صفحة 1 من 7 123 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 4 من 25

الموضوع: ألف ليلة وليلة/الجزء الثاني


  1. #1
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    ألف ليلة وليلة/الجزء الثاني

    في الليلة العشرون

    قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الخليفة اقسم أنه لا يقتل إلا العبد لأن الشاب معذور، ثم أن الخليفة التفت إلى جعفر وقال له أحضر لي هذا العبد الخبيث الذي كان سببا في هذه القضية وإن لم تحضره فأنت تقتل عوضا عنه، فنزل يبكي ويقول: من أين أحضره ولا كل مرة تسلم الجرة وليس لي في هذا الأمر حيلة والذي سلمني في الأول يسلمني في الثاني، والله ما بقيت أخرج من بيتي ثلاثة أيام والحق سبحانه يفعل ما يشاء. ثم أقام في بيته ثلاثة أيام وفي اليوم الرابع أحضر القاضي وأوصى وودع أولاده وبكى وإذا برسول الخليفة أتى إليه وقال له أن أمير المؤمنين في أشد ما يكون من الغضب وأرسلني إليك وحلف أنه لا يمر هذا النهار إلا وأنت مقتول إن لم تحضر العبد. فلما سمع جعفر هذا الكلام بكى هو وأولاده فلما فرغ من التوديع تقدم إلى بنته الصغيرة ليودعها وكان يحبها أكثر من أولاده جميعا فضمها إلى صدره وبكى على فراقها فوجد في جيبها شيء مكببا فقال لها ما الذي في جيبك فقالت له يا أبت تفاحة جاء بها عبدنا ريحان ولها معي أربعة أيام وما أعطاها لي حتى أخذ مني دينارين. فلما سمع جعفر بذكر العبد والتفاحة فرح وقال يا قريب الفرج، ثم إنه أمر بإحضار العبد فحضر فقال له من أين هذه التفاحة فقال يا سيدي من مدة خمسة أيام كنت ماشيا فدخلت في بعض أزقة المدينة فنظرت صغار يلعبون ومع واحد منهم هذه التفاحة فخطفتها منه وضربته فبكى وقال هذه لأمي وهي مريضة واشتهت على أبي تفاحا فسافر إلى البصرة وجاء لها بثلاث تفاحات بثلاث دنانير فأخذت هذه ألعب بها ثم بكى فلم ألتفت إليه وأخذتها وجئت بها إلى هنا فأخذتها سيدتي الصغيرة بدينارين، فلما سمع جعفر هذه القصة تعجب لكون الفتنة وقتل الصبية من عبده وأمر بسجن العبد وفرح بخلاص نفسه ثم أنشد هذين البيتين:
    ومن كانت دريته بعـبـد فـما للنفس تجعله فداهـا فإنك واجد خدما كـثـيرا ونفسك لم تجد نفسا سواها
    ثم أنه قبض على العبد وطلع به إلى الخليفة فأمر أن تؤرخ هذه الحكاية وتجعل سيرا بين الناس فقال له جعفر لاتعجب يا أمير المؤمنين من هذه القصة فما هي بأعجب من حديث نور الدين مع شمس الدين أخيه فقال الخليفة وأي حكاية أعجب من هذه الحكاية فقال جعفر: يا أمير المؤمنين لا أحدثك إلا بشرط أن تعتق عبدي من القتل. فقال قد وهبت لك دمه.
    حكاية الوزير نور الدين مع شمس الدين أخيه

    فقال جعفر: أعلم يا أمير المؤمنين أنه كان في مصر سلطان صاحب عدل وإحسان له وزير عاقل خبير له علم بالأمور والتدبير وكان شيخا كبيرا وله ولدان كأنهما قمران وكان الكبير شمس الدين وأدهم الصغير نور الدين وكان الصغير أمير من الكبير في الحسن والجمال وليس في زمانه أحسن منه حتى أنه شاع ذكره في البلاد فكان بعض أهلها يسافر من بلاده إلى بلده لأجل رؤية جماله، فأتفق أن والدهما مات فحزن عليه السلطان وأقبل على الوالدين وفرح بهما وخلع عليهما وقال لهما أنا في مرتبة أبيكما ففرحا وقبلا الأرض بين يديه وعملا العزاء لأبيهما شهرا كاملا ودخلا في الوزارة وكل منهما يتولاها جمعة وإذا أراد السلطان السفر يسافر مع واحد منهما، فاتفق في ليلة من الليالي أن السلطان كان عازما على السفر في الصباح وكانت النوبة للكبير. فبينما الأخوان