوقية ملوك النزك لما استولوا على بني ساسان و أجازوا من وراء النهر مكثوا نحوا من ثلاثين سنة يطاولون بني سبكتكين بخراسان حتى استولوا على دولته. ثم زحفوا إلى بغداد فاستولوا عليها و على الخليفة بها بعد أيام من الدهر. و كذا التتر من بعدهم خرجوا من المفازة عام سبعة عشر و ستمائة فلم يتم لهم الاستيلاء إلا بعد أربعين سنة. و كذا أهل المغرب خرج به المرابطون من لمتونة على ملوكه من مغراوة فطاولوهم سنين ثم استولوا عليه. ثم خرج الموحدون بدعوتهم على لمتونة فمكثوا نحوا من ثلاثين سنة يحاربونهم حتى استولوا على كرسيهم بمراكش و كذا بنو مرين من زناتة خرجوا على الموحدين فمكثوا يطاولونهم نحوا من ثلاثين سنة و استولوا على فاس و اقتطعوها و أعمالها من ملوكهم ثم أقاموا في محاربتهم ثلاثين أخرى حتى استولوا على كرسيهم بمراكش حسبما نذكر ذلك كله في تواريخ هذه الدول فهكذا حال الدول المستجدة مع المستقرة في المطالبة و المطاولة سنة الله في عباده و لن تجد لسنة الله تبديلا. و لا يعارض ذلك بما وقع في الفتوحات الإسلامية و كيف كان استيلاؤهم على فارس و الروم لثلاث أو أربع من وفاة النبي صلى الله عليه و سلم و اعلم أن ذلك إنما كان معجزة من معجزات نبينا سرها استماتة المسلمين في جهاد عدوهم استبعادا بالإيمان و ما أوقع الله في قلوب عدوهم من الرعب و التخاذل فكان ذلك كله خارقا للعادة المقررة في مطاولة الدول المستجدة للمستقرة و إذا كان ذلك خارقا فهو من معجزات نبينا صلوات الله عليه المتعارف ظهورها في الملة الإسلامية و المعجزات لا يقاس عليها الأمور العادية و لا يعترض بها و الله سبحانه و تعالى أعلم و به التوفيق.


  • #27
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    الفصل الحادي و الخمسون في وفور العمران آخر الدولة و ما يقع فيها من كثر الموتان و المجاعات

    اعلم أنه قد تقرر لك فيما سلف أن الدولة في أول أمرها لابد لها من الرفق في ملكتها و الاعتدال في إيالتها إما من الدين إن كانت الدعوة دينية أو من المكارهة و المحاسنة التي تقتضيها البداوة الطبيعية للدول و إذا كانت الملكة رفيقة محسنة انبسطت آمال الرعايا و انتشطوا للعمران و أسبابه فتوفر و يكثر التناسل و إذا كان ذلك كله بالتدريج فإنما يظهر أثره بعد جيل أو جيلين في الأقل و في انقضاء الجيلين تشرف الدولة على نهاية عمرها الطبيعي فيكون حينئذ العمران في غاية الوفور و النماء و لا تقولن إنه قد مر لك أن أواخر الدولة يكون فيها الإجحاف بالرعايا و سوء الملكة فذلك صحيح و لا يعارض ما قلناه لأن الإجحاف و إن حدث حينئذ و قلت الجبايات فإنما يظهر أثره في تناقص العمران بعد حين من أجل التدريج في الأمور الطبيعية ثم إن المجاعات و الموتان تكثر عند ذلك في أواخر الدول و السبب فيه: إما المجاعات فلقبض الناس أيديهم عن الفلح في الأكثر بسبب ما يقع في آخر الدولة من العدوان في الأموال و الجبايات أو الفتن الواقعة في انتقاص الرعايا و كثرة الخوارج لهرم الدولة فيقل احتكار الزرع غالبا و ليس صلاح الزرع و ثمرته بمستمر الوجود و لا على وتيرة واحدة فطبيعة العالم في كثرة الأمطار و قلتها مختلفة و المطر يقوى و يضعف و يقل و يكثر و الزرع و الثمار و الضرع على نسبته إلا أن الناس واثقون في أقواتهم بالاحتكار فإذا فقد الاحتكار عظم توقع الناس للمجاعات فغلا الزرع و عجز عنه أولو الخصاصة فهلكوا و كان بعض السنوات الاحتكار مفقودا فشمل الناس الجوع و أما كثرة الموتان فلها أسباب من كثرة المجاعات كما ذكرناه أو كثرة الفتن لاختلال الدولة فيكثر الهرج و القتل أو وقوع الوباء و سببه في الغالب فساد الهواء بكثرة العمران لكثرة ما يخالطه من العفن و الرطوبات الفاسدة و إذا فسد الهواء و هو غذاء الروح الحيواني و ملابسه دائما فيسري الفساد إلى مزاجه فإن كان الفساد قويا وقع المرض في الرئة و هذه هي الطواعين و أمراضها مخصوصة بالرئة و إن كان الفساد دون القوي و الكثير فيكثر العفن و يتضاعف فتكثر الحميات في الأمزجة و تمرض الأبدان و تهلك سبب كثرة العفن و الرطوبات الفاسدة في هذا كله كثرة العمران و وفوره آخر الدولة لما كان في أوائلها من حسن الملكة و رفقها و قلة المغرم و هو ظاهر و لهذا تبين في موضعه من الحكمة أن تخلل الخلاء و القفر بين العمران ضروري ليكون تموج الهواء يذهب بما يحصل في الهواء من الفساد و العفن بمخالطة الحيوانات و يأتي بالهواء الصحيح و لهذا أيضاً فإن الموتان يكون في المدن الموفورة العمران أكثر من غيرها بكثير كمصر بالمشرق و فاس بالمغرب و الله يقدر ما يشاء.

  • صفحة 7 من 7 الأولىالأولى ... 567

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 2 (0 من الأعضاء و 2 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. الشام شامك لو الزمن ضامك .. الجزء الثالث
      بواسطة شوالأخبار في المنتدى ملتقى صـــور ســــوريا الغالية Syria photographs
      مشاركات: 3
      آخر مشاركة: 09-12-2010, 11:47 AM
    2. مقدمة ابن خلدون - الجزء الثاني
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 26
      آخر مشاركة: 08-01-2010, 01:24 AM
    3. مقدمة أبن خلدون (الجزء الأول)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 22
      آخر مشاركة: 07-29-2010, 08:26 PM
    4. تاريخ الرسل والملوك(الجزء الثالث)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 124
      آخر مشاركة: 07-26-2010, 01:16 AM
    5. معجم البلدان الجزء الثالث
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى إستراحة المغترب Forum rest expatriate
      مشاركات: 74
      آخر مشاركة: 07-19-2010, 05:49 PM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1