أوضحا ما أورقا. ما أنم لا جرم. من لمحا قد عشقا. قد حرم و زعموا أنة لم يسبقه وشاح من معاصريه الذين كانوا في زمن الطوائف. و ذكر غير واحد من المشايخ أن أهل هذا الشأن بالأندلس يذكرون أن جماعة من الوشاحين اجتمعوا في مجلس بأشبيلية و كان كل واحد منهم اصطنع موشحة و تأنق فيها فتقدم الأعمى الطليطلي للإنشاد فلما افتتح موشحته المشهورة بقوله: ضاحك عن جمان. سافرعن در ضاق عنه الزمان. و حواه صدري صرف ابن بقي موشحته و تبعه الباقون. و ذكر الأعلم البطليوسي أنه سمع ابن زهر يقول: ما حسدت قط وشاحا على قول إلا ابن بقي حين وقع له: أما ترى أحمد. في مجده العالي لا يلحق أطلعه الغرب. فأرنا مثله يا مشرق و كان في عصرهما من الموشحين المطبوعين أبو بكر الأبيض. و كان في عصرهما أيضا الحكيم أبو بكر بن باجة صاحب التلاحين المعروفة و من الحكايات المشهورة أنه حضر مجلس مخدومه ابن تيفلويت صاحب سرقسطة فألقى على بعض قيناته موشحته التي أولها: جرر الذيل أيما جر وصل الشكر منك بالشكر فطرب الممدوح لذلك لما ختمها بقوله: عقد الله راية النصر لأمير العلا أبي بكر فلما طرق ذلك التلحين سمع ابن تيفلويت صاح: و اطرباه: و شق ثيابه و قال: ما أحسن ما بدأت و ختمت و حلف بالأيمان المغلظة لا يمشي ابن باجة إلى داره إلا على الذهب. فخاف الحكيم سوء العاقبة فاحتال بأن جعل ذهبا في نعله و مشى عليه. و ذكر أبو الخطاب بن زهر أنه جرى في مجلس أبي بكر ابن زهير ذكر أبي بكر الأبيض الوشاح المتقدم الذكر فغص منه نعض الحاضرين فقال كيف تغص ممن يقول: ما لذي شراب راح على رياض الأقاح لولا هضيم الوشاح إذا أسا في الصباح أو في الأصيل أضحى يقول: ما للشمول لطمت خدي ؟ و للشمال هبت فمال غصن اعتدال ضمه بردي مما أباد القلوبا يمشي لنا مستريبا يا لحظة رد نوبا و يا لماه الشنيبا برد غليل صب عليل لا يستحيل فيه عن عهدي و لا يزال في كل حال يرجو الوصال و هو في الصد و اشتهر بعد هؤلاء في صدر دولة الموحدين محمد بن أبى الفضل بن شرف. قال الحسن بن دويدة: رأيت حاتم بن سعيد على هذا الافتتاح: شمس قاربت بدرا راح و نديم و ابن بهرودس الذي له: يا ليلة الوصل و السعود بالله عودي و ا بن مؤهل الذي له: ما العيد في حلة و طاق. و شم و طيب. و إنما العيد في التلاقي. مع الحبيب. و أبو إسحاق الرويني قال ابن سعيد: سمعت أبا الحسن سهل بن مالك يقول: إنه دخل على ابن زهير و قد أسن و عليه زي البادية إذ كان يسكن بحصن سبتة فلم يعرفة فجلس حيث انتهى به المجلس. و جرت المحاضرة فانشد لنفسه موشحة وقع فيها: كحل الدجى يجري من مقلة الفجر على الصباح و معصم النهر في حلل خضر من البطاح فتحرك ابن زهير و قال أنت تقول هذا ؟ قال: اختبر ! قال: و من تكون فعرفة، فقال ارتفع فوالله ما عرفتك، قال ابن سعيد و سابق الحلبة الذي أدرك هؤلاء أبو بكر بن زهير و قد شرقت موشحاته و غربت، قال: و سمعت أبا الحسن سهل بن مالك يقول قيل لابن زهير لو قيل لك ما أبدع و أرفع ما وقع لك في التوشيح قال كنت أقول: ما للموله من سكره لا يفيق. يا له سكران. من غير خمر. ما للكئيب المشوق. يندب الأوطان. هل تستعاد. أيامنا بالخليج. و ليالينا أو نستفاد. من النسيم الأريج. مسك دارينا أو هل يكاد. حسن المكان البهيج. أن يحيينا ؟ روض أظله. دوح عليه أنيق. مورق الأفنان. و الماء يجري. و عائم و غريق. من جنى الريحان و اشتهر بعده ابن حيون الذي له من الزجل المشهور قوله: يفوق سهمه كل حين بما شئت من يد و عين و ينشد في القصيد: خلقت مليح علمت رامي فليس تخل ساع من قتال و تعمل بذي العينين متاعي ما تعمل يدي بالنبال و اشتهر معهما يومئذ بغرناطة المهر بن الفرس، قال ابن سعيد، و لما سمع ابن زهر قوله: لله ما كان من يوم بهيج بنهر حمص على تلك المروج ثم انعطفنا على فم الخليج نفض في حانه مسك الختام عن عسجد زانه صافي المدام و رداء الأصيل ضمه كف الظلام قال ابن زهر: أين كنا نحن عن هذا الرداء و كان معه في بلده مطرف. أخبر ابن سعيد عن والده أن مطرفا هذا دخل على ابن الفرس فقام له و أكرمه، فقال: لا تفغل ! فقال ابن الفرس: كيف لا أقوم لمن يقول: قلوب تصاب بألحاظ تصيب فقل كيف تبقى بلا وجد و بعد هذا ابن خزمون بمرسية. ذكر ابن الرائس أن يحيى الخزرجي دخل عليه في مجلسه فأنشده موشحة لنفسه فقال له ابن حزمون: لا يكون الموشح بموشح حتى يكون عاريا غن التكلف، قال على مثل ماذا ؟ قال على مثل قولي: يا هاجري هل إلى الوصال منك سبيل أو هل ترى عن هواك سالي قلب العليل و أبو الحسن سهل بن مالك بغرناطة. قال ابن سعيد كان والدي يعجب بقوله: إن سيل الصباح في الشرق عاد بحرا في أجمع الأفق فتداعت نوادب الورق أتراها خافت من الغرق فبكت سحرة على الورق و اشتهر بأشبيلية لذلك العهد أبو الحسن بن الفضل، قال ابن سعيد عن والده، سمعت سهل ابن مالك يقول: له يا ابن الفضل لك على الوشاحين الفضل بقولك: واحسرتا لزمان مضى عشية بأن الهوى و انقضى و أفردت بالرغم لا بالرضى و بت على جمرات الغضى أعانق بالفكر تلك الطلول و ألثم بالوهم تلك الرسوم قال و سمعت أبا بكر بن الصابوني ينشد الأستاذ أبا الحسن الدباج موشحاته غير ما مرة، فما شنمعتة يقول له لله درك، إلا في قوله: قسما بالهوى لذي حجر ما لليل المشوق من فجر جمد الصبح ليس يطرد ما لليلي فيما أظن غد إصح ياليل إنك الأبد أو قفصت قوادم النسر فنجوم السماء لا تسري و من محاسن موشحات ابن الصابوني قوله: ما حال صب ذي ضنى و اكتئاب أمرضة يا ويلتاه الطبيب عامله محبوبه باجتناب ثم اقتدى فيه الكرى بالحبيب جفا جفوني النوم لكنني لم أبكه ألا لفقد الخيال و ذا الوصال اليوم قد غرني منه كما شاء و شاء الوصال فلست باللائم من صدني بصورة الحق و لا بالمحال و اشتهر ببر أهل العدوة ابن خلف الجزائري صاحب الموشحة المشهورة: يد الاصباح قدحت زناد الأنوار في مجامز الزهر و ابن خرز البجائي و له من موشحة: ثغر الزمان موافق حباك منه بابتسام و من محاسن الموشحات