يتحدثان في تلك الليلة: إذ قال الكبير يا أخي قصدي أن أتزوج أنا وأنت في ليلة واحدة فقال الصغير إفعل يا أخي ما تريد فإني موافقك على ما تقول واتفقا على ذلك. ثم أن الكبير قال لأخيه إن قدر الله وخطبنا بنتين ودخلنا في ليلة واحدة ووضعنا في يوم واحد وأراد الله وجاءت زوجتك بغلام وجاءت زوجتي ببنت نزوجهما لبعضهما لأنهما أولاد عم فقال نور الدين يا أخي ما تأخذ من ولدي في مهر بنتك قال آخذ من ولدك في مهر بنتي ثلاثة آلاف دينار وثلاثة بساتين وثلاث ضياع فإن عقد الشاب عقده بغير هذا لا يصح. فلما سمع نور الدين هذا الكلام قال ما هذا المهر الذي اشترطه على ولدي أما تعلم أننا إخوان ونحن الإثنان وزيران في مقام واحد وكان الواجب عليك أن تقدم ابنتك لولدي هدية من غير مهر، فانك تعلم أن الذكر أفضل من الأنثى وولدي ذكر ويذكر به وخلاف ابنتك فقال ومالها قال لا ذكر بها بين الأمراء ولكن أنت تريد أن تفعل معي على رأي الذي قال أن أردت أن تطرده فأجمل الثمن غاليا، وقيل أن بعض الناس قدم على بعض أصحابه فقصده في حاجة فغلى عليه الثمن. فقال له شمس الدين أراك قد قصرت لأنك تعمل إبنك أفضل من بنتي ولا شك أنك ناقص عقل وليس لك أخلاق حيث تذكر شركة الوزارة وأنا ما أدخلتك معي في الوزارة إلا شفقة عليك ولأجل أن تساعدني وتكون لي معينا ولكن قل ما شئت وحيث صدر منك هذا القول والله لا أزوج بنتي لولدك ولو وزنت ثقلها ذهبا، فلما سمع نور الدين كلام أخيه اغتاظ وقال وأنا لا أزوج إبني إبنتك فقال شمس الدين أنا لا أرضاه لها بعلا ولو أنني أريد السفر لكنت عملت معك العبر ولكن لما أرجع من السفر يعمل الله ما يريد. فلما سمع نور الدين من أخيه ذلك الكلام امتلأ غيظا وغاب عن الدنيا وكتم ما به وبات كل واحد في ناحية. فلما أصبح الصباح برر السلطان للسفر وعدي إلى الجزيرة وقصد الأهرام وصحبه الوزير شمس الدين، وأما أخوه نور الدين فبات في تلك الليلة في أشد ما يكون من الغيظ فلما أصبح الصباح قام وصلى الصبح وعمد إلى خزانته وأخذ منها خرجا صغيرا وملأه ذهبا وتذكر قول أخيه واحتقاره إياه وافتخاره فأنشد هذه الأبيات:
    http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg

    مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني

رد مع اقتباس رد مع اقتباس  


  • #2
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    سافر تجد عوضا عمن تـفـارقـه وانصب فإن لذيذ العيش في النصب ما في المقام لـذي لـب وذي أدب معزة فاترك الأمطان واغـتـرب
    إني رأيت وقوف المـاء يفـسـده فإن جرى طاب أو لم يجر لم يطب
    والبدر أفول منـه مـا نـظـرت إليه في كل حين عين مـرتـقـب
    والأسد لولا فراق الغاب ما قنصت والسهم لولا فراق القوس لم يصب
    والتبر كالتراب ملقى في أماكـنـه والعود في أرضه نوع من الحطب
    فإن تغرب هذا عـز مـطـلـبـه وإن أقام فلا يعلـوا إلـى رتـب
    فلما فرغ من شعره أمر بعض غلمانه أن يشد له بغلة زرزورية غالية سريعة المشي فشدها ووضع عليها سرجا مذهبا بركابات هندية وعباآت من القطيفة الأصفهانية فسارت كأنها عروس مجلية وأمر أن يجعل عليها بساط حرير وسجادة وأن يوضع الخرج من تحت السجادة ثم قال للغلام والعبيد: قصدي أن أتفرج خارج المدينة وأروح نواحي القلبونية وأبيت ثلاث ليال فلا يتبعني منكم أحد فإن عندي ضيق صدر. ثم أسرع وركب البغلة وأخذ معه شيئا قليلا من الزاد وخرج من مصر واستقبل البر فما جاء عليه الظهر حتى دخل مدينة فليبس فنزل عن بغلته واستراح وأراح البغلة وأكل