صفحة 13 من 13 الأولىالأولى ... 3111213
النتائج 49 إلى 50 من 50

الموضوع: تاريخ الرسل والملوك(الجزء الرابع)

العرض المتطور


  1. #1
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    قال أبو جعفر: وكان رضي الله عنه شديدًا على أهل الريب، وفي حقّ الله صلبًا حتى يستخرجه، وليّنًا سهلا فيما يلزمه حتى يؤدّيه، وبالضعيف رحيمًا رءوفًا. حدثني عبيد الله بن سعيد الزهري، قال: حدثنا عمّي، قال: حدثنا أبي، عن الوليد بن كثير، عن محمد بن عجلان، أنّ زيد بن أسلم حدثه عن أبيه، أنّ نفرًا من المسلمين كلّموا عبد الرحمن بن عوف، فقالوا: كلّم عمر بن الخطاب؛ فإنه قد أخشانا حتى والله ما نستطيع أن نديم إليه أبصارنا. قال: فذكر ذلك عبد الرحمن بن عوف لعمر، فقال: أوقد قالوا ذلك! فوالله لقد لنت لهم حتى تخوّفت الله في ذلك؛ ولقد اشتددت عليهم حتى خشيت الله في ذلك، وايم الله لأنا أشدّ منهم فرقًا منهم منّي! وحدثنا أبو كريب، قال: حدثنا أبو بكر، عن عاصم، قال: استعمل عمر رجلًا على مصر، فبينا عمر يومًا مارّ في طريق من طرق المدينة إذ سمع رجلًا وهو يقول: الله يا عمر! تستعمل من يخون وتقول: ليس علي شيشء، وعاملك يفعل كذا! قال: فأرسل إليه، فلما جاءه أعطاه عصًا وجبّة صوف وغنمًا، فقال: ارعها - واسمه عياض بن غنم - فإن أباك كان راعيًا، قال: ثم دعاه، فذكر كلامًا، فقال: إن أنا رددتك! فردّه إلى عمله، وقال: لي عليك ألّا تلبس رقيقًا، ولا تركب برذونًا!
    حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا أبو أسامة، عن عبد الله بن الوليد، عن عاصم، عن ابن خزيمة بن ثابت الأنصاري، قال: كان عمر إذا استعمل عاملًا كتب له عهدًا، وأشهد عليه رهطًا من المهاجرين والأنصار، واشترط عليه ألّا يركب برذونًا، ولا يأكل نقيًّا، ولا يلبس رقيقًا، ولا يتخذ بابًا دون حاجات الناس.
    وحدثني الحارث، قال: حدثنا ابن سعد، قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم، عن سلّام بن مسكين، قال: حدثنا عمران، أنّ عمر بن الخطاب كان إذا احتاج أتى صاحب بيت المال، فاستقرضه؛ قال: فربما أعسر فيأتيه صاحب بيت المال يتقاضاه فيلزمه، فيحتال له عمر، وربما خرج عطاؤه فقضاه.
    وعن أبي عامر العقدي، قال: حدثنا عيسى بن حفص، قال: حدثني رجل من بني سلمة، عن ابن البراء بن معرور أن عمر رضي الله عنه خرج يومًا حتى أتى المنبر، وقد كان اشتكى شكوى له، فنعت له العسل، وفي بيت المال عكّة، فقال: إن أذنتم لي فيها أخذتها، وإلّا فهي علي حرام.
    تسمية عمر رضي الله عنه أمير المؤمنين

