و ابن العربي الحاتمي سماه في كتابه عنقاء مغرب من تأليفه: خاتم الأولياء و كنى عنه بلبنة الفضة إشارة إلى حديث البخاري في باب خاتم النبيين قال صلى الله عليه و سلم: مثلي فيمن قبلي من الأنبياء كمثل رجل ابتنى بيتاً و أكمله حتى إذا لم يبق منه إلا موضع لبنة فأنا تلك اللبنة فيفسرون خاتم النبيين باللبنة حتى أكملت البنيان و معناه النبي الذي حصلت له النبؤة الكاملة. و يمثلون الولاية في تفاوت مراتبها بالنبؤة و يجعلون صاحب الكمال فيها خاتم الأولياء أي حائز الرتبة التي هي خاتمة الولاية كما كان خاتم الأنبياء حائزاً للمرتبة التي هي خاتمة النبؤة. فكنى الشارح عن تلك المرتبة الخاتمة بلبنة البيت في الحديث المذكور.
و هما على نسبة واحدة فيهما. فهي لبنة واحدة في التمثيل. ففي النبؤة لبنة ذهب و في الولاية لبنة فضة للتفاوت بين الرتبتين كما بين الذهب و الفضة. فيجعلون لبنة الذهب كناية عن النبي صلى الله عليه و سلم و لبنة الفضة كناية عن هذا الولي الفاطمي المنتظر و ذلك خاتم الأنبياء و هذا خاتم الأولياء. و قال ابن العربي فيما نقل ابن أبي واصل عنه و هذا الإمام المنتظر هو من أهل البيت من ولد فاطمة و ظهوره يكون من بعد مضي ( خ ف ج ) من الهجرة و رسم حروفاً ثلاثة يريد عددها بحساب الجمل و هو الخاء المعجمة بواحدة من فوق ستمائة و الفاء أخت القاف بثمانين و الجيم المعجمة بواحدة من أسفل ثلاثة و ذلك ستمائة و ثلاث و ثمانون سنة و هي آخر القرن السابع و لما انصرم هذا العصر و لم يظهر حمل ذلك بعض المقلدين لهم على أن المراد بتلك المدة مولده و عبر بظهوره عن مولده و أن خروجه يكون بعد العشر السبعمائة فإنه الإمام الناجم من ناجية المغرب. قال: و إذا كان مولده كما زعم ابن العربي سنة ثلاث و ثمانين و ستمائة فيكون عمره عند خروجه ستاً و عشرين سنة قال و زعموا أن خروج الدجال يكون سنة ثلاث و أربعين و سبعمائة من اليوم المحمدي و ابتداء اليوم المحمدي عندهم من يوم وفاة النبي صلى الله عليه و سلم إلى تمام ألف سنة قال ابن أبي واصل في شرحه كتاب خلع النعلين الولي المنتظر القائم بأمر الله المشار إليه بمحمد المهدي و خاتم الأولياء و ليس هو بنبي و إنما هو ولي ابتعثه روحه و حبيبه.
قال صلى الله عليه و سلم: العالم في قومه كالنبي في أمته. و قال: علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل و لم تزل البشرى تتابع به من أول اليوم المحمدي إلى قبيل الخمسمائة نصف اليوم و تأكدت و تضاعفت بتباشير المشايخ بتقريب وقته و ازدلاف زمانه منذ انقضت إلى هلم جرا قال و ذكر الكندي: أن هذا الولي هو الذي يصلي بالناس صلاة الظهر و يجدد الإسلام و يظهر العدل و يفتح جزيرة الأندلس و يصل إلى رومية فيفتحها و يسير إلى المشرق فيفتحه و يفتح القسطنطيبية و يصير له ملك الأرض فيتقوى المسلمون و يعلو الإسلام و يطهر دين الحنيفية فإن من صلاة الظهر إلى صلاة العصر وقت صلاة قال عليه الصلاة و السلام: ما بين هذين وقت و قال الكندي أيضاً: الحروف العربية غير المعجمة يعني المفتتح بها سور القرآن جملة عددها سبعمائة و ثلاث و أربعون و سبع دجالية ثم ينزل عيسى في وقت صلاة العصر فيصلح الدنيا وتمشي الشاة مع الذئب ثم مبلغ ملك العجم بعد إسلامهم مع عيسى مائة و سبعون عاماً عدد حروف العجم ( ق ي ن ) دولة العدل منها أربعون عاماً قال ابن أبي واصل و ما ورد من قوله لا مهدي إلا عيسى فمعناه لا مهدي تساوي هدايته ولايته و قيل لا يتكلم في المهد إلا عيسى و هذا مدفوع بحديث جريج و غير. و قد جاء في الصحيح أنه قال: ( لا يزال هذا الأمر قائماً حتى تقوم الساعة أو يكون عليهم اثنا عشر خليفة يعني قرشياً ).