شيئا وأخذ من فليبس ما يحتاج إليه وما يعلق به على بغلته ثم استقبل البر فما جاء عليه الظهر بعد يومين حتى دخل مدينة القدس فنزل عن بغلته واستراح وأراح بغلته وأخرج شيئا أكله ثم وضع الخرج تحت رأسه وفرش البساط ونام في مكان والغيظ غالب عليه، ثم أنه بات في ذلك المكان. فلما أصبح الصباح ركب وصار يسوق البغلة إلى أن وصل إلى مدينة حلب فنزل في بعض الخانات وأقام ثلاثة أيام حتى استراح وأراح البغلة وشم الهواء ثم عزم على السفر وركب بغلته وخرج مسافرا ولا يدري أين يذهب ولم يزل سائرا إلى أن وصل إلى مدينة البصرة ليلا ولم يشعر بذلك حتى نزل في الخان وأنزل الخرج عن البغلة وفرش السجادة وأودع البغلة بعدتها عند البواب وأمره أن يسيرها فأخذها وسيرها فاتفق أن وزير البصرة كان جالس في شباك قصره فنظر إلى البغلة ونظر ما عليها من العدة المثمنة فظنها بغلة وزير من الوزراء أو ملك من الملوك، فتأمل في ذلك وحار عقله وقال لبعض غلمانه ائتني بهذا البواب. فذهب الغلام إلى الوزير فتقدم البواب وقبل الأرض بين يديه وكان الوزير شيخا كبيرا، فقال للبواب من صاحب هذه البغلة وما صفاته، فقال البواب يا سيدي إن صاحب هذه البغلة شاب صغير ظريف الشمائل من أولاد التجار عليه هيبة ووقار. فلما سمع الوزير كلام البواب قام على قدميه وركب وسار إلى الخان، ودخل على الشاب فلما رأى نور الدين الوزير قادما عليه قام ولاقاه واحتضنه ونزل الوزير من فوق جواده وسلم عليه فرحب به وأجلسه عنده، وقال له يا ولدي من أين أقبلت وماذا تريد. فقال نور الدين يا مولاي إني قدمت من مدينة مصر، وكان أبي وزيرا فيها وقد انتقل إلى رحمة الله وأخبره بما جرى من المبتدأ إلى المنتهى ثم قال وعزمت على نفسي أن لا أعود أبدا حتى أنظر جميع المدن والبلدان، فلما سمع الوزير كلامه قال له يا ولدي لا تطاوع النفس فترميك في الهلاك، فإن البلدان خراب وأنا أخاف عليك من عواقب الزمان. ثم إنه أمر بوضع الخرج عن البغلة والبساط والسجادة، وأخذ نور الدين معه إلى بيته وأنزله في مكان ظريف وأكرمه وأحسن إليه وأحبه حبا شديدا وقال له يا ولدي أنا بقيت رجلا كبيرا ولم يكن لي ولد ذكر وقد رزقني الله بنتا تقاربك في الحسن ومنعت عنها خطابا كثيرة وقد وقع حبك في قلبي، فهل لك أن تأخذ إبنتي جارية لخدمتك وتكون لها بعلا. فإن كنت تقبل ذلك أطلع إلى سلطان البصرة وأقول له أنه ولد أخي وأوصلك إليه، حتى أجعلك وزيرا مكاني وألزم أنا بيتي فإني صرت رجلا كبيرا. فلما سمع نور الدين كلام وزير البصرة أطرق برأسه ثم قال سمعا وطاعة، ففرح الوزير بذلك وأمر غلمانه أن يصنعوا له طعاما وأن يزينوا قاعة الجلوس الكبرة المعدة لحضور أكابر الأمراء، ثم جمع أصحابه ودعا أكابر الدولة وتجار البصرة فحضروا بين يديه وقال لهم أنه كان لي أخ وزير بالديار المصرية ورزقه الله ولدين وأنا كما تعلمون رزقني الله بنتا، وكان أخي أوصاني أن أزوج بنتي لأحد أولاده فأجبته إلى ذلك فلما استحقت الزواج أرسل إلي أحد أولاده وهو هذا الشاب الحاضر، فلما جائني أحببت أن أكتب كتابه على بنتي ويدخل بها عندي. فقالوا: نعم ما قلت، ثم شربوا السكر ورشوا ماء الورود وانصرفوا وأما الوزير فإنه أمر غلمانه أن يأخذوا نور الدين ويدخلوا به الحمام وأعماه الوزير بدلة من خاص ملبوسه وأرسل إليه الفوط والطاسات ومجامر البخور وما يحتاج إليه فلما خرج من الحمام لبس البدلة فصار كالبدر ليلة تمامه، ثم ركب بغلته ودخل على الوزير فقبل يده، ورحب الوزير وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.


