فودعه المهلهل وما زال يجول حتى أقترب من بلاد الصعيد وكان العبدان قد تعبا من مشقة الطريق وهما يلاقيان من التعب أشد الضيق فصمما على قتله وأعدامه بالكليه وانما يقولان لاهله قد ادركته المنيه فعرف الزير منهما فقال قد دنى همامي وليس الا القبر امامي فإذا ادركتني منيتي اريد منكما ان تبلغا اهلي وصيتي قالا وماهي وصيتك فعاهدهما على حفظها وتأييدها فحلفا له بأعظم الاقسام بأنهما يبلغونها بالكمال والتمام فقال اذا وصلتم الحي فاقريا أهلي من السلام وانشدوهم هذا البيت وقولا لهم اني في القبر قد أختبيت .
من مبلغ الاقوام ان مهلهلا لله دركما ودر ابيكما
وكرره عليهم حتى حفظاه ولما دخل الليل ذبحوه ودفناه تحت التراب ورجعا إلى ديارهما ودخلا على سيدهما الجرو وأعلماه بموت عمه الزير فبكا بكاء شديدا ومن حضر ثم ان العبدان اقتربا من الجرو وانشداه البيت المذكور . فلما سمع الجرو هذا استغربه حيث لامعنى له فاستدعى بأخته اليمامه وكانت من اذكى نساء العرب وعلمها عمها وانشدها ذلك البيت فلطمت على وجهها وبكت قالت ان عمي لايقول ابيات ناقصه بل اراد ان يقول :
من مبلغ الاقوام ان مهلهلا أضحى قتيلا الفلاة مجندلا لله دركما ودر ابيكما لايبرح العبدان حتى يقتلا
ثم انهما قبضا على العبدان والقوهما تحت العذاب والضرب الشديد إلى ان أقر بأنهما قتلاه ودفناه فقتلهما الجرو في الحال وهكذا انتهت حياة الزير وقد أخذ ثاره في حياته وبعد مماته .




( تمت قصة الزير أبو ليلى المهلهل بعون الله تعالى ) السلام
"