و قد أعطى الوجود أن منهم من كان في أول الإسلام و منهم من سيكون في آخره. و قال: الخلافة بعدي ثلاثون أو إحدى و ثلاثون أو ست و ثلاثون وانقضاؤها في خلافة الحسن و أول أمر معاوية فيكون أول أمر معاوية خلافة أخذاً بأوائل الأسماء فهو سادس الخلفاء و أما سابع الخلفاء فعمر بن عند العزيز. و الباقون خمسة من أهل البيت من ذرية علي يؤيده قوله: ( إنك لذو قرنيها ) يريد الأمة أي إنك لخليفة في أولها و ذريتك في آخبرها. و ربما استدل بهذا الحديث القائلون بالرجعة. فالأول هو المشار إليه عندهم بطلوع الشمس من مغربها. و قد قال صلى الله عليه و سلم إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده و إذا هلك قيصر فلا قيصر بعده و الذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله و قد انفق عمر بن الخطاب كنوز كسرى في سبيل الله و الذي يهلك قيصر و ينفق كنوزه في سبيل الله هو هذا المنتظر حين يفتح القسطنطينية: فنعم الأمير أميرها و نعم الجيش ذلك الجيش.

كذا قال صلى الله عليه و سلم: و مدة حكمه بضع و البضع من ثلاث إلى تسع و قيل إلى عشر و جاء ذكر أربعين و في بعض الروايات سبعين. و أما الأربعون فإنها مدته و مدة الخلفاء الأربعة الباقين من أهله القائمين بأمره من بعده على جميعهم السلام قال و ذكر أصحاب النجوم و القرانات أن مدة بقاء أمر و أهل بيته من بعده مائة و تسعة و خمسون عاماً فيكون الأمر على هذا جارياً على الخلافة و العدل أربعين أو سبعين ثم تختلف الأحوال فتكون ملكاً انتهي كلام ابن أبي واصل. و قال في موضع آخر: ( نزول عيسى يكون في وقت صلاة العصر من اليوم المحمدي حين تمضي ثلاثة أرباعه ) قال و ذكر الكندي يعقوب بن إسحاق في كتاب الجفر الذي ذكر فيه القرانات: ( أنه إذا وصل القرآن إلى الثور على رأس ضح بحرفين الضاد المعجمة و الحاء المهملة ) يريد ثمانية و تسعين و ستمائة من الهجرة ينزل المسيح فيحكم في الأرض ما شاء الله تعالى قال و قد ورد في الحديث أن عيسى ينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق ينزل بين مهرودتين يعني حلتين مزعفرتين صفراوين ممصرتين واضعاً كفيه على أجنحة الملكين له لمة كأنما خرج من ديماس إذا طأطأ رأسه قطر و إذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ كثير خيلان الوجه و في حديث آخر مربوع الخلق و إلى البياض و الحمرة.
و في آخر: أنه يتزوج في الغرب. و الغرب دلو البادية يريد اله يتزوج منها و تلد زوجته. و ذكر وفاته بعد أربعين عاماً. و جاء أن عيسى يموت بالمدينة و يدفن إلى جانب عمر بن الخطاب. و جاء أن أبا بكر و عمر يحشران بين نبيين قال ابن أبي واصل: ( و الشيعة تقول إنه هو المسيح مسيح المسائح من آل محمد قلت و عليه حمل بعض المتصوفة حديث لا مهدي إلا عيسى أي لا يكون مهدي إلا المهدي الذي نسبته إلى الشريعة المحمدية نسبة عيسى إلى الشريعة الموسوية في الاتباع و عدم النسخ إلى كلام من أمثال هذا يعينون فيه الوقت و الرجل و المكان بأدلة واهية و تحكمات مختلفة فينقضي الزمان و لا أثر لشيء من ذلك فيرجعون إلى تحديد رأي آخر تنتحل كما تراه من مفهومات لغوية و أشياء تخييلية و أحكام نجومية في هذا انقضت أعمار أن أول منهم و الآخر.