  • #3
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    == وفي الليلة الحادية والعشرون ==
    قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الوزير قام له ورحب به وقال له: قم وأدخل هذه الليلة على زوجتك وفي غد أطلع بك إلى السلطان، وأرجوا لك من الله كل خير فقام نور الدين ودخل على زوجته بنت الوزير هذا ما كان من أمر نور الدين وأما ما كان من أمر أخيه فإنه غاب مع السلطان مدة في السفر، ثم رجع فلم يجد أخاه فسأل عنه الخدم، فقالوا له من يوم سافرت مع السلطان ركب بغلته بعدة الموكب، وقال أنا متوجه إلى جهة القيلوبية فأغيب يوما أو يومين فإن صدري ضاق ولا يتبعني، منكم أحد. ومن يوم خروجه إلى هذا اليوم لم نسمع له خبرا فتشوش خاطر شمس الدين على فراق أخيه واغتم غما شديدا لفقده وقال في نفسه ما سبب ذلك إلا أني أغلظت عليه في الحديث ليلة سفري مع السلطان فلعله تغير خاطره وخرج مسافرا فلا بد أن أرسل خلفه ثم طلع وأعلم السلطان بذلك فكتب بطاقات وأرسل بها إلى نوابه في جميع البلاد ونور الدين قطع بلادا بعيدة في مدة غياب أخيه مع السلطان فذهبت الرسل بالمكاتيب ثم عادوا ولم يقفوا له على خبر ويئس شمس الدين من أخيه، وقال لقد أغظت بكلامي من جهة زواج الأولاد فليت ذلك لم يكن وما حصل ذلك إلا من قلة عقلي وعدم تدبيري. ثم بعد مدة يسيرة خطب بنت رجل من تجار مصر وكتب كتابه عليها ودخل بها وقد اتفق أن ليلة دخول شمس الدين، على زوجته كانت ليلة دخول نور الدين على زوجته بنت وزير البصرة وذلك بإرادة الله تعالى حتى ينفذ حكمه في خلقه وكان الأمر كما قالاه فاتفق أن الزوجتين حملتا منهما وقد وضعت زوجة شمس الدين وزير مصر بنتا لا يرى في مصر أحسن منها، ووضعت زوجة نور الدين، ولدا ذكرا لا يرى في زمانه أحسن منه كما قال الشاعر:
    ومهفهف يغني النديم بـريقـه عن كأسه الملأى وعن أبريقه فعل المدام ولونها ومذاقـهـا من مقلتيه ووجنتـيه وريقـه
    فسموه حسنا وفي سابع ولادته صنعوا الولائم وعملوا أسمطة لا تصلح إلا لأولاد الملوك ثم أن وزير البصرة أخذ معه نور الدين وطلع به إلى السلطان فلما صار قدامه قبل الأرض بين يديه وكان نور الدين فصيح اللسان ثابت الجنان صاحب حسن وإحسان فأنشد قول الشاعر: هذا الذي عم الأنام بعدلـه وسطا فمهد سائر الآفـاق أشكر صنائعه فلسن صنائعا لكنهن قـلائد الأعـنـاق وأنتم أنامله فلسن أنـامـلا لكنهن مفـاتـح الأزرق
    فألزمها السلطان وشكر نور الدين على ما قال وقال لوزيره من هذا الشاب فحكى له الوزير قصته من أولها إلى آخرها وقال له هذا ابن أخي فقال وكيف يكون ابن أخيك ولم نسمع به، فقال يا مولانا السلطان إنه كان لي أخ وزير بالديار المصرية وقد مات وخلف ولدين، فالكبير جلس في مرتبة والده وزيرا وهذا الصغير جاء عندي وحلف أني لا أزوج إبنتي إلا له، فلما جاء زوجته بها وهو شاب وأنا صرت شيخا كبيرا وقل سمعي وعجز تدبيري والقصد من مولانا السلطان أن يجعله في مرتبتي، فإنه ابن أخي وزوج إبنتي وهو أهل للوزارة لأنه صاحب رأي وتدبير. فنظر السلطان إليه فأعجبه، واستحسن رأي الوزير بما أشار عليه من تقديمه في رتبة الوزراء فأنعم عليه بها، وأمر له بخلعة عظيمة، وزاد له الجوامك والجرايات إلى أن إتسع عليه الحال وسار له مراكب تسافر من تحت يده بالمتاجر وغيرها وعمر أملاكا كثيرة ودواليب وبساتين إلى أن بلغ عمر ولده حسن أربع سنين، فتوفي الوزير الكبير والد زوجة نور الدين، فأخرجه خرجة عظيمة وأوراه في التراب ثم اشتغل بعد ذلك بتربية ولده فلما بلغ أشده أحضر له فقيها يقرئه في بيته وأوصاه بتعليمه وحسن تربيته فأقرأه وعلمه فوائد في العلم بعد أن حفظ القرآن في مدة سنوات وما زال حسن يزداد جمالا وحسنا واعتدالا كما قال الشاعر:
    قمر تكامل في المحاسن وانتهى فالشمس تشرق من شقائق خده ملك الجمال بأسره فكـأنـمـا حسن البرية كلها من عـنـده