للمتأخرين موشحة ابن سهل شاعر أشبيلية و سبتة من بعدها فمنها قوله: هل درى ظبي الحمى أن قد حمى قلب صب حله عن مكنس فهو في نار و خفق مثل ما لعبت ريح الصبا بالقبس و قد نسج على منواله فيها صاحبنا الوزير أبو عبد الله ابن الخطيب شاعر الأندلس و المغرب لعصره و قد مر ذكره فقال: جادك الغيث إذا الغيث همى يا زمان الوصل بالأندلس لم يكن وصلك إلا حلما في الكرى أو خلسة المختلس إذ يقود الدهر أشتات المنى ينقل الخطو على ما يرسم زمرا بين فرادى و ثنا مثل ما يدعو الوفود الموسم و الحيا قد جلل الروض سنى فثغور الزهر فيه تبسم و روى النعمان عن ماء السما كيف يروي مالك عن أنس فكساه الحسن ثوبا معلما يزذهي منه بأبهى ملبس في ليال كتمت سر الهوى بالدجى لو لا شموس الغرر مال نجم الكأس فيها و هوى مستقيم السير سعد الأثر وطر ما فيه من غيب سوى أنه مر كلمح البصر حين لذ النوم منا أو كما هجم الصبح هجوم الحرس غارت الشهب بنا أو ربما أثرت فينا عيون النرجس أي شيء لامرئ قد خلصا فيكون الروض قد مكن فيه تنهب الأزهار فيه الفرصا أمنت من مكره ما تتقيه فإذا الماء يناجي و الحصا و خلا كل خليل بأخيه تبصر الورد غيورا برما يكتسي من غيظيه ما يكتسي و ترى الآس لبيبا فهما يسرق الدمع بأذني فرس يا أهيل الحي من وادي الغضا و بقلبي مسكن أنتم به ضاق عن وجدي بكم رحب الفضا لا أبالي شرقه من غربه فأعيدوا عهد أنس قد مضى تنقذوا عانيكم من كربه و اتقوا الله احيوا مغرما يتلاشى نفسا في نفس حبس القلب عليكم كرما أفترضون خراب الحبس و بقلبي منكم مقترب بأحاديث المنى و هو بعيد قمر أطلع منه المغرب شقوة المغرى به و هو سعيد قد تساوي محسن أو مذنب في هواه بين وعد و وعيد ساحر المقلة معسول اللمى جال في النفس مجال النفس سدد السهم فأصمى إذ رمى بفؤادي نبلة المفترس إن يكن جار و خاب الأمل و فؤاد الصب بالشوق يذوب فهو للنفس حبيب أول ليس في الحب لمحبوب ذنوب أمره معتمل ممتثل في ضلوع قد براها و قلوب حكم اللحظ بها فاحتكما لم يراقب في ضعاف الأنفس ينصف المظلوم ممن ظلما و يجازي البر منها و المسي ما لقلبي كلما هبت صبا عادة عيد من الشوق جديد ؟ كان في اللوح له مكتتبا قوله إن عذابي لشديد جلب الهم له و الوصبا فهو للأشجان في جهد جهيد لاعج في أضلعي قد أضرما فهي نار في هشيم اليبس لم يدع من مهجتي إلا الدما كبقاء ألصبح بعد الغلس سلمي يا نفس في حكم القضا و اعتبري الوقت برجعى و متاب و اتركي ذكرى زمان قد مضى بين عتبى قد تقضت و عتاب و اصرفي القول إلى المولى الرضى ملهم التوفيق في أم الكتاب الكريم المنتهى و المنتمى أسد السرج و بدر المجلس ينزل النصر عليه مثلما ينزل الوحي يروح القدس و أما المشارقة فالتكلف ظاهر على ما عانوه من الموشحات. و من أحسن ما وقع لهم في ذلك موشحة ابن سناء الملك التي اشتهرت شرقا و غربا و أولها: حبيبي ارفع حجاب النور عن العذار تنظر المسك على كافور في جلنار كللي يا سحب تيجان الربى بالحلى و اجعلي