    قال أبو جعفر: أوّل من دعي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب؛ ثم جرت بذلك السنّة، واستعمله الخلفاء إلى اليوم.
    ذكر الخبر بذلك
    حدثني أحمد بن عبد الصمد الأنصاري، قال: حدثتني أمّ عمرو بنت حسّان الكوفيّة، عن أبيها، قال: لما ولي عمر قيل: يا خليفة خليفة رسول الله، فقال عمر رضي الله عنه: هذا أمر يطول، كلّما جاء خليفة قالوا: يا خليفة خليفة خليفة رسول الله! بل أنتم المؤمنون وأنا أميركم؛ فسمّيَ أمير المؤمنين.
    قال أحمد بن عبد الصمد: سألتها كم أتى عليك من السنين؟ قالت: مائة وثلاث وثلاثون سنة.
    حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا يحيى بن واضح، قال: حدثنا أبو حمزة، عن جابر، قال: قال رجل لعمر بن الخطاب: يا خليفة الله، قال: خالف الله بك! فقال: جعلني الله فداءك! قال: إذًا يهينك الله!
    وضعه التأريخ

    قال أبو جعفر: وكان أوّل من وضع التأريخ وكتبه - فيما حدثني الحارث، قال: حدثنا ابن سعد، عن محمد بن عمر - في سنة ستّ عشرة في شهر ربيع الأول منها، وقد مضى ذكري سبب كتابه ذلك؛ وكيف كان الأمر فيه.
    وعمر رضي الله عنه أوّل من أرّخ الكتب، وختم بالطين. وهو أوّل من جمع الناس على إمام يصلّي بهم التراويح في شهر رمضان، وكتب بذلك إلى البلدان، وأمرهم به، وذلك - فيما حدثني به الحارث، قال: حدثنا ابن سعد، عن محمد بن عمر - في سنة أربع عشرة، وجعل للناس قارئين: قارئًا يصلّي بالرجال وقارئًا يصلّي بالنساء.
    حمله الدرة وتدوينه الدواوين