    وقد رباه الفقيه في قصر أبيه ومن حين نشأته لم يخرج من قصر الوزارة إلى أن أخذه والده الوزير نور الدين يوما من الأيام وألبسه بدلة من أفخر ملبوسه وأركبه بغلة من خيار بغاله وطلع به إلى السلطان ودخل به عليه فنظر الملك حسن بدر الدين بن الوزير نور الدين فانبهر من حسنه، وقال لأبيه يا وزير لابد أنك تحضره معك في كل يوم فقال سمعا وطاعة ثم عاد الوزير بولده إلى منزله وما زال يطلع به إلى حضرة السلطان في كل يوم إلى أن بلغ الولد من العمر خمسة عشر عاما ثم ضعف والده الوزير نور الدين، فاحضره وقال له يا ولدي أعلم أن الدنيا دار فناء والآخرة دار بقاء وأريد أن أوصيك وصايا فافهم ما أقول لك وأصغ قلبك إليه وصار يوصيه بحسن عشرة الناس وحسن التدبير. ثم إن نور الدين تذكر أخاه وأوطانه وبلاده وبكى على فرقة الأحباب، وسجت دموعه وقال يا ولدي إسمع قولي فإن لي أخا يسمى شمس الدين، وهو عمك ولكنه وزير بمصر قد فارقته وخرجت على غير رضاه، والقصد أنك تأخذ دوجا من الورق وتكتب ما أمليه عليك فأحضر قرطاسا وصار يكتب فيه كل ما قاله أبوه فأملى عليه جميع ما جرى له من أوله إلى آخره وكتب له تاريخ زواجه ودخوله على بنت الوزير وتاريخ وصوله إلى البصرة واجتماعه بوزيرها. وكتب وصية موثقة ثم قال لولده: إحفظ هذه الوصية فإن ورقتها فيها، أصلك وحسبك ونسبك فإن أصابك شئ من الأمور فاقصد مصر، واستدل على عمك وسلم عليه وأعلمه أني مت غريبا مشتاقا إليه فأخذ حسن بدر الدين، الرقعة وطواها ولف عليها خرقة مشمعة وخاطها بين البطانة والظهارة وصار يبكي على أبيه من أجل فراقه وهو صغير وما زال نور الدين يوصي ولده حسن بدر الدين حتى طلعت روحه فأقام الحزن في بيته وحزن عليه السلطان وجميع الأمراء ودفنوه ولم يزالوا في حزن مدة شهرين، وولده لم يركب ولم يطلع الديوان ولم يقابل السلطان وأقام مكانه بعض الحجاب، وولى السلطان وزيرا مكانه وأمره أن يختم على أماكن نور الدين وعلى عماراته وعلى أملاكه. فنزل الوزير الجديد وأخذ الحجاب وتوجهوا إلى بيت الوزير نور الدين يختمون عليه ويقبضون على ولده حسن الدين ويطلعون به إلى السلطان ليعمل فيه ما يقتضي رأيه وكان بين العسكر مملوك من مماليك الوزير نور الدين، المتوفي فلم يهن عليه ولد سيده فذهب ذلك المملوك إلى حسن بدر الدين فوجده منكس الرأس حزين القلب على فراق والده فأعلمه بما جرى، فقال له هل في الأمر مهلة حتى أدخل فآخذ معي شيئا من الدنيا لأستعين به على الغربة فقال له المملوك أنج بنفسك فلما سمع كلام المملوك غطى رأسه بذيله وخرج ماشيا إلى أن صار خارج المدينة فسمع الناس يقولون أن السلطان أرسل الوزير الجديد إلى بيت الوزير المتوفي ليختم على ماله وأماكنه ويقبض على ولده حسن بدر الدين ويطلع به إليه فيقتله وصارت الناس تتأسف على حسنه وجماله فلما سمع كلام الناس خرج إلى غير مقصد ولم يعلم أين يذهب. فلم يزل سائرا إلى أن ساقته المقادير إلى تربة والده فدخل المقبرة ومشى بين القبور إلى أن جلس عند قبر أبيه وأزل ذيله من فوق رأسه، فبينما هو جالس عند تربة أبيه إذ قدم عليه يهودي من البصرة وقال يا سيدي مالي أراك متغيرا فقال له إني كنت نائما في هذه الساعة، فرأيت أبي يعاتبني على عدم زيارتي قبره فقمت وأنا مرعوب وخفت أن يفوت النهار ولم أزره، فيصعب علي الأمر، فقال له اليهودي يا سيدي إن أباك كان أرسل مراكب تجارة وقدم منها البعض ومرادي أن أشتري منك وثق كل مركب قدمت بألف دينار ثم أخرج اليهودي كيسا ممتلئا من الذهب، وعد منه ألف دينار ودفعه إلى حسن ابن الوزير ثم قال اليهودي إكتب لي ورقة واختمها فأخذ حسن ابن الوزير ورقة وكتب فيها كاتب هذه الورقة حسن بدر الدين ابن الوزير نور الدين قد باع اليهودي فلان جميع وثق كل مركب، وردت من مراكب أبيه المسافرين بألف دينار وقبض الثمن على سبيل التعجيل. فأخذ اليهودي الورقة وصار حسن يبكي ويتذكر ما كان فيه من العز والإقبال ثم دخل عليه الليل وأدركه النوم فنام عند قبر أبيه ولم يزل نائما حتى طلع القمر فتدحرجت رأسه عن القبر ونام على ظهره وصار