بقلم: الشيخ محمد علي الصابوني>




الإنسان في هذه الحياة الدنيا يكد ويتعب، ويشقى وينصب، لتوفير أسباب رزقه وسعادته ولكنه لا يلقى جزاءه دوماً هنا في الدنيا، إنما يلقى جزاءه ومصيره في الآخرة، ويقطف ثمرة كده وجهده، إما سعادة ونعيماً، وإما شقاء وجحيماً.

{ياأيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه} والكدح: الجد والتعب لنيل المبتغى.

لقد جعل الله الدنيا دار عمل، وجعل الآخرة دار جزاء، {فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره} التعب في الأرض واحد، والكد واحد، أما العاقبة فمختلفة، فمن كان على جهده في الدنيا في طاعة ربه، كان من أهل النعيم، ومن كان جهده وكده من أجل شهوته وبطنه فهو من أهل الجحيم. وقد بين الله ذلك في محكم تنزيله حيث قال {من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون. أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون} وقال سبحانه: {إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون. أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون}.

إن الله عز وجل وضع لنا ميزاناً دقيقاً يستطيع أن يعرف فيه الإنسان نفسه، هل هو من أهل السعادة أم هو من أهل الشقاوة؟

هذا الم، دار الأمن والسلام، أم إلى النار دار الشقاء والظلام، الآن ضع نفسك في هذا الميزان، قال تعالى: {فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى} يقول صلى الله عليه وسلم: «من كانت الدنيا همه، جعل الله فقره بين عينيه، وفرق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له، ومن كانت الآخرة همه، جعل الله غناه في قلبه، وجمع عليه شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة».

لا ينبغي للمؤمن أن يكون همه إلا للآخرة، كيف يرضي الله عز وجل؟ كيف ينقذ نفسه من نار جهنم؟ يعمل للدنيا ولكن يكون شغله الشاغل اكتساب رضوان الله {وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة} الناس اليوم انشغلوا بالدنيا عن الآخرة ـ إلا من رحم الله ـ فلذلك نرى هم الإنسان كيف يجمع المال؟ كيف يكون من الأغنياء؟ كيف يؤمن مستقبله ومستقبل أولاده؟ والدنيا هي الحاضر، والمستقبل في الآخرة {يقول يا ليتني قدمت لحياتي}. يزان دقيق جداً، يمكنك أن تعرف نفسك ـ هنا في الدنيا قبل الآخرة ـ هل أنت شقي أم سعيد؟ هل سيكون مصيرك إلى الجنة (إن شاء الله)