    وهو أوّل من حمل الدرّة، وضرب بها؛ وهو أوّل من دوّن للناس في الإسلام الدواوين، وكتب الناس على قبائلهم، وفرض لهم العطاء.
    حدثني الحارث، قال: حدثنا ابن سعد، قال: حدثنا محمد بن عمر، قال: حدثني عائذ بن يحيى، عن أبي الحويرث، عن جبير بن الحويرث بن نقيد، أنّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه استشار المسلمين في تدوين الدواوين، فقال له علي بن أبي طالب: تقسم كلّ سنة ما اجتمع إليك من مال، فلا تمسك منه شيئًا. وقال عثمان بن عفان: أرى مالًا كثيرًا يسع الناس، وإن لم يحصوا حتى تعرف من أخذ ممن لم يأخذ، خشيت أن ينتشر الأمر. فقال له الوليد بن هشام بن المغيرة: يا أمير المؤمنين قد جئت الشأم، فرأيت ملوكها قد دوّنوا ديوانًا، وجنّدوا جندًا، فدوّن ديوانًا، وجند جندًا. فأخذ بقوله، فدعا عقيل بن أبي طالب ومخرمة بن نوفل وجبير بن مطعم، وكانوا من نسّاب قريش - فقال: اكتبوا الناس على منازلهم؛ فكتبوا فبدءوا ببني هاشم؛ ثم أتبعوهم أبا بكر وقومه، ثم عمر وقومه على الخلافة؛ فلما نظر فيه عمر قال: لوددت والله أنه هكذا؛ ولكن ابدءوا بقرابة رسول الله ؛ الأقرب فالأقرب، حتى تضعوا عمر حيث وضعه الله.
    حدثني الحارث، قال: حدثنا ابن سعد، قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني أسامة بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن جدّه، قال: رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين عرض عليه الكتاب، وبنو تيم على أثر بني هاشم وبنو عدي على أثر بني تيم، فأسمعه يقول: ضعوا عمر موضعه، وابدءوا بالأقرب فالأقرب من رسول الله، فجاءت بنو عدي إلى عمر، فقالوا: أنت خليفة رسول الله، قال: أو خليفة أبي بكر، وأبو بكر خليفة رسول الله، قالوا: وذاك، فلو جعلت نفسك حيث جعلك هؤلاء القوم! قال: بخ بخ بني عدي! أردتم الأكل على ظهري؛ وأن أذهب حسناتي لكم! لا والله حتى تأتيكم الدعوة، وإن أطبق عليكم الدفتر ولو أن تكتبوا في آخر الناس؛ إن لي صاحبين سلكا طريقًا، فإن خالفتهما خولف بي؛ والله ما أدركنا الفضل في الدنيا، ولا نرجو ما نرجو من الآخرة من ثواب الله على ما عملنا إلّا بمحمّد ؛ فهو شرفنا، وقومه أشرف العرب، ثم الأقرب فالأقرب؛ إن العرب شرفت برسول الله، ولعلّ بعضها يلقاه إلى آباء كثيرة، وما بيننا وبين أن نلقاه إلى نسبه ثم لا نفارقه إلى آدم إلا آباء كثيرة، وما بيننا وبين أن نلقاه إلى نسبه ثم لا نفارقه إلى آدم إلا آباء يسيرة؛ مع ذلك والله لئن جاءت الأعاجم بالأعمال، وجئنا بغير عمل، فهم أولى بمحمّد منّا يوم القيامة، فلا ينظر رجل إلى قرابة، وليعمل لما عند الله، فإنّ من قصّر به عمله لم يسرع به نسبه.
    حدثني الحارث، قال: حدثنا ابن سعد، قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني حزام بن هشام الكعبي، عن أبيه، قال: رأيت عمر ابن الخطاب رضي الله تعالى عنه يحمل ديوان خزاعة حتى ينزل قديدًا، فنأتيه بقديد، فلا يغيب عنه ارمأة بكر ولا ثيّب، فيعطيهنّ في أيديهنّ، ثم يروح فينزل عسفان، فيفعل مثل ذلك أيضًا حتى توفّيَ.
    حدثني الحارث، قال: حدثنا ابن سعد، قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني عبد الله بن جعفر الزهري وعبد الملك بن سليمان، عن إسماعيل بن محمد بن سعد، عن السائب بن يزيد، قال: سمعت عمر ابن الخطاب، يقول: والله الذي لا إله إلا هو؛ ثلاثًا؛ ما من أحد إلّا له في هذا المال حقّ أعطيه أو منعه؛ وما أحد أحقّ به من أحد إلّا عبد مملوك؛ وما أنا فيه إلّا كأحدهم؛ ولكنّا على منازلنا من كتاب الله، وقسمنا من رسول الله ، والرجل وبلاؤه في الإسلام، والرّجل وقدمه في الإسلام، والرّجل وغناؤه في الإسلام، والرّجل وحاجته؛ والله لئن بقيت ليأتينّ الراعي بجبل صنعاء حظّه من هذا المال وهو مكانه.