يلمع وجهه في القمر وكانت المقابر عامرة بالجن المؤمنين، فخرجت جنية فنظرت وجه حسن وهو نائم فلما رأته تعجبت من حسنه وجماله وقالت سبحان الله ما هذا الشاب إلا كأنه من الحور العين، ثم طارت إلى الجو تطوف على عادتها فرأت عفريتا طائرا فسلمت عليه وسلم عليها فقالت له من أين أقبلت قال: من مصر فقالت له هل لك أن تروح معي، حتى تنظر إلى حسن هذا الشاب النائم في المقبرة فقال لها نعم فسارا حتى نزلا في المقبرة فقالت له هل رأيت في عمرك مثل هذا فنظر العفريت إليه وقال سبحان من لا شبيه له ولكن يا أختي إن أردت حدثتك بما رأيت فقالت له حدثني، فقال لها إني رأيت مثل هذا الشاب في إقليم مصر وهي بنت الوزير وقد علم بها الملك فخطبها من أبيها شمس الدين. فقال له يا مولانا السلطان أقبل عذري وارحم عبرتي فإنك تعرف أن أخي نور الدين خرج من عندنا ولا نعلم أين هو، وكان شريكي في الوزارة وسبب خروجه أني جلست أتحدث معه في شأن الزواج فغضب مني وخرج مغضبا وحكى للملك جميع ما جرى بينهما، ثم قال للملك فكان ذلك سببا لغيظه وأنا حالف أن لا أزوج بنتي إلا لإبن أخي من يوم ولدتها أمها وذلك نحو ثمان عشرة سنة ومن مدة قريبة سمعت أن أخي تزوج بنت وزير البصرة وجاء منها بولد وأنا لا أزوج بنتي إلا له كرامة، لأخي ثم إني أرخت وقت زواجي وحمل زوجتي وولدة هذه البنت وهي باسم ابن عمها والبنات كثير. فلما سمع السلطان كلام الوزير غضب غضبا شديدا، وقال له كيف يخطب مثلي من مثلك بنتا فتمنعها منه وتحتج بحجة باردة وحياة رأسي لا أزوجها إلا لأقل مني برغم أنفك وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.


  • #4
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    وفي الليلة الثانية والعشرون

    قالتسلطان بإحضاره وكتب كتابه على بنت الوزير بالنهار وأمر أن يدخل عليها في هذه الليلة، ويعمل له زفافا وقد تركه وهو بين مماليك السلطان، وهم حوله في أيديهم الشموع موقدة يضحكون ويسخرون منه على باب الحمام، وأما بنت الوزير فإنها جالسة تبكي بين المنقشات والمواشط وهي أشبه الناس بهذا الشاب، وقد حجروا على أبيها ومنعوه أن يحضرها وما رأيت يا أختي أقبح من هذا الأحدب فهي أحسن من هذا الشاب. قالت له الجنية تكذب فإن هذا الشاب أحسن أهل زمانه، فرد عليها العفريت وقال والله يا أختي إن الصبية أحسن من هذا، ولكن لا يصلح لها إلا هو فإنهما مثل بعضهما ولعلهما إخوان أو أولاد عم فيا خسارتها مع هذا الأحدب، فقالت له يا أخي دعنا ندخل تحته ونروح به إلى الصبية التي تقول عليها وننظر أيهما أحسن، فقال العفريت سمعا وطاعة هذا كلام صواب وليس هناك أحسن من هذا الرأي الذي إخترتيه فأنا أحمله ثم إنه حمله وطار به إلى الجو وصارت العفريتة في كل ركابه تحاذيه، إلى أن نزل به في مدينة مصر وحطه على مصطبة ونبهه. فاستيقظ من النوم فلم يجد نفسه على قبر أبيه في أرض البصرة، والتفت يمينا وشمالا فلم يجد نفسه إلا في مدينة غير مدينة البصرة فأراد أن يصيح فغمزه العفريت وأوقد له شمعة وقال له أعلم أني جئت بك، وأنا أريد أن أعمل معك شيئا لله فخذ هذه الشمعة وامش بها إلى ذلك الحمام واختلط بالناس ولا تزال ما شيا معهم حتى تصل إلى قاعة العروسة، فاسبق وادخل القاعة ولا تخشى أحدا وإذا دخلت فقف على يمين العريس الأحدب وكل ما جاءك المواشط والمغنيات والمنقشات فحط يدك في جيبك تجده ممتلئا ذهبا فاكبش وارم لهم ولا تتوهم أنك تدخل يدك ولم تجده ممتلئا بالذهب، فاعط كل من جاءك بالحفنة ولا تخشى من شيء وتوكل على الذي خلقك، فما هذا بحولك وقوتك بل بحول الله وقوته. فلما سمع حسن بدر الدين من العفريت هذا الكلام، قال يا هل ترى أي شيء هذه القضية وما وجه الإحسان، ثم مشى وأوقد الشمعة، وتوجه إلى الحمام فوجد الأحدب راكب الفرس فدخل حسن بدر الدين بين الناس وهو على تلك الحالة مع الصورة الحسنة، وكان عليه الطربوش والعمامة والفرجية المنسوجة بالذهب وما زال ماشيا في الزينة، وكلما وقفت المغنيات