تكررت خلال الأسابيع والأيام القليلة الماضية ظاهرة الاعتداء على صحفيين أوكرانيين من قبل مجهولين أو رجال شرطة، وأصبح مستقبل حرية الكلمة في وسائل الإعلام يؤرق الإعلاميين في أوكرانيا وعدة منظمات حقوقية فيها.

فقد اعتدى مجهولون بالضرب على صحفي أثناء محاولته أخذ تصريحات من عمدة مدينة خرسون جنوبي البلاد، واعتدوا على مقدم برنامج حواري تلفازي في مدينة دنيبروبيتروفسك وسط البلاد، بعد سلسلة تهديدات، بحسب المقدم.
واعتدى عدد من رجال الشرطة بالضرب أيضا على صحفي في مدينة دونيتسك شرقي البلاد، بحجة أنه كان مشتركا بشجار صاخب بعد منتصف الليل، الأمر الذي دفعهم للتدخل بالضرب، بعد فشل محاولات التنبيه.

لكن الصحفي أكد أن رواية الشرطة مزيفة، وأن السبب الرئيس الذي دفع رجالاتها لضربه هو مقالاته الناقدة لغياب تمثيل كاف من قبل المنظمات الحقوقية في إدارة المدينة.
وبالإضافة إلى الضرب لا يزال رئيس تحرير صحيفة "نوفي ستيل" أو "الأسلوب الجديد" في مدينة خاركوف الشرقية في عداد المفقودين منذ عدة أسابيع، بعد أن خطفه مجهولون.

كما أعلن الادعاء العام إغلاق ملف قضية مقتل الصحفي الشاب غيورغي غونغادزيه في العام 2000، الذي اشتهر بكتاباته ضد نظام رئيس أوكرانيا السابق ليونيد كوتشما، وذلك بحجة وفاة المتهم الرئيسي، الأمر الذي اعتبره إعلاميون وحقوقيون بمثابة مؤشر على نهج لدى الحكومة للتضييق على الإعلاميين والحريات بشكل عام.

قيود على الإعلام

وتفرض السلطات على وسائل الإعلام ما تراه ضوابط لعملها قبل النشر أو البث، في حين ترى وسائل الإعلام أنها قيود على حريتها.

يقول الإعلامي في القناة الخامسة المحلية إيغور سليسارينكو إن حرية الكلمة في أوكرانيا كانت ولا تزال محدودة، لكن ثمة مخاوف حقيقة من تدهور أوضاعها في ظل النظام الجديد.

وأضاف في هذا الإطار أن ظاهرة طرد صحفيين أو الاعتداء عليهم أو رفض موادهم انتشرت بشكل واسع في الآونة الأخيرة، خاصة إذا كانوا ممن يتطرقون في عملهم إلى بعض القضايا الساخنة والحساسة، كالانتخابات المحلية المقبلة والتضييق على المعارضة ووسائل الإعلام، واللغة الروسية والعلاقات مع روسيا.

ويقول ميكيتا دراتشوك -وهو صحفي تخرج حديثا في كلية الصحافة والإعلام في كييف- إنه بات يشعر بأن مستقبل عمله كصحفي سيكون مقيدا ولن يكون حرا، على عكس ما تمنى.
مخاوف
وتتخوف منظمات حقوقية أوروبية وأوكرانية من تدهور حرية الكلمة في أوكرانيا، خاصة مع تكرار حوادث الاعتداء على الصحفيين.


وقد عبرت منظمة الأمن والتعاون الأوروبي وعدة مؤسسات حقوقية أوروبية أخرى عن مخاوفها إزاء تدهور الحريات في أوكرانيا.

وطالبت عدة شخصيات أوروبية من بينها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الرئيس فيكتور يانوكوفيتش وقادة النظام الجديد بالالتزام بوعودهم والحفاظ على الحريات في البلاد.

تقول المحامية والناشطة الحقوقية كسينيا بروكونوفا "إننا نستشعر خطورة خنق الحريات على مستقبل البلاد، ونطالب السلطات بالالتزام بوعودها والحفاظ عليها".

طمأنة

لكن الرئيس يانوكوفيش طمأن قبل أيام الأوروبيين والإعلاميين، مؤكدا ألا تضييق على الحريات في البلاد ضمن خطة عمل الرئاسة والحكومة.

وقال أندريه دوروشينكو -القيادي في حزب الأقاليم، وهو أكبر أحزاب الائتلاف الحاكم- إن ضبط عمل وسائل الإعلام لا يعني التضييق عليها، والادعاء بالتضييق لا يصدر إلا عن أنصار المعارضة فيها، المعنيين بإثارة هذه القضية لكسب الشعبية والعطف الدولي.

وقال إن الداخلية مهتمة بالتحقيق بحوادث الاعتداء وكشفها وعدم تكرارها، والحكومة ملتزمة بالحفاظ على الحريات كما وعدت.