    قال إسماعيل بن محمد: فذكرت ذلك لأبي، فعرف الحديث.
    حدثني الحارث، قال: حدثنا ابن سعد، قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني محمد بن عبد الله عن الزهري، عن السائب بن يزيد، قال: رأيت خيلًا عند عمر بن الخطاب موسومة في أفخاذها: حبيس فس سبيل الله.
    حدثني الحارث، قال: حدثنا ابن سعد، قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني قيس بن الربيع، عن عطاء بن السائب؛ عن زاذان، عن سلمان؛ أنّ عمر قال له: أملك أنا أم خليفة؟ فقال له سلمان: إن أنت جبيت من أرض المسلمين درهمًا أو أقلّ أو أكثر؛ ثمّ وضعته في غير حقه؛ فأنت ملك غير خليفة؛ فاستعبر عمر.
    حدثني الحارث، قال: حدثنا ابن سعد، قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني أسامة بن زيد، قال: حدثني نافع مولى آل الزبير، قال: سمعت أبا هريرة يقول: يرحم الله ابن حنتمة! لقد رأيته عام الرمادة؛ وإنه ليحمل على ظهره جرابين وعكّة زيت في يده؛ وإنه ليعتقب هو وأسلم؛ فلمّا رآني قال: من أين يا أبا هريرة؟ قلت: قريبًا؛ فأخذت أعقبه؛ فحملناه حتى انتهينا إلى صرار؛ فإذا صرم نحو من عشرين بيتًا من محارب، فقال عمر: ما أقدمكم؟ قالوا: الجهد؛ وأخرجوا لنا جلد الميتة مشويًّا كانوا يأكلونه، ورمّة العظام مسحوقة كانوا يستفّونها؛ فرأيت عمر طرح رداءه، ثم اتّزر، فمازال يطبخ لهم حتى شبعوا، فأرسل أسلم إلى المدينة فجاء بأبعرة فحملهم عليها حتى أنزلهم الجبّانة، ثم كساهم. وكان يختلف إليهم وإلى غيرهم حتى رفع الله ذلك.
    حدثني الحارث، قال: حدثنا ابن سعد، قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: أخبرني موسى بن يعقوب، عن عمه، عن هشام بن خالد، قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه يقول: لا تذرّنّ إحداكنّ الدقيق حتى يسخن الماء ثم تذرّه قليلًا قليلا، وتسوطه بمسوطها، فإنه أريع له؛ وأحرى ألّا يتقرّد.
    حدثني الحارث، قال: حدثنا ابن سعد، قال: أخبرنا محمد بن مصعب القرقساني، قال: حدثنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم، عن راشد بن سعد؛ أنّ عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أتي بمال؛ فجعل يقسمه بين الناس، فازدحموا عليه، فأقبل سعد بن أبي وقاص يزاحم الناس؛ حتى خلص إليه، فعلاه عمر بالدّرّة، وفال: إنّك أقبلت لا تهاب سلطان الله في الأرض؛ فأحببت أن أعلمك أنّ سلطان الله لن يهابك.
    حدثني الحارث، قال: حدثنا ابن سعد، قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثنا عمر بن سليمان بن أبي حثمة، عن أبيه، قال: قالت الشفا ابنة عبد الله - ورأيت فتيانًا يقصدون في المشي، ويتكلّمون رويدًا، فقالت: ما هذا؟ قالوا: نسّاك، فقالت: كان والله عمر إذا تكلّم أسمع، وإذا مشى أسرع، وإذا ضرب أوجع، هو والله الناسك حقًا.
    حدثني عمر، قال: حدثنا علي بن محمد، قال: حدثنا عبد الله ابن عامر، قال: أعان عمر رجلًا على حمل شيء، فدعا له الرجل، وقال: نفعك بنوك يا أمير المؤمنين! فقال: بل أغناني الله عنهم.
    حدثني عمر، قال: حدثنا علي بن محمد، عن عمر بن مجاشع. قال: قال عمر بن الخطاب: القوّة في العمل ألّا تؤخّر عمل اليوم لغد، والأمانة ألا تخالف سريرة علانية؛ واتّقوا الله عز وجل، فإنما التقوى بالتّوقّي، ومن يتّق الله يقه.
    http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg

    مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني



  • #2
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    وقال الواقدي: وفي هذه السنة كان فتح إصطخر الثاني على يد عثمان ابن أبي العاص.
    قال: وفيها غزا معاوية قنّسرين.
    ثم دخلت سنة ثمان وعشرين

    ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث المشهورة
    فتح قبرس

    فمما ذكر أنه كان فيها فتح قبرس، على يد معاوية، غزاها بأمر عثمان إيّاه؛ وذلك في قول الواقدي.
    فأمّا أبو معشر فإنه قال: كانت قبرس سنة ثلاث وثلاثين، حدثني بذلك أحمد بن ثابت، عمّن حدثه، عن إسحاق بن عيسى، عنه.
    وقال بعضهم: كانت قُبرس سنة سبع وعشرين، غزاها - فيما ذكر - جماعة من أصحاب رسول الله ، فيهم أبو ذرّ وعبادة بن الصامت؛ ومعه زوجته أمّ حرام والمقداد وأبو الدرداء، وشدّاد بن أوس.
    ذكر الخبر عن غزوة معاوية إياها
    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن الربيع بن النعمان النصري وأبي المجالد جراد بن عمرو، عن رجاء بن حيوة وأبي حارثة وأبي عثمان، عن رجاء وعبادة وخالد: قالوا: ألحّ معاوية في زمانه على عمر بن الخطاب رضي الله عنه في غزو البحر وقرب الروم من حمص؛ وقال: إن قرية من قرى حمص ليسمع أهلها نباح كلابهم وصياح دجاجهم؛ حتى كاد ذلك يأخذ بقلب عمر؛ فكتب عمر إلى عمرو بن العاص: صف لي البحر وراكبه؛ فإنّ نفسي تنازعني إليه.
    وقال عبادة وخالد: لما أخبره ما للمسلمين في ذلك وما على المشركين، فكتب إليه عمرو: إني رأيت خلقًا كبيرًا يركبه خلق صغير؛ إن ركن خرّق القلوب، وإن تحرّك أزاغ العقول؛ يزداد فيه اليقين قلّة، والشكّ كثرة، هم فيه كدود على عدود؛ إن مال غرق، وإن نجا برق.
    فلما قرأه عمر كتب إلى معاوية: لا والذي بعث محمدًا بالحق لا أحمل فيه مسلمًا أبدًا.
    وكتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد بن سعيد، عن عبادة بن نسي، عن جنادة بن أبي أميّة الأزدي، قال: كان معاوية كتب إلى عمر كتابًا في غزو البحر يرغّبه فيه، ويقول: يا أمير المؤمنين، إنّ بالشأم قرية يسمع أهلها نباح كلاب الروم وصياح ديوكهم؛ وهم تلقاء ساحل من سواحل حمص؛ فاتّهمه عمر لأنه المشير؛ فكتب إلى عمرو: أن صف لي البحر؛ ثم اكتب إلي بخبره: فكتب إليه: ياأمير المؤمنين، إني رأيت خلقًا عظيماُ، يركبه خلق صغير؛ ليس إلا السماء والماء؛ وإنما هم كدودٍ على عود، إن مال غرق، وإن نجا برق.
    وكتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن أبي عثمان وأبي حارثة، عن عبادة، عن جنادة بن أبي أميّة والربيع وأبي المجالد، قالوا: كتب عمر إلى معاوية: إنا سمعنا أن بحر الشأم يشرف على أطول شيء على الأرض؛ يستأذن الله في كلّ يوم وليلة في أن يفيض على الأرض فيغرّقها؛ فكيف أحمل الجنود في هذا البحر الكافر المستصعب؛ وتالله لمسلم أحبّ إلي مما حوت الروم؛ فإيّاك أن تعرض لي؛ وقد تقدّمت إليك، وقد علمت ما لقي العلاء منّي، ولم أتقدّم إليه في مثل ذلك.
    وقالوا: ترك ملك الروم الغزو، وكاتب عمر وقاربه، وسأله عن كلمة يجتمع فيها العلم كله، فكتب إليه: أحبّ للناس ما تحبّ لنفسك، واكره لهم ما تكره لها، تجتمع لك الحكمة كلّها. واعتبر الناس بما يليلك، تجمتع لك المعرفة كلها.
    وكتب إليه ملك الروم - وبعث إليه بقارورة: أن املأ لي هذه القارورة من كلّ شيء، فملأها ماء، وكتب إليه: إنّ هذا كلّ شيء من الدنيا.