الناس ينقطوهن، يضع يده في جيبه فيلقاها ممتلئا بالذهب فيكبش ويرمي في الطار للمغنيات والمواشط فيملأ الطار دنانير فاندهشت عقول المغنيات وتعجب الناس من حسنه وجماله ولم يزل على هذا الحال حتى وصلوا إلى بيت الوزير، فردت الحجاب الناس ومنعوهم. فقالت المغنيات والمواشط والله لا ندخل إلا إن دخل هذا الشاب معنا لأنه غمرنا بإحسانه ولا نجلي العروسة إلا وهو حاضر، فعند ذلك دخلوا به إلى قاعة الفرح وأجلسوه برغم أنف العريس الأحدب واصطفت جميع نساء الأمراء والوزراء والحجاب صفين وكل مرأة معها شمعة كبيرة موقدة مضيئة وكلهن ملثمات وصرن صفوفا يمينا وشمالا، من تحت المنصة إلى صدر الليوان الذي عند المجلس الذي تخرج منه العروسة، فلما نظر النساء حسن بدر الدين وما هو فيه من الحسن والجمال، ووجهه يضيء كأنه هلال، مالت جميع النساء إليه. فقالت المغنيات للنساء الحاضرات، اعلموا أن هذا المليح ما نقطنا إلا بذهب الأحمر فلا تقصرن في خدمته وأطعنه فيما يقول فازدحمن النساء عليه بالشمع ونظرن إلى جماله فانبهرت عقولهن من حسنه، وصارت كل واحدة منهن تود أن تكون في حضنه سنة أو شهرا، أو ساعة، ورفعن ما كان على وجوههن من النقاب وتحيرت منهن الألباب وقلن هنيئا لمن كان هذا الشاب له أو عليه ثم دعون لحسن بدر الدين دعون على ذلك الأحدب. ثم إن المغنيات ضربنا بالدفوف وأقبلت المواشط وبنت الوزير بينهن، وقد طيبنها وعطرنها وألبسنها وحسن شعرها ونحرها بالحلى والحلل من لباس الملوك الأكاسرة ومن جملة ما عليها ثوب منقوش بالذهب الأحمر وفيه صور الوحوش والطيور وهو مسبول عليها من فوق حوائجها، وفي عنقها عقد يساوي الألوف قد حوى كل فص من الجواهر ما حاز مثله تبع ولا قيصر وصارت العروسة كأنها البدر إذا أقمر في ليلة أربعة عشر، ولما أقبلت كانت كأنها حورية فسبحان من خلقها بهية وأحدق بها النساء فصرن كالنجوم وهي بينهن كالقمر إذا انجلى عنه الغيم وكان حسن بدر الدين البصري جالسا والناس ينظرون إليه. فحضرت العروسة وأقبلت وتمايلت فقام إليها السائس الأحدب، ليقبلها فأعرضت عنه وانقلبت حتى صارت قدام حسن ابن عمها فضحك الناس لما رأوها مالت إلى نحو بدر الدين وحط يده في جيبه وكبش الذهب، ورمى في طار المغنيات ففرحوا وقالوا كنا نشتهي أن تكون هذه العروسة لك فتبسم. هذا كله والسائس الأحدب وحده كأنه قرد، وكلما أوقدوا له الشمعة طفئت فبهت وصار قاعدا في الظلام يمقت في نفسه وهؤلاء الناس محدقون به وتلك الشموع الموقدة بهجتها، من اعجب العجائب، يتحير من شعاعها أولوا الألباب وأما العروسة فإنها رفعت كفيها إلى السماء،وقالت اللهم إجعل هذا بعلي وأرحني من هذا السائس الأحدب، وصارت المواشط تجلي العروسة إلى آخر السبع وخلع على حسن بدر الدين البصري والسائس الأحدب وحده. فلما افرغوا من ذلك أذنوا بالإنصراف فخرج جميع من كان في الفرح من النساء والأولاد ولم يبقى إلا حسن بدر الدين والسائس الأحدب، ثم إن المواشط أدخلن العروسة ليكشفن ما عليها من الحلي ويهيئنها للعريس فعند ذلك تقدم السائس الأحدب إلى حسن بدر الدين، وقال له يا سيدي آنستنا في هذه الليلة وغمرتنا بإحسانك فلم لا تقوم تروح بيتك بلا مطرود، فقال بسم الله ثم قام وخرج من الباب فلقيه العفريت. فقال له قف يا بدر الدين فإذا خرج الأحدب إلى بيت للراحة، فادخل أنت واجلس في المخدع فإذا أقبلت العروسة فقل لها أنا زوجك والملك ما عمل تلك الحيلة إلا لأنه يخاف عليك من العين، وهذا الذي رأيته سائس من سياسنا، ثم أقبل عليها واكشف وجهها ولا تخشى بأسا من أحد، فبينما بدر الدين يتحدث مع العفريت وإذا بالسائس دخل بيت الراحة وقعد على الكرسي فطلع له العفريت من الحوض الذي فيه الماء في صورة فأر، وقال زيق فقال الأحدب ما جاء بك هنا فكبر الفأر، وصار كالقط ثم كبر حتى صار كلبا وقال عوه عوه. فلما نظر السائس ذلك فزع وقا لإخسأ يا مشؤوم فكبر الكلب، وانتفخ حتى صار جحشا ونهق هاق هاق فانزعج السائس وقال إلحقوني يا أهل