وفي بعضِ الحديث أنّ إبراهيم خليل الرَّحمن صلوات الله عليه كان من أغير النَّاس فلمّا حضرَتْه الوفاة دخل عليه ملك الموت في صُورة رجل أنكره فقال له مَن أدخلك داري قال الذي أسكنك فيها منذُ كذا وكذا سنة قال‏:‏ ومَن أنت قال‏:‏ أنا ملك الموت جئت لقَبض رُوحك قال‏:‏ أتاركي أنت حتى أودِّع ابني إسحاق قال‏:‏ نعم فأرسل إلى إسحاق فلمّا أتاه أخبره فتعلّق إسحاق بأبيه إبراهيم وجعل يتقطّع عليه بُكاءً فخرج عنهما ملك الموت وقال‏:‏ يا ربَّ ذبيحُك إسحاق متعلِّق بخليلك فقال له الله‏:‏ قل له إني قد أمهلتك ففعل‏.‏
وانحلّ إسحاق عن أبيه ودخل إبراهيم بيتاً ينام فيه فقبض ملك الموت روحَه وهو نائم‏.‏
باب الاعتضاد بالولد

قال الله تبارك وتعالى فيما حكاه عن عَبْدِه زكريَّا ودُعائه إليه في الولد‏:‏ ‏"‏ وَزَكَرِيَّا إذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْني فَرداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثين ‏"‏‏.‏
وقال‏:‏ ‏"‏ وَإنِّي خِفْتُ المَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانت امرأتي عاقراَ فَهَبْ لي مِنْ لَدُنْكَ وَليَّاَ‏.‏
يَرِثُني وَيَرِثُ مِن آل يعقُوبَ واجعلهُ رَبِّ رَضِيَّاً ‏"‏‏.‏
والمَوَالِي ها هنا بنو العم‏.‏
وقال الشاعر‏:‏ مَن كان ذا عَضُد يُدْرِكْ ظُلامته إنِّ الذّليل الذي لَيْستْ له عَضدُ تَنْبو يَدَاه إذا ما قَلَّ ناضرُه وَيَأنَفُ الضّيْم إنْ أثْرَى له عدد العُتبى قال‏:‏ لمّا أسنَّ أبو بَراء عامرُ بن مالك وضَعَّفه بنو أخيه وخَرَّفوه ولم يكن له ولد يَحْميه أنشأ يقول‏:‏ دَفعتُكم عنَي وما دَفْع راحةٍ بشيء إذا لم تَسْتَعِن بالأنامل يُضَعّفني حِلْمي وكثرةُ جَهلكم عليّ وأني لا أصُول بجاهل وقال آخر‏:‏ تَعْدُو الذِّنائب عَلَى من لا كلابَ له وتَتَّقي سَوْرةَ المُستنفِر الحامِي
باب في التجارب والتأدب بالزمان

قالت الحُكماء‏:‏ كَفي بالتّجارب تأديباً وبتقلّب الأيام عِظَة‏.‏
وقال حبيب‏:‏ أحاولتَ إرشادي فعَقْليَ مُرْشِدي أم استَمْت تَأديبي فدَهري مُؤدبي وقال إبراهيم بن شَكلة‏:‏ من لم يؤدَبه والده أدَّبه الليلُ والنَّهارُ كم قد أذلأَ كَريمَ قَوْم ليس له منهما انتصار مَن ذا يَدُ الدهرِ لم تَنَله أو اطمأَنّت به الدَيار كُلّ عن الحادِثات مُغْضٍ وعِنده للزّمان ثار وقال آخر‏:‏ وما أبقت لك الأيامُ عُذْراً وبالأيَّام يَتَّعظ‏!‏ اللًبِيب وقالوا‏:‏ كفي بالدهر مُخبرا بما مَضى عمّا بَقيِ‏.‏
وقالوا‏:‏ كَفي مخبراً لذَوي الألباب ما جَرَبوا‏.‏
وقالوا لعيسى بن مَرْيم عليهما السلام‏:‏ مَن أدَّبك قال‏:‏ ما أدَّبني أحد رأيتُ الجَهل قبيحاً فاجتنبتُه‏.‏
قالت الحُكَمَاء‏:‏ اصحب الأيام بالمُوادعة ولا تُسابق الدهرَ فتَكْبُو‏.‏
وقال الشاعر‏:‏ مَن سابَق الدهر كبا كَبْوةً لم يَسْتَقِلها من خطُا الدَّهرِ فاخطُ مع الدَّهر إذ ما خَطا واجرِ مع الدهر كما يَجْرِي وقال بشّار العُقَيلي‏:‏ أعاذِل إنّ العُسْر سَوف يُفيق