    وكتب إليه ملك الروم: ما بين الحق والباطل؟ فكتب إليه: أربع أصابع الحقّ، فيما يرى عياناُ، والباطل كثيرًا يستمع به فيما لم يعاين.
    وكتب إلى ملك الروم يسأله عمّا بين السماء والأرض وبين المشرق والمغرب، فكتب إليه: مسيرة خمسمائة عام للمسافر؛ لو كان طريقًا مبسوطًا.
    قال: وبعثت أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب إلى ملكة الروم بطيب ومشارب وأحفاش من أحفاش النساء، ودسّته إلى البريد، فأبلغه لها، وأخذ منه. وجاءت امرأة هرقل، وجمعت نساءها، وقالت: هذه هدّية امرأة ملك العرب، وبنت نبيّهم، وكاتبتها وكافأتها، وأهدت لها؛ وفيما أهدت لها عقد فاخر. فلما انتهى به البريد إليه أمره بإمساكه، ودعا: الصلاة جامعة، فاجتمعوا، فصلّى بهم ركعتين، وقال: إنه لا خير في أمر أبرم عن غير شورى من أموري؛ قولوا في هديّة أهدتها أم كلثوم لامرأة ملك الروم؛ فأهدت لها امرأة ملك الروم، فقال قائلون: هو لها بالذي لها، وليست امرأة الملك بذمّة فتصانع به، ولا تحت يدك فتتّقيك.
    وقال آخرون: قد كنّا نهدي الثياب لنستثيب، ونبعث بها لتباع، ولنصيب ثمنًا. فقال: ولكنّ الرسول رسول المسلمين، والبريد بريدهم، والمسلمون عظّموها في صدرها. فأمر بردّها إلى بيت المال، وردّ عليها بقدر نفقتها.
    كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن أبي حارثة، عن خالد بن معدان، قال: أوّل من غزا في البحر معاوية بن أبي سفيان زمان عثمان بن عفان، وقد كان استأذن عمر فيه فلم يأذن له؛ فلما ولي عثمان لم يزل به معاوية؛ حتى عزم عثمان على ذلك بأخرة، وقال: لا تنتخب الناس، ولا تقرع بينهم؛ خيرهم؛ فمن اختار الغزو طائعًا فاحمله وأعنه، ففعل واستعمل على البحر عبد الله بن قيس الجاسي حليف بني فزارة، فغزا خمسين غزاة من بين شاتية وصائفة في البحر، ولم يغرق فيه أحد ولم ينكب؛ وكان يدعو الله أن يرزقه العافية في جنده، وألّا يبتليه بمصاب أحد منهم، ففعل، حتى إذا أراد الله أن يصيبه وحده؛ خرج في قارب طليعة، فانتهى إلى المرقى من أرض الروم؛ وعليه سؤّال يعترّون بذلك المكان، فتصدّق عليهم، فرجعت امرأة من السؤّال إلى قريتها، فقال للرجال: هل لكم في عبد الله بن قيس؟ قالوا: وأين هو؟ قالت: في المرقى، قالوا: أي عدوّة الله! ومن أين تعرفين عبد الله بن قيس؟ فوبّختهم، وقالت: أنتم أعجز من أن يخفى عبد الله على أحد. فثاروا إليه، فهجموا عليه، فقاتلوه وقاتلهم، فأصيب وحده؛ وألفت الملّاح حتى أتى أصحابه، فجاءوا حتى أرقوا، والخليفة منهم سفيان بن عوف الأزدي، فخرج فقاتلهم، فضجر وجعل يعبث بأصحابه ويشتمهم، فقالت جارية عبد ه: واعبد الله، ما هكذا كان يقول حين يقاتل! فقال سفيان: وكيف كان يقول؟ قالت: الغمرات ثم ينجلينا فترك ما كان يقول، ولزم: الغمرات ثم ينجلينا. وأصيب في المسلمين يومئذ، وذلك آخر زمان عبد الله بن قيس الجاسي؛ وقيل لتلك المرأة بعد: بأي شيء عرفتيه؟ قالت: بصدقته؛ أعطى كما يعطي الملوك؛ ولم يقبض قبض التجّار.
    وكتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن أبي حارثة وأبي عثمان، قالا: قيل لتلك المرأة التي استثارت الروم على عبد الله بن قيس: كيف عرفته؟ قالت: كان كالتاجر، فلمّا سألته أعطاني كالملك؛ فعرفت أنه عبد الله بن قيس.
    وكتب إلى معاوية والعمّال: أمّا بعد، فقوموا على ما فارقتم عليه عمر، ولا تبدّلوا، ومهما أشكل عليكم، فردّوه إلينا نجمع عليه الأمة، ثمّ نردّه عليكم؛ وإيّاكم أن تغيِّروا، فإنّي لست قابلًا منكم إلا ما كان عمر يقبل.
    وقد كانت تنتقض فيما بين صلح عمر وولاية عثمان تلك الناحية فيبعث إليها الرجل فيفتحها الله على يديه، فيحسب له ذلك؛ وأما الفتوح فلأوّل من وليها.
    قال أبو جعفر: ولما غزا معاوية قبرس؛ صالح أهلها - فيما حدثني علي بن سهل، قال: جدثنا الوليد بن مسلم، قال: أخبرني سليمان بن أبي كريمة والليث بن سعد وغيرهما من مشيخة ساحل دمشق؛ أنّ صلح قبرس وقع على جزية سبعة آلاف دينار يؤدّونها إلى المسلمين في كلّ سنة، ويؤدُّون إلى الروم مثلها، ليس للمسلمين أنيحولوا بينهم وبين ذلك، على ألّا يغزوهم ولا يقاتلوا من وراءهم ممن أرادهم من خلفهم، وعليهم أن يؤذنوا المسلمين بمسير عدوّهم من الروم إليهم؛ وعلى أن يبطرق إمام المسلمين عليهم منهم.
    وقال الواقدي: غزا معاوية في سنة ثمان وعشرين قبرس، وغزاها أهل مصر وعليهم عبد الله بن سعد بن أبي سرح، حتى لقوا معاوية، فكان على الناس.
    قال: وحدثني ثوري بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن جبير بن نفير، قال: لما سبيناهم نظرت إلى أبي الدرداء يبكي، فقلت: ما يبكيك في يوم أعزّ الله فيه الإسلام وأهله، وأذل " فيه الكفر وأهله؟ قال: فضرب بيده على منكبي، وقال: ثكلتك أمّك يا جبير! ما أهون الخلق عى الله إذا تركوا أمره! بينا هي أمة ظاهرة قاهرة للناس لهم الملك؛ إذ تركوا أمر ه، فصاروا إلى ما ترى، فسلَّط عليهم السبَّاء، وإذا سلِّط السِّباء على قوم فليس الله فيهم حاجة.
    قال الواقدي: موحدثني أبو سعيد، أنّ معاوية بن أبي سفيان صالح أهل قبرس في ولاية عثمان؛ وهو أوّل من غزا الروم؛ وفي العهد الذي بينه وبينهم ألّا يتزوّجوا في عدوّنا من الروم إلّا بإذننا.
    قال الواقديَ: وفي هذه السنة غزا حبيب بن مسلمة سورية من أرض الروم.
    وفيها تزوّج عثمان نائلة ابنة الفرافصة الكلبية وكانت نصرانية، فتحنَثت قبل أن يدخل بها.
    قال: وفيها بني داره بالمدينة، الزوراء، وفرغ منها.
    قال: وفيها كان فتح فارس الأول، وإصطخر الآخر وأميرها هشام ابن عامر.
    قال: وحجّ بالناس عثمان في هذه السنة.
    http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg

    مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني


  • صفحة 13 من 13 الأولىالأولى ... 3111213

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. ألف ليلة وليلة/الجزء الرابع
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى إستراحة المغترب Forum rest expatriate
      مشاركات: 5
      آخر مشاركة: 08-01-2010, 09:09 PM
    2. تاريخ الرسل والملوك(الجزء الثالث)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 124
      آخر مشاركة: 07-26-2010, 01:16 AM
    3. تاريخ الرسل والملوك(الجزء الثاني)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 130
      آخر مشاركة: 07-25-2010, 03:00 AM
    4. تاريخ الرسل والملوك(للطبري)1-
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 83
      آخر مشاركة: 07-24-2010, 03:55 AM
    5. نون المنديل الوردي الجزء الرابع
      بواسطة ابوشادي في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 24
      آخر مشاركة: 07-22-2010, 04:56 PM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1