البيت، وإذا بالجحش قد كبر وصار قدر الجاموسة وسد عليه المكان وتكلم بكلام ابن آدم وقال: ويلك يا أحدب يا أنتن السياس فلحق السائس البطن وقعد على الملاقي بأثوابه واشتبكت أسنانه ببعضها فقال له العفريت: هل ضاقت عليك الأرض فلا تتزوج إلا بمعشوقتي فسكت السائس، فقال له: رد الجواب وإلا اسكنتك التراب فقال له: والله مالي ذنب إلا إنهم غصبوني وما عرفت أن لها عشاقا من الجواميس ولكن أنا تائب إلى الله ثم إليك. فقال له العفريت: اقسم بالله إن خرجت في هذا الوقت، من هذا الموضع أو تكلمت قبل أن تطلع الشمس لأقتلنك، فإذا طلعت الشمس فاخرج إلى حال سبيلك ولا تعد إلى هذا البيت أبدا، ثم إن العفريت قبض على السائس الأحدب وقلب رأسه في الملاقي وجعلها إلى أسفل وجعل رجليه إلى فوق، وقال له إستمر هنا وأنا أحرسك إلى طلوع الشمس، هذا ما كان من قصة الأحدب وأما ما كان من قصة بدر الدين البصري فإنه خلى الأحدب والعفريت يتخاصمان ودخل البيت وجلس داخل المخدع، وإذا بالعروس أقبلت معها العجوز. فوقفت العجوز في باب المخدع وقالت يا أبا شهاب قم وخذ عروستك، وقد استودعتك الله ثم ولت العجوز ودخلت العروسة وصدر المخدع، وكان إسمها ست الحسن وقلبها مكسور وقالت في قلبها والله لا أمكنه من نفسي لو طلعت روحي، فلما دخلت إلى صدر المخدع نظرت بدر الدين، فقالت: يا حبيبي وإلى هذا الوقت أنت قاعد لقد قلت في نفسي لعلك أنت والسائس الأحدب مشتركان في، فقال حسن بدر الدين: وأي شيء أوصل السائس إليك ومن أين له أن يكون شريكي فيك، فقالت: ومن زوجي أأنت أم هو؟ قال حسن بدر الدين: يا سيدتي نحن ما عملنا هذا إلا سخرية به لنضحك عليه. فلما نظرت المواشط والمغنيات وأهلك حسنك البديع خافوا علينا من العين فأكتراه أبوك بعشرة دنانير حتى يصرف عنا العين وقد راح، فلما سمعت ست الحسن من بدر الدين ذلك الكلام فرحت وتبسمت وضحكت ضحكا لطيفا وقالت والله أطفأت ناري فبالله خذني عندك وضمني إلى حضنك وكانت بلا لباس فكشف ثوبها إلى نحرها فبان ما قدامها وورائها. فلما نظر بدر الدين صفاء جسمها تحركت فيه الشهوة فقام وحل لباسه ثم حل كيس الذهب الذي كان أخذه من اليهودي ووضع فيه ألف دينار ولفه في سرواله وحطه تحت ذيلة الطراحة وقلع عمامته ووضعها على الكرسي وبقي بالقميص الرفيع وكان القميص مطرز بالذهب، فعند ذلك قامت إليه ست الحسن وجذبته إليها وجذبها بدر الدين وعانقها وأخذ رجليها في وسطه ثم ركب المدفع وحرره على القلعة وأطلقه فهدم البرج فوجدها درة ما ثقبت ومطية لغيره ما ركبت، فأزال بكارتها، وتملى بشبابها ولم يزل يركب المدفع ويرد إلى غاية خمس عشرة مرة، فعلقت منه، فلما فرغ حسن بدر الدين وضع يده تحت رأسها وكذلك الأخرى وضعت يدها تحت رأسه ثم أنهما تعانقا وشرحا بعناقهما مضمون هذه الأبيات:
    زر من تحب كلام الـحـاسـد ليس الحسود على الهوى بمساعد لم يخلق الرحمن أحسن منظـرا من عاشقين في فـراش واحـد متعانقين علنهما حلل الـرضـا متوسدين بمعصـم وبـسـاعـد وإذا تألفت القلوب على الهـوى فالناس تضرب في حديد بـارد وإذا صفى لك من زمانك واحـد فهو المراد وعش بذاك الواحـد

  • صفحة 1 من 7 123 ... الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 3 (0 من الأعضاء و 3 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. ألف ليلة وليلة/الجزء الأول
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى إستراحة المغترب Forum rest expatriate
      مشاركات: 17
      آخر مشاركة: 08-01-2010, 06:34 PM
    2. مقدمة ابن خلدون - الجزء الثاني
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 26
      آخر مشاركة: 08-01-2010, 01:24 AM
    3. معجم البلدان الجزء الثاني
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى إستراحة المغترب Forum rest expatriate
      مشاركات: 110
      آخر مشاركة: 07-15-2010, 